إردوغان يدقّ طبول الحرب في إدلب للضغط على روسيا

صدمة من موقف موسكو ومنتقدوه ضد استدعاء دعم واشنطن

إردوغان يدقّ طبول الحرب في إدلب للضغط على روسيا
TT

إردوغان يدقّ طبول الحرب في إدلب للضغط على روسيا

إردوغان يدقّ طبول الحرب في إدلب للضغط على روسيا

كشفت التطورات الأخيرة في محافظة إدلب السورية مع استمرار تقدّم قوات نظام الأسد فيها، وفي أجزاء من محافظة حلب المجاورة، عن خلاف يتفاعل تحت السطح لأشهر طويلة بين تركيا وروسيا على الرغم من حرص الجانبين على إظهار التوافق بشأن الوضع في إدلب. والمعروف أن الجانبين يرتبطان هناك بعدد من الِتفاهمات التي أمكن التوصل إليها، إما في إطار «مباحثات آستانة» بمشاركة إيران، أو المباحثات الثنائية وأبرزها «تفاهم سوتشي» الموقّع في منتجع سوتشي بأقصى جنوب روسيا يوم 17 سبتمبر (أيلول) 2018 بشأن إنشاء منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات الحكومة والمعارضة.
ترى روسيا بالنسبة للوضع في شمال غربي سوريا، كما أعلنت غير مرة، أن تركيا أخفقت في تنفيذ التزاماتها بموجب مذكرة «تفاهم سوتشي»، وعجزت عن إداء دورها في الفصل بين «المقاتلين المتشددين» - قاصدة بهم عناصر «هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) - وفصائل المعارضة الوطنية المعتدلة إلى جانب التخلف عن طريقي حلب – اللاذقية (إم 4) وحلب دمشق (إم 5).
في المقابل، بدأت تصدر عن تركيا للمرة الأولى خلال الأسابيع الأخيرة تصريحات للهجوم على روسيا، وتحميلها المسؤولية عن استهداف المدنيين في إدلب بسبب دعمها تحركات قوات نظام الأسد الساعية للسيطرة على إدلب، وانتهاكها «تفاهم سوتشي»، وكذلك «اتفاق مناطق خفض التصعيد» في إدلب الذي سبق التوصل إليه في آستانة (عاصمة كازاخستان) خلال مايو (أيار) 2017، الذي بموجبه أنشأت تركيا نقاطاً عسكرية للمراقبة في إدلب بدأت بـ12 نقطة أنشئت خلال أكتوبر (تشرين الأول) من العام ذاته.
- تحرشات... وحشد للحرب
قبل أشهر تحرّشت قوات النظام بنقاط المراقبة التركية في محافظة إدلب قتل فيها عدد من الجنود. ومع تقدم النظام داخل المحافظة بدأت تركيا زيادة عدد نقاط مراقبتها على محاور عدة في شرقها وجنوبها وشمالها، حتى وصل عددها إلى 37 نقطة. وفي الوقت ذاته، تقدمت قوات النظام – المدعومة من الروس – أكثر في إدلب، حيث حاصرت 4 نقاط للمراقبة تابعة للجيش التركي، وقتلت على مدى الأسبوعين الماضيين 13 عسكرياً تركياً، إضافة إلى إصابة عدد آخر. هذا، دفع الأتراك للرد المباشر، وأعلنت وزارة الدفاع التركية عن قتل العشرات من جنود النظام، فضلاً عن الخسائر في الآليات والمعدات العسكرية وإسقاط طائرتين.
وإزاء هذه التطوّرات هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بشن عملية عسكرية ضد قوات الأسد ما لم تنسحب إلى حدود «تفاهم سوتشي»، أي خلف نقاط المراقبة الـ12 في منطقة خفض التصعيد في محافظة إدلب. وبالفعل، باشرت تركيا حشد قواتها الخاصة (الكوماندوز) والدفع بتعزيزات عسكرية ضخمة إلى داخل المحافظة وعلى حدودها مع سوريا. ووفق تقديرات، حشدت تركيا 10 آلاف جندي داخل إدلب وفي محيطها، كما أصدرت أوامر للفصائل السورية الموالية في الهيئة الوطنية للتحرير بإرسال عناصرها للقتال مع القوات التركية.
- سوتشي: اتساع الفجوة
وفي محاولة لوقف التصعيد والحفاظ على مساحة التوافق بينهما، أجرت تركيا وروسيا ثلاث جولات من المباحثات على مستوى وفود دبلوماسية وعسكرية، انتهت آخرها يوم الثلاثاء الماضي في موسكو، بالفشل في تحقيق أي تقدم يغيّر مواقف الطرفين. تركيا ذكرت أن نتائج المباحثات كانت بعيدة جداً عما كانت ترجوه، معلنة أنها لن تنسحب من نقاط المراقبة، بل سترد بأشد الطرق على أي هجوم من جانب النظام. وأضافت أنها تتمسك بانسحاب قوات النظام إلى ما وراء نقاط المراقبة، وأنها أكملت تحضيراتها لشن عملية عسكرية لإجبارها على ذلك ما لم تنسحب قبل نهاية فبراير (شباط) الحالي. وفي المقابل، أعلن الكرملين أن تنفيذ عملية عسكرية تركية ضد قوات الأسد السورية سيكون «أسوأ سيناريو»، لكن روسيا وتركيا ستواصلان الاتصالات بشأن إدلب السورية لمنع تصاعد التوتر بدرجة أكبر.
ولقد أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن بلاده لم تبلغ تركيا خلال مباحثات موسكو وأنقرة بأي خطط جديدة بشأن إدلب. وشدد أيضاً على أن الأوضاع في المحافظة لن تعود إلى ما كانت عليه قبل سنة ونصف السنة، ولا سيما أن تركيا لم تنجح في الفصل بين المتشددين والمعارضة الوطنية المعتدلة في إدلب. وتابع، أن «تفاهم سوتشي» لا يتضمن ما ينص «على حماية الإرهابيين». وأردف، أن عمليات قوات نظام الأسد في شمال غربي البلاد، عبارة عن «رد على الاستفزازات الصادرة من الإرهابيين»، وذلك يجري بموجب ما اتفق عليه الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان.
أيضاً، لفت لافروف إلى أن من وصفها بـ«الجماعات الإرهابية في إدلب» واصلت خلال الفترة الماضية «استفزازاتها» عبر القصف على قاعدة حميميم الروسية وعلى المدنيين وقوات الأسد، وإن ما تقوم به الأخيرة هو «الرد على هذه الاستفزازات»، وهو ما تدعمه روسيا لاستعادة سيطرة «الحكومة على أراضيها». واستطرد قائلاً، إن الاتفاق الروسي - التركي في سوتشي «لم ينص أبداً على تجميد الوضع في إدلب، وترك حرية التصرف للإرهابيين هناك، ولم يقدم أي أحد وعوداً بعدم المساس بالإرهابيين» على حد تعبيره.
- «العملية المباغتة» واردة
المباحثات حول إدلب أظهرت في الواقع عمق الخلاف بين أنقرة وموسكو، إلى الحد الذي بدا فيه أن موسكو غير راغبة في رفع مستوى الاتصالات مع أنقرة. إذ أعلنت أنه «لا نية في الوقت الراهن» لعقد لقاء بين بوتين وإردوغان، بخلاف ما كرّرته أنقرة عن عقد لقاء بين الرئيسين إذا لم تنجح مباحثات الوفود في إحراز تقدم.
ومن ثم، عقب إعلان الجانبين فشل المباحثات بالتوصّل إلى النتائج المرجوة، هدّد إردوغان، أمام نواب حزبه في البرلمان، يوم الأربعاء الفائت، بإطلاق عملية عسكرية مباغتة في إدلب. وأضاف، أن تركيا «لم تحصل على النتيجة التي تريدها من المباحثات مع روسيا التي جاءت بعيدة جداً عما ترغب فيه». وبالتالي، أعدت خطة لعملياتها العسكرية في إدلب. وطالب الرئيس التركي، مجدداً، نظام الأسد بسحب قواته من بعض المواقع هناك بحلول نهاية الشهر الحالي قائلاً: «هذا آخر تحذيراتنا... بات شن عملية في إدلب وشيكاً... قد نأتي ذات ليلة على حين غرة».
- دعم أميركي قوي
في هذه الأثناء، حصلت أنقرة على دعم أميركي قوي في ظل التوتر مع موسكو على خلفية التطورات في إدلب. وأكدت واشنطن دعمها لتركيا، حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، في كل الخطوات التي تتخذها لحماية أمنها و«مصالحها المشروعة». وأكد جيمس جيفري، المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، أثناء زيارته للعاصمة التركية الأسبوع الماضي، أن بلاده لن ترسل قوات إلى إدلب، لكنها مستعدة لدعم تركيا لوجيستياً واستخباراتياً.
كذلك، جددت واشنطن على لسان كيلي كرافت، المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة، دعمها القوي للمصالح المشروعة لحليفتها الأطلسية تركيا. إذ اعتبرت أنها «قدمت أكثر من أي دولة أخرى مساعدات للاجئين السوريين بإدلب»، وذلك خلال جلسة لمجلس الأمن في نيويورك حول الأوضاع الإنسانية والسياسية في سوريا، يوم الأربعاء الماضي. وأردفت كرافت «نحن نتفهم قلقها (أي تركيا) بشأن تدفقات اللاجئين الإضافية نتيجة الأعمال العدائية المستمرة»، مضيفة «... ونرفض رفضاً قاطعاً التصريحات التي أدلى بها المسؤولون الروس، والتي تلقي باللوم على تركيا كذباً في تصعيد العنف في شمال غربي سوريا... إن نظام الأسد وروسيا، وليس تركيا، مسؤولان عن تنظيم وتنفيذ هذه الحملة العسكرية».
كذلك، شددت المندوبة كرافت على أن «الولايات المتحدة، ستواصل التنسيق مع تركيا بشأن النهج الدبلوماسي، لاستعادة وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب»، معتبرة أن «عملية آستانة أثبتت فشلها في تحقيق خفض التصعيد في إدلب. ومن ثم، طالبت الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومبعوثه الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، بتسلم المهمة واعتبارها أولوية قصوى للأمم المتحدة.
