«الصحوات» تعود إلى الواجهة لكن بعض قادتها يؤكدون أنهم لا يقاتلون دفاعا عن الحكومة

قيادي شيعي معتدل: نجهل خطط المالكي الحقيقية

«الصحوات» تعود إلى الواجهة لكن بعض قادتها يؤكدون أنهم لا يقاتلون دفاعا عن الحكومة
TT

«الصحوات» تعود إلى الواجهة لكن بعض قادتها يؤكدون أنهم لا يقاتلون دفاعا عن الحكومة

«الصحوات» تعود إلى الواجهة لكن بعض قادتها يؤكدون أنهم لا يقاتلون دفاعا عن الحكومة

في أحد مراكز القيادة في غرب محافظة الأنبار، يبدو المسؤولون العسكريون العراقيون منشغلين بتسليم أسلحة ومبالغ مالية لمجموعة من المقاتلين القبليين السنّة الذين يخوضون صراعا ضد مسلحين من أجل السيطرة على أكبر محافظات العراق. وفي الوقت ذاته، تسارع الولايات المتحدة لإرسال شحنات الأسلحة الصغيرة والذخيرة للحكومة العراقية، وتحث المسؤولين على إعطاء تلك الأسلحة إلى القبائل.
وبينما يخوض رئيس الوزراء نوري المالكي صراعا شديدا من أجل القضاء على تمرد يقوده مسلحون تابعون لتنظيم القاعدة، يتبع الرجل نفس الاستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة في عام 2007، والتي طبقتها السلطة في العراق بدرجات متفاوتة من النجاح على مدى ما يقرب من قرن. وتقضي تلك الاستراتيجية بدفع الأموال وتسليح الميليشيات القبلية للقتال بالوكالة عن السلطة الحاكمة.
وتزامن تبني تلك الاستراتيجية بشكلها الأميركي تحت اسم «قوات الصحوة» مع زيادة أعداد القوات الأميركية، وهو ما ساعد في تغيير مسار الحرب في العراق. غير أن تلك الاستراتيجية - في ضوء ما كشفت عنه الأحداث الأخيرة - أثبتت أنها لم تحقق في نهاية الأمر حالة من المصالحة الدائمة.
وبعد الضغط الشديد الذي مارسه المسؤولون الأميركيون وكبار الزعماء السنّة والمعتدلون في حكومته، تراجع المالكي عن شن هجوم عسكري ضد محافظة الأنبار.
وقدم المالكي الكثير من الوعود لرجال القبائل الذين سيشاركون في القتال ضد مسلحي «القاعدة»، بما في ذلك الحصول على وظائف دائمة ومرتبات، بالإضافة إلى حصول عائلاتهم على مستحقات مالية إذا ما ماتوا في أرض المعركة. كما لمح المالكي إلى منح العفو لأبناء العشائر، الذين سبق لهم الانخراط في مقاومة مسلحة ضد الحكومة.
ومنذ صيف العام الماضي، بدأ المالكي في احتضان عشائر العرب السنّة، غير أنه قدم لهم المزيد من الدعم في أعقاب نجاح مسلحي «القاعدة» في السيطرة على بلدة الفلوجة وأجزاء من الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار، منذ ما يقرب من ثلاثة أسابيع. وتركز الاستراتيجية التي يتبعها المالكي في الوقت الحالي على احتواء أزمة محافظة الأنبار، لكن المتفائلين من أعضاء حكومته يأملون في أن تشكل تلك الاستراتيجية خطوة إيجابية في اتجاه التوصل إلى مصالحة بين الحكومة - التي يقودها الشيعة - والسنّة. فضلا عن ذلك، لا يبدو واضحا أن تلك الاستراتيجية من الممكن أن تنجح على المستوى العسكري.
ويتواصل القتال يوميا في الوقت الذي يستمر فيه المسلحون في إحكام سيطرتهم على الفلوجة وأجزاء من الرمادي. وبينما يبقى الجيش النظامي بعيدا عن البلدة، تنخرط القوات الخاصة العراقية في القتال، ويقال إنها تتكبد خسائر فادحة بشكل متواصل. ويقول زعماء القبائل والمسؤولون الأميركيون إن الأسلحة التي توفرها الحكومة العراقية باتت غير كافية لإلحاق الهزيمة بمسلحي «القاعدة» الذين يمتلكون بنادق قناصة ورشاشات ثقيلة محمولة على عربات.
أما بالنسبة للوعود التي قطعها المالكي على نفسه، فيقول الكثير من السنّة إنه قد فات الأوان، مشيرين إلى أن الأميركيين قطعوا على أنفسهم مثل تلك الوعود، التي حنثت بها الحكومة العراقية بعد أن انسحب الأميركيون من العراق.
ويقول أسامة النجيفي، رئيس مجلس النواب العراقي، إنه «خلال الفترة بين عامي 2006 و2008، استطاع مقاتلو القبائل هزيمة (القاعدة) بالتعاون مع القوات الأميركية ودعم الحكومة العراقية». ويضيف النجيفي، الذي يعد المسؤول السني الأهم في العراق: «بعد تحقيق النصر على (القاعدة)، جرى مكافأة رجال القبائل بتخفيض رواتبهم وتشريدهم وتنفيذ مجموعة من الاغتيالات ضدهم». ويضيف النجيفي أنه بعد النجاح الذي حققه مقاتلو السنّة «تركوا في شوارع العراق يواجهون بمفردهم انتقام تنظيم القاعدة وإهمال الحكومة لهم».
