أولى جداريات الخط العربي في «الخُبر»... من ثقافة الغوص والبحر

شكّلها 4 فنانين بعرض 45 متراً للاحتفاء بعامه في 2020

جدارية الخط العربي في حي الفنون بالخُبر والتي اكتملت مساء أمس
جدارية الخط العربي في حي الفنون بالخُبر والتي اكتملت مساء أمس
TT

أولى جداريات الخط العربي في «الخُبر»... من ثقافة الغوص والبحر

جدارية الخط العربي في حي الفنون بالخُبر والتي اكتملت مساء أمس
جدارية الخط العربي في حي الفنون بالخُبر والتي اكتملت مساء أمس

مشهد بديع، يضرب في عمق ثقافة الغوص والبحر، حملته أولى جداريات عام الخط العربي بمدينة الخُبر، والتي اكتملت أمس في حي الفنون، بعرض 45 متراً، بعد أن عمل عليها أربعة فنانين، دمجوا فيها التراث البحري للمنطقة الشرقية مع جماليات الخط العربي الأصيل، وذلك ضمن حدث تفاعلي تنظمه وزارة الثقافة السعودية للاحتفاء بالخط العربي المعاصر من خلال فن الرسم على الجدران «الغرافيتي».
المهندس بدر البلوي، وهو فنان له باع طويل في رسم الجداريات وكان من المشاركين في رسم هذه الجدارية، قال: «تتضمن فكرة هذه الفعالية دمج الخط العربي بالفن التشكيلي، وفي لوحتنا حاولنا أن نقدم عملاً من تراث المنطقة الشرقية، ففكرة الرسمة هي كالتالي: الخطوط السفلية كلها من درجات الأزرق، لتعبّر عن البحر. والخطوط التي في الأعلى جاءت بالأصفر والبرتقالي للتعبير عن الغروب وكذلك لون الصحراء».
ويتابع البلوي حديثه لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «رسمنا أيضاً النوخذة الذي يستخرج اللؤلؤ من أعماق البحر، والفكرة بأن الغواص أو النوخذة يُخرج اللؤلؤ من البحر عبر الشباك، للتعبير عن كون الحرف العربي هو بمثابة الكنز الثمين». وأكد البلوي أن الجدارية الضخمة التي اكتمل منها 80% في اليوم الأول؛ تعتمد على دمج ثلاثة مشاهد: البحر والصحراء وغروب الشمس.
وبسؤاله عن أبعاد الجدارية، أفاد البلوي بأن عرضها يبلغ 45 متراً وبارتفاع يقارب 5 أمتار، وأوضح أنها عبارة عن لوحة واحدة مشتركة جمعت الفنانين الأربعة في هذا العمل، مشيراً إلى أن فكرة الجدارية اختارها الفنانون أنفسهم. وعن تفاعل الناس يقول: «فوجئنا بالإقبال الكبير، حضر كثيرون وكانوا سعيدين ومزهوّين بعرض تراث المنطقة بهذا الشكل، وكثير منهم توقف للسؤال أو لالتقاط الصور».
ولا تقتصر قيمة مثل هذه الجداريات على الشكل الجمالي وتزيين الشوارع فحسب، إذ يقول البلوي «الجداريات لها أهمية كبيرة، أولاً هي تساعد على إزالة أي تشوه بصري في الشوارع والحدائق وغيرها، والأمر الآخر أنه بالإمكان توصيل رسالة عبر هذه الجداريات، مما يثير الأسئلة ويلفت انتباه الناس تجاه موضوع ما»، مستشهداً بالاحتفاء الذي أظهره سكان الخُبر تجاه جدارية الخط العربي.
وتنظم وزارة الثقافة السعودية الفعالية الفنية «جداريات الخط العربي» ليمتزج فيها فن الخط العربي بفنون رسم الغرافيتي بمشاركة فنانين وخطاطين سعوديين. وبعد الخُبر، تنطلق اليوم (الأحد) ثانية الجداريات في الحي الدبلوماسي بالرياض، لمدة يومين، والمحطة الأخيرة في جدة في ممشى التحلية يومي 28 و29 فبراير (شباط)، وتتضمن الفعالية الكتابة على الجدران والرسم على لوحة جدارية من الفنانين المشاركين، كما تشمل أنشطة وعروضاً فنية وموسيقية تفاعلية موجّهة إلى الجمهور.
ويشارك في الفعالية الخطاط فهد المجحدي إلى جانب مجموعة من الخطاطين السعوديين الذين يقومون بتزيين جدران الأماكن العامة في المواقع المحددة بالتعاون مع البلديات، والفنانون هم: أريج النهدي، وبدر البلوي، وشبير أحمد، وأشرف رحمة الله، ومصطفى عبد الرحمن، ونورة بن سعيدان، وسنبل حنتوش، ومحمد الحمد، وعبد العزيز بن حسن، ونايف عرب، وسالي بنت طلال، ومازن الشمراني.
وتأتي هذه الفعالية ضمن جهود وزارة الثقافة في تفعيل عام الخط العربي 2020 وتعزيز حضوره في المجتمع عبر فعاليات متنوعة ومبادرات نوعية تسهم في إبراز الخط العربي كما تدعم الموهوبين وتمنحهم فرصة عرض قدراتهم عبر قوالب إبداعية مبتكرة. ومن الجدير بالذكر أن وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، كان قد أعلن تسمية عام 2020 بـ«عام الخط العربي» احتفاءً بهذا الفن وتقديراً لما يُمثله من أهمية في التعبير عن مخزون اللغة العربية وما يمتلكه من تاريخ وجماليات.



حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
TT

حضور تشكيلي سعودي بارز في مهرجان «ضي للشباب العربي» بمصر

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)
عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

يُشكّل «مهرجان ضي للشباب العربي» الذي يُطلقه «أتيليه العرب للثقافة والفنون» في مصر كل عامين، تظاهرة ثقافية تحتفي بالمواهب العربية الشابة في الفنون التشكيلية، وتعكس عمق التعبير وتنوعه بين الفنانين المشاركين عن القضايا الجماعية والتجارب الذاتية.

وتشهد نسخته الخامسة التي انطلقت تحت شعار «بلا قيود»، وتستمر لشهر كامل في قاعات غاليري «ضي» بالقاهرة، مشاركة 320 فناناً من الشباب، يمثلون 11 دولة عربية هي مصر، والسعودية، والسودان، وسوريا، وفلسطين، والعراق، والأردن، واليمن، ولبنان، والعراق، وتونس.

تُقدم سلمى طلعت محروس لوحة بعنوان «روح» (الشرق الأوسط)

وبين أرجاء الغاليري وجدرانه تبرز مختلف أنواع الفنون البصرية، من الرسم والتصوير والحفر والطباعة والخزف والنحت. ومن خلال 500 عملٍ فني تتنوع موضوعاتها وتقنياتها وأساليبها واتجاهاتها.

ويحفل المهرجان في دورته الحالية بأعمال متنوعة ومميزة للشباب السعودي، تعكس إبداعهم في جميع ألوان الفن التشكيلي؛ ومنها عمل نحتي للفنان السعودي أنس حسن علوي عنوانه «السقوط».

«السقوط» عمل نحتي للتشكيلي السعودي أنس علوي (الشرق الأوسط)

يقول علوي لـ«الشرق الأوسط»: «استلهمت العمل من فكرة أن كلمَتي (حرام) و(حلال)، تبدآن بحرف الحاء، وهما كلمتان متضادتان، وبينهما مساحات شاسعة من الاختلاف».

ويتابع: «يُبرز العمل ما يقوم به الإنسان في وقتنا الراهن، فقد يُحرّم الحلال، ويُحلّل الحرام، من دون أن يكون مُدركاً أن ما يقوم به هو أمر خطير، وضد الدين».

ويضيف الفنان الشاب: «لكنه بعد الانتهاء من فعله هذا، قد يقع في دائرة الشكّ تجاه تصرّفه. وفي هذه المرحلة أردت أن أُجسّد تلك اللحظة التي يدخل إليها الإنسان في مرحلة التفكير والتشكيك في نفسه وفي أعماله، فيكون في مرحلة السقوط، أو مراجعة حكمه على الأمور».

وتأتي مشاركة الفنانة السعودية سمية سمير عشماوي في المهرجان من خلال لوحة تعبيرية من الأكريلك بعنوان «اجتماع العائلة»، لتعكس عبرها دفء المشاعر والروابط الأسرية في المجتمع السعودي.

عمل للتشكيلية السعودية سمية عشماوي (الشرق الأوسط)

وتقول سمية لـ«الشرق الأوسط»: «تُعدّ اللوحة تجسيداً لتجربة شخصية عزيزة على قلبي، وهي لقاء أسبوعي يجمع كل أفراد أسرتي، يلفّه الحب والمودة، ونحرص جميعاً على حضوره مهما كانت ظروف الدراسة والعمل، لنتبادل الأحاديث، ونتشاور في أمورنا، ونطمئن على بعضنا رغم انشغالنا».

