تبون يعد بـ«تغيير جذري» في الجزائر

الرئيس تبون لدى حضوره اجتماعاً ضم مسؤولي الحكومة والولاة بالعاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس تبون لدى حضوره اجتماعاً ضم مسؤولي الحكومة والولاة بالعاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

تبون يعد بـ«تغيير جذري» في الجزائر

الرئيس تبون لدى حضوره اجتماعاً ضم مسؤولي الحكومة والولاة بالعاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
الرئيس تبون لدى حضوره اجتماعاً ضم مسؤولي الحكومة والولاة بالعاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

طالب الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، الذي خلف في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عبد العزيز بوتفليقة، ببعض الوقت لإجراء «التغيير الجذري»، الذي وعد به لناحية سير شؤون الدولة، وذلك في حديث لصحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، نُشِر أمس، وهي أول مقابلة يجريها مع وسيلة إعلام أجنبية منذ انتخابه في اقتراع رئاسي رفضه الحراك، وسجلت فيها نسبة مقاطعة قياسية (60 في المائة).
وأعلن تبون الذي عُيّن وزيراً عدة مرات، ورئيساً للوزراء لفترة وجيزة في 2017 خلال العقدين اللذين تولى فيهما بوتفليقة الرئاسة، أنه «لا يمكننا إصلاح أو تصحيح ما دمر خلال عقد في شهرين»، مؤكداً أنه يعتبر «الإصلاحات السياسية»، خصوصاً مراجعة الدستور، «أولوية».
وأضاف تبون موضحاً: «قررت الذهاب بعيداً في التغيير الجذري لإنهاء الممارسات السيئة، وإضفاء أخلاقيات على الحياة السياسية، وتغيير طريقة الحكم»، مبرزاً أن حدود التغبير «هي التي تمس بالهوية الوطنية والوحدة الوطنية. أما الباقي فقابل للتفاوض... والورشة الثانية ستكون القانون الانتخابي»، لإضفاء شرعية على البرلمان «الذي سيناط به دور أكبر».
وحول تقييمه للحراك الشعبي الذي يكمل غداً عامه الأول، قال تبون: «في الشارع بدأت الأمور تهدأ... وقد حصل الحراك على كل ما كان يريده تقريباً»، كرحيل بوتفليقة، وقادة «النظام السابق»، وتوقيف مسؤولين ورجال أعمال يُشتبه في أنهم فاسدون.
في سياق ذلك، أكد تبون أنه ليس رئيساً «اختارته رئاسة الأركان... وأنا لا أشعر بأني مدين سوى للشعب الذي انتخبني بكل حرية وشفافية». كما أكد الرئيس الجزائري أيضاً في المقابلة أنه يريد إصلاح الاقتصاد، الذي يعاني من تراجع سعر المحروقات، و«الاستيراد الجامح الذي يولّد تضخيم الفواتير، أحد مصادر الفساد».
وكان الرئيس الجزائري قد قرر، أول من أمس، إعلان تاريخ 22 من فبراير (شباط)، الذي يصادف الذكرى الأولى لبدء الحراك «يوماً وطنياً»، تقام فيه الاحتفالات الرسمية، بحسب ما أعلنت الرئاسة الجزائرية، عبر التلفزيون الحكومي.
في المقابل، استنكر ناشطون بـ«الحراك الشعبي»، أمس، منع الحكومة مؤتمراً أعلنوا قبل أيام عن تنظيمه بالعاصمة، تحضيراً لإطلاق احتفالات مرور سنة على اندلاع المظاهرات المليونية ضد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وظهر انقسام في الشارع بين مؤيد ومعارض لـ«اليوم الوطني لتلاحم الشعب والجيش من أجل الديمقراطية»، الذي رسمه رئيس البلاد بمناسبة الذكرى الأولى للحراك.
وقال أعضاء بـ«فريق نشطاء الحراك الشعبي»، في بيان، أمس، إن مسؤولي قاعة الرياضات «حسان حرشة»، التي توجد بوسط العاصمة، أعطوهم الموافقة على عقد المؤتمر. غير أن ولاية الجزائر العاصمة التي تتبع لوزارة الداخلية رفضت إصدار الرخصة لتنظيم النشاط، وهو شرط تضبطه القوانين. ومن المفارقات أن رئيس الوزراء الجديد عبد العزيز جراد، تعهد قبل أسبوع بإلغاء «نظام الترخيص»، الذي تستعمله السلطات سلاحاً في وجه معارضيها لتحظر اجتماعاتهم بالفضاء العام، وكثيراً ما استعملت القوة العمومية لفرض احترام قرارات الحظر.
وجاء في بيان المحتجين: «إذ نندد بهذا الرفض غير المبرر الذي يحرمنا من حق يكفله الدستور، نستنكر في الوقت ذاته التضييق الأمني على العاصمة، من خلال مضاعفة نقاط المراقبة الأمنية، ووضع العراقيل التي تهدف إلى منع دخول الجزائريين إلى عاصمتهم من أجل الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة الشعبية. مع التذكير بأن التظاهر حق يكفله الدستور، واسترجعه الحراك السلمي الوطني قبل عام».
ويضم فريق الناشطين صحافيين ومحامين ومدافعين عن حقوق الإنسان، وأساتذة وطلاباً بالجامعات، وأشخاصاً كانوا معتقلين وأُفرج عنهم حديثاً. وقال هؤلاء في بيانهم إنهم سيصدرون وثيقة، اليوم (الجمعة)، سموها «بيان 22 فبراير»، أسوة بـ«بيان أول نوفمبر 1954»، الذي أصدرته مجموعة من مفجّري «ثورة التحرير»، وتضمن تأسيس دولة «اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية».
وقال الناشطون إن الوثيقة نابعة من الحراك وموجهة له، وهي تعبر عن روح الثورة الشعبية وأهدافها. فيما أطلق ناشطون آخرون على «سنوية الحراك»، «اليوم الوطني للحرية»، بينما أعلن الرئيس عبد المجيد تبون، أول من أمس، أن ذكرى مرور عام على انطلاق المظاهرات «يوم وطني للأخوّة والتلاحم بين الشعب وجيشه الوطني من أجل الديمقراطية». لكن هذه التسمية أثارت ردود فعل متباينة. فقط استحسنها البعض على أساس أن الجيش كان سنداً للحراك عندما أجبر بوتفليقة على الاستقالة، بعد شهر وأسبوع من بداية الاحتجاجات.
بينما استهجن كثيرون هذه الخطوة، بذريعة أن القيادة العسكرية العليا هاجمت الحراك في بدايته، حيث وصف قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، المتوفي قبل شهرين، المتظاهرين بـ«المغرَّر بهم» في خطاب حاد ألقاه داخل ثكنة بعد أربعة أيام من خروج الملايين إلى الشارع للاحتجاج، واتهمهم في خطابات أخرى بـ«العمالة لمصلحة قوى خارجية معادية للجزائر»، وقال عنهم: «خُدّام الاستعمار». كما وقف الجيش وراء اعتقال المئات بناء على تهم عديدة.
ولاحظ مراقبون أن ثناء الرئيس على الحراك لا يعكس الطريقة التي تتعامل بها قوات الأمن مع المتظاهرين، حيث عاشت العاصمة، أمس، وضعاً يشبه الحصار، تمثل في وضع ترتيبات أمنية غير عادية تسببت في إغلاق الطرق المؤدية إليها، تفادياً لالتحاق عدد كبير من الأشخاص بساحات الاحتجاج، اليوم (الجمعة)، وهو ما أثار سخط آلاف من الجزائريين الذين قضوا ساعات طويلة في الطرقات.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.