الجزائريون يطالبون بمزيد من الإصلاحات في «سنوية الاحتجاج الشعبي»

جددوا تمسكهم برحيل كل رموز النظام... وإنقاذ الدولة الوطنية

جانب من المسيرة المليونية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية بمناسبة سنوية الحراك (أ.ف.ب)
جانب من المسيرة المليونية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية بمناسبة سنوية الحراك (أ.ف.ب)
TT

الجزائريون يطالبون بمزيد من الإصلاحات في «سنوية الاحتجاج الشعبي»

جانب من المسيرة المليونية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية بمناسبة سنوية الحراك (أ.ف.ب)
جانب من المسيرة المليونية التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية بمناسبة سنوية الحراك (أ.ف.ب)

نزل «تسونامي» بشري إلى العاصمة الجزائرية والمدن الكبيرة، أمس، للاحتفال بمرور سنة على اندلاع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وعلى غير العادة، سحبت قوات الأمن سياراتها وشاحناتها، التي كانت ديكوراً للشوارع خلال الشهور الماضية، إيذاناً بتراجع السلطات عن التعامل بشدة مع المظاهرات في هذا اليوم الاستثنائي.
«لم نأتِ إلى العاصمة لنحتفل، بل لنؤكد لكم إصرارنا على أن ترحلوا»، كان هذا شعار لافتة كبيرة حملها متظاهرون بشارع «ديدوش مراد» بقلب العاصمة، وهي تختصر رأي الآلاف في «سنوية الحراك»، ومعناها أن هذه الذكرى ملك لـ«الحراكيين»، وليس للسلطة، التي أعلنت بواسطة مرسوم عن الاحتفال بـ22 فبراير (شباط) يوماً «لتلاحم الشعب مع جيشه من أجل الديمقراطية». يُشار إلى أن الجمعة هو اليوم الذي تسمح به السلطات بإقامة المظاهرات، وقد اختاره المتظاهرون للاحتفال بـ«عيد ميلاد الحراك» قبل يوم من موعده.
ومنذ الساعات الأولى للصباح، تجمع عشرات المتظاهرين بـ«البريد المركزي» و«ساحة موريس أودان»، بالعاصمة، ولم تمنعهم قوات الأمن بعكس ما جرت عليه العادة.
وهاجم المتظاهرون، الرئيس تبون، وجاء في شعارات رددوها: «جابوه العسكر ما كانش الشرعية. الشعب هو يقرر... دولة مدنية»، معناه أن العسكر فرض تبون رئيساً، وهو لا يملك شرعية. وصاحب القرار هو الشعب الذي يريد دولة مدنية، وذلك رداً على ما قاله تبون في مقابلة مع صحيفة فرنسية، نشرت أول من أمس، بأن «الشعب اختارني رئيساً». ونفى بشدة أن يكون فرض مرشحاً معيناً في الانتخابات، التي جرت نهاية العام الماضي.
وعاشت مداخل العاصمة في الأيام الماضية انتشاراً غير عادي لنقاط المراقبة الأمنية، لثني المتظاهرين على دخول وسط المدينة. وتعرضت محطات القطارات والحافلات لمراقبة شديدة. غير أن ذلك لم يجد نفعاً، قياساً إلى الحشود البشرية التي تدفقت على العاصمة أمس. وكانت السلطات تخشى أن يعطي الاحتفال نفساً جديداً، في وقت تبذل فيه جهوداً مضنية لوقف المظاهرات، التي يوحي استمرارها بالنسبة للمسؤولين الجدد في الحكم بأن لا شيء تحقق من مطالب الحراك، التي رفعها في بداياته. كما أن إصرار المتظاهرين على الخروج إلى الشارع يلحق ضرراً بالغاً بصورة الرئيس تبون، الحريص، على أن يتصرف في الداخل والخارج كحاكم «كامل الشرعية».
وشُوهدت وسط المتظاهرين أيقونة «ثورة التحرير» جميلة بوحيرد، التي شاركت في العديد من المظاهرات، ويطلق عليها المتظاهرون «ملكة الحراك الشعبي الثائر». كما جاءت الحاجة يمينة، وهي سبعينية متقاعدة من التعليم، للمشاركة في جمعة الحراك مع حفيديها، مرددة شعارات معادية للسلطة، وقالت: «لم نحقق كل مطالبنا بعكس ما يقول الرئيس. قلنا لهم من البداية (تتنحاو قاع) (كلمة دارجة تعني ضرورة رحيل كل رموز الحكم)، وكانوا يعتقدون بأننا سندخل بيوتنا بعد استقالة بوتفليقة. لقد اعتقدوا أنهم يستطيعون إيهامنا بأن النظام تغيَّر».
واعتبرت يمينة أن استمرار سجن الكاتب الصحافي فضيل بومالة، والناشط السياسي كريم طابو، ورئيس التنظيم الشبابي فرساوي عبد الوهاب، والعديد من طلاب الجامعات، وما يسمى رافعو راية الأمازيغ، «دليل على أن جهات أخرى تنازع تبون حكمه»، في إشارة إلى أنه تعهد بـ«احترام إرادة الحراك المبارك»، بينما كان في وسعه، حسبها، الإفراج عن معتقلي الحراك، الذين سجنوا بسبب التعبير عن مواقف سياسية.
وحسب الفيديوهات المنتشرة عن المظاهرات، التي تداولها ناشطون بالمنصات الرقمية الاجتماعية، فقد كان عدد المتظاهرين كبيراً في المدن الأساسية للبلاد، كوهران (غرب)، وقسنطينة وعنابة (شرق)، خصوصاً في تيزي وزو، كبرى مدن القبائل، وبجاية التي تنتمي للمنطقة نفسها، حيث جابت موجات بشرية كبيرة شوارع المدينتين اللتين قاطعتا «الرئاسية» بشكل كامل.
ووزع ناشطون بالحراك على المتظاهرين، قصاصات ورقية، حملت عنوان «بيان 22 فبراير»، وهو بمثابة «خارطة طريق الحراك»، تتضمن أهدافاً ومبادئ ومطالب. وقال محررو الوثيقة: «يوم 22 فبراير 2019 اقتحم الجزائريون والجزائريات، خصوصاً منهم الشباب، الفضاء العام لإحداث قطيعة مع المنظومة السياسية»، مؤكدين أن الشعب هو المصدر الحقيقي والفعلي للسلطة، ومصرين على إنقاذ الدولة الوطنية، التي باتت مهددة بسبب ممارسات العصب المسيطرة على الحكم. إنها هبّة وطنية قوية تليق بمآثر تاريخ شعبنا المجيد، وتهدف إلى استعادة كرامة الجزائريات والجزائريين المهدرة، وتشكل طموحاً مشروعاً لاستكمال إنجاز وعد نوفمبر (تشرين الثاني) 1954.
وأكدت الوثيقة أن «الثورة كانت سلمية منذ البداية... وستبقى سلمية. فالسلمية قيمة لا تقدر بثمن. إنها نتاج لتراكمات تاريخية. لقد تعلم الجزائريون من تجاربهم السابقة التي كانت في أغلبها قاسية وصادمة، أنه يجب عليهم التصرف دائماً بطريقة سلمية، وبصبر كبير وعزم أكبر من أجل تحقيق دولة الحرية والديمقراطية، الضامنة لتوفير شروط وآليات المنافسة السلمية، بين مختلف التيارات السياسية والآيديولوجية، وبتحكيم من الناخبين - المواطنين. الثورة السلمية هي الحامية والمحصنة ضد كافة أشكال القمع، ومساهمة في رفع التحدي لتأسيس إطار جديد للعمل السياسي، يرفض استعمال العنف للوصول لسدة الحكم، أو للحفاظ عليه ضد الإرادة الشعبية».
وأضافت الوثيقة أن الجزائريين «يرفضون الزيف والتزييف، ويريدون الدولة التي ضحى من أجلها أجيال من المناضلين. إنهم يريدون جمهورية المواطنين والمواطنات، لذلك وجب علينا جميعاً الانخراط الكلي في التجنيد السلمي لتكريس أحقية الجزائريين والجزائريات في وضع عقد سياسي جديد يكرس الإرادة الشعبية. وثانياً، السيادة الكاملة للشعب في إطار نظام ديمقراطي اجتماعي مدني، يمر عبر انتقال ديمقراطي سلس يضمن استمرارية الدولة، وحق المواطنين في بناء المؤسسات، واختيار من يتولى الشأن العام بكل حرية. إضافة إلى احترام وضمان حقوق الإنسان والمواطن والحريات الفردية والجماعية والمساواة بين المواطنين والمواطنات في إطار سيادة القانون، تضمنه سلطة قضائية مستقلة والفصل والتوازن بين السلطات. ورابعاً، الحق في إعلام حر ونزيه، وذلك برفع الضغوطات والقيود الممارسة على الحق في إعلام حر ونزيه، عبر رفع الضغوط والقيود الممارسة على وسائل الإعلام العمومية والخاصة، مع ضمان الحق في الحصول على المعلومة ونشرها».
كما أكدت الوثيقة على حق الجزائريين، بكل حرية، في تشكيل الأحزاب السياسية، والنقابات والجمعيات أو الانخراط فيها، وكذا المشاركة في تسيير ومراقبة الشأن العام. وضمان حرية الرأي والتعبير والتظاهر والفكر والإبداع، واحترام التنوع والتعددية. إضافة إلى مكافحة الفساد السياسي والاقتصادي بكل مظاهره.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.