أكبر إعفاءات جمركية صينية للسلع الأميركية

بكين تحث واشنطن على «تقييم موضوعي» للتعاون التجاري

الحي الصيني في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا وقد تراجعت الحركة التجارية فيه نتيجة انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
الحي الصيني في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا وقد تراجعت الحركة التجارية فيه نتيجة انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
TT

أكبر إعفاءات جمركية صينية للسلع الأميركية

الحي الصيني في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا وقد تراجعت الحركة التجارية فيه نتيجة انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)
الحي الصيني في لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا وقد تراجعت الحركة التجارية فيه نتيجة انتشار فيروس كورونا (أ.ف.ب)

قررت الصين الثلاثاء إعفاء 696 سلعة أميركية من رسوم جمركية عقابية، في أكبر إعفاء من الرسوم حتى الآن، حيث تسعى بكين لتنفيذ التزاماتها في اتفاق التجارة الأولي المبرم مع الولايات المتحدة.
ويأتي الإعلان بعد سريان اتفاق المرحلة الأولي بين البلدين في 14 فبراير (شباط) الجاري، وهذه هي الجولة الثالثة من الإعفاءات التي تمنحها الصين للسلع الأميركية. وتعهدت الصين بزيادة مشتريات السلع والخدمات من الولايات المتحدة بواقع 200 مليار دولار على مدى عامين في إطار الاتفاق، وألغت بالفعل بعض الرسوم الإضافية على واردات أميركية بعد التوقيع.
ومن بين السلع التي شملتها الإعفاءات منتجات زراعية ومنتجات للطاقة مثل لحم الخنزير ولحوم الأبقار والغاز الطبيعي المسال والنفط الخام، والتي أُخضعت لرسوم إضافية في خضم تصاعد الخلاف التجاري بين البلدين.
وتبدأ لجنة التعريفات الجمركية التابعة لمجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء) في تلقي طلبات الشركات المحلية للإعفاء من التعريفات الجمركية الإضافية المفروضة على بعض المنتجات الأميركية اعتبارا من الثاني من شهر مارس (آذار) المقبل، وسيكون الإعفاء نافذا لمدة عام بعد الموافقة عليه.
وأشار مراقبون إلى أن الإعلان الصيني يشمل بعض التجهيزات الطبية الأميركية المستوردة، لتتمكن بكين من احتواء وباء فيروس كورونا المستجد بشكل أفضل. ووفقا لوسائل إعلام صينية، فإن من المستلزمات التي سيتم إعفاؤها من الرسوم أجهزة مراقبة وضع المرضى، ومعدات نقل الدم، وأدوات قياس ضغط الدم، وذلك وفقا لقائمة صادرة عن لجنة الرسوم الجمركية بمجلس الدولة الصيني. وأشارت اللجنة إلى أن الخطوة تهدف إلى المساعدة في «تلبية الطلب المتزايد من جانب المستهلكين في الصين».
وكانت وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية قالت على موقعها الإلكتروني يوم الاثنين إن الصين وافقت على استيراد جميع منتجات الدواجن من الولايات المتحدة، بما في ذلك الطيور الحية إلى جانب لحوم الدواجن التي جرت الموافقة عليها أواخر العام الماضي.
وكانت بكين تحظر جميع أوجه التجارة في منتجات الدواجن من الولايات المتحدة منذ 2015 بسبب نوبات تفش لإنفلونزا الطيور هناك. لكنها رفعت الحظر على واردات لحوم الدواجن في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، كتنازل للولايات المتحدة، قبيل إتمام اتفاق تجارة محدود.
لكن في ذات الوقت الذي تفتح فيه الصين أبوابها شيئا فشيئا أمام المنتجات الأميركية، حثت الصين، الثلاثاء، الولايات المتحدة على النظر إلى الشركات الصينية والتعاون التجاري بين الجانبين بطريقة موضوعية وعادلة، وعدم الذعر بشأن التنمية في الصين.
جاء ذلك في تصريح للمتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية جينغ شوانغ خلال المؤتمر الصحافي عبر الإنترنت، تعليقا على تقارير بأن الإدارة الأميركية تدرس اقتراحا بوقف تصدير محركات الطائرات النفاثة التي شاركت في تصنيعها شركة «جنرال إلكتريك» إلى الصين، والتي تستخدم في طائرة «كوماك C919»، خشية أن يحاكي الصينيون تقنيات الإنتاج، ما يقوض المصالح التجارية الأميركية.
وقال جينغ: «تابعنا التقارير ذات الصلة، حيث تشير أيضا إلى أن شركة جنرال إلكتريك ترفض هذا التحرك المحتمل للحكومة الأميركية، وتؤكد أن محاكاة تقنيات التصنيع المتقدمة في المحركات أصعب بكثير مما يعتقد بعض مسؤولي الإدارة الأميركية، وأن هذه المحركات موجودة بالفعل لدى الصين منذ سنوات، ما يعني أن الصينيين، وفقا لهذا السيناريو، بدأوا بالفعل في استخدام الهندسة العكسية، فلماذا انتظرت الإدارة حتى الآن للقيام بذلك؟»
وأضاف «إذا كان محتوى التقارير صحيحا، فإن ذلك يشير إلى عدة نقاط، وهي: يبدو أن الأميركيين في القطاعات الصناعية يتمتعون بحس أكثر وأكثر عقلانية، والمرجح أنهم يقولون الحقيقة أكثر من بعض المسؤولين في الإدارة الأميركية، كما أن بعض المسؤولين الأميركيين يجهلون العلوم والتكنولوجيا ومبدأ السوق، ولديهم حالة من الذعر بشأن التنمية في الصين، بالإضافة إلى أن هذا التوجه سيكون مثالا آخر على استخدام الولايات المتحدة للوسائل السياسية لتقويض تعاونها التجاري مع الصين وقمع الشركات الصينية».
وحذر من أن التحركات الأميركية الأخيرة لا تضر بمصالح الشركات الصينية فقط، بل بمصالح الشركات الأميركية أيضا على المدى البعيد، إلى جانب أنها ستضر بشكل خطير التبادل والتعاون الثنائي والعالمي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والتجارة.
ومن جهة أخرى، يرى رئيس معهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، غابريل فيلبرماير، أن الاتفاق التجاري الذي دخل حيز التنفيذ مؤخرا بين الولايات المتحدة والصين يضر «بألمانيا على وجه الخصوص». وقال إنه من المتوقع أن تتسبب الاتفاقات التجارية في تراجع الصادرات الألمانية للصين العام المقبل بمقدار 4.5 مليار دولار، مشيرا إلى أن أكثر القطاعات التي ستشهد تراجعا هي صناعة السيارات والطائرات والآلات.
وذكر فيلبرماير أن تقديرات المعهد تشير أيضا إلى أن مزارعي الصويا في البرازيل سيتضررون بصورة أكبر، حيث ستتراجع صادراتهم للصين العام المقبل بمقدار 5 مليارات دولار. وأشار إلى أن الصينيين ألزموا أنفسهم في الاتفاق التجاري باستيراد بضائع أميركية، وبالتالي فإنها ستتخلى عن منتجات من دول أخرى كانت تفضل الاستيراد منها، وقال: «تجلب هذه الاتفاقية من ناحية مساوئ لباقي الشركاء التجاريين للصين، الذين ستحل المنتجات الأميركية محل منتجاتهم، وسيفقدون نصيبا كبيرا في السوق الصينية».
وبحسب التقديرات، فإن ألمانيا ستكون الأكثر تضررا على المستوى الدولي من الاتفاق الصيني - الأميركي في قطاع الصناعات التحويلية، ومن المتوقع أن تتراجع صادراتها إلى الصين بحلول عام 2021 بمقدار 4.3 مليار يورو، وذلك في سيناريو يخلو من حرب تجارية ومن هذا الاتفاق التجاري الأولي. وتشير التقديرات إلى أن هذا سيصيب على وجه الخصوص قطاعات الطائرات والسيارات والآلات.
ويرى فيلبرماير أن هذه الاتفاقية مثيرة للقلق من عدة نواح، وقال: «الولايات المتحدة تستفيد منها على نحو منفرد، بينما تخسر الصين ودول الطرف الثالث. هذه الاتفاقية تنتهك بوضوح قواعد منظمة التجارة العالمية وتترك الكثير من الأسئلة دون إجابات، مثل ماذا سيحدث إذا لم تف الصين بالتزامات الاستيراد».


