سيميوني يحتفل بانتصار أتلتيكو... وكلوب يتوعد منافسه في لقاء الإياب بـ«أنفيلد»

يحتاج ليفربول الإنجليزي حامل اللقب إلى عودة قوية في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، لتعويض خسارته أمام أتلتيكو مدريد الإسباني صفر – 1، على غرار باريس سان جيرمان الفرنسي الساعي إلى فك نحسه في هذا الدور، بعد عودته خاسراً من أرض بوروسيا دورتموند الألماني 1 - 2 بهدفي العملاق الصاعد أرلينغ هالاند.
على ملعب «واندا متروبوليتانو» أحاطت كثير من الشكوك هذا الموسم بقدرة أتلتيكو مدريد على استرجاع أمجاد الماضي؛ لكن فريق المدرب الأرجنتيني دييغو سيميوني عاد إلى جذوره وتصدى لسطوة ليفربول.
وبفوزه 1 - صفر استحضر أتلتيكو كل العوامل التي جعلت فترة سيميوني مميزة على مدار ثمانية أعوام. واستقبل جمهور أتلتيكو حافلة الفريق بالألعاب النارية، وازدادت الأجواء سخونة عندما سجل ساؤول نيغيز الهدف في الدقيقة الرابعة، كما ألهب سيميوني المدرجات بحماسه، ومطالبة الجماهير دائماً بالهتاف.
وقال الألماني يورغن كلوب، مدرب ليفربول، تعبيراً عن الحيرة وكثير من الإعجاب أيضاً: «لا أعرف إن كان سيميوني قد شاهد كثيراً من المباراة؛ لأنه كان يحمس الجماهير باستمرار».
ومن المعروف عن فريق كلوب السابق، بوروسيا دورتموند، الأجواء الحماسية في الليالي الأوروبية بملعبه؛ لكن المدرب الألماني بدا منبهراً في مدريد، وأوضح: «نتحدث عن (أنفيلد) وقوة الاستاد؛ لكننا شاهدنا هذه القوة في واندا متروبوليتانو».
وانتقد كلوب مدرب ليفربول الأساليب الخططية الدفاعية لأتلتيكو؛ خصوصاً فيما يتعلق بتكرار السقوط، وقال: «أنت كحكم تكون في حاجة إلى أن تكون قوياً حقاً في مثل هذه الأجواء. بعد أول 30 دقيقة سقط ثلاثة من لاعبي المنافس أرضاً، ولا أعرف السبب وراء ذلك».
وأضاف: «حقق المنافس النتيجة؛ لكن الجماهير لم تحضر لمتابعة مباراة ممتعة. أتلتيكو حضر للخروج بمثل هذه النتيجة، ولقد حقق ذلك، لذا فإنه يشعر بسعادة كبيرة، ونحن غير سعداء».
وكانت اللقطة الأكثر جدلاً عندما طالب أتلتيكو بطرد ساديو ماني لاعب ليفربول، بعد كرة مشتركة قوية مع شيمه فرساليكو، بينما كان يملك حينها بالفعل بطاقة صفراء، بعد خطأ ضد اللاعب الكرواتي ذاته. وبدَّل كلوب لاعبه السنغالي ماني مع انطلاق الشوط الثاني.
وقال كلوب الذي تلقى هو نفسه بطاقة صفراء بسبب الاحتجاج خارج الملعب: «الخطة كانت تتمثل في إخراج ساديو من المباراة بعدما نال بطاقة صفراء. شعرت ببعض الخوف من إمكانية سقوط منافسه أرضاً إذا حصل ساديو على نفس عميق أو شيء من هذا القبيل».
وأضاف: «لم أكن أرغب في حدوث مثل هذا الموقف، لذا بدَّلته. لقد كان مستهدفاً، وكان ذلك واضحاً. هذا جزء من كرة القدم التي لا أحبها».
وحذر كلوب منافسه من مواجهة الإياب في «أنفيلد» أمام مشجعين لا يقلون حماساً عما وجده في مدريد، وقال: «ما دام بوسعنا الدفع بأحد عشر لاعباً بقميص ليفربول، فإننا سنبذل قصارى جهدنا. لكل جماهير أتلتيكو التي حصلت على تذاكر: مرحباً بكم في (أنفيلد)».
