الاقتصاد الياباني يواجه خطر استمرار الانكماش

أرقام النمو أتت سلبية في الفصل الأخير من 2019

تسبب رفع ضريبة الاستهلاك في إحجام اليابانيين عن شراء العديد من السلع غير الضرورية وخفض الإنفاق (رويترز)
تسبب رفع ضريبة الاستهلاك في إحجام اليابانيين عن شراء العديد من السلع غير الضرورية وخفض الإنفاق (رويترز)
TT

الاقتصاد الياباني يواجه خطر استمرار الانكماش

تسبب رفع ضريبة الاستهلاك في إحجام اليابانيين عن شراء العديد من السلع غير الضرورية وخفض الإنفاق (رويترز)
تسبب رفع ضريبة الاستهلاك في إحجام اليابانيين عن شراء العديد من السلع غير الضرورية وخفض الإنفاق (رويترز)

«جاء وقع الصدمة أعلى مما كان متوقعاً»، بهذا التوصيف توقف الاقتصاديون عند الأرقام التي أعلنتها اليابان، هذا الأسبوع. فالتوقعات كانت تشير إلى أن رفع ضريبة الاستهلاك من 8 إلى 10 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان سيؤثر في نمو بعض الأنشطة الاقتصادية، علماً بأن زيادة ضريبة القيمة المضافة لاستخدام إيراداتها في تمويل التقديمات الاجتماعية، كانت معروفة ومنتظرة منذ بداية التطبيق بمدة طويلة نسبياً.
لكن المفاجأة أتت بتسجيل تراجع في نمو الفصل الأخير من السنة الماضية بنسبة 6.3 في المائة على أساس سنوي (1.6 في المائة مقارنة الفصل السابق) أي أعلى بكثير، أو أسوأ، مما كان متوقعاً؛ فقد أظهر استطلاع سابق لوكالة «بلومبيرغ» أن التراجع على أساس سنوي لن يزيد على 3.8 في المائة. لكن الرقم السلبي المسجل في النمو الاقتصادي، وهو الأسوأ منذ 5 سنوات. وهذا ما كان متوقعاً بالنسبة للتجار في الأسواق، في الوقت الذي كانت الإحصاءات الحكومية تخفف من التوقعات السلبية.
ووفقاً لمصادر مصرفية، فإن المستهلكين أجروا توفيراً واضحاً في سلة استهلاكهم غير الضرورية منذ الشهر الأول لتطبيق الضريبة، ولم تنفع خطط الدعم الحكومية الكثيفة التي وضعت ونفذت في موازاة تطبيق الضريبة. والأثر الأكبر سجلته محال ومتاجر الألبسة والإلكترونيات والسيارات. وفي المحصلة، أكدت إحصاءات رسمية أن الإنفاق الأسري هبط بنسبة 3 في المائة في ٣ أشهر. وظهرت مفاجأة إضافية في أن التراجع شمل قطاعات غير تجارية أيضاً. فالشركات خفضت استثماراتها بنسبة 3.7 في المائة في الفصل الأخير من العام الماضي، علماً بأنها ليست المعنية الأولى بدفع ضريبة الاستهلاك، لكنها على ما يبدو استبقت الأحداث، وتكيفت مع احتمالات انخفاض الطلب، كما أكد محللون في «نومورا سيكوريتيز». أما الصادرات، فتراجعت هي الأخرى 3.7 في المائة في الفصل الأخير على أساس سنوي.
والأرقام التي أعلنتها وزارة الاقتصاد الاثنين الماضي، رأى فيها محللون بداية مرحلة ركود جديدة تدخلها اليابان، وذلك بعد فصلين متتابعين من انكماش الأعمال والأنشطة بنسب هي الأسوأ منذ الفصل الثاني من 2014.
في موازاة ذلك، وبعد فترة من تسجيل رئيس الوزراء شينزو آبي مستويات شعبية عالية في استطلاعات الرأي، رغم بعض الفضائح التي ظهرت هنا وهناك، فإن الاستطلاعات الآن ليست على ما يرام، لا بل تتراجع شعبية آبي بشكل واضح بسبب الأوضاع الاقتصادية. وللدفاع عن أنفسهم، يكرر الوزراء المعنيون أن المبررات التي يجب أخذها في الاعتبار لتفسير التراجع الاقتصادي تشمل ما حصل من أعاصير مدمرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أثرت بكثير من السلبية في مزاج المستهلكين. لكن الاقتصاديين يردون على ذلك بأن الأعاصير ضربت مناطق أكثر من أخرى، ومع ذلك، تراجع النشاط في كل المناطق بلا استثناء تقريباً. كما أن الناتج الاقتصادي لم يستفيد من إنفاق الإصلاحات التي أجريت بعد الأعاصير، وفقاً لملاحظة وردت في تقرير صادر عن «مورغان ستانلي».
يؤكد الاقتصاديون أن الأسوأ قادم، لأن تلك الأرقام السلبية سُجّلت في الربع الأخير من 2019، وقبل تفشي فيروس «كورونا». فالاقتصاد الياباني يواجه حالياً تأثيرات ذلك الفيروس الذي زاد مزاج المستهلكين والمستثمرين تعكيراً، فضلاً عن التداعيات الآتية من اضطراب المبادلات التجارية بين اليابان والصين. ففي الصين منصات في غاية الأهمية بالنسبة لإنتاج السلع الوسيطة الداخلة في عدد كبير من الصناعات اليابانية، وتلك الإمدادات مضطربة جداً منذ أكثر من شهر.
على صعيد آخر، فإن ملايين السياح الصينيين، الذين يشكلون منذ عدة سنوات رافعة للمبيعات والاستهلاك، باتوا مع انتشار المرض في عداد الغائبين. وخير مثال غيابهم خلال فترة أعياد رأس السنة الصينية. وأكد التقرير الصادر عن «مورغان ستانلي» أن مبيعات الأسواق اليابانية تراجعت بين 10 و20 في المائة في النصف الأول من فبراير (شباط) الحالي. وبلغت نسبة الهبوط في مبيعات المناطق الحرة في المطارات اليابانية بين 60 و70 في المائة. وانخفضت أيضاً نسبة إشغال الفنادق بشكل لافت بات يقلق قطاع الضيافة. ويذكر أن الصينيين أنفقوا في اليابان العام الماضي أكثر من 16 مليار دولار، أي ما نسبته 37 في المائة من إجمالي إنفاق السياح في اليابان البالغ 44 ملياراً.
وتقول المصادر الصحية اليابانية: «دخلنا في مرحلة تسارع تفشي الفيروس. واليابان معرضة لانتشار ذلك المرض المستجد، وهي على بعد 5 أشهر فقط عن موعد الألعاب الأولمبية».
والى جانب أثر الأعاصير وتفشي «كورونا» يذكر الاقتصاديون تداعيات النزاع التجاري الأميركي الصيني على اليابان، إذ إن مصانع كثيرة تنتج قطع غيار ومعدات وسيطة تصدر إلى المصانع الصينية التي تضررت من الإجراءات الأميركية.
تبقى الإشارة إلى أن الأدوات المتاحة للحكومة والمخصصة لدعم الاقتصاد ينحسر مفعولها، بنظر الاقتصاديين. فالتيسير الكمي الكثيف الذي يستخدمه البنك المركزي منذ 7 سنوات «بسخاء شديد» لم يعد يعطي الثمار المطلوبة بفعل مناخ الانكماش الذي بدأ يترسخ لأسباب بدت موسمية طارئة، في بداية الأمر، واتضح أنها بنيوية لاحقاً.



أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
TT

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)
رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودولاً غنية أخرى، خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2035. وفق وكالة «رويترز» نقلاً عن مصادر مطلعة.

وكان من المقرر اختتام القمة الجمعة، لكنها امتدت لوقت إضافي مع سعي مفاوضين من نحو 200 دولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة التمويل المناخي العالمية في العقد المقبل. ولا بد من حدوث توافق بين المفاوضين من أجل اعتماد أي اتفاق.

جاء هذا التحول في المواقف بعد أن رفضت الدول النامية يوم الجمعة اقتراحاً صاغته أذربيجان التي تستضيف المؤتمر لاتفاق ينص على تمويل قيمته 250 مليار دولار، ووصفته تلك الدول بأنه قليل بشكل مهين.

ولم يتضح بعد ما إذا كانت الدول النامية في مؤتمر (كوب29) قد أُبلغت بالموقف الجديد للدول الغنية، ولم يتضح كذلك ما إذا كان الموقف كافياً للفوز بدعم الدول النامية.

وقالت خمسة مصادر مطلعة على المناقشات المغلقة إن الاتحاد الأوروبي أبدى موافقته على قبول المبلغ الأعلى. وذكر مصدران أن الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا وافقت أيضاً.

وأحجم المتحدثان باسم المفوضية الأوروبية والحكومة الأسترالية عن التعليق على المفاوضات. ولم يرد وفد الولايات المتحدة في المؤتمر أو وزارة الطاقة البريطانية بعد على طلب للتعليق.

وتترقب الوفود المشاركة في (كوب29) في باكو بأذربيجان مسودة جديدة لاتفاق عالمي بشأن تمويل المناخ يوم السبت، بعد أن واصل المفاوضون العمل خلال ساعات الليل.

وكشفت محادثات (كوب29) عن الانقسامات بين الحكومات الغنية المقيدة بموازنات محلية صارمة وبين الدول النامية التي تعاني من خسائر مادية هائلة نتيجة العواصف والفيضانات والجفاف، وهي ظواهر ناجمة عن تغير المناخ.

ومن المزمع أن يحل الهدف الجديد محل تعهدات سابقة من الدول المتطورة بتقديم تمويل مناخي بقيمة 100 مليار دولار سنوياً للدول الفقيرة بحلول عام 2020. وتم تحقيق الهدف في 2022 بعد عامين من موعده وينتهي سريانه في 2025.