استمرار مسلسل اختطاف ناشطي الحراك في العراق

تكثيف جهود التحشيد لمظاهرة مليونية غداً

TT

استمرار مسلسل اختطاف ناشطي الحراك في العراق

تكررت في غضون الأيام الأخيرة عمليات خطف واختفاء الناشطين على يد جهات غير معروفة، وأفاد ناشطون ومراكز حقوقية باختفاء الناشطين علاء الشيخ علي وطارق أحمد بعد خروجهما من ساحة التحرير وسط بغداد الليلة قبل الماضية. ويأتي الحادث بعد أيام قليلة من محاولة اغتيال تعرض لها القاص والكاتب حسين رشيد على طريق المرور السريع محمد القاسم.
وذكر ناشطون أن «الناشط علاء الشيخ علي، من أهالي محافظة ميسان والمتظاهر طارق حمود، اختفيا بعد خروجهما من ساحة التحرير وذهابهما إلى منطقة الكرادة مساء السبت». وأضافوا أن «الاتصال بالناشطين انقطع بعد ذلك التوقيت وتم غلق هاتفيهما، ولا يعلم ذووهما وأصدقاؤهما أي معلومات عنهما إلى الآن».
ورغم عودة طلبة الكليات والجامعات العراقية إلى مقاعد الدراسة وانتظام الدوام منذ نحو أسبوعين بعد عمليات الإضراب التي غطت نحو الثلث الأول من العام الدراسي الحالي، إلا أن مسيرات «الأحد» الطلابية الداعمة لمطالب الحراك الاحتجاجي تواصلت أمس، مثلما كان الحال في الأسابيع الماضية. حيث خرج آلاف الطلبة بعد انتهاء الدوام الرسمي في جامعتهم وتوجهوا إلى ساحة التحرير وسط بغداد.
ولأول مرة دخلت المخاوف من انتشار فيروس كورونا ضمن الهتافات الكثيرة التي رددها الطلبة ضد السلطة وأحزابها. حيث رددوا هتاف: «الصين طب الهم (دخل لهم) مرض كورونا... واحنا مرضنا أحزابنا الباكونا (الذين سرقونا)».
وخرجت حشود كبيرة من طلبة الجامعات في محافظات النجف وكربلاء وواسط وبابل والديوانية، وشهدت التظاهرات حضورا لافتا من قبل الطالبات اللائي تصدرن صفوف الطلبة في أكثر من محافظة. ورفعت غالبية المظاهرات الطلابية شعارات داعمة للحراك ومشددة على تحقيق مطالبه.
في غضون ذلك، تواصلت أمس حملات التحشيد الواسعة من قبل الناشطين وجماعات الحراك لانطلاق التظاهرات «المليونية» في بغداد وبقية المحافظات والمدن المنتفضة في وسط وجنوب البلاد. وتأتي الموجة الجديدة من التظاهرات في إطار رفض تكليف محمد توفيق علاوي لرئاسة الوزراء وإصرار جماعات الحراك على تأكيد مطالبها المعلنة المتمثلة باختيار رئيس وزراء مستقل ومحاسبة المتورطين في قتل وقمع المتظاهرين، إلى جانب إجراء الانتخابات المبكرة بإشراف أممي.
وفي الناصرية التي خرجت فيها أعداد كبيرة من الطلبة في مسيرات جالت شوارع المدينة وصولا إلى ساحة الحبوبي، هز المدينة أمس، حادث اعتداء شنيع على الطالبة فواطم علاء حسين التلميذة في الصف الثالث الابتدائي. حيث قام المعتدي باغتصابها وقتلها بعد اختطافها من الشارع. وقالت مصادر من الناصرية بأن الجاني يعمل حلاقا في المدينة.
وبعد ساعات من وقوع الحادث، أعلنت مديرية مكافحة الإجرام في ذي قار، إلقاء القبض على الجاني. وقالت المديرية في بيان إن «قائد شرطة المحافظة وجه بتشكيل فريق عمل متخصص حول حادث اختطاف ومقتل الطفلة فواطم بعد عودتها من المدرسة في سومر وسط الناصرية». وأضافت المديرية أن «مفارز قسم مكافحة الإجرام في ذي قار شعبة الخطف ألقت القبض على قاتل الطفلة، ووجدت جثة الضحية في منزل القاتل الذي كان ينوي دفنها داخل منزله بعد الإقدام على اغتصابها وقتلها».
بدورها، طالبت وزارة التربية بإنزال أقصى العقوبات بحق الجاني. وقالت الوزارة في بيان: إن «وزيرة التربية سها خليل العلي بك وكوادر الوزارة تلقوا بأسف وحزن ما تعرضت له الفقيدة فواطم علاء حسين التلميذة في الصف الثالث الابتدائي في مدرسة مندلي الابتدائية للبنات الواقعة في حي سومر بمركز قضاء الناصرية من عملية بشعة يندى لها جبين الإنسانية حيث اغتصبت وقتلت وهي في طريق عودتها للمنزل بعد أدائها الامتحان».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».