وأضاف: «نحن في مرحلة ما بين الشوطين، ولقد تأخرنا 1 – صفر، ونحن لا نستسلم ولو تبقى 15 دقيقة من الشوط، لذا لماذا نفعل هذا ونحن لدينا ثلاثة أسابيع، والأهم من ذلك أن الشوط الثاني سيقام على ملعبنا».
في المقابل، قال سيميوني: «لا يمكن نسيان مباريات كهذه. يأتي أحد أفضل الفرق إليك وتهزمه. أتذكر بعض الليالي المماثلة خلال ثمانية أعوام هنا. كان هذا مثيراً بالفعل».
وخاض أتلتيكو موسماً كارثياً، وخسر من فريق بالدرجة الثالثة في كأس إسبانيا، كما يعاني من إصابات عديدة، ويبتعد بفارق 13 نقطة خلف المتصدر ريال مدريد في الدوري الإسباني.
وعلقت صحيفة «أس» أمس: «تراجع في الدوري، وخروج من الكأس، ورحيل القائدين السابقين دييغو جودين وجابي... كل شيء أشار إلى نهاية حقبة. ثم فجأة، وفي أصعب اختبار على الإطلاق أمام أفضل فريق في أوروبا، نهض سيميوني ولاعبوه مجدداً، وقدم أحد أفضل عروضه منذ سنوات».
وأضافت صحيفة «ألبايس»: «حتى أبطال مثل ليفربول يتوسلون الرحمة عند مواجهة طبيب أسنان مثل أتلتيكو».
وكانت الاحتفالات صاخبة بعد صفارة النهاية؛ لكن أتلتيكو يدرك أن الجزء الأصعب سيكون خلال 90 دقيقة بملعب ليفربول. وحذر كلوب من ذلك قائلاً: «مرحباً في (أنفيلد)».
وستبقى ذكرى خسارة برشلونة 4 - صفر في ليفربول، بعد انتفاضة مثيرة بالدور قبل النهائي العام الماضي، في أذهان أتلتيكو الذي خسر أيضاً 3 - صفر من يوفنتوس في الموسم الماضي، بعد فوزه 2 - صفر ذهاباً في مدريد.
لكن سيميوني لم يكن يريد مناقشة التهديد الذي ينتظره في «أنفيلد»، وأراد الاستمتاع باللحظة بعد عناء، وقال: «صدقاً لا أفكر في هذا».
وفي المباراة الثانية، تابع النرويجي الظاهرة أرلينغ هالاند هوايته، وسجل ثنائية منحت دورتموند الفوز على ضيفه باريس سان جيرمان الفرنسي 2 - 1.
ولم تصُب هذه النتيجة ضمن مسعى النادي الباريسي لفك النحس الذي لازمه في هذا الدور في المواسم الثلاثة الأخيرة، أمام برشلونة وريال مدريد الإسبانيين، ومانشستر يونايتد الإنجليزي، توالياً.
في المقابل، يتطلع دورتموند، بطل 1997، ووصيف نسخة 2013 عندما خسر أمام مواطنه بايرن ميونيخ، للإطاحة بفريق مدربه السابق توماس توخيل، الذي أشرف على دورتموند بين 2015 و2017.
وعوَّل دورتموند على هالاند (19 عاماً)، الذي قدِم الشهر الماضي من ريد بول سالزبورغ النمساوي، بعشرين مليون يورو. وسجل هالاند 8 أهداف في دور المجموعات مع فريقه السابق، وأضاف التاسع والعاشر ضد سان جيرمان (في سبع مباريات)، ليتساوى في صدارة لائحة الهدافين، مع مهاجم بايرن ميونيخ الدولي البولندي روبرت ليفاندوفسكي المتصدر.
ويتألق المهاجم الفارع الطول بشكل كبير مع فريقه الجديد، وسجل له حتى الآن 11 هدفاً في سبع مباريات في مختلف المسابقات، في سابقة للاعب من الدوري الألماني.
