ايلي الفرزلي: غازي كنعان تحوّل الى «مركز السلطة الأقوى» في لبنان

نائب رئيس مجلس النواب يكشف تفاصيل عن النفوذ السوري

ايلي الفرزلي: غازي كنعان تحوّل الى «مركز السلطة الأقوى» في لبنان
TT

ايلي الفرزلي: غازي كنعان تحوّل الى «مركز السلطة الأقوى» في لبنان

ايلي الفرزلي: غازي كنعان تحوّل الى «مركز السلطة الأقوى» في لبنان

فتح نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي الفرزلي، دفاتر الحقبة السورية في لبنان، كاشفاً عن دور مسؤول جهاز الأمن والاستطلاع السوري السابق في لبنان غازي كنعان، وقال إن كنعان «فهم اللبنانيين، لكنه لم يفهم لبنان». وعرّج على عجزه عن مقاومة مغريات بيروت، فتهافت لبنانيون عليه من «سياسيين وأصحاب مصالح» ما عزز سلطته إلى حد تقديم الرئيس الأسبق إميل لحود للقيادة السورية وصفاً صريحاً للوضع أدى إلى سحب كنعان من لبنان، قال فيه: «لا يستقيم الأمر مع وجود رئيسين في لبنان، واحد منهما يجب أن يذهب».
كتاب الفرزلي صدر حديثاً تحت عنوان «أجمل التاريخ كان غداً»، ويعرض فيه تفاصيل عن انزلاق كنعان إلى المغريات اللبنانية التي بدّلته من ضابط ساعٍ إلى فرض هيبة دمشق على منطقة البقاع، بعد حرب زحلة في 1981 إلى «مركز السلطة الأفعل والأقوى في البلاد» في ذلك الوقت، «فأوهمه ذلك بالفوقية والتعالي خلافاً لطبيعته الأصلية» حسبما يقول الفرزلي.
ويعود استنتاج الفرزلي لدور كنعان إلى التصاقه به، كوسيط بين المسيحيين والسوريين في البقاع. ولا يتردد في القول إن كنعان «كان يخفي شخصية بالغة التعقيد ومتعددة الوجوه»، وأنه «لا يُقارب إلا وهو يبتسم، وغير ذلك في أنيابه العطب». كما يؤكد أن «لغازي كنعان أسلوباً مناوراً غير مألوف، وهو أنه يستطيع أن يتصرف كأنه لم يعرفك قط في لحظة ما، أياً تكن تلك العاطفة التي يكنّها لك أو المصلحة التي تجمعك به».
ويظهر الفرزلي نفسه مروّضاً لاندفاعة كنعان نحو الحلول الأمنية. فالمسؤول السوري القادم من خلفية نجاحه في إنجاز المصالحة المسيحية في حمص وحماية المسيحيين في المحافظة خلال تجربة الحرب السورية ضد الإخوان المسلمين في حماة، كان مندفعاً لاستخدام القوة في محطات كثيرة في زحلة التي كانت خاضعة لسيطرة «حزب الكتائب» و«القوات اللبنانية» آنذاك.
وكدلالة على نجاح الفرزلي في ترويض المقاربات الأمنية السورية، يستدلّ بطلب من نائب الرئيس السوري آنذاك عبد الحليم خدام من كنعان استقبال وفد كتائبي (ضم جورج سعادة وميشال سماحة) لبحث صيغة اتفاق حول زحلة، فردّ كنعان على خدام بالقول: «فاعليات زحلة هم من يتكلم باسمها. لا مكان لسواهم في هذا الأمر».
نجاح تجربة كنعان في زحلة، قادته للتمدد إلى بيروت، ويذكر الفرزلي أن نداء الاستغاثة لإنقاذ بيروت صدر من زحلة، ثم خاض معركة طرابلس وأخرج ياسر عرفات منها في عام 1986، يقول الفرزلي إن كنعان «بات واسع النفوذ وصاحب كلمة فصل في الحياة السياسية اللبنانية وخياراتها وقراراتها»، وصولاً إلى تزكية رؤساء للجمهورية، ووضع فيتو على آخرين، مثل النائب جان عبيد قبيل التمديد للرئيس إميل لحود في عام 2004 الذي أحبط كنعان وصوله إلى الرئاسة عبر القول للفرزلي إنه «معارض راديكالي جيّد لكنه تسووي خطر».