ويُمثّل العمل النحتي «حزن» أول مشاركة للتشكيلية السعودية رويدا علي عبيد في معرض فني، والتمثال مصنوع من خامة البوليستر، ويستند على رخام. وعن العمل تقول لـ«الشرق الأوسط»: «يُعبّر التمثال عن لحظة حزن دفينة داخل الإنسان».

عمل نحتي للفنانة السعودية رويدا علي عبيد في الملتقى (الشرق الأوسط)

وتتابع رويدا: «لا أحد يفهم معنى أن تقابل الصدمات بصمت تام، وأن تستدرجك المواقف إلى البكاء، فتُخفي دموعك، وتبقى في حالة ثبات، هكذا يُعبّر عملي عن هذه الأحاسيس، وتلك اللحظات التي يعيشها المرء وحده، حتى يُشفى من ألمه وأوجاعه النفسية».

من جهته قال الناقد هشام قنديل، رئيس مجلس إدارة «أتيليه العرب للثقافة والفنون»، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مهرجان الشباب العربي يمثّل خطوة مهمة في تشجيع الفنانين الشباب ودفعهم إلى الابتكار، وتقديم أفكارهم بلا قيود؛ وانطلاقاً من هذا الفكر قرّرت اللجنة المنظمة أن يكون موضوع المهرجان 2025 مفتوحاً من دون تحديد ثيمة معينة».

وأضاف قنديل: «اختارت لجنتا الفرز والتحكيم أكثر من ثلاثمائة عملٍ فني من بين ألفي عمل تقدّمت للمشاركة؛ لذا جاءت الأعمال حافلة بالتنوع والتميز، ووقع الاختيار على الإبداع الفني الأصيل والموهبة العالية».

ولفت قنديل إلى أن الجوائز ستُوزّع على فروع الفن التشكيلي من تصوير، ونحت، وغرافيك، وخزف، وتصوير فوتوغرافي وغيرها، وستُعلن خلال حفل خاص في موعد لاحق يحدده الأتيليه. مشيراً إلى أن هذه النسخة تتميّز بزخم كبير في المشاركة، وتطوّر مهم في المستوى الفني للشباب. ومن اللافت أيضاً في هذه النسخة، تناول الفنانين للقضية الفلسطينية ومعاناة سكان غزة من خلال أعمالهم، من دون اتفاق مسبق.

عمل للفنان مصطفى سنوسي (الشرق الأوسط)

وبرؤية رومانسية قدّمت الفنانة المصرية الشابة نورهان إبراهيم علاجاً لصراعات العالم وأزماته الطاحنة، وهي التمسك بالحب وتوفير الطفولة السعيدة للأبناء، وذلك من خلال لوحتها الزيتية المشاركة بها في المهرجان، التي تغلب عليها أجواء السحر والدهشة وعالم الطفولة.

وتقول نورهان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «براءة الأطفال هي بذرة الإبداع التي ستعالج العالم كله»، وتتابع: «أحب الأطفال، وأتعلم كثيراً منهم. وأدركت أن معظم المشكلات التي تواجه العالم اليوم من الجرائم الصغيرة إلى الحروب الكبيرة والإرهاب والسجون الممتلئة لدينا، إنما هي نتيجة أن صانعي هذه الأحداث كانوا ذات يومٍ أطفالاً سُرقت منهم طفولتهم».

«بين أنياب الأحزان» هو عنوان لوحة التشكيلي الشاب أدهم محمد السيد، الذي يبرز تأثر الإنسان بالأجواء المحيطة به، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حين يشعر المرء بالحزن، يبدأ في الاندماج مع الطبيعة الصامتة، ويتحوّلان إلى كيان واحد حزين. وحين يسيطر الاكتئاب على الإنسان ينجح في إخفائه تدريجياً».

لوحة للتشكيلية المصرية مروة جمال (الشرق الأوسط)

وتقدم مروة جمال 4 لوحات من الوسائط المتعددة، من أبرزها لوحة لبناية قديمة في حي شعبي بالقاهرة، كما تشارك مارلين ميشيل فخري المُعيدة في المعهد العالي للفنون التطبيقية بعملٍ خزفي، وتشارك عنان حسني كمال بعمل نحت خزفي ملون، في حين تقدّم سلمى طلعت محروس لوحة عنوانها «روح» تناقش فلسفة الحياة والرحيل وفق رؤيتها.