مقالات ذات صلة

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وفرنسا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي هاتفياً مع نظيره الفرنسي جان نويل بارو المستجدات الإقليمية والموضوعات المشتركة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تحليل إخباري الأمير محمد بن سلمان والرئيس إيمانويل ماكرون أمام قصر الإليزيه في يونيو 2023 (إ.ب.أ)

تحليل إخباري مساعٍ فرنسية لرفع العلاقة مع السعودية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

السعودية وفرنسا تسعيان لرفع علاقاتهما إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»، و«الإليزيه» يقول إن باريس تريد أن تكون «شريكاً موثوقاً به» للسعودية في «كل المجالات».

ميشال أبونجم (باريس)
الخليج الأمير خالد بن سلمان خلال استقباله سيباستيان ليكورنو في الرياض (واس)

وزير الدفاع السعودي ونظيره الفرنسي يبحثان في الرياض أفق التعاون العسكري

بحث الأمير خالد بن سلمان وزير الدفاع السعودي مع سيباستيان ليكورنو وزير القوات المسلحة الفرنسية، مستجدات الأوضاع الإقليمية وجهود إحلال السلام في المنطقة والعالم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي خلال لقاء جمعهما على غداء عمل في باريس (واس)

وزير الخارجية السعودي يبحث مع نظيره الفرنسي تطورات غزة ولبنان

بحث الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الفرنسي جان نويل، الجمعة، التطورات في قطاع غزة وعلى الساحة اللبنانية، والجهود المبذولة بشأنها.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.