تنافس انتخابي على الطريقة الإسرائيلية

TT

تنافس انتخابي على الطريقة الإسرائيلية

تحول موضوع هجرة الإثيوبيين الفلاشا إلى إسرائيل إلى موضوع مركزي في الحملة الانتخابية للحزبين الأكبرين؛ «الليكود» برئاسة بنيامين نتنياهو، و«كحول لفان» برئاسة بيني غانتس. وخلال ذلك تم الكشف عن وقائع تدل على مدى استخفاف السياسيين بهذه الشريحة من المجتمع، وقالت النائبة بنينا تمنو - شطة: «إنهم يحسبوننا بلا عقل ولا تفكير».
وكان نتنياهو قد بادر إلى إطلاق مشروع بعنوان «استرداد الإثيوبيين»؛ فقد تبين أن نحو 65 ألف إسرائيلي من أصل إثيوبي تركوا حزب «الليكود» في الانتخابات الأخيرة، وصوتوا إلى «كحول لفان»، احتجاجاً على سياسة الحكومة التي تمتنع عن استقبال المزيد من الإثيوبيين الموعودين بالهجرة إلى إسرائيل، وينتظرون منذ ثماني سنوات في خيام قرب أديس أبابا، واحتجاجاً على تعامل الشرطة العنيف ضدهم، الذي تسبب حتى الآن في مقتل أربعة شباب من أصل إثيوبي.
وقد التقى نتنياهو، خلال جولة انتخابية، مع مجموعة من أفراد الجالية الإثيوبية في مدينة ريشون لتسيون، جنوب تل أبيب. وبشَّرهم بأنه أقر خطة في الحكومة لاستيعاب ما يقارب 400 مهاجر إثيوبي إلى إسرائيل، في الأسبوع المقبل، قبل الانتخابات. ووقف إلى جانبه عضو الكنيست، غادي يفركان، الذي انتخب عن حزب «كحول لفان»، لكنه انتقل إلى «الليكود»، هذه المرة. وأعلن نتنياهو أنه سيرسل يفركان بطائرة خاصة لجلب الإثيوبيين.
ويوم أمس، تبين الشروط التي وضعتها حكومة نتنياهو لتقليص عدد الإثيوبيين المعترف بهم يهوداً، أن أعدادهم لا يزيد على 43، وليس 400. وقد استغل غانتس هذا الوضع ليعلن أن نتنياهو «مجرد قناص»، و«هو الذي يمنع هجرة الإثيوبيين». ووعد بأن يغير القوانين والأنظمة عندما ينتخب لرئاسة الحكومة بعد إسقاط نتنياهو، بحيث يتم جلب جميع من ينتظرون الهجرة، ويبلغ عددهم 8000 شخص.
وقال غانتس: «إنه مروع أن ترى طريقة قيام نتنياهو بحملة انتخابية ساخرة على ظهور اليهود الباقين في إثيوبيا وعائلاتهم هنا، الذين أهملهم لمدة عقد كامل».
يُذكر أن نحو 150 ألفاً من اليهود الإثيوبيين يعيشون اليوم في إسرائيل، من مجموع 9 ملايين نسمة. وهم يشكلون قوة انتخابية، ويتمثلون في الكنيست بنائبين. وقد بدأت هجرتهم في سنة 1984؛ إذ تم نقل نحو 22 ألفاً منهم جواً إلى إسرائيل، خلال عمليتين نفذهما الموساد الإسرائيلي، في عام 1984 (عملية موشيه)، وفي عام 1991 (عملية شلومو). لكن استيعابهم لم يكن سهلاً، حيث تعرضوا لسياسة التمييز العنصري بسبب لون بشرتهم، ووصل كثيرون دون تعليم حديث، وعلقوا في دوائر البطالة والفقر. وشهد عام 2019 احتجاجات واسعة، وبعضها عنيفة، من قبل الإثيوبيين في إسرائيل، بعد مقتل شاب غير مسلح برصاص الشرطة، وهو الأحدث في سلسلة من حوادث العنصرية وعنف الشرطة ضد الإثيوبيين الإسرائيليين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.