وقال هالاند الذي أصبح ثاني مراهق يسجل 10 أهداف في دوري الأبطال بعد الفرنسي كيليان مبابي: «الجو كان رائعاً في الملعب. لم أختبر شيئاً مماثلاً. انتظرت اللحظة المناسبة وسجلت. كنا جيدين دفاعياً وهجومياً. من المهم أن نتقدم؛ لكنهم سجلوا، ويجب أن نتعلم من هذه المباراة».
وكان تألق هالاند في الخبر الأول في صحف ألمانيا أمس؛ حيث عنونت «بيلد» واسعة الانتشار: «انسوا نيمار، انسوا مبابي، العملاق يدعى أرلينغ هالاند». وكانت الأنظار مسلطة خلال المواجهة على نجمي فريق العاصمة الفرنسية البرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابي؛ لكن هالاند خطف الأضواء منهما بتسجيله هدفي فريقه.
وجاء الهدف الأول من مسافة قريبة في الدقيقة 69، أما الثاني فكان قمة في الروعة عندما وصلته الكرة أمامية خارج المنطقة، فأطلقها صاروخية عجز حارس سان جيرمان الكوستاريكي كيلور نافاس عن التصدي لها، في الدقيقة 77.
أما صحيفة «كيكر» الرياضية، فخرجت بعنوان: «ساعة المجد لهالاند»، وأشارت إلى أنه على الرغم من بلوغه التاسعة عشرة من عمره فقط، فقد سحب البساط من تحت أقدام نيمار ومبابي.
ولم تقتصر الإشادة بالنجم النرويجي الصاعد على الصحف الألمانية؛ بل تخطتها إلى الدول الأوروبية الأخرى.
وعلقت «الغارديان» البريطانية على تألق هالاند بقولها: «في الموسم الثالث من مشروع باريس، كانت كل الظروف مهيأة لكي يكون نيمار نجم الاحتفال في دوري أبطال أوروبا؛ لكن في الوقت الحالي لا أحد يستطيع إيقاف زحف أرلينغ هالاند».
أما إسبانيا التي كالت المديح لنجميها: الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالدو، على مدى عقد بكامله، فلم تتردد بالإشادة بالظاهرة الجديدة؛ حيث قالت صحيفة «أس»: «ثمة موهوب جديد في دوري أبطال أوروبا: فلننحنِ أمام هالاند وثنائيته المدهشة».
وأضافت: «جلس أرلينغ هالاند على مائدة مبابي وكسرها إلى نصفين. هذا الشاب لا حدود له».
أما صحيفة «ليكيب» الفرنسية، فاعتبرت أن «ظهور الموهبة الكبيرة لهالاند مخيفة».
في المقابل، وصفت «كورييري ديللو سبورت» الإيطالية، هالاند بالقول: «لاعب قادم من المريخ، يمتلك قوة كريستيان فييري، وهدوء فيليبو إينزاغي، والبنية الجسدية للوكا توني».
وأشاد به مدرب سان جيرمان الألماني توماس توخيل بعد المباراة، بقوله: «إنه وحش، يملك حضوراً بدنياً هائلاً وحيوية مدهشة». ويعتبر هالاند عملاقاً بكل ما للكلمة من معنى (طوله 194 سنتيمتراً) لكنه يملك فنيات عالية، ويتحرك جيداً، ويتمتع بسرعة كبيرة، حتى أن شبكة «سكاي إيطاليا» رصدت أنه ركض 60 متراً في 64.‏6 ثانية، أي بفارق 3 أعشار من الثانية عن الرقم القياسي العالمي.
هذه الصفات تجعل منه محارباً من الدرجة الأولى، وتجسد عقلية «الفايكينغز»، وهو اللقب الذي يطلق على شعب بلاده. ويقول عنه مدربه في دورتموند السويسري لوسيان فافر: «يملك ذهنية رائعة. عندما يهدر فرصة في التمارين، يشد شعره!»، قبل أن يضيف: «تسجيل هدفين في مرمى سان جيرمان، أمر لا بأس به على الإطلاق».