لبنان يتجه لإعادة جدولة الديون المستحقة الشهر المقبل

دفع سياسي باتجاه الهيكلة بعد استشارة {النقد الدولي}

TT

لبنان يتجه لإعادة جدولة الديون المستحقة الشهر المقبل

يتجه لبنان إلى إعادة جدولة الدفعات المستحقة عليه من سندات «اليوروبوندز» بالعملة الصعبة والمتوجب دفعها خلال الأشهر الثلاثة المقبلة وتبلغ قيمتها 2.5 مليار دولار، بعد استشارة بعثة صندوق النقد الدولي التي يُحصر دورها بتقديم المشورة، فيما يتجه للتفاوض مع حاملي سندات «اليوروبوندز» الأخرى بهدف إعادة هيكلة تلك السندات.
ويتوجب على لبنان سندات بالعملة الصعبة بقيمة 2.5 مليار دولار هذا العام، مقسمة إلى ثلاث دفعات تستحق في مارس (آذار) بقيمة 1.2 مليار، وأبريل (نيسان) ومايو (أيار) المقبل.
وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن الدولة اتخذت قراراً بتأجيل الدفعات المستحقة عليها عبر إعادة جدولتها، لكن الحكومة لن تعلن عن هذا القرار قبل الحصول على مشورة بعثة صندوق النقد الدولي التي ستكشف عن الحسنات والسيئات المرتبطة بهذا الملف. ولفتت المصادر إلى أن رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة يمضون ضمن هذا التوجه لتأجيل التسديد شرط الاتفاق على جدولته. كما لفتت المصادر إلى توجه لدى الحكومة للتفاوض مع حاملي السندات التي تستحق بدءاً من 2021 وتنتهي في 2037 لإعادة هيكلة الدين بعد الاتفاق مع الجهات الدائنة التي تحمل سندات اليوروبوندز.
ويعزز هذا الطرح، التصريح الذي أدلى به رئيس جمعية المصارف سليم صفير، بعد زيارته رئيس الحكومة حسان دياب، قائلاً: «إننا بحثنا مع الرئيس دياب موضوع استحقاقات الـEurobond التي ستستحق سنة 2020 والبالغ قيمتها 2.5 مليار دولار ومنها 1.3 مليار دولار في 9 مارس المقبل. وأكدتُ لدولة الرئيس موقف جمعية المصارف» القائل إنه «إذا كانت الحكومة متجهة إلى جدولة الدين فيجب على هذه الجدولة أن تتم بشكل منظّم، أي بالتفاوض مع حاملي سندات الدين وبخاصة الصناديق الاستثمارية في الخارج الذين أظهروا حتى الآن جهوزية للتفاوض على هذا الأساس».
وأكد صفير أن «هدف جمعية المصارف كان ولا يزال الحفاظ على حُسن سير المرافق العامة كما الحفاظ على الودائع المؤتمنة عليها المصارف، وأذكر أن أي قرار بموضوع اليوروبوندز هو قرار تأخذه الحكومة حصراً بما تراه مناسباً للبنان». وأبدى رئيس مجلس الوزراء حرصه على سلامة واستمرارية القطاع المصرفي بما يحفظ حقوق المودعين وينظّم علاقة المصارف بالزبائن.
وتبلغ قيمة كامل محفظة السندات السيادية بالعملة الأجنبية (يوروبوندز) المستحقة على لبنان 30 مليار دولار، بينها ملياران ونصف المليار المستحقة في هذا العام والمزمع التفاوض على إعادة جدولتها. أما السندات الأخرى، فهي تستحق على مدى السنوات المقبلة بشكل سنوي وتنتهي في 2037. وسيتم النظر في كيفية إعادة هيكلة الحزمة الباقية (نحو 28 ملياراً) علماً بأن مصرف لبنان له من ضمنها سندات بقيمة 5.7 مليار دولار.
ويلقى خيار إعادة هيكلة الديون قبولاً سياسياً، حيث قال رئيس مجلس النواب نبيه بري، أمس، إن إعادة هيكلة الديون هي «الحل الأمثل» لاستحقاقات وشيكة للسندات الدولية للبلاد، في أول تصريح من مسؤول لبناني كبير يدعو لإعادة الهيكلة، وذلك عشية محادثات بين فريق من خبراء صندوق النقد الدولي والسلطات اللبنانية.
وخلال لقاء الأربعاء النيابي قال بري «إن الوضع في لبنان وبخاصة على الصعيدين المالي والاقتصادي لا يحتمل تأجيج التراشق السياسي، إنما يستدعي الدفع في اتجاه تعزيز المناخات الإيجابية للإنقاذ التي تستوجب تضافر كل الجهود للتعاون انطلاقاً من المصلحة الوطنية والمسؤولية التاريخية».
وفي الشأن المالي والمصرفي قال بري: «من غير الجائز أن يدفع اللبنانيون ثمن الأزمة المالية الاقتصادية والمصرفية من خلال عملية إذلال واقتصاص منظمة لودائعهم وجنى أعمارهم، ومن خلال فلتان الأسعار على السلع الاستهلاكية والحياتية»، مبدياً ارتياحه لتحرك القضاء لوضع يده على ملف الصيرفة والتلاعب بسعر صرف الدولار من ألفه إلى يائه».
وفي الشأن المتعلق باستحقاقات اليوروبوندز، أكد رئيس مجلس النواب أن إعادة هيكلة الدين هي الحل الأمثل، ومن بعده يأتي ملف الكهرباء لوضع حل كامل وشامل له ما دام نصف الدين العام إضافةً إلى العجز السنوي يأتيان من هذا الملف.
وفي صعيد متصل، قال مصدر مطلع لوكالة «رويترز» إن لبنان سيدعو ثماني شركات لتقديم عروض لتقوم بدور الاستشارة المالية في الوقت الذي يدرس فيه جميع الخيارات بشأن ديونه السيادية في ظل مكافحة البلد المثقل بالديون لأزمة مالية. وقال المصدر إن الدعوة لتقديم عروض لا تعني أن لبنان قرر إعادة هيكلة ديونه «لكنها تعني أن لبنان يدرس جميع الخيارات والتداعيات اللاحقة».
وذكر المصدر أن الشركات هي: «موليس آند كومباني، وروتشيلد آند كو، وغوغنهايم بارتنرز، وسيتي بنك، ولازارد، وجيه بي مورغان، وبي جيه تي بارتنرز، وهوليهان لوكي».
وقال المتحدث باسم صندوق النقد الدولي، جيري رايس، أول من أمس (الثلاثاء)، إن فريقاً من خبراء الصندوق سيزور لبنان في الفترة من 20 إلى 23 فبراير (شباط) للاستماع إلى وجهات نظر السلطات هناك حول التحديات الاقتصادية وتقديم المشورة الفنية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.