ويشعر السنّة العراقيون بشكل عام بمرارة وألم بسبب ممارسات الحكومة ضدهم وما يرونه من جهود المالكي لتهميشهم وحرمانهم من لعب دور مؤثر في القرارات الوطنية الخاصة بالمجتمع العراقي. وقد أصبحت استراتيجية الحكومة الأمنية شديدة الوطأة - التي جرى على أثرها تنفيذ العديد من الاعتقالات في صفوف السنّة والقبض على زعماء السنّة بسبب اتهامات باطلة بالإرهاب - المبرر الرئيس وراء احتجاجات السنّة التي نظمت طوال العام الماضي.
ويضيف النجيفي أنه بسبب حالة الاستقطاب التي يشهدها العراق بين زعماء السنّة وزعماء الشيعة لم يتحدث مطلقا مع رئيس الوزراء المالكي عن الأزمة الحالية في محافظة الأنبار.
وفي حقيقة الأمر، يقول الكثير من زعماء القبائل السنّة إنهم سعداء بالحصول على السلاح والمال من الحكومة لقتال المسلحين في الفلوجة والرمادي، لكنهم في ذات الوقت يزعمون أنهم لا يقفون إلى جانب الحكومة العراقية.
ويقول أحمد أبو ريشة، أحد زعماء القبائل في محافظة الأنبار الذي يعد من أشد المنتقدين للسياسات الأميركية، إن «عودة (القاعدة) للسيطرة على مدننا هو السبب الرئيس وراء قبولنا بحمل السلاح مرة أخرى والقتال ضد المسلحين». ويضيف أبو ريشة «نحن مضطرون للدفاع عن أنفسنا ومحافظتنا، وليس للقتال من أجل الأميركيين أو الحكومة العراقية».
بدوره، يقول الشيخ عبد الكريم رافع الفهداوي، أحد زعماء القبائل في الرمادي: «قتل تنظيم القاعدة شقيقي وباقي أفراد عائلتي، لكنني سأثأر لهم».
ويرفض علي الموسوي، المتحدث باسم المالكي، الانتقادات التي توجه إلى الحكومة بأنها تجاهلت المقاتلين السنّة، لكنه يضيف أن «قوات الصحوة أصبحت في الوقت الحالي جزءا من الدولة العراقية، كما تحظى بنفس المزايا والرواتب التي يتمتع بها الجيش والشرطة، حتى الأفراد المصابون سيعالجون على نفقة الحكومة».
وفي بغداد، انطلقت دعوة جديدة للانضمام إلى صفوف الجيش في مدينة الأعظمية التي تضم أغلبية سنية وكانت معقلا لتنظيم القاعدة في يوم من الأيام. ويقول أبو كرم، أحد زعماء قوات الصحوة في الأعظمية: «وجهت الحكومة لنا دعوة منذ شهر للعودة للقتال. وحتى الآن، لم نجد من أعضاء الحكومة إلا الوعود، لم يوفروا لنا الأسلحة أو المال. لقد اعتمدنا على أنفسنا في كل شيء، حتى أننا قمنا بشراء الزي العسكري». ولا يثق أبو كرم في الحكومة العراقية، إذ يقول إنه كان دائما ما يشارك في دوريات الجيش، لكن لم يكن مسموحا له بحمل السلاح. ويضيف أبو كرم أن «الحكومة، كما هو الحال في تعاملها مع الكثير من القضايا، لا تعرف كيف تستفيد من قوات الصحوة بالطريقة المثلى كما فعل الأميركيون».
ويقول عادل عبد المهدي، نائب الرئيس العراقي السابق وأحد زعماء الشيعة المعتدلين، إن القتال الدائر في الأنبار من الممكن أن يدفع المالكي في نهاية المطاف إلى الدخول في مصالحة دائمة مع السنّة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى إنهاء الأزمة العراقية التي تدور في دائرة مفرغة. ويضيف عبد المهدي أن «الوضع الآن جد خطير، لكنه - في الوقت ذاته - يفتح المجال أمام الكثير من الخيارات». رغم ذلك، يقول عبد المهدي عن نيات المالكي الحقيقية: «نحن لا نعرف ما هي خططه الحقيقية». بيد أن هناك بعض الإشارات المتواضعة لما يمكن أن تبدو عليه المصالحة.. ففي مدينة كربلاء، تعيش العشرات من العائلات السنية التي فرت من القتال الدائر في الفلوجة في مخيم بني للزوار الشيعة. وتعرض بعض هذه العائلات للتهجير من منازلها للمرة الرابعة منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، ويقول أحد هؤلاء اللاجئين، عبد العزيز، 45 سنة، سائق، إنه مندهش من كرم الضيافة الشيعي الذي ذكّره بفترة سابقة، قبل وقوع أسوأ موجات الحرب الطائفية التي اندلعت قبل نحو عشر سنوات. وقال إنه عندما يعود إلى الفلوجة، «سأفتخر أنني كنت في كربلاء».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
TT

ترحيب يمني بتصنيف كندا الحوثيين «منظمة إرهابية»

الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)
الحكومة اليمنية تتهم الجماعة الحوثية بتنفيذ أجندة إيران لتهديد السلم المحلي والإقليمي (رويترز)

رحبت الحكومة اليمنية بقرار الحكومة الكندية تصنيف الجماعة الحوثية المدعومة من إيران «منظمةً إرهابيةً»، داعية بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة.

وفي حين عبرت وزارة الخارجية اليمنية، الثلاثاء، في بيان، عن تقديرها الحكومة الكندية على موقفها ومساندتها الشعب اليمني، فقد دعت المجتمع الدولي إلى «اتخاذ خطوات مماثلة لدعم اليمن في مواجهة إرهاب الميليشيات الحوثية التي امتد تهديدها إلى الملاحة الدولية والاقتصاد العالمي، وإلى الأمن والسلم الدوليين».

مسلح حوثي خلال تجمع لأنصار الجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

وكانت الحكومة الكندية أدرجت الحوثيين، الاثنين، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية بوصفهم «كياناً إرهابياً بموجب القانون الجنائي»، وفق ما جاء في بيان من وزير السلامة العامة والمؤسسات الديمقراطية والشؤون الحكومية الدولية الكندي، دومينيك لوبلانك.

وأشار البيان الكندي إلى أن الجماعة الحوثية ساهمت في الاضطرابات بالشرق الأوسط عبر كثير من الهجمات التي استهدفت السفن المدنية والبحرية في البحر الأحمر والممرات المائية الأخرى.

وقال البيان إن الجماعة الحوثية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بـ«فيلق القدس» الذي يتبع «الحرس الثوري» الإيراني، و«حزب الله»، و«هما كيانان إرهابيان مدرجان في قائمة الإرهاب» بكندا.

خطوة مهمة

وتعليقاً على القرار الكندي تصنيف الحوثيين «منظمةً إرهابيةً»، أوضح وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية، معمر الإرياني، أن القرار «جاء نتيجة تورط الجماعة المدعومة من إيران في شن هجمات تخريبية على السفن التجارية، وسلوكها القمعي في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها».

ووصف الإرياني القرار بأنه «خطوة مهمة تعكس تصاعد إدراك المجتمع الدولي خطر الجماعة الحوثية التي تنفذ أجندة إيران التخريبية في اليمن والمنطقة، وتهدد أمن الملاحة البحرية والتدفق الحر للتجارة العالمية».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة بالحكومة اليمنية (سبأ)

وأشار الوزير اليمني إلى أن الجماعة «لم تكتفِ بارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني، بل تعدت ذلك إلى تهديد الأمن الإقليمي والدولي، عبر استهداف السفن التجارية وناقلات النفط في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن؛ أحد أهم الممرات المائية العالمية، مما يشكل تهديداً مباشراً للتجارة العالمية».

ودعا الإرياني «بقية دول العالم إلى اتخاذ خطوات مماثلة تصنف الحوثيين جماعة إرهابية، لتصبح منظمة إرهابية عالمية تُحاصَر سياسياً واقتصادياً، وتجمد أصولها، ويحظر سفر قياداتها، ويلاحَقون أمام المحاكم الدولية».

وأكد وزير الإعلام اليمني في تصريح رسمي أن «التحرك الدولي الشامل هو السبيل الوحيد لإيقاف المشروع الحوثي الذي يدار من طهران، وحماية الأمن البحري في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، والحفاظ على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وإنقاذ الشعب اليمني من المأساة التي يعيشها منذ الانقلاب».