هذا، وعلق الرئيس التركي على تصريحات لنظيره الأميركي دونالد ترمب بشأن التعاون مع تركيا في ملف إدلب، قائلاً: «يمكن أن يكون هناك تعاون بيننا على مختلف الصعد في أي لحظة».
- معضلة حقيقية
في أي حال، يرى مراقبون أن تركيا تجد نفسها الآن أمام معضلة حقيقية. فمن ناحية، تريد أن تتفادى وقوع كارثة إنسانية على حدودها الجنوبية بينما هي غير مستعدة لاستقبال مزيد من اللاجئين، ومن ناحية أخرى، لا ترغب في تدمير علاقتها مع روسيا.. ولا ترغب في تأجيج التوتر أو وضع علاقتها مع روسيا على المحك بسبب تطورات إدلب. وتدرك أن روسيا هي الطرف الوحيد القادر على كبح خطوات نظام دمشق المحتملة ضد المصالح التركية في أي وقت.
حقاً، تركيا غير راغبة في التضحية بعلاقتها الوثيقة مع روسيا، ولقد حرصت على بنائها خلال السنوات الأربع الأخيرة، مقابل العزلة الدولية التي تعانيها من جانب قوى الغرب، وأيضاً بعض دول الشرق الأوسط، بسبب مغامرتها الأخيرة في ليبيا ومنافستها على موارد النفط والغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن تدخلاتها في شؤون دول المنطقة. ولذا؛ فهي تسعى إلى «اتفاق سوتشي جديد» مع روسيا، يشمل إيران أيضاً بسبب خياراتها المحدودة في سوريا حالياً.
وكان رد تركيا، الذي وُصف بـ«الخجول» على مقتل عسكرييها في إدلب مؤشراً – بالنسبة لمراقبين – إلا أن التهديد بالعملية العسكرية ما كان إلا محاولة للضغط على روسيا من أجل إقرار هدنة جديدة. والدليل أن الجانبين أكدا أن المباحثات ستستمر رغم فشلها حتى الآن في تحقيق تهدئة. وبينما يواصل إردوغان تهديداته لسوريا، وتحديد مواعيد نهائية لشن ضربة عسكرية لقوات الأسد في نهاية فبراير الحالي، ما لم تنسحب إلى «حدود اتفاقية سوتشي»، يرى مراقبون أن إردوغان، الذي راهن على أن تهرع موسكو إليه لعقد اتفاقية جديدة تحت التهديد، غير مرتاح لردّ الفعل الروسي السلبي. ولهذا زاد ضغطه بإرسال المزيد من الدبابات والصواريخ والمدافع والجنود إلى منطقة إدلب، في عملية انتشار استباقية هدفها خلق «أمر واقع» جديد في المنطقة.
- مخاوف... وتحذيرات
مع ذلك، ترى دوائر مقربة من إردوغان، أن بإمكان واشنطن فعل الكثير، من تسليح المعارضة، إلى ضرب قواعد النظام الحساسة، ووصولاً إلى اقتراحات جديدة للأمن القومي التركي. أما بالنسبة لأوروبا، فتعتقد هذه الدوائر أنه من غير المنتظر أن تقدّم دعماً لتركيا بخلاف الدعم المالي من ألمانيا للاجئين السوريين. كذلك ترى أن تركيا إنما اضطرت إلى التعاون مع روسيا بسبب سياسة واشنطن الخاطئة تجاه سوريا... وفي حال أخذت الولايات المتحدة زمام المبادرة، فسيكون بإمكانها توسيع نفوذها في سوريا، وفي حال لم تفعل، سيتعذّر البحث في إعادة تصحيح العلاقات التركية - الأميركية.
باريش دوست أر، الكاتب في صحيفة «جمهوريت» التركية، حذّر من أن استدعاء واشنطن للأزمة «لن يؤدي إلى حلّ، بل سيصعّبه؛ إذ إن واشنطن تتراجع في العالم، ولم تستطع حتى الآن حلّ مشكلاتها مع إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا، كما أنها لا تريد سوى تقسيم دول المنطقة عبر التنظيمات الإرهابية». وتابع الكاتب التركي، إن من يريد دعم «ناتو» - في إشارة إلى مطالبة وزير الدفاع التركي خلوصي أكار للحلف بتقديم الدعم لتركيا في إدلب – «إنما يستدعي التدخل والانتداب الأميركي على تركيا، وهذا يجب ألا يحدث».
ورأى المحلل السياسي متين يغين، أن أنقرة «لا ترغب في حل الأزمة السورية، وهي لم تحل أي مشكلة تورطت فيها». لافتاً إلى أنه «بعد مرور 46 سنة على الاحتلال التركي لقبرص، ليس هناك من يعترف بقبرص الشمالية غيرها، وكذلك بالنسبة إلى المشكلة الكردية التي لم تحل بعد».
وتابع يغين «في العراق تركيا موجودة ولا أفق لهذا الوجود. والأمر ينسحب على سوريا أيضاً، حيث استراتيجية إردوغان فيها هي اللاحل». وكم هو مؤسف أنه ينجح فيها».
