صدّ محاولة الفصائل التقدم في إدلب... و3 نقاط مراقبة تركية جديدة

تضارب حول قمة ثلاثية... وأنقرة تتحدث عن «تقدم غير كافٍ» مع موسكو

 مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا خلال تقدمهم باتجاه بلدة النيرب أمس (إ.ب.أ)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا خلال تقدمهم باتجاه بلدة النيرب أمس (إ.ب.أ)
TT

صدّ محاولة الفصائل التقدم في إدلب... و3 نقاط مراقبة تركية جديدة

 مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا خلال تقدمهم باتجاه بلدة النيرب أمس (إ.ب.أ)
مقاتلون سوريون مدعومون من تركيا خلال تقدمهم باتجاه بلدة النيرب أمس (إ.ب.أ)

خاضت فصائل مقاتلة، بدعم تركي، أمس (الخميس)، معارك عنيفة ضد قوات النظام في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا، وفق ما أفاد به «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وأعلنت أنقرة أن جنديين تركيين قُتلا وأُصيب خمسة بجروح جراء غارة جوية في إدلب. وألقت الرئاسة التركية مسؤولية القصف على النظام السوري. وأكدت وزارة الدفاع التركية مقتل جنديين وإصابة 5 آخرين في قصف للطيران السوري.
وصدّت قوات النظام السوري المدعومة من روسيا، محاولة من القوات التركية والفصائل المسلحة الموالية لها للتقدم على محور بلدة النيرب، في ريف إدلب الشرقي، أمس (الخميس).
وقالت مصادر عسكرية، إنه تم تدمير مدرعات وآليات تركية في القصف الذي قام به طيران الجيش السوري، رداً على قصف مدفعي تركي، وإن الغارات استهدفت خطوط إمداد الفصائل الموالية لتركيا.
وأفادت مصادر ميدانية بأن الطيران الروسي قصف بكثافة تجمعات المسلحين، ومنها تجمع آليات لـ«هيئة تحرير الشام»، على محور النيرب، مؤكدة أنه لا تقدُّم للقوات التركية في المنطقة. وأكدت المصادر أنه لا صحة للأنباء التي تم تداولها حول تقدم للقوات التركية والفصائل الموالية لها في ريف إدلب، أو سيطرة القوات التركية على أجزاء من بلدة النيرب.
وكانت قناة «سي إن إن تورك» التركية، قد ذكرت أن المدفعية التركية قامت بقصف مواقع للجيش السوري لتغطية تقدم قوات خاصة تركية، ودبابات باتجاه المناطق التي سيطرت عليها القوات الحكومية السورية في إدلب، مشيرةً إلى أن الفصائل المدعومة من تركيا دخلت النيرب.
وقال مصدر عسكري تركي إن الفصائل السورية المسلحة تشن هجوماً عنيفاً على مواقع الجيش السوري في سراقب والنيرب بدعم من الجيش التركي. ولاحقاً، أعلنت وزارة الدفاع التركية، مساء أمس، مقتل جنديين، وإصابة 5 آخرين من عناصر الجيش التركي، في غارة جوية قرب مدينة إدلب.
وقالت الوزارة، في بيان، إن القوات التركية ردت بقصف مدفعي على مواقع القوات السورية، مؤكدة مقتل أكثر من 50 من الجيش السوري. وأشارت إلى أن الغارات التي استهدفت الجنود الأتراك قرب إدلب شنتها «طائرات سورية».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية شن طائراتها غارات على عناصر من فصائل مسلحة اخترقت الدفاعات السورية في مدينة إدلب، مشيرة إلى أن ذلك سمح للجيش السوري بصد كل الهجمات بنجاح، داعية تركيا لوقف دعم الفصائل السورية ووقف تزويدها بالأسلحة. جاءت هذه التطورات بعد يوم واحد من إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أول من أمس، أن العملية العسكرية التركية في إدلب باتت وشيكة، وأن الجنود الأتراك سيأتون إدلب ذات ليلة على حين غرة، وسيقيمون منطقة آمنة فيها، مجدِّداً طلبه للنظام السوري بسحب قواته إلى حدود «اتفاق سوتشي» الموقع مع روسيا في سبتمبر (أيلول) 2018.
وكان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أكد أن هجوماً عنيفاً تنفذه القوات التركية والفصائل الموالية لأنقرة على بلدة النيرب الخاضعة لسيطرة قوات النظام، بريف إدلب الشرقي، وأن القوات المهاجمة تمكنت من اقتحام البلدة والسيطرة على نحو نصفها، وسط استمرار المعارك العنيفة بين الطرفين، مشيراً إلى معلومات مؤكدة تفيد بوقوع قتلى وجرحى بين الجانبين.
