{اسكوتلنديارد} تؤكد اعتقال منفذ حادث طعن مؤذن مسجد ريجنت بارك

مدير المسجد لـ «الشرق الأوسط»: المصاب سبعيني من أصول سودانية وحالته مطمئنة

مصلون خارج مسجد ريجنت بارك بعد حادث الطعن أثناء صلاة العصر أمس (رويترز)
مصلون خارج مسجد ريجنت بارك بعد حادث الطعن أثناء صلاة العصر أمس (رويترز)
TT

{اسكوتلنديارد} تؤكد اعتقال منفذ حادث طعن مؤذن مسجد ريجنت بارك

مصلون خارج مسجد ريجنت بارك بعد حادث الطعن أثناء صلاة العصر أمس (رويترز)
مصلون خارج مسجد ريجنت بارك بعد حادث الطعن أثناء صلاة العصر أمس (رويترز)

ألقت شرطة اسكوتلنديارد البريطانية القبض على رجل للاشتباه في ارتكابه أمس (الخميس) حادث طعن مؤذن في مسجد بوسط لندن». وذكرت الشرطة أن المشتبه به «اعتقل في مكان الحادث للاشتباه في الشروع في القتل». وقالت شرطة اسكوتلنديارد البريطانية في بيان إنه «عثر على رجل مصاب بجروح، وقد عولج من قبل المسعفين قبل نقله إلى المستشفى»، وننتظر آخر مستجدات حالته». وأضافت الشرطة البريطانية أن «رجلا في السبعين من عمره تعرض للطعن في مسجد ريجنت بشمال لندن، مؤكدة أن حالته الصحية ليست في خطر».
من جهته قال الدكتور أحمد الدبيان مدير المركز الإسلامي «ريجنت بارك» في اتصال هاتفي أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس بأن الشيخ رأفت مقلد مؤذن المسجد، وهو (سوداني بريطاني) يبلغ من العمر 70 عاما تعرض للطعن في العاتق بجوار العنق، أثناء سجوده في صلاة العصر». وأضاف أن المؤذن تم نقله إلى المستشفى لإسعافه وحالته الصحية مطمئنة». وأوضح أن منفذ الطعن بملامح أوروبية، أو أوروبي اعتنق الإسلام، لا ندري حتى الآن، وسنعرف يقينا بعد استجوابه من قبل الشرطة البريطانية». وقال بأن قاعة الصلاة الكبرى في المسجد تم إغلاقها بصفة مؤقتة، لحين انتهاء الشرطة من جمع الأدلة الجنائية». مشيرا إلى أن صلاتي المغرب والعشاء ستكونان في الطابق تحت الأرضي».
وأظهرت الصور المنشورة على الإنترنت أن الشرطة تمكنت من السيطرة على رجل أبيض داخل مسجد «ريجنت بارك»، أحد أشهر مساجد العاصمة لندن». وأظهرت صور نشرت على موقع «تويتر» أفراد الشرطة وهم يقيدون حركة رجل في ساحة الصلاة بالمسجد قرب متنزه ريجنت قبل اقتياده بعيدا.
في غضون ذلك، قال مقداد فيرسي، متحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني «من المقلق للغاية أن نرى أن رجلاً أبيض قد دخل مسجد ريجنت بارك وقت الصلاة، وقام بطعن المؤذن في الرقبة». وأضاف فيرسي أنه «ينتظر تحقيقا مستقلا» من قبل شرطة اسكوتلنديارد بشأن تفاصيل الهجوم».
وقال شهود العيان بأن المهاجم قام بطعن مؤذن مسجد ريجنت بارك في عنقه وفر هاربا». ويظهر المقطع المصور للحادثة رجلا يرتدي سترة حمراء وهو مقيد على الأرض في الطابق السفلي من مسجد في غرب لندن. ثم يظهر في مقطع آخر ضباط شرطة العاصمة وهم يخرجون من المسجد ويقتادون الجاني أثناء مشاهدة المصلين. ولقد ألقي القبض عليه للاشتباه بالشروع في القتل». وقال المتحدث باسم اسكوتلنديارد: «تم استدعاء الشرطة إلى المسجد في بارك رود في تمام الساعة 3:10 عصر يوم الخميس الموافق 20 فبراير (شباط) بسبب حادثة طعن بالسلاح الأبيض. وانتظرت الشرطة حتى وصول سيارة الإسعاف وتلقى المجني عليه الإسعافات الأولية قبل نقله إلى المستشفى في انتظار التقارير الطبية بشأن حالته».
وأظهرت لقطات الفيديو التي التقطها المصلون رجلا بملامح قوقازية ويتحدث بلكنة سكان لندن، وهو مقيد اليدين بواسطة قوات الشرطة.
ويعتبر مسجد ريجنت بارك أحد أكبر مساجد وسط العاصمة لندن ويمكنه استيعاب أكثر من 5 آلاف مصل. وتفيد التقارير بوجود حوالي 300 شخص داخل المسجد أثناء وقوع الهجوم». ونقلت الإسعاف المؤذن الذي يناهز السبعين من عمره إلى المستشفى بعد تلقيه عدة طعنات في العنق داخل المسجد في وسط لندن بعد الساعة الثالثة عصرا». وقالت شرطة العاصمة بأن المؤذن المصاب في حالة صحية لا تهدد حياته ويتلقى العناية اللازمة في المستشفى».
ويعتبر هذا هو الهجوم الأخير من نوعه من تيار اليمين المتطرف في أوروبا ضد المسلمين». وتأتي هذه الحادثة بعد ساعات معدودة على مقتل 10 أشخاص فيما يعتبر هجوما إرهابيا في مدينة هاناو الألمانية عندما أطلق رجل مسلح النار ويشتبه أنه ينتمي لليمين المتطرف في المدينة.



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.