أيضاً، لفت الكاتب أورهان بورصالي إلى ما رآه «توظيف إردوغان الأزمة السورية داخلياً وتقديمها على أنها شأن تركي داخلي». ورأى أن «هذا يعني أن الحرب في سوريا ستستمر كأداة أساسية لاستمرار سلطته في الداخل؛ ولذا فإنه يضع (عربة الحرب) أمام السلام، وتتطابق سياساته مع الذهنية العثمانية... وفي هذا السياق، تأتي مسألة كسب الأرض في سوريا لتوسيع حدود تركيا، وذلك هو عصب سياسة إردوغان في سوريا منذ العام 2011. ومن الزاوية نفسها ينظر إلى البلقان والآن إلى ليبيا؛ سعياً إلى تحقيق هدفه في إقامة تركيا الجديدة في عام».
- «سيناريوهات» الأزمة
وفي الاتجاه السياسي نفسه، يرى الكاتب محمد علي جولار أربعة خيارات أمام تركيا للخروج من الأزمة السورية: الأول، هو التعاون المباشر مع نظام الأسد في دمشق، لكن لأن حزب العدالة والتنمية لم يتخلّ عن أجندته الخاصة تجاه سوريا والأسد فإن هذا الخيار غير قابل للتطبيق.
والثاني، الذي وصفه بـ«الخيار الجيد»، فهو استمرار التعاون مع روسيا ومنع الولايات المتحدة من انتهاز الفرص.
والثالث، الذي وصفه بالخيار الخاطئ، فهو الصدام بين تركيا ونظام الأسد في إدلب. والرابع، وهو الأكثر سوءاً من وجهة نظر الكاتب، فهو أن تتعاون تركيا مع الولايات المتحدة لتقسيم سوريا.
واعتبر الكاتب أن الهدف المركزي الذي يسعى إليه إردوغان اليوم هو إنشاء ممر لـ«الجيش السوري الحر»، على أنقاض الممر الكردي، ولو لم يكن هدفه كذلك لكان دخل مع روسيا منذ البداية في مسار اتفاق مع الأسد.
- إدلب... مأساة إنسانية بلا نهاية
> حذّر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة من تفاقم الأوضاع الإنسانية «المُزرية» في محافظة إدلب مع استمرار التصعيد في مختلف مناطق المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا. وقال المتحدث باسم المكتب، ينس لاركيه، إن المكتب سجل مقتل أكثر من ألف و500 مدني خلال الأشهر التسعة الأخيرة في المحافظة، «... ولم يبق مكان آمن في إدلب. القنابل تتساقط في كل مكان، وحتى الذين نجحوا في الفرار من أماكن القصف ليسوا بمأمن».
وأضاف لاركيه: «استمرار الهجمات والقصف طوال الشهرين الأخيرين، تسبب في نزوح المدنيين من مختلف مناطق المحافظة، وأكبر مشكلة هي التغذية، إضافة إلى ظروف الشتاء الصعبة». وأوضح أن 3 ملايين مدني بالمنطقة في مأزق، نصفهم من الأطفال والكهول، في حين يشكل نقص المساعدات مشكلة أخرى، رغم الجهود المبذولة في هذا الخصوص من قبل المكتب والمنظمات المدنية الأخرى. وأشار إلى نزوح 520 ألف مدني بالمحافظة، منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
من جانب آخر، وجهت منظمات إغاثة سورية نداءً عاجلاً لوقف إطلاق النار، وطلبت مساعدة دولية لنحو مليون شخص نزحوا بسبب هجوم قوات النظام على إدلب في أكبر موجة نزوح خلال النزاع المستمر منذ 9 سنوات. وقال تحالف المنظمات السورية غير الحكومية، إن النازحين «يفرّون بحثاً عن الأمان، لكنهم يموتون بسبب الظروف الجوية القاسية وانعدام الموارد المتاحة». وأضاف التحالف، خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول «إننا نواجه واحدة من أسوأ أزمات توفير الحماية، ونتعامل مع حركة كبيرة لنازحين ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه». وأكد التحالف الحاجة إلى ما مجموعه 336 مليون دولار أميركي لتوفير المواد الأساسية والماء والملجأ، والحاجة أيضاً إلى موارد تعليمية لنحو 280 مليون طفل نازح.
هذا، وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة، أن النازحين هم في غالبيتهم من النساء والأطفال وحذرت من أن الأطفال يموتون بسبب البرد لأن مخيمات الإغاثة ممتلئة. وقال مارك لوكوك، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، إن العنف في شمال غربي سوريا بلا تمييز. فقد تعرضت منشآت صحية ومدارس ومناطق سكنية ومساجد وأسواق للقصف. وأعلنت منظمة الصحة العالمية، الثلاثاء الماضي، أنه من أصل 550 منشأة صحية في شمال غربي سوريا، ظل النصف فقط في الخدمة. وكان مدير المنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس قد شدّد أمام الصحافيين «إننا نكرّر القول: المرافق الصحية وعمال الصحة ليسوا أهدافاً مشروعة».



الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
TT

الحدود العراقية ــ السورية... وذكريات صيف 2014

شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)
شاحنات ومعدّات عسكرية عراقية تتحرك عند الحدود مع سوريا (آ ف ب)

شأن معظم دول المنطقة والإقليم، تسببت الأزمة السورية المتصاعدة في تراجع الاهتمام الرسمي والشعبي العراقي بالحرب التي تشنّها إسرائيل على غزة ولبنان، بعد أن كانت تحظى بأولوية قصوى، خصوصاً بعد التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربات عسكرية ضد الفصائل المسلحة العراقية التي استهدفتها بأكثر من 200 هجمة صاروخية خلال الأشهر الماضية. وأظهر رئيس الوزراء محمد شيّاع السوداني، موقفاً داعماً للحكومة السورية في ظروفها الحالية منذ اليوم الأول للهجوم الذي شنَّته الفصائل السورية المسلحة وتمكّنت من السيطرة على محافظة حلب ومدن أخرى، إذ أجرى اتصالاً بالرئيس السوري بشار الأسد وكذلك الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وأكد دعمه لدمشق.

أعلن رئيس الحكومة العراقي محمد شيّاع السوداني، يوم الثلاثاء الماضي، موقفاً أكثر وضوحاً بالنسبة لدعم نظام دمشق، وذلك خلال اتصال - مماثل لاتصاليه مع القيادتين السورية والإيرانية - أجراه مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

ومما قاله السوداني إن «العراق لن يقف متفرجاً على التداعيات الخطيرة الحاصلة في سوريا، خصوصاً عمليات التطهير العرقي للمكوّنات والمذاهب هناك»، طبقاً لبيان حكومي.

كذلك شدّد الزعيم العراقي على أنه سبق لبلاده أن «تضرّرت من الإرهاب ونتائج سيطرة التنظيمات المتطرّفة على مناطق في سوريا، ولن يُسمَح بتكرار ذلك»، مؤكداً «أهمية احترام وحدة سوريا وسيادتها، وأن العراق سيبذل كل الجهود من أجل الحفاظ على أمنه وأمن سوريا».

محمد شياع السوداني (آ ف ب)

السوداني كان قد انهمك بسلسلة اتصالات خلال الأيام القليلة الماضية مع عدد من قادة الدول، بخصوص الوضع في سوريا؛ من «أجل دعم الاستقرار في المنطقة، وعدم حصول أي تداعيات فيها، خصوصاً مع ما تشهده من حرب إجرامية صهيونية مستمرة منذ أكثر من عام» بحسب بيان حكومي.

وأظهرت قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية موقفاً مماثلاً وداعماً لحكومة السوداني في مواقفها حيال سوريا، لكنها أعربت خلال اجتماع، الثلاثاء الماضي أيضاً، عن قلقها جراء الأوضاع في سوريا بعد «احتلال الإرهابيين مناطق مهمة» طبقاً لبيان صدر عن الاجتماع. وعدّت «أمن سوريا امتداداً للأمن القومي العراقي للجوار الجغرافي بين البلدين، والامتدادات المختلفة لذلك الجوار».

الحدود المشتركة مؤمّنة

للعلم، مع الشرارة الأولى لاندلاع الأزمة السورية، اتخذت السلطات العراقية على المستوى الأمني إجراءات عديدة «لتأمين» حدودها الممتدة لأكثر من 600 كيلومتر مع سوريا. وصدرت بيانات كثيرة حول جاهزية القوات العراقية وقدرتها على التصدّي لأي محاولة توغّل داخل الأراضي العراقية من قبل الفصائل المسلحة من الجانب السوري، مثلما حدث صيف عام 2014، حين تمكَّنت تلك الجماعات من كسر الحدود المشتركة والسيطرة على مساحات واسعة من العراق.

اللواء يحيى رسول، الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، أوضح (الثلاثاء) أبرز الإجراءات المُتَّخذة لتحصين الحدود مع سوريا. وقال في تصريحات صحافية إن «الحدود مؤمَنة ومُحكمة بشكل كبير من تحكيمات وتحصينات، وهناك وجود لقوات الحدود على خط الصفر الذي يربطنا مع الجارة سوريا مدعومة بالأسلحة الساندة والجهد الفني، المتمثل بالكاميرات الحرارية وأبراج المراقبة المحصّنة». وأضاف رسول: «لا خوف على الحدود العراقية، فهي مؤمّنة ومحكمة ومحصّنة، وأبطالنا منتشرون على طولها»، مشيراً إلى أنه «تم تعزيز الحدود بقطاعات من الألوية المدرعة وهي موجودة أيضاً عند الحدود».

أيضاً، وصل وفد أمني برئاسة الفريق أول قوات خاصة الركن عبد الأمير رشيد يارالله، رئيس أركان الجيش، يوم الأربعاء، إلى الشريط الحدودي العراقي - السوري. وذكر بيان عسكري أن «هدف الزيارة جاء لمتابعة انتشار القطعات الأمنية وانفتاح خطوط الصد».

غموض في الموقف

إلا أنه حتى مع المواقف الحكومية الداعمة لدمشق في أزمتها الراهنة، يبدو جلياً «الالتباس» بالنسبة لكثرة من المراقبين، وبالأخص لجهة شكل ذلك الدعم وطبيعته، وما إذا كانت السلطات الحكومية العراقية ستنخرط بقوة لمساعدة نظام الأسد عسكرياً، أم أنها ستبقى عند منطقة الدعم السياسي والدبلوماسي، تاركة أمر الانخراط والمساعدة الميدانية للفصائل المسلحة.

وهنا يلاحظ إياد العنبر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، وجود «التباس واضح حيال الموقف من الحدث السوري، وهذا الالتباس نختبره منذ سنوات، وليس هناك تمييز واضح بين العراق الرسمي وغير الرسمي». وتابع العنبر لـ«الشرق الأوسط» أن «مستويات تفعيل المساهمة العراقية في الحرب غير واضحة، وإذا ما قررت الحكومة البقاء على المستوى الدبلوماسي بالنسبة لقضة دعم سوريا، أم أن هناك مشاركة عسكرية».

غير أن إحسان الشمري، أستاذ الدراسات الاستراتيجية والدولية في جامعة بغداد، يعتقد بأن «العراق الرسمي عبَر عتبة التردّد، وبات منخرطاً في الأزمة السورية». وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» بنى الشمري فرضيته على مجمل المواقف الرسمية التي صدرت عن رئيس الوزراء، والناطق الرسمي، وزعماء «الإطار التنسيقي»، وشرح قائلاً إن «هذه المواقف بمجملها كسرت مبدأ الحياد وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى الذي يتمسّك به العراق، إلى جانب كونها انخراطاً رسمياً عراقياً بالأزمة السورية».

نتنياهو غير مضمون

ولكن، بعيداً عن الانشغال الراهن بالأزمة السورية، ما زالت التهديدات الإسرائيلية بين أهم القضايا التي تشغل الرأي العام ببعدَيه السياسي والشعبي. وحتى مع الترحيب العراقي بقرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله»، ما زالت مخاوف البلاد من ضربة إسرائيلية محتملة قائمةً.

ولقد قال الناطق باسم الحكومة باسم العوادي، الأربعاء قبل الماضي، في تصريحات صحافية، إنه «مع عملية وقف إطلاق النار في لبنان، نحن أنهينا الجزء الأسهل، فالمعركة انتهت والحرب لم تنتهِ، فالأصعب أنك ستدخل بالمخططات غير المعلومة. ونحن (العراق) واقعون في المنطقة الحرام، لكن السياسة العقلانية المتوازنة استطاعت أن تجنبنا الضرر».

وأجاب، من ثم، عن طبيعة الرد العراقي إذا ما هاجمت إسرائيل أراضيه، بالقول: «إلى حد أيام قليلة كانت تأتي نتائج جيدة من المعادلات التي اشتغل عليها رئيس الوزراء، لكن رغم ذلك فلا أحد يضمن ما الذي يدور في بال حكومة نتنياهو، وما هو القادم مع الإدارة الأميركية الجديدة، وكيف سيتصرف نتنياهو».

وتابع العوادي، أن «الإسرائيليين عملوا على تفكيك الساحات، وتوجيه ضربات إلى اليمن وسوريا، لكن الطرف العراقي هو الوحيد الذي لم يستطيعوا الوصول إليه بفضل المعادلة... وقد يكونون وضعونا للحظات الأخيرة أو الأيام الأخيرة بنوع ما، وهذا وارد جداً، وتتعامل الحكومة العراقية مع ذلك».

شبح هجوم إسرائيلي

وحقاً، لا يزال شبح هجوم إسرائيلي واسع يخيم على بغداد، إذ تناقلت أوساط حزبية تحذيرات جدية من شنِّ ضربات جوية على العراق. وفي وقت سابق، قال مصدر مقرّب من قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، لـ«الشرق الأوسط»، إنَّ «مخاوف الأحزاب الشيعية من جدية التهديد دفعتها إلى مطالبة رئيس الحكومة للقيام بما يلزم لمنع الهجمات». وأكَّد المصدر أنَّ «فصائل عراقية مسلّحة لجأت أخيراً إلى التحرك في أجواء من التكتم والسرية، وقد جرى بشكل مؤكد إبدال معظم المواقع العسكرية التابعة لها».

وفي سياق متصل، تتحدَّث مصادر صحافية عمَّا وصفتها بـ«التقديرات الحكومية» التي تشير إلى إمكانية تعرّض البلاد لـ«300 هجوم إسرائيلي». وفي مطلع الأسبوع الماضي، شدَّدت وزارة الخارجية العراقية، في رسالة إلى مجلس الأمن، على أهمية «تدخل المجتمع الدولي لوقف هذه السلوكيات العدوانية لإسرائيل».

كما أنَّه حيال التهديدات الجدية والخشية الحقيقية من عمل عسكري إسرائيل ضد البلاد، اهتدت بعض الشخصيات والأجواء المقرّبة من الحكومة والفصائل إلى «رمي الكرة» في الملعب الأميركي، مستندين بذلك إلى اتفاقية «الإطار الاستراتيجي» المُوقَّعة منذ عام 2011، بين بغداد وواشنطن، وهو العام الذي خرجت فيه القوات الأميركية من العراق.

التهديدات الإسرائيلية من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام العراقي

هادي العامري (رووداو)

العامري يلوم واشنطن

أيضاً، وجد هادي العامري، زعيم منظمة «بدر»، بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الفرصة ليحمّل واشنطن مسؤولية حماية الأجواء العراقية، بعدما شنَّت إسرائيل هجوماً عسكرياً ضد إيران، مستخدمةً الأجواء العراقية في هجماتها. ويومذاك، حمّل العامري الجانب الأميركي «المسؤولية الكاملة» على انتهاك إسرائيل سيادة الأجواء العراقية في طريقها لضرب إيران. وقال، إن «الجانب الأميركي أثبت مجدّداً إصراره على الهيمنة على الأجواء العراقية، وعمله بالضد من مصالح العراق وشعبه وسيادته، بل سعيه لخدمة الكيان الصهيوني وإمداده بكل ما يحتاج إليه لممارسة أساليبه العدوانية، وتهديده للسلام والاستقرار في المنطقة».

وأضاف العامري: «لهذا باتت الحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى لإنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق بأشكاله كافة». وللعلم، فإن منظمة «بدر» - التي يقودها العامري - وردت ضمن لائحة المنظمات التي اتهمتها إسرائيل بشنِّ هجمات ضدها خلال الشكوى التي قدمتها إلى مجلس الأمن في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وبناءً على تصريحات العامري السالفة، وتصريحات أخرى لشخصيات مقرّبة من الفصائل المسلحة وقوى «الإطار التنسيقي» الشيعية، تبلورت خلال الأسبوع الأخير، قناعة داخل أوساط هذه القوى مفادها، بأن واشنطن «ملزمة وبشكل مباشر بحماية الأجواء العراقية» من أي هجوم محتمل من إسرائيل أو غيرها، أخذاً في الاعتبار الاتفاقية الاستراتيجية الموقعة و«سيطرتها على الأجواء العراقية».

وبالتوازي، سبق أن حمّل فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، الولايات المتحدة، أيضاً وفقاً لـ«اتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية»، مسؤولية «الردع، والرد على أي هجمات خارجية تمسّ الأمن الداخلي العراقي».

الرد الأميركي قاطع

في المقابل، تخلي واشنطن مسؤوليتها حيال هذا الأمر. ورداً على المزاعم العراقية المتعلقة بـ«الحماية الأميركية»، قالت ألينا رومانوسكي، السفيرة الأميركية في بغداد، صراحةً إن بلادها غير معنية بذلك. وأردفت رومانوسكي، خلال مقابلة تلفزيونية سابقة، أن التحالف الدولي دُعي إلى العراق لـ«محاربة (داعش) قبل 10 سنوات، وقد حققنا إنجازات على مستوى هزيمة هذا التنظيم، لكنه ما زال يمثل بعض التهديد، ودعوة الحكومة العراقية لنا تتعلق بهذا الجانب حصراً. أما اتفاقية الإطار الاستراتيجي فتلزمنا ببناء القدرات العسكرية العراقية، لكنها لا تتطرق لمسألة حماية الأجواء والدفاع بالنيابة». ونفت السفيرة أن تكون بلادها قد «فرضت سيطرتها على سماء العراق».

والاثنين قبل الماضي، قالت رومانوسكي، خلال لقاء «طاولة مستديرة» لعدد من وسائل الإعلام: «أود أن أكون واضحة جداً، ومنذ البداية، بأن الإسرائيليين وجّهوا تحذيرات ردع للميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، التي تعتدي على إسرائيل». وأضافت: «هذه الميليشيات هي التي بدأت الاعتداء على إسرائيل. ولأكون واضحة جداً في هذه النقطة، فإن الإسرائيليين حذّروا حكومة العراق بأن يوقف هذه الميليشيات عن اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل... إن رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة، والتي لا تعتد بأوامر الحكومة وأوامر القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء. إن إسرائيل دولة لها سيادتها، وهي سترد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

جدعون ساعر (آ ف ب)

 

حقائق

قلق عراقي جدّي من التهديدات الإسرائيلية مع مطالبة واشنطن بالتدخّل

خلال الأسبوع قبل الماضي، بعث وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر رسالةً إلى مجلس الأمن تكلّم فيها عمّا أسماه بـ«حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها»، وحمّل فيها الحكومة العراقية المسؤولية عن الهجمات التي تشنها الفصائل العراقية عليها، داعياً مجلس الأمن للتحرك والتأكد من أن الحكومة العراقية تفي بالتزاماتها. ساعر اتّهم بالتحديد «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله» و«ألوية بدر» وحركة «النُّجباء» و«أنصار الله الأوفياء» و«كتائب سيد الشهداء»، بمهاجمة إسرائيل، ومعظم هذه الفصائل مشاركة في الحكومة العراقية الحالية ولها نفوذ كبير داخلها. هنا، تجدر الإشارة إلى أنه سبق لرئاسة الوزراء العراقية توجيه وزارة الخارجية لمتابعة ملف التهديدات الإسرائيلية في المحافل الأممية والدولية وأمام هيئات منظمة الأمم المتحدة، واتخاذ كل الخطوات اللازمة، وفق مبادئ القانون الدولي، لحفظ حقوق العراق وردع تهديدات إسرائيل العدوانية. كذلك طالبت رئاسة الوزراء بـ«دعوة جامعة الدول العربية إلى اتخاذ موقف حازم وموحّد ضد تهديدات سلطات الكيان المحتل، يتضمن إجراءات عملية تستند إلى وحدة المصير والدفاع المشترك». وهذا بجانب «مطالبة مجلس الأمن الدولي بالنظر في الشكاوى المقدمة من جمهورية العراق ضد سلطات الكيان المحتل، واتخاذ إجراءات رادعة تكفل تحقيق الاستقرار والسِّلم الإقليمي والدولي»، وباتخاذ الولايات المتحدة مع العراق، من خلال الحوارات الأمنية والعسكرية ضمن إطار القسم الثالث من «اتفاقية الإطار الاستراتيجي»، خطوات فعالة «لردع سلطات الكيان المحتل» مع دعوة «التحالف الدولي والدول الأعضاء فيه إلى كبح هذه التهديدات والحدّ من اتساع رقعة الحرب».