تشيلي... أطول رحلة إلى أطول بلد

عندها تنتهي الأرض... لقبها «بلاد الشعراء» وملهمة شكسبير

تشيلي... أطول رحلة إلى أطول بلد
TT

تشيلي... أطول رحلة إلى أطول بلد

تشيلي... أطول رحلة إلى أطول بلد

«سيلفي» أمام اللوحة عند باب إقلاع رحلة طيران الإمارات «تي كيه 263» الأولى إلى سانتياغو عاصمة تشيلي في الخامس من يوليو (تموز) عند الساعة التاسعة وخمس دقائق صباحاً، التقطت الـ«سيلفي» غير آبهة للتعب الواضح على وجهي بعد قطع أكثر من ست ساعات طيران من لندن إلى دبي لأكون شاهدة على أطول رحلة أقوم بها في حياتي إلى وجهة لا أعرف عنها سوى كونها تقع في جنوب أميركا وشكلها طويل ورفيع وتقع ما بين جبال الإنديز وشرق المحيط الهادي، وتحدها بيرو من الشمال وبوليفيا من الجهة الشمال شرقية والأرجنتين من الشرق وممر دريك من أقصى الجنوب. كنت أعرف عنها من خلال شعرائها مثل بابلو نيرودا وغابرييل ميسترال وأعرف أن لقبها «بلاد الشعراء»، ومن المعلومات المحدودة لدي أن عاصمتها سانتياغو تضم أكبر جالية فلسطينية في العالم وفريق كرة القدم Club Deportivo Palestino الذي تأسس عام 1920.
ربطنا الحزام، وبدأت الرحلة بالترحيب بالركاب الذين سيقضون 21 ساعة من الطيران. الوجهة واحدة ولكن قصص الركاب مختلفة، فهناك رجال الأعمال الذين سيستفيدون من الرحلة الجديدة للوصول إلى البرازيل وتشيلي بأسرع وأفضل وقت، وهناك الركاب الذين ينتظرون بفارغ الصبر لقاء ذويهم بعد طول غياب، وهناك من هم مثلي يبحثون عن الرحلات البعيدة والجديدة ويحسبون سنوات عمرهم بالمعرفة التي يكتسبونها من كل رحلة ومغامرة.
أغمضت عيني وبدأت أحلم بتلك البلاد التي شغلني اسمها وتقت شوقاً للوصول إليها لأعرف ما إذا كان اسمها «تشيلي» تيمناً بالفلفل أو بسبب شكلها الطويل والرفيع.
وبعد ساعات وساعات من النوم والأكل ومشاهدة الأفلام حطت الطائرة في مطار سانتياغو الدولي، وكان المساء بارداً والمناخ في تشيلي يعتمد على القطاع الذي تنوي زيارته، فإذا كنت تفضل الطقس الدافئ من الأفضل التخطيط للزيارة ما بين أكتوبر (تشرين الأول) ومارس (آذار) وهذا التوقيت من العام هو الأفضل للذين ينوون زيارة باتاغونيا الواقعة إلى الجنوب من البلاد. وفي حال كنت تنوي زيارة العاصمة الواقعة في وسط الوادي وصحراء «أتاكاما». فيمكنك ذلك في أي وقت من فصول العام مع الأخذ بالحسبان بأن الطقس خلال صيفنا يكون الشتاء في تشيلي. فالفترة ما بين يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) هي فترة خريفية جميلة وخلالها تشاهد أجمل اللوحات الطبيعية لا سيما إذا كنت ستقصد الجبال.
لغز الاسم
أول سؤال طرحته على أول شخص تشيلي قابلته كان: «من أين جاءت تسمية تشيلي؟» وكان الجواب بأن هناك لغطاً فيما يخص الاسم، فعلى عكس ما يظنه البعض بأن الاسم جاء من شكل البلد الطويل الأشبه بالفلفل فهو بالفعل جاء من السكان الأصليين الـMapuche ويعني «حيث تنتهي الأرض «أو تقليد المابوتشي لطائر يطلق صوتاً تسمعه وكأنه يغرد «تشيلي تشيلي».

سانتياغو
بعد حل لغز اسم تشيلي جاء وقت تقييم المدينة والحكم عليها من النظرة الأولى، فهي مدينة تحدها الجبال التي كانت تكسوها الثلوج، مدينة عصرية وتاريخية بنفس الوقت، فيها المظاهر التي توحي بأنها مدينة ناجحة اقتصادياً، طرقاتها واسعة وأبنيتها عالية، وفيها أعلى مبنى في جنوب أميركا مؤلف من 64 طابقاً، وتم أخيراً افتتاح منصة لمشاهدة المدينة من الطابق الأخير لترى أجمل معالم المدنية و«أنديان كورديليرا».وتعتبر المدينة الأكثر استقراراً وازدهاراً في أميركا الجنوبية، وشهد القطاع السياحي في تشيلي نمواً مستمراً خلال السنوات الماضية، وتعدى عدد السياح الـ5.6 مليون سائح.
إذا كانت زيارتك قصيرة إلى العاصمة، أفضل وأسرع طريقة للتعرف إليها من خلال الرحلات على متن الحافلات السياحية التي تمر بوسط المدينة وفيها تزور المعالم الاثرية مثل Plaza De Armas وكاتدرائية سانتياغو ومركز البريد المركزي ومبنى البلدية في سانتياغو، ومن الزيارات المهمة أيضاً قصر لا مونيدا Palacio De La Moneda مقر الحكومة التشيلية، ويعود بناء القصر إلى القرن التاسع عشر تم تصميمه ليكون ورشة لإنتاج العملة المعدنية ولهذا السبب أطلق عليه اسم «لا مونيدا» وتعني «العملة».
وبعد زيارة أهم الأبنية والمعالم التاريخية في وسط سانتياغو، أنصحك بالتوجه إلى محيط منطقة Barrio Lastarria حيث يمكنك اكتشاف إرث الهندسة المعمارية وطرزها الحقيقية ولا بد من المشي في شوارعها المميزة بأرضيتها المرصوفة بالحجارة الصغيرة والولوج إلى البوتيكات الصغيرة ومحلات بيع القطع الفنية.
هيا بنا إلى خارج سانتياغو
سانتياغو جميلة ولكن ما هو أجمل هو الخروج منها وزيارة المدن القريبة والذهاب في رحلات أبعد بالطائرة إلى أماكن تستحق عناء السفر.
من الزيارات التي لا تتكرر في حياتك، صحراء «أكاتاما» Acatama، فتخيل أن أرض هذه الصحراء هي الأكثر جفافاً والأعلى في العالم والغريب أن هذه الصحراء تنمو فيها الزهور أقحوانية اللون مما يجعل منها أعجوبة طبيعية حقيقية.
ومن الزيارات الجميلة الأخرى مناطق الجليد في «تييرا ديل فويغو» Tierra Del Fuego واكتشاف الغموض الذي يكتنف أشهر جزيرة في تشيلي Easter Island وPuerto Varas التي كانت على مخطط رحلتي وتبعد نحو الساعة بواسطة الطائرة.
ومن المناطق الرائعة القريبة من سانتياغو «فالبارييزو» Valparaiso التي لعبت دوراً جيوسياسياً مهماً في القسم الثاني من القرن التاسع عشر بسبب مينائها الذي جعلها منفتحة على باقي المدن والدول، هي ثاني أكبر قطاع مأهول في تشيلي ولقبها جوهرة المحيط الهادئ وتعتبر إرثاً تابعاً لليونيسكو، وهي مدينة ثقافية وتجارية مهمة، وساهم ميناؤها في استقبال الأوروبيين، لا سيما الإسبان إليها.
بعد التعرف إلى مينائها وساحتها يمكنك زيارة المتحف البحري ومتحف الفنون الجميلة بالإضافة إلى متحف التاريخ الطبيعي، ولكن من أجمل ما يمكن أن تفعله في فالبارييسو هو الصعود إلى أعلى وزيارة متحف كازا لا سيباستيانا Casa La Sebastiana منزل الشاعر بابلو نيرودا الواقع على تلة تشرف على بيوت تلك المدينة العشوائية الملونة التي تتكئ على بعضها بعضاً، وهذا المنزل هو عينة ثقافية وترجمة للثروة الفنية والثقافية في تشيلي.
ومن الممكن المشي بين أزقتها وسلالمها والقيام برحلة قصيرة على متن التلفريك القديم واستنشاق الثقافة والفن والتمعن بفن الغرافيتي المنتشر في المدينة التي تضم أكبر عدد من الفنانين والرسامين، ويتخلل نزولك مطاعم ومقاه معلقة بين الأبنية وكلها تطل على مناظر ساحرة.

الأكل في تشيلي
إذا كنت تحب سمك السلمون فأنت في المكان الصحيح، لأن تشيلي تحتضن أعداداً هائلة من مزارع السلمون، وفي حال كنت من أنصار اللحم البقري وتحديداً الاستيك فأنت أيضاً في المكان المناسب لأن تشيلي تقدم أجود أنواع اللحم وتشتهر مطاعمها بتقديم أفضل الوصفات للاستيك المشوي.
ولمحبي المعجنات أنصحهم بتذوق الـ«Sopaipillas» ومعجنات الـ«إيمباناداس» Empanadas وهي عبارة عن قطعة من العجين محشوة بالخضراوات أو الدجاج أو اللحم.
وفي تشيلي الأكل جيد، بما فيه أكل الشارع البسيط فهو رخيص ولذيذ بنفس الوقت.
المعروف عن التشيليين حبهم للآيس كريم ولهذا ترى الكثير من محلات بيعها في مختلف أرجائها وفي جميع الفصول.

ما لا تعرفه عن تشيلي
> تعتبر تشيلي من بين الدول القليلة في العالم التي تضم مكتباً رسمياً لرصد الأجسام الفضائية الغريبة UFO وهذا ما يفسر شعف التشيليين بمراقبة السماء ورصد النجوم وما يجري فيها وهم من أكثر الشعوب التي تنشر فيديوهات يدعي أصحابها رؤية أجسام غريبة في السماء.
> الشعب التشيلي يحتل المرتبة الثانية عالمياً من حيث استهلاك الخبز بعد الشعب الألماني الذي يحتل المرتبة الأولى. ولهذا تتوفر أنواع عديدة من الخبز اللذيذ وأشهرها ماراكيتا Marraqueta.
> توجد في تشيلي أقدم مومياء في العالم، مما يجعلها أقدم بكثير من المومياء في مصر، اكتشفت في وادي كامارونيس وأقدمها يعود إلى نحو عام 5050 قبل المسيح.
* دخلت تشيلي موسوعة غينيس للأرقام القياسية بعد تسجيل أكبر بركة سباحة في العالم تتسع لـ66 مليون غالون من الماء وهي بحجم 20 بركة سباحة أولمبية.
> تشيلي حطمت الرقم القياسي عام 2007 بعدما أطلقت في ميناء فينيا ديل مار في فالباريسو 1600 لوحة من الألعاب النارية، ودخلت بذلك موسوعة غينيس.
> يقال إن شكسبير استلهم شخصية «كاليبان» في مسرحة «ذا تيمبيست» بعد قراءة مدونة مستكشف ووصفه للعشائر التي كانت تعيش في «تييرا ديل فويغو» الواقعة إلى أقصى الجنوب من تشيلي.
> من أجمل الطرقات في العالم هو تلك الذي ينتهي في مدينة «كويللون» في جزيرة «تشيلويه»، وفي هذه النقطة تلتقط أجمل الصور الفوتوغرافية على الإطلاق. والطريق الثاني الرائع ينتهي في مدينة «أوشوايا» في الأرجنتين.
> أكبر زلزال مسجل في العالم ضرب تشيلي وبلغت قوته 9.5 على مقياس ريختر، وحصل في فالديفيا عام 1960 ودام لمدة 13 دقيقة وحصد نحو 6 آلاف ضحية.
> اللغة الرسمية في تشيلي هي الإسبانية، ويتسم الشعب التشيلي كونه ودوداً ومنفتحاً على الجنسيات الأخرى.

كلمة أخيرة
من الصعب أن تحصي روعة وجمال تشيلي في كلمات معدودة ولكن من السهل أن تسهب في وصفها الذي يستحق الكثير من الكلمات.



طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
TT

طابا... ملاذ عشاق الطبيعة بين جبال مصر وبحرها

مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)
مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة تمنح الزائر تجربة إقامة استثنائية (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

مكان يجمع بين البحر الصافي وجمال الطبيعة ودفء الشمس والشعور براحة البال، هناك في طابا، أقصى الشرق من شبه جزيرة سيناء، حيث تختبئ المدينة المصرية كواحدة من أكثر الوجهات السياحية سحراً وهدوءاً.

تلك البقعة الساحلية التي تقدم لزوارها تجربة فريدة تجمع بين جمال الطبيعة البكر وهدوء العزلة، ما يجعلها وجهة مثالية للمسافرين الباحثين عن الاسترخاء، حيث تُعرف طابا بكونها المكان الأمثل لمن يبحث عن الانعزال عن صخب الحياة اليومية وقضاء عطلة مميزة وسط الطبيعة الخلابة، كما أن تميز المدينة بأجوائها الدافئة والمشمسة، يجعلها القرار الأمثل لقضاء وقت هادئ وممتع خلال أشهر الشتاء.

تتميز أعماق المياه في طابا بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

تقع طابا على رأس خليج العقبة على شواطئ البحر الأحمر، وتمتاز بأنها من أصغر المدن السياحية المصرية، إذ لا تتعدى مساحتها 508.8 أفدنة، ورغم صغرها، فإنها وجهة تقدم مشهداً بانورامياً يسيطر عليه التناغم بين زرقة مياه البحر الزاهية الممتدة أمام الأعين، والهدوء الذي تفرضه جبال جنوب سيناء.

زيارة قلعة "صلاح الدين" تتيح التعمق في التاريخ (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

ماذا تزور في طابا؟

إذا كانت وجهتك هي طابا، فإن جدول رحلتك سيكون مميزاً، فقط عليك اصطحاب كتابك المفضل ونظارتك الشمسية، وترك نفسك للطبيعة البكر.

تظل التجربة تحت الماء هي العنوان الأبرز في طابا، إذ يزخر خليج العقبة بالشعاب المرجانية والحياة البحرية المتنوعة، مما يجعلها وجهةً مثاليةً للغوص والغطس، تنتقل معهما إلى عالم آخر من الألوان والجمال الفطري.

ويُعد خليج «فيورد باي» (جنوب المدينة) قبلة عالمية لهواة الغوص، يضم هذا الخليج الطبيعي حفرة غطس فريدة، تتميز بكثافة الشعاب المرجانية والأسماك الملونة، مما يجعل الخليج قبلة للغواصين المحترفين، كما الخليج له قيمة استراتيجية وتاريخية نادرة، حيث يتيح للزوار فرصة فريدة لمشاهدة حدود أربع دول هي مصر، السعودية، الأردن، وفلسطين من موقعه المتميز.

جزيرة فرعون تسمح لزائرها بممارسة اليوغا أمام مشهد خلاب وسط الطبيعة (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

لعشاق التاريخ والهدوء، فيمكن لهم زيارة «جزيرة فرعون» قبالة شاطئ المدينة الجنوبي، على بعد 8 كيلومترات منه، ويمكن الوصول إلى هذه الجزيرة الساحرة عبر رحلة بحرية بمركب أو لانش يخترق مياه الخليج الهادئة، حيث يمكن قضاء اليوم في الاسترخاء أو الغطس، والتمتع بمنظر غروب الشمس الذي لا مثيل له.

تحتضن الجزيرة معلماً تاريخياً هو حصن أو «قلعة صلاح الدين»، التي بنيت عام 1171 ميلادية من الحجر الناري الجرانيتي، لحماية مصر من خطر الحملات الصليبية، والتي تم ترميمها مؤخراً، ليُكمل المشهد السياحي الذي تقدمه المدينة ما بين استرخاء في الطبيعة وتعمق في التاريخ، فما يميز زيارة الجزيرة هو جمعها بين عظمة القلعة التاريخية وإمكانية ممارسة رياضات الاستجمام، مثل اليوغا، أمام هذا المنظر الساحر، الذي يمنح الزائر صفاءً ذهنياً وعلاجاً للروح.

لا تكتمل مغامرة طابا دون زيارة «الوادي الملون»، إحدى العجائب الطبيعية في جنوب سيناء، إذ يوفر هذا الوادي متاهة من الصخور الرملية المنحوتة بفعل الطبيعة، واكتسب الوادي الملون اسمه بفضل ظلال الألوان التي تكسو جدرانه بفعل الأملاح المعدنية، والتي تتدرج ألوانها بين الأصفر الدافئ والأحمر القاني والذهبي اللامع، وهو مكان مثالي لرحلات السفاري والمشي، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بجمال الطبيعة الصارخ في حضور عظمة الجيولوجيا.

جمال الطبيعة وعظمة الجيولوجيا يجتمعان في "