إيران... نواب «الحرس» يتقدمون في طهران وترقب النتائج النهائية اليوم

أكدت النتائج الأولى للانتخابات الإيرانية أمس مرشحي التيار المحافظ على أغلبية مقاعد البرلمان الإيراني وعلى رأسها العاصمة طهران، في وقت استمر التباين حول نسبة المشاركة وسط توقعات بتدني الإقبال إثر تزايد السخط الشعبي وسوء الإدارة وتفاقم الأزمات المعيشية، فضلا عن إبعاد آلاف المرشحين.
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية نقلا عن لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية، بالانتهاء من عد الآراء في 98 دائرة انتخابية من أصل 208 والتعرف على هوية الفائزين 103 نائبا من أصل 290 مقعدا في البرلمان، حتى الساعة الرابعة بالتوقيت المحلي.
وتأكدت أمس الجولة الثانية في أربع دوائر انتخابية فيما لم تعلن نتائج مراكز المحافظات وكبريات المدن. ويتطلب دخول البرلمان الحصول على 20 في المائة من نسبة الأصوات.
ونسبت «رويترز» إلى مسؤول في وزارة الداخلية أن قائمة من المرشحين المرتبطين بـ«الحرس الثوري» تتقدم السباق في العاصمة. ووفقا لإحصاء «رويترز»، حصلت قوائم المحافظين على 83 مقعدا في بلدات وقرى في الانتخابات. وقبل ظهر السبت، أعلن عن فرز نحو مليون صوت في 41 دائرة انتخابية في جميع أنحاء إيران، وفقا للأرقام الصادرة عن لجنة الانتخابات الوطنية التي نشرتها وكالة «إيسنا» الحكومية.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن متحدث باسم اللجنة إسماعيل موسوي أنه لا يزال ينبغي فرز أصوات 167 دائرة أخرى، بما في ذلك في المحافظات الكبرى مثل طهران وفارس. وقال: «سنحاول نشر الأرقام النهائية الليلة وإذا استغرق الأمر وقتا طويلا، في الغد».
وجاء في حصيلة غير رسمية نشرتها وكالة «فارس» للأنباء أن 183 مقعدا من مقاعد مجلس الشورى البالغ عددها 290 مقعدا فُرزت بالفعل وأعلنت فوز 135 مرشحا محافظا. وقدرت الوكالة العدد الإجمالي للمقاعد التي منحتها للإصلاحيين بـ20 مقعدا والمستقلين بـ28.
وأعلنت الداخلية الإيرانية النتائج الأولى للمرشحين المتنافسين على 30 مقعدا مخصصا في طهران. وتظهر القائمة تقدم 40 مرشحا على رأسهم عمدة طهران السابق، والقيادي في «الحرس الثوري»، محمد باقر قاليباف وعضو اللجنة المركزية في حزب مؤتلفة المحافظ، مصطفى ميرسليم، وهما من بين ثلاثة مرشحين للتيار المحافظ في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
ومن المرجح أن ينافس قاليباف، أمين عام جبهة «بايداري» (الصمود) المتشددة، مرتضى آقا طهراني، الذي احتل الرتبة الثالثة وفق النتائج الأولية وجبهة «بايداري» أكبر قاعدة لجماعات الضغط المتشددة تحت خيمة المحافظين، في إيران. وكانت من أبرز حلفاء الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد قبل تدهور العلاقات بينهما. وخلف آقا طهراني، يتقدم النائب في ثلاث دورات سابقة، والقيادي في «الحرس الثوري» إلياس نادران.
وأفادت «رويترز» أمس بأن «المرشحين المرتبطين بـالحرس الثوري يتجهون صوب الفوز بأغلبية برلمانية»، وأشارت إلى تقارير «تفيد بأنهم متقدمون في سباق الانتخابات بالعاصمة طهران وبلدات وقرى في أنحاء أخرى من البلاد بعد تصويت مال لصالح غلاة المحافظين المناهضين للولايات المتحدة».
ويحتاج حكام إيران، الذين يواجهون ضغطا أميركيا شديدا بسبب البرنامج النووي، إلى نسبة مشاركة عالية لتعزيز شرعيتهم التي تضررت بعد احتجاجات شهدتها البلاد في نوفمبر (تشرين الثاني). وقد تساعد مثل هذه النتيجة الحرس الثوري، صاحب الحضور القوي في حياة الإيرانيين اليومية، على زيادة نفوذه الضخم بالفعل في الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
وواجهت الاحتجاجات التي دعت إلى تغيير النظام حملة عنيفة تحت إشراف «الحرس الثوري» وبأمر من خامنئي، أسفرت عن مقتل 1500 شخص، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز» عن ثلاثة مسؤولين بالوزارة الداخلية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ويتوق الإيرانيون للاستقرار بعد أزمات اقتصادية وسياسية متعاقبة.
وعلى خلاف الدورات السابقة، لم تعلن السلطات الإيرانية نسبة المشاركة في الانتخابات فورا. وتعد الانتخابات اختبارا لشعبية النظام في ظل الأزمات التي شهدتها البلاد، في مقدمتها احتجاجات ردد فيها المحتجون هتافات ضد المرشد الإيراني علي خامنئي. وكانت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس» قدرت نسبة المشاركة في إيران بين 39 في المائة إلى 40 في المائة ما يعادل بين 23 إلى 24 مليونا من أصل 58 ناخبا في إيران. وقالت إن النسبة وصلت إلى 30 في المائة بطهران. وبحسب الوكالة شارك مليون و900 ألف شاركوا في الانتخابات، من بين تسعة ملايين و600 ألف ناخب في طهران.
ونقلت وكالة «إرنا» عن مسؤول في محافظة أصفهان أن نسبة المشاركة بلغت 21 في المائة، بينما قال حاكم مدينة مشهد إن نسبة المشاركة بلغت 30 في المائة حتى الساعات الأخيرة. ونقلت وكالة مهر الحكومية عن رئيس لجنة الانتخابات في الأحواز أن نسبة المشاركة بلغت 43 في المائة.
وقال عباس علي كدخدائي المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور للتلفزيون الرسمي أمس الجمعة، إنه يتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات نحو 50 في المائة، مضيفا أن الأمة الإيرانية خيبت آمال أعدائها بالتصويت بأعداد كبيرة. وكانت نسبة المشاركة نحو 62 في المائة في الانتخابات البرلمانية في 2016 بينما بلغت نحو 64 في المائة في انتخابات 2012.
وكانت وكالة «فارس» قبل أيام على عملية التصويت قد نشرت نتائج استطلاع بجامعة طهران تشير إلى عدم مشاركة أكثر من 75 في المائة من أهالي طهران في الانتخابات. وتشير الإحصائية إلى أن 95 في المائة من أهالي العاصمة يعتقدون بوجود سوء الإدارة في البلد.
ويواجه خامنئي ضغطا متزايدا من الولايات المتحدة بسبب برنامج إيران النووي ومن غير المرجح أن ينحسر السخط الناتج عن سوء إدارة الاقتصاد في ظل العقوبات التي تكبل الاقتصاد الإيراني.
وقد تعزز المكاسب الكبيرة في الانتخابات التشريعية فرص المحافظين في انتخابات الرئاسة التي تجري العام المقبل. ولن يكون للانتخابات البرلمانية تأثير كبير على السياسات الخارجية والنووية التي يحددها خامنئي. وتواجه الأحزاب الإصلاحية قيودا منذ احتجاجات 2009، لكنها لعبت دورا كبيرا في فوز روحاني بمنصب الرئاسة مرتين بعدما عززت وجودها في البرلمان في انتخابات 2012 و2016.
ومن المستبعد أن يتأثر ميزان القوة في إيران كثيرا نتيجة صلاحيات واسعة يتمتع بها المرشد الإيراني، وهو الهرم في نظام مقعد التركيب؛ تتقاسمه أجهزة مثل مجلس صيانة الدستور، والهيئة الرقابية على سياسات البرلمان، وكذلك، مجلس تشخيص مصلحة النظام الذي يختار كل أعضائه المرشد الإيراني ويرسم السياسات العامة للنظام، إضافة إلى هيئة ثلاثية مكونة من رؤساء الجمهورية والبرلمان والقضاء التي كانت وراء قرار زيادة سعر البنزين في نوفمبر الماضي، دون علم نواب البرلمان.