يسرد الفرزلي منعطفات في علاقته مع المسؤولين السوريين عن الملف اللبناني في فترة ما بعد اتفاق الطائف، بينها الخلافات حول قوانين الانتخابات والائتلافات الانتخابية في البقاع، وتشكيل الحكومات، وتزكية أسماء لرئاسة الجمهورية، أهمها مرحلة وصول العماد إميل لحود إلى الرئاسة. ولعل المفصل كان «قانون غازي كنعان» لانتخابات عام 2000 الذي أقرته حكومة سليم الحص في عام 1999. ويرى الفرزلي أنه «تزاوج مصالح النخبة الحاكمة في البلاد آنذاك برعاية سورية بالتأكيد».
بعد وصول الرئيس بشار الأسد إلى الحكم، وتقلص نفوذ عبد الحليم خدام وإحالة العماد حكمت الشهابي إلى التقاعد، أصبح الملف اللبناني بيد غازي كنعان وحده بتكليف من بشار الأسد، ليصبح صاحب الكلمة الفصل «ولا مرجعية له في هذا الملف سوى الرئيس».
لكن على ضفة الفرزلي، بدأت بذور الجفاء مع كنعان منذ انتخاب لحود رئيساً، وكان الفرزلي من الدافعين باتجاه انتخابه، لدرجة أنه قال دفاعاً عن وصول لحود: «لن تكون لنبيه بري ورفيق الحريري الجرأة على الاصطدام به إذا تسلح بالقانون». فالضفة التي يعمل عليها لحود، كانت مناوئة لكنعان، بدليل أن لحود قال لحافظ الأسد في عام 1999: «القوات السورية موجودة في لبنان... لا بأس، لكن من دون غازي كنعان... البلد لا يحمل رئيسين».
ولا يُخفي الفرزلي أن كنعان كان يرسل رسائل سورية مغلفة بـ«غلاف الحريري» في إشارة إلى تعديلات على بعض أحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية، ومنذ ذلك الوقت اتخذ الفرزلي خطوة باتجاه المعارضة، وبالتالي الافتراق عن غازي كنعان الذي استخدم نفوذه لعزل الفرزلي شعبياً عبر مقاطعته من قبل فعاليات بلدته وبلدات البقاع، مع حملة في الصحف عن استياء منه. واختلف معه «على قضايا سياسية لبنانية جوهرية»، مما دفعه للعمل ضده في انتخابات 2000. وإثر انكسار العلاقة، نزع الفرزلي الرقم الخاص لنيابة رئاسة المجلس عن سيارته لأنه كان يوحي في مجالسه بأن الفرزلي لم يكن ليصل إليها لولا دعم كنعان.
ويقول الفرزلي إنه لدى انتقال غازي كنعان من لبنان، توقع أن ينتقل نفوذه معه إلى سوريا، لكن خاب حلمه، إذ «لم تعطه دمشق دور حكمت الشهابي الذي كان يطمح إليه»، وانتقل الملف إلى العميد رستم غزالي الذي دار بينه وبين كنعان صراع خفي لم يسبق لسوريا أن اختبرت مثله، وحسمته دمشق بفرضها على الرجلين التقيد بالمسؤوليات والصلاحيات المنوطة بمنصب كل منهما، «فانهار حلم كنعان بالبقاء الدائم في لبنان» من خلال ما سُمي «الملف اللبناني» الذي «هو من صنعه في الأصل».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.