تفاهم «لخفض العنف» في أنحاء أفغانستان ابتداء من اليوم

واشنطن تعلن أنها ستوقع مع «طالبان» اتفاقاً بهذا الخصوص نهاية الشهر

خفض العنف يظهر حسن النية قبل أي اتفاق ويسمح للبنتاغون بسحب قرابة نصف القوات الموجودة في أفغانستان التي تقدر بـ13 ألف عسكري (أ.ف.ب)
خفض العنف يظهر حسن النية قبل أي اتفاق ويسمح للبنتاغون بسحب قرابة نصف القوات الموجودة في أفغانستان التي تقدر بـ13 ألف عسكري (أ.ف.ب)
TT

تفاهم «لخفض العنف» في أنحاء أفغانستان ابتداء من اليوم

خفض العنف يظهر حسن النية قبل أي اتفاق ويسمح للبنتاغون بسحب قرابة نصف القوات الموجودة في أفغانستان التي تقدر بـ13 ألف عسكري (أ.ف.ب)
خفض العنف يظهر حسن النية قبل أي اتفاق ويسمح للبنتاغون بسحب قرابة نصف القوات الموجودة في أفغانستان التي تقدر بـ13 ألف عسكري (أ.ف.ب)

أعلن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، الجمعة، أن الولايات المتحدة تستعد للتوقيع على اتفاق مع حركة «طالبان» في 29 فبراير (شباط)، مبني على تفاهم تم التوصل إليه لـ«خفض العنف» في أنحاء أفغانستان. وقال بومبيو في بيان إن الولايات المتحدة انخرطت مع «طالبان» في محادثات مكثفة لتسهيل التوصل إلى تسوية سياسية لإنهاء الحرب في أفغانستان والحد من وجود القوات الأميركية وقوات التحالف، وضمان عدم استخدام أي جماعة إرهابية للأراضي الأفغانية لتهديد الولايات المتحدة وحلفائها.
وأضاف بومبيو أنه في الأسابيع الأخيرة، وبالتشاور مع حكومة الوحدة الوطنية، توصل المفاوضون الأميركيون في الدوحة إلى تفاهم مع «طالبان» حول خفض العنف بشكل كبير على مستوى البلاد. وبناء على تطبيق ناجح لهذا التفاهم، يتوقّع أن يمضي التوقيع على الاتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان» قدماً. وأكد أن المفاوضات بين الأفغان ستبدأ بعد ذلك بوقت قصير، وسيتم البناء على هذه الخطوة الأساسية لتحقيق وقف شامل ودائم لإطلاق النار وخريطة الطريق السياسية المستقبلية لأفغانستان.
وأعلن مسؤول في الحكومة الأفغانية الجمعة، أن اتفاق «خفض العنف» بين «طالبان» والولايات المتحدة والقوات الأمنية الأفغانية سيبدأ تنفيذه السبت، وذلك قبل توقيع الاتفاق بين الطرفين. وقال جواد فيصل المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في أفغانستان لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «خفض العنف سيبدأ من 22 فبراير وسيستمر لأسبوع».
وفي حال تطبيق الهدنة الجزئية فستكون خطوة تاريخية خلال أكثر من 18 عاماً من النزاع الدامي في أفغانستان، ويمكن أن تمهد الطريق أمام اتفاق قد يتيح إنهاء الحرب. وتجري الولايات المتحدة منذ أكثر من عام محادثات مع «طالبان» سعياً للتوصل إلى اتفاق يسمح لها بسحب آلاف من جنودها مقابل ضمانات أمنية والتزامات من «طالبان». وكانت حركة «طالبان» قد أعلنت هذا الأسبوع عن اتفاق سلام مع الولايات المتحدة سيتم توقيعه بحلول نهاية الشهر. وقال الملا عبد السلام حنفي، أحد قادة «طالبان» البارزين وعضو اللجنة السياسية في الدوحة: «الآن اختتمت المفاوضات، وبدأ الجانبان المسودة النهائية لاتفاقية السلام». وأضاف حنفي: «اتفق الجانبان على توقيع الاتفاقية بحلول نهاية هذا الشهر، بعد تهيئة بيئة مواتية قبل توقيع الاتفاقية».
ولم يعطِ أي تفاصيل أخرى حول ما تعنيه بيئة مواتية، كما أن المسؤولين الأميركيين والأفغان لم يفصحوا عن تفاصيل كثيرة عن الاتفاقية. وأشار حنفي إلى أن المفاوضات مع الحكومة الأفغانية لن تتم إلا بعد تبادل جماعي للأسرى، وأضاف: «سيتم تبادل 5000 أسير من (طالبان) مقابل 1000 من قوات الأمن الأفغانية». لكن المسؤولين الأفغان قالوا في وقت سابق إن التبادل ستتم مناقشته خلال المحادثات الأفغانية، وليس قبل ذلك.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أفغان قولهم إن انشغال الحكومة الأفغانية في خضم أزمة انتخابية راهنة قد يهدد بإفشال العملية. فقد أدى الإعلان عن فوز الرئيس الأفغاني الحالي أشرف غني بفترة رئاسية جديدة لمدة 5 سنوات أخرى، بعد تأجيل إعلان نتائج الانتخابات بصورة مثيرة للشكوك لمدة 5 أشهر كاملة، إلى معارضة شديدة من جانب منافسه عبد الله عبد الله، الذي يتهم هيئة الانتخابات الأفغانية بالعمل تماماً لصالح الرئيس الحالي.
وأعلن عبد الله الفوز في الانتخابات الرئاسية، داعياً أنصاره إلى تشكيل الحكومة الخاصة بهم. ووصل زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي، وكبير المفاوضين مع «طالبان»، إلى كابل، لمناقشة تفاصيل عملية السلام التمهيدية. ويجري لقاءات مع المسؤولين الأفغان في محاولة لتذليل العقبات السياسية الجديدة لدى النخبة الأفغانية بعدما اندلعت الخصومة الشديدة فيما بينهم إثر إعلان نتائج الانتخابات. وقال: «أنا متفائل بحذر، لكنني واقعي بما فيه الكفاية، وأعرف أن هناك كثيراً من التحديات المقبلة». وأشار زاد إلى أنه حصل على ضمانات أمنية من كل من الحكومة الأفغانية وحركة «طالبان»، بعد أشهر من المفاوضات.
وقال بعض المسؤولين الأفغان إن الحد من العنف سيكون في جميع أنحاء البلاد، وإن جميع أطراف النزاع ستوقف عملياتها الهجومية. ومن شأن خفض العنف أن يؤكد أن بإمكان «طالبان» السيطرة على عناصرها وإظهار حسن النية قبل أي اتفاق، ما يسمح للبنتاغون بسحب قرابة نصف القوات الموجودة في أفغانستان التي يتراوح عديدها بين 12 ألفاً إلى 13 ألف عسكري. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن أحد عناصر «طالبان» في ولاية قندهار جنوب أفغانستان التي تعد معقل حركة «طالبان»، قوله إنه تلقى أوامر لخفض العنف بدءاً من اليوم (السبت).
وبحسب وسائل إعلام أميركية، فإنه إذا استمر التراجع في العنف، فسيتبع ذلك توقيع اتفاقية أوسع نطاقاً بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، التي بموجبها ينسحب الآلاف من القوات الأميركية، وتبدأ «طالبان» في مفاوضات مباشرة مع القادة الأفغان. وتتطابق اتفاقية السلام بين الولايات المتحدة وحركة «طالبان»، وتلك التي تم التفاوض عليها في سبتمبر (أيلول) الماضي، والتي تم إلغاؤها من قبل الرئيس ترمب بعد هجوم لـ«طالبان» أسفر عن مقتل جندي أميركي قبل توقيعه.
وتنص الاتفاقية على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، مقابل تعهد «طالبان» بعدم إيواء الجماعات الإرهابية بنية مهاجمة الغرب. غير أن بعض المراقبين حذروا من أن أي هدنة ستكون محفوفة بالمخاطر، خصوصاً أن جهود وقف إراقة الدماء في أفغانستان تشوبها تعقيدات ويمكن أن تفشل في أي وقت. وأضافوا أنه يمكن أن تستغل الأطراف المتحاربة الهدنة لإعادة تشكيل قواتها وتحسين موقعها في ساحة المعركة.
والخميس، قال المسؤول الثاني في حركة «طالبان» سراج الدين حقاني إن الحركة «ملتزمة بالكامل» باحترام الاتفاق المزمع توقيعه مع واشنطن. وكتب في مقال غير مسبوق في صحيفة «نيويورك تايمز»، إن «تمسكنا بهذه المحادثات المضطربة مع العدو الذي حاربناه بمرارة على مدى عقدين من الزمن، حتى عندما أمطرت السماء الموت، يشهد على التزامنا بإنهاء الأعمال العدائية وإحلال السلام في بلدنا». ويتزعم حقاني شبكة باسمه تصنفها واشنطن «إرهابية»، وتعتبر الفصيل الأكثر دموية في التمرد الأفغاني.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».