«لاورا وخوليو» رواية إسبانية تمجد النبل الإنساني

«لاورا وخوليو» رواية إسبانية تمجد النبل الإنساني
TT

«لاورا وخوليو» رواية إسبانية تمجد النبل الإنساني

«لاورا وخوليو» رواية إسبانية تمجد النبل الإنساني

تمجد رواية الكاتب الإسباني خوان خوسيه مياس، «لاورا وخوليو»، قيمة التسامح لدى البشر، وتعلي من قدرها، بينما تفضح الزيف والخيانة وتضعهما في مواجهة غير متكافئة مع الصدق والوفاء.
يضع مياس منذ بداية الأحداث بطله «خوليو» في لحظة إنسانية مناقضة تماماً لما يمكن أن يقوم به أي شخص طبيعي، ويجعله يتخذ قرارات على عكس ما يمكن أن يتصرف سواه، فالكاتب على امتداد مقاطع روايته يقدم نموذجاً إنسانياً استثنائياً، يخدم أناساً لا يقدمون شيئاً بلا ثمن، ويغفر ويفتح باب منزله لمن يخونوه، ويضحي من أجل طفلة نبتت من علاقة غير شرعية، ويحتويها في نهاية الأمر.
تبدأ الرواية التي صدرت حديثاً ضمن سلسلة «الجوائز» بـ«هيئة الكتاب» المصرية، من ترجمة وتقديم أحمد عبد اللطيف، بحادثة سير تعرض لها إحدى شخصيات الرواية، وهو مانويل الذي تغلغل في حياة خوليو مهندس الديكور السينمائي، وزوجته لاورا، وأضاء بإصابته منطقة مظلمة كانت بينهما، وجعل جسراً كان خالياً من المارة يزدحم فجأة بالعابرين، وتجري مع مياه نهره الكثير من الأحداث والمفاجآت الصادمة، التي كان أكثرها قسوة اكتشاف خوليو أن جاره الذي كان يعتبره واحداً من أفراد أسرته، كان على علاقة مع زوجته، وأن الجنين الذي تحمله ليس من صلبه، وأن ظهور مانويل في حياته واتخاذه الشقة المجاورة لها سكناً له كان مخططاً من الزوجة التي كانت تعرفت عليه قبل عامين في مقر عملها، حيث تعمل مدلكة في أحد المراكز الصحية بالعاصمة الإسبانية مدريد. لم يكن الأمر برمته سوى تمثيلية تعرض لها خوليو، وظل طوال عامين يتفرج على فصولها، دون أن يدرك، ولو للحظة، أنه كان ضحية لخدعة حبكتها زوجته، وتولت ومانويل إدارتها بحرفية بالغة، فقد أقنعا خوليو أن ما يحدث حوله حقيقي وواقع لا كذب فيه.
تدور الأحداث في الرواية التي حصلت قبل 30 عاماً على جائزة «نادل» الإسبانية حول 8 شخصيات، تتحرك في فضائها، تظهر وتختفي، ولكل منها قصته التي يستولدها المؤلف حيناً، ويضفرها في نسيج قصة خوليو حيناً آخر، ليجعلها أكثر عمقاً، ويعطي لها أبعاداً تضيء الكثير من جوانب شخصيته، وتشير في الوقت ذاته لما سيتخذه من مواقف، وهذه ربما نقطة الضعف الوحيدة التي يمكن ملاحظتها في عمل خوسيه مياس، الذي يسهل على قارئ روايته أن يتنبأ بسلوك بطله في النهاية، ويجعله يتخذ طريق الخير، فالشر لا يؤدي إلى الشر مطلقاً في عرف خوليو بطل ميّاس، بل نراه يقبل برضا كامل الأمر الواقع وما آلت إليه الأمور، وهو ما يفعله مع طفلة زوجته من مانويل الذي انتهوا من دفنه منذ أيام، فنجده في نهاية الرواية، وهو يغير لها ملابسها حتى تعود زوجته من عملها.
ويعتمد ميّاس في سرد الأحداث على تقنية الحكايات الإشارية التي تجعل القارئ، من خلال النظر فيها، يدرك ما يمكن أن تؤول إليه الأحداث في نهاية العمل، وهو ما يمكن التنبؤ به بعد قراءة قصة السيدة العجوز ومحصلة المتجر، وما اتفقتا عليه، ثم جحود المحصلة، واستيلاؤها على ما في منزل العجوز من نقود، ثم عدم تنفيذها ما وعدت به المرأة التي مثلت أنها ميتة حين دخلت الفتاة منزلها، لترى ماذا سوف تفعل، بعد أن أعطتها نسخة من مفتاح منزلها أسوة بما فعله خوليو مع مانويل، واتفقت معها أن تأتي إلى منزلها حال غيابها عن زيارة المتجر، لأنه في هذه الحالة تكون قد ماتت، وعرضت عليها أن تأخذ ما في البيت من أشياء ثمينة، بشرط أن تبلغ الجيران بوفاتها ليتم دفنها بسرعة حتى لا تتعفن جثتها.
وفي هذا الموقف، يساوي خوسيه ميّاس بين موظفة «الكاشير»، ومانويل جار خوليو، في المسارات نفسها تقريباً، وفي الوقت نفسه يأتي رد الفعل متطابقاً من الطرفين المتضررين، ففي حين يتصالح خوليو مع زوجته، وهو يدرك أن ما في بطنها من حمل جاء سفاحاً، تتصالح العجوز الثرية مع الشابة محصلة النقود، وتذهب إلى العيش معها في السكن الذي اشترته من مالها الذي استولت عليه.
خوسيه ميّاس، الذي ولد عام 1945، وعاش ما يقرب من 30 عاماً تحت الحكم الديكتاتوري للجنرال فرانكو لإسبانيا، نشر روايته الأولى في السنوات الأخيرة منه، وأدرك أن فن الرواية أرحب وأهم من قيامه بتلخيص الأحداث الراهنة، لذا ابتعد تماماً عن تناول ما يدور في بلاده خلال تلك الفترة، ولم يقع مثل غيره من مبدعين في الكتابة التسجيلية، الذين تحولت إبداعاتهم إلى منشور سياسي، لكنه استثمر كل ذلك، ووضع هذا العالم المتسربل بالزيف والعنف في مواجهة مباشرة مع النبل والتسامح، لينتصر الخير على الشر في النهاية.



الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
TT

الشاعر السوري أدونيس يدعو إلى «تغيير المجتمع» وعدم الاكتفاء بتغيير النظام

أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)
أدونيس لدى تسلمه جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس (إ.ب.أ)

دعا الشاعر السوري أدونيس من منفاه في فرنسا الأربعاء إلى "تغيير المجتمع" في بلده وعدم الاكتفاء بتغيير النظام السياسي فيه بعد سقوط الرئيس بشار الأسد.

وقال أدونيس (94 عاما) خلال مؤتمر صحافي في باريس قبيل تسلّمه جائزة أدبية "أودّ أولا أن أبدي تحفّظات: لقد غادرتُ سوريا منذ العام 1956. لذلك أنا لا أعرف سوريا إذا ما تحدّثنا بعمق". وأضاف "لقد كنت ضدّ، كنت دوما ضدّ هذا النظام" الذي سقط فجر الأحد عندما دخلت الفصائل المسلّحة المعارضة إلى دمشق بعد فرار الأسد إلى موسكو وانتهاء سنوات حكمه التي استمرت 24 عاما تخلّلتها منذ 2011 حرب أهلية طاحنة.

لكنّ أدونيس الذي يقيم قرب باريس تساءل خلال المؤتمر الصحافي عن حقيقة التغيير الذي سيحدث في سوريا الآن. وقال "أولئك الذين حلّوا محلّه (الأسد)، ماذا سيفعلون؟ المسألة ليست تغيير النظام، بل تغيير المجتمع". وأوضح أنّ التغيير المطلوب هو "تحرير المرأة. تأسيس المجتمع على الحقوق والحريات، وعلى الانفتاح، وعلى الاستقلال الداخلي".

واعتبر أدونيس أنّ "العرب - ليس العرب فحسب، لكنّني هنا أتحدّث عن العرب - لا يغيّرون المجتمع. إنّهم يغيّرون النظام والسلطة. إذا لم نغيّر المجتمع، فلن نحقّق شيئا. استبدال نظام بآخر هو مجرد أمر سطحي". وأدلى الشاعر السوري بتصريحه هذا على هامش تسلّمه جائزة عن مجمل أعماله المكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

ونال أدونيس جائزة جون مارغاريت الدولية للشعر التي يمنحها معهد سرفانتس وتحمل اسم شاعر كتب باللغتين الكتالونية والإسبانية.