علاوي يدعو البرلمان العراقي إلى جلسة استثنائية الاثنين المقبل للتصويت على حكومته

توافق سياسي «صعب» على تمريرها

رئيس الوزراء العراقي محمد علاوي يتحدث في التلفزيون الرسمي أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد علاوي يتحدث في التلفزيون الرسمي أمس (رويترز)
TT

علاوي يدعو البرلمان العراقي إلى جلسة استثنائية الاثنين المقبل للتصويت على حكومته

رئيس الوزراء العراقي محمد علاوي يتحدث في التلفزيون الرسمي أمس (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد علاوي يتحدث في التلفزيون الرسمي أمس (رويترز)

دعا رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي البرلمان إلى عقد جلسة طارئة الاثنين المقبل للتصويت على حكومته. وحذر علاوي في كلمة متلفزة وجهها إلى الشعب العراقي أمس (الأربعاء) من أن «عدم تمرير الحكومة إنما يعني أن هناك من يريد استمرار الأزمة الراهنة التي يمر بها العراق». وقال: إن «معركة العراقيين من أجل الوطن غيرت القواعد السياسية وأثمرت عن تشكيل حكومة مستقلة»، مبينا أن «التشكيلة الحكومية اختيرت من أصحاب الكفاءة والمؤهلات وما لديهم من برامج قابلة للتطبيق».
وأكد علاوي أن «أولى مهمات حكومته بعد نيلها الثقة فتح تحقيق فيما جرى خلال المظاهرات وتقديم المتورطين في قتل العراقيين إلى العدالة»، مشيراً إلى أنه «لا يمكننا التهرب من الإصلاح الحقيقي فما حصل بعد الاحتجاجات ليس كما كان قبلها». وأكد علاوي أن «المتظاهرين السلميين سيفرج عنهم، وسنعمل على إعادة هيبة الدولة وإجراء انتخابات حرة».
وفي هذا السياق، أكد السياسي العراقي والنائب السابق في البرلمان حيدر الملا في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «فرص محمد علاوي كبيرة داخل البرلمان»، مبيناً أنه «لم تعد هناك عوائق كبيرة أمامه لكي تعرقل عملية منح الثقة، خصوصا بعد أن تمت تسوية العديد مما كان يمكن أن يعرقل فرص نيل الثقة».
رجّح النائب عن «تحالف القوى العراقية» عبد الله الخربيط عقد جلسة استثنائية للبرلمان مطلع الأسبوع المقبل للتصويت على حكومة محمد توفيق علاوي، في وقت حدد فيه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي ترك منصبه في 2 مارس (آذار) المقبل. وقال الخربيط لـ«الشرق الأوسط» تعليقاً على الاجتماع الذي عقدته القوى السياسية في منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مساء أول من أمس (الثلاثاء)، إن «القوى السياسية التي شاركت في الاجتماع اتفقت على تمرير حكومة علاوي شريطة أن يتم تحديد موعد لإجراء انتخابات مبكّرة وتكون جزءاً من البرنامج الحكومي لرئيس الوزراء»، مبيناً أن «هذا الشرط جاء بتوافق كردي - سني». وأضاف: «تم الاتفاق على تشكيل لجنة موحّدة بين الكرد والسنة، وسيعقد اجتماع بين الطرفين الأربعاء لمتابعة نتائج الاجتماع الأول مع القوى الشيعية، حيث تم الاستماع بوضوح إلى مطالب الكرد والسنة». وكشف الخربيط عن «تشكيل لجنة لتقريب وجهات النظر بين الكرد والسنة، وبين رئيس الوزراء المكلف لتذليل العقبات بين الجانبين». وأوضح أنه «جرى الاتفاق على أن يتاح للكتل السياسية حق الاعتراض على أي اسم دون ترشيح أحد ولرئيس الوزراء حق الاختيار فقط».
إلى ذلك، هدد عبد المهدي بترك منصبه بحلول 2 مارس المقبل، وهي نهاية المهلة الدستورية لتكليف علاوي «إذا لم تتمكن القوى السياسية من تمرير الحكومة خلال ما تبقى من هذه المهلة»، محذراً من «دخول فراغ دستوري آخر».
وقال عبد المهدي في رسالة وجهها إلى البرلمان وقادة الكتل السياسية العراقية: «بعد شهرين ونصف الشهر لم تشكل حكومة جديدة. كان من المفترض دستورياً تكليف مرشح جديد خلال 15 يوماً من تاريخ الاستقالة. تأخرنا عن الموعد كثيراً ولم يتم التكليف سوى في بداية شباط (فبراير) عندما كُلف الأستاذ محمد توفيق علاوي، مما يبين أزمة العملية السياسية، بل القوى والمؤسسات الدستورية المناط بها هذا الأمر». وأوضح أنه يتوجّه «بهذه الرسالة قبل انتهاء المهلة الدستورية إلى إخواني وأخواتي من نواب الشعب، للتحذير من خطر الدخول في فراغ جديد بسبب تسويف تشكيل الحكومة الجديدة، بدل الإسراع بتشكيلها ليتسنى لها القيام بمهامها المسندة إليها ومنها إجراء الانتخابات المبكّرة في أقرب فرصة ممكنة».
ودعا عبد المهدي الكتل السياسية ومجلس النواب والرأي العام والمؤثرين على صناعة القرار إلى «المضي قدماً في تسهيل مهمة علاوي لتشكيل حكومته وتجاوز العقبات الجدية والمصطنعة من أمامه». وأشار إلى أنه «سيكون من غير الصحيح وغير المناسب الاستمرار بتحملي المسؤوليات بعد تاريخ 2 آذار (مارس) 2020، ولن أجد أمامي سوى اللجوء إلى الحلول المنصوص عليها في الدستور أو النظام الداخلي لمجلس الوزراء».
وفي هذا السياق، يقول رئيس «مركز التفكير السياسي» الدكتور إحسان الشمري لـ«الشرق الأوسط» إن «مبدأ التوازن السياسي لا يزال ممسكاً في حكومة علاوي على مستوى منح الثقة أو حتى ما يرتبط بالبرنامج الحكومي المقبل، وهو يدرك ذلك رغم أنه حاول استخدام مبدأ الإحراج السياسي لهذه القوى التقليدية، لكنه اضطر في النهاية إلى أن يتماهى مع هذا المبدأ الذي سارت عليه العملية السياسية، وهو يعلم جيداً بأنّ لهذه القوى في موضوعة التوافق السياسي، حسابات كثيرة قد ترتبط بلحظاتها الآنية فيما يتعلق بالوجود في السلطة التنفيذية، أو ما يرتبط في المدى المتوسط بما يتعلق بمطالب المتظاهرين وملاحقة القتلة والفاسدين، أو ما يرتبط على المدى البعيد بقضية الانتخابات المبكرة». وأضاف الشمري أن «علاوي لم يستطع أن يخرج بأي صيغة ينفرد بها وحده، بل إن الحكومة لا يمكن أن تمرر في النهاية من دون هذا التوافق»، مبيناً أن «الرئيس المقبل لن يكون حراً بالمطلق على مستوى كثير من القضايا، ليس على مستوى الكابينة أو الوزراء؛ بل حتى على مستوى قادم الأيام، حيث إنهم لا يريدون لأي رئيس وزراء الخروج على مبدأ التوافق أو توافق الكبار، لأن ذلك من شأنه أن يشكل خطراً عليهم». وأشار إلى أن «علاوي يمكن أن يمضي بصيغة وزير مستقل، لكنه قريب من أحد الزعامات أو الكتل وهو ما يعني تأمين الحد الأدنى من مصالح القوى السياسية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».