المغرب: مطالب بتوسيع الطبقة الوسطى لضمان استقرار اجتماعي وسياسي

حذر مشاركون في المنتدى البرلماني الدولي الخامس للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه أمس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية في البرلمان)، من تداعيات تقلص الطبقة الوسطى على الاستقرار السياسي، والأمن والسلم المجتمعي، وذلك بالنظر إلى الدور الذي تلعبه هذه الطبقة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مختلف بلدان العالم.
وقال حكيم بن شماس، رئيس مجلس المستشارين خلال افتتاح المنتدى، المنظم بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وبتعاون مع مؤسستي «وستمنستر» للديمقراطية البريطانية و«كونراد أديناور» الألمانية تحت شعار «توسيع الطبقة الوسطى: قاطرة للتنمية المستدامة والاستقرار الاجتماعي»، إن الطبقة الوسطى في المغرب «تتجه إلى التراجع نظرا لاختلال التوازن بين دخلها السنوي، ومتطلبات وأعباء الحياة اليومية المتزايدة والمرتفعة التكلفة، وبالتالي تقلصت مبادراتها الاقتصادية، وأعرضت عن المشاركة في الحياة السياسية، وركزت جهودها في البحث عن تأمين الحد الأدنى لوسائل العيش».
وأشار بن شماس إلى أن الطبقة الوسطى «تعرف انكماشا اقتصاديا وصعوبات اجتماعية عديدة، تختلف حسب جهات ومناطق المغرب؛ مما ساهم في خفض نسب الادخار، ورفع نسب الاستدانة على مستوى القروض العقارية والقروض الاستهلاكية، وقروض التجهيزات المنزلية وشراء السيارات، وتراجع اهتمامات الطبقة الوسطى الثقافية والترفيهية». واستدل المسؤول المغربي بتقرير أصدره البنك الدولي سنة 2017، تحت عنوان «المغرب في أفق 2040: الاستثمار في الرأسمال اللامادي لتسريع الإقلاع الاقتصادي»، وقال إن البنك الدولي ينطلق من فرضية أن الأسرة يمكن أن تلج إلى الطبقة الوسطى عندما تتوفر على دخل للفرد الواحد يعادل 10 دولارات في اليوم الواحد، أي 1200 دولار شهريا لأسرة تتكون من أربعة أفراد. وطبقا لهذه الفرضية، فإن 25 في المائة فقط من سكان المغرب تنتمي إلى هذه الطبقة الوسطى؛ معتبرا ذلك «حالة فريدة من نوعها مقارنة بأهمية الطبقة الوسطى في الدول الناشئة».
واستدل بن شماس بتقرير آخر أصدرته منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي سنة 2017، أشار إلى أن الطبقة الوسطى في المغرب تشكل 25 من إجمالي السكان، في حين تشكل في تونس 33 في المائة، وفي تركيا 52 في المائة، وفي الأردن 63 في المائة، وفي تشيلي 66 في المائة وفي إسبانيا 93 في المائة.
من جانبه، دعا رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى توسيع الطبقة الوسطى في المغرب وتقويتها، وقال إنها تواجه مجموعة من الإكراهات، منها ضعف قدرتها الشرائية. وذكّر بأن حملة المقاطعة التي نفذها المغاربة ضد عدد من المنتجات الاستهلاكية لم تكن سوى تعبير عن استيائهم من ارتفاع الأسعار والمس بقدرتهم الشرائية.
كما تعاني الطبقة الوسطى في المغرب، حسب الشامي، من ضعف الخدمات العامة في قطاعات التعليم والصحة والسكن، الأمر الذي يدفعها إلى البحث عن جودة أفضل لهذه الخدمات في القطاع الخاص، وهو ما يكلفها نفقات إضافية، علاوة على عبء الضرائب الذي يلقى بثقله على أجراء الطبقة الوسطى.
وحمّل الشامي الصعوبات التي تواجهها الطبقة الوسطى في المغرب على النواقص السياسية العمومية في الشق الاجتماعي، التي ركزت على محاربة الفقر، من دون العمل على توسيع الطبقة الوسطى. وطالب الحكومة بتبني سياسة عامة موجهة للطبقة الوسطى، تركز على تطوير وتحسين الخدمات الاجتماعية، مثل الصحة والسكن والتعليم والنقل العام لتحقيق الارتقاء الاجتماعي. مشيرا إلى أن تحسين هذه الخدمات له تأثير أهم من رفع الأجور. كما طالب بدعم ريادة الأعمال لفائدة النساء والشباب، وتخفيف الأعباء الضريبية، وتنمية القرى للحد من الهجرة، وتشجيع بروز طبقة وسطى قروية، وتوسيع نطاق الحوار الاجتماعي ليشمل قضايا تتعلق بالتكوين، وتأهيل الرأسمال البشري، وتحسين ظروف العمل، مع رفع القدرة الشرائية والنهوض بالمقاولة.