«نزاهة» تسترد ملياري دولار وتلاحق مئات المسؤولين

TT

«نزاهة» تسترد ملياري دولار وتلاحق مئات المسؤولين

استردت «هيئة النزاهة» العراقية أكثر من ملياري دولار ولاحقت أكثر من ألف مسؤول؛ بينهم 50 وزيراً وممن على درجة وزير. وكشفت الهيئة في تقرير أصدرته أمس (الأربعاء) تفاصيل إنجازاتها وأعمالها التحقيقية والقانونية والوقائية والتثقيفية للعام الماضي (2019)، مسلطة الضوء على إنجاز دوائرها ومديريات ومكاتب التحقيق التابعة لها في عموم العراق عدا إقليم كردستان. كما أكدت استثمار «علاقاتها التكاملية» مع منظومة الأجهزة الرقابية، وعملها على وضع استراتيجية وطنية للنزاهة ومكافحة الفساد، بالمشاركة مع ديوان الرقابة المالية الاتحادي.
وأشار تقرير الهيئة إلى أنها استرجعت إلى الخزينة العامة تريليونين و848 ملياراً و53 مليوناً و153 ألفاً و892 ديناراً (أكثر من ملياري دولار أميركي)، موضحة أنها نظرت في 26 ألفاً و163 بلاغاً وإخباراً وقضية جزائية خلال المدة ذاتها (مع المدور من الأعوام الماضية)، وأنها عملت على 13 ألفاً و886 قضية جزائية، أنجز منها بإجراءات قضائية 9805 قضايا، فيما بلغ عدد المتهمين في القضايا الجزائية 10آلاف و143 متهماً وجهت إليهم 13 ألفاً و649 تهمة، بينهم 50 وزيراً وممن بدرجته، وجّهت إليهم 73 تهمة، و480 متهماً من ذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن بدرجتهم وجهت لهم 711 تهمة، لافتة إلى صدور 931 حكماً بإدانة 1231 متهماً، من بينها 3 أحكام إدانة بحق 4 وزراء ومن هم بدرجتهم، و54 حكماً بحق 45 من ذوي الدرجات الخاصة والمديرين العامين ومن بدرجتهم.
وعملت الهيئة خلال 2019 على 239 قراراً قضائياً غيابياً لتسليم المدانين والمتهمين الهاربين المطلوبين للقضاء، وفتحت 109 ملفات تسليم للمتهمين والمدانين الهاربين؛ لثبوت مغادرتهم العراق، بينهم 3 وزراء ومن هم بدرجتهم، و5 من ذوي الدرجات الخاصَّة والمديرين العامين، فيما تمَّ العمل على 210 ملفات لاسترداد الأموال المُهرَّبة، منها: 5 ملفات متعلقة بوزراء ومن هم بدرجتهم، و52 ملفاً بحق ذوي الدرجات الخاصَّة والمديرين العامين.
ورغم الأرقام الكبيرة التي تحدثت عنها الهيئة في تقريرها، سواء على مستوى الأموال المستعادة لخزينة الدولة، أو على مستوى عمليات التحقيق والاستقدام للمتهمين أو المدانين الصادرة بحقهم أحكام قضائية، فإن ملف مكافحة الفساد في البلاد ما زال الشغل الشاغل لجماعات الحراك الاحتجاجي وأحد أهم مطالبها. وينظر إلى الملف على نطاق واسع داخل العراق على أنه أحد أكبر العوائق التي تمنع إحراز أي تقدم في مجال الإعمار والبناء والاستثمار، وغالباً ما تواجه إحصاءات هيئة النزاهة العراقية بالتشكيك من قبل جماعات الحراك والمهتمين بملف الفساد الشائك في البلاد.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم