خلافات حادة داخل «النهضة» بسبب نسبة تمثيلها في حكومة تونس

TT

خلافات حادة داخل «النهضة» بسبب نسبة تمثيلها في حكومة تونس

أعلن حسام الدين التعبوري، عضو مجلس شورى حركة النهضة التونسية (إسلامية)، تجميد عضويته من كل مناصبه في الحزب والانسحاب من العمل السياسي، وهو ما ترجم اتساع دائرة الخلافات داخل الحزب الفائز في انتخابات 2019 البرلمانية، وخروجها إلى العلن، في وقت لم تتمكن فيه القيادات الحزبية في حركة النهضة من حل مشكلاتها داخل الأطر الممثلة لها، خاصة مجلس الشورى والمكتب السياسي.
وتعود أسباب هذه الاستقالة، وفق مراقبين، إلى قرار حركة النهضة الأخير التصويت لصالح حكومة إلياس الفخفاخ، رئيس الحكومة المكلف، إبان عرضها على البرلمان؛ حيث اعتبر عدد كبير من أعضاء مجلس الشورى (يضم 150 عضواً) أن الحقائب الوزارية التي حصلت عليها «النهضة» لا تعكس الوزن البرلماني للحركة، كما احتج بعضهم على مشاركة «النهضة» في الائتلاف الحاكم بـ6 حقائب وزارية فقط، معتبرين أن نسبة تمثيلها في الحكومة «ضعيفة مقارنة ببقية الأحزاب الممثلة في حكومة إلياس الفخفاخ».
والتعبوري الذي أعلن تجميد عضويته من «النهضة»، كان يشرف على قسم التحاليل المالية في مكتب الدراسات الاقتصادية لحركة النهضة، وقد سبق للحبيب الجملي، رئيس الحكومة المكلف السابق، أن التقاه ضمن مشاورات تشكيل حكومته. وأكد مراقبون أن التعبوري المقرب من راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، جمد عضويته بسبب عدم اقتراح اسمه من قبل الحركة لتولي إحدى الحقائب الوزارية، خاصة أنه ساهم بفعالية في صياغة البرنامج الانتخابي لحركة النهضة في انتخابات 2019.
في غضون ذلك، انتقد أعضاء مجلس الشورى عدم منح الحركة وزارات سيادية، واعتبروا أن الحكومة تشكلت وفق خيارات رئيس الجمهورية قيس سعيد، وقيادات حزبي التيار الديمقراطي وحركة الشعب، وليس وفق خيارات حزبهم، الذي تفوق على هذين الحزبين في الانتخابات الأخيرة (حصلت النهضة على 52 مقعداً برلمانياً، فيما حصل حزب التيار على 22 فقط، وحركة الشعب على 15 مقعداً).
وأكد مقربون من حركة النهضة أن رئيسها الغنوشي حاول استرضاء أعضاء مجلس شورى النهضة بترشيح لطفي زيتون، مستشاره السياسي، وعبد اللطيف المكي، لحقيبتين وزاريتين، وتمسك بضرورة حصولهما على مناصب وزارية مباشرة، وليس مناصب يتحكم فيها رئيس الحكومة.
وفي انتظار عرضها على البرلمان الأربعاء المقبل لنيل الثقة، أسند الفخفاخ 6 وزارات لقيادات من حركة النهضة؛ حيث اقترح عبد اللطيف المكي وزيراً للصحة، ولطفي زيتون وزيراً للشؤون المحلية، وأنور وزير دولة مكلفاً بالنقل واللوجستيك، ومنصف السليطي وزيراً للتجهيز والإسكان، وسليم شورى وزيراً للتعليم العالي والبحث العلمي، وأحمد قعلول لشؤون الشباب والرياضة. وتقدر نسبة مشاركة حركة النهضة في تركيبة الحكومة بـ21.8 في المائة من مجموع تمثيلية الأحزاب في حكومة الفخفاخ.
في المقابل، حصل حزب «التيار الديمقراطي»، بزعامة محمد عبو، على 3 حقائب وزارية، وهو ما يمثل 13.5 في المائة من أعضاء الحكومة. أما «حركة الشعب» التي يرأسها زهير المغزاوي، وحركة «تحيا تونس» بزعامة يوسف الشاهد، والكتلة البرلمانية «الإصلاح الوطني»، فقد أسندت لكل منهم حقيبتين وزاريتين، وهو ما يمثل نسبة 6.25 في المائة من أعضاء الحكومة.
وانتقد جل الأحزاب السياسية، سواء الممثلة في الحكومة أو تلك التي تقف في المعارضة، اعتماد رئيس الحكومة المكلف على شخصيات مستقلة بنسبة أكبر من المنتمين للأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، إذ قدر عدد الوزراء المستقلين بنحو 17 وزيراً، فيما لا يزيد عدد الوزراء المتحزبين عن 15 وزيراً.
إلى ذلك، التقى أمس رئيس الحكومة المكلف بنبيل القروي، رئيس حزب «قلب تونس»، وأكد القروي أن هذا اللقاء جاء تلبية لدعوة الفخفاخ، الذي عرض عليه برنامج عمل حكومته للفترة المقبلة، مشيراً إلى أن أولويات حزبه تتمثل في مقاومة الفقر في تونس.
أما بشأن التصويت لفائدة الحكومة من عدمه خلال الجلسة العامة البرلمانية، فقد أكد القروي أنه سيتم اتخاذ موقف يتماشى مع موقع حزبه، الذي تم إقصاؤه منذ البداية، وقال إنه من المنتظر أن تتجه كتلة «قلب تونس» (38 مقعداً برلمانياً) لعدم منح الثقة لحكومة الفخفاخ، وهو موقف يضعف الحزام السياسي الداعم لها.
ويرى مراقبون أن الفخفاخ سعى من خلال توزيع الحقائب الوزارية إلى «لجم» السيطرة المنتظرة للأحزاب السياسية على حكومته، وذلك باعتماده على عدد مهم من الوزراء المستقلين، الذين لن يأتمروا لاحقاً بأوامر الأحزاب السياسية، واعتبروا أن هذا الخيار «قد يكون عامل استقرار لحكومته خلال الأشهر المقبلة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.