وتتمتع النيرب بموقع استراتيجي يجعل منها مدخلاً لمدينة إدلب، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، شمال غربي سوريا.
في السياق، أكد حلف شمال الأطلسي (ناتو)، دعمه لتركيا من أجل تحقيق السلام، تزامناً مع تحرك القوات التركية باتجاه النيرب، ونشر عبر حسابه في «تويتر»، أمس، تسجيلاً يظهر قوة الجيش التركي، وقال إن «(الناتو) عائلة ذات قيم مشتركة، نحن متحدون مع حلفائنا من أجل السلام والاستقرار، تركيا هي (الناتو)». وأضاف «الناتو»: «بصفتنا حلفاء نشارك قيمنا المشتركة، من أجل هذه القيم، ومن أجل أن نحمي أنفسنا، نتحرك معاً».
وجاء التسجيل بمناسبة الذكري 68 لانضمام تركيا إلى حلف «الناتو»، التي توافق 18 فبراير (شباط) من كل عام، لكن تم تأخير نشره حتى أمس. وكانت وسائل إعلامية تركية أفادت بأن تركيا طالبت حلفاءها في «الناتو» بمساعدتها بفرض حظر طيران فوق مدينة إدلب، لافتة إلى أن الجيش التركي أنهى استعداداته لتنفيذ خطة العمليات الخاصة داخل المدينة التي تُعتبر آخر معاقل المعارضة سورياً.
هذا وقد واصل الجيش التركي إرسال التعزيزات العسكرية إلى مدينة إدلب، أمس، وأنشأ 3 نقاط مراقبة عسكرية جديدة فيها، ولفتت مصادر محلية إلى دخول رتل عسكري تركي مؤلف من 80 شاحنة وعربة مصفحة ودبابات.
وأضافت المصادر أن النقاط العسكرية التركية الجديدة تم إنشاؤها في كل من قرية بزابور بجبل الزاوية، وقمة النبي أيوب الاستراتيجية التي تشرف على مناطق جبل الزاوية، وسهل الغاب، وأجزاء من طريق حلب - اللاذقية الدولي (إم 4)، لترتفع عدد النقاط العسكرية التركية في شمال سوريا إلى 39 نقطة.
وعلى صعيد المباحثات الخاصة بمحاولة التوصل إلى تهدئة في إدلب، نقلت «وكالة «سبوتنيك» الروسية، أمس، عن مصدر في الخارجية التركية، أن أنقرة لم تؤكد بعد مشاركتها في القمة الثلاثية المقترحة مع إيران وروسيا حول سوريا، المقرر عقدها في طهران.
وفي السياق ذاته، قال مصدر في الخارجية الإيرانية إنه ليس هناك موعد محدد لقمة الدول الثلاث الضامنة لمسار «آستانة» حول التسوية في سوريا، مشيراً إلى سعي إيران مع روسيا وتركيا، لعقدها في القريب العاجل.
وأضاف: «إذا لم يوافق الأتراك، في الوقت الراهن، فسننتظر حتى يتم الاتفاق على تاريخ جديد بيننا وبين الأصدقاء الروس والأتراك لعقد القمة... لكن يجب أن تشارك الدول الثلاث... إنها قمة ثلاثية».
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف، أعلن، أمس، أن التحضيرات جارية لعقد قمة روسية - تركية - إيرانية حول سوريا، مؤكداً أنه لم يتم الاتفاق على الموعد بعد.
في الإطار ذاته، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤول تركي، لم تحدده، أن أنقرة تبحث مع موسكو تسيير دوريات مشتركة في منطقة إدلب، كأحد الخيارات لضمان الأمن هناك، بينما تصعّد أنقرة تهديداتها بشن هجوم عسكري في المنطقة.
وذكر المسؤول التركي أن إيران وتركيا وروسيا تعتزم الاجتماع في طهران، مطلع الشهر المقبل، لمواصلة بحث التطورات في سوريا، بما في ذلك إدلب. وأضاف أن وفداً روسياً قد يأتي إلى أنقرة قبل ذلك لإجراء المزيد من المحادثات.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية، صباح أمس، إن ثمة قدراً من التقارب مع روسيا في المحادثات المتعلقة بإدلب، لكنه أشار إلى أن المناقشات ليست على المستوى المرجوّ بعد. وأضاف أن أنقرة وموسكو ستكثفان المحادثات الخاصة بإدلب خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الرئيسين التركي والروسي قد يبحثان ذلك في اجتماع، إذا لزم الأمر.
وقال جاويش أوغلو إن إدلب تشهد أسوأ كارثة إنسانية، وإن بلاده ستتخذ الخطوات اللازمة للتصدي لها، مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية (إردوغان) هو مَن يتخذ القرارات بشأن إدلب، وفق التطورات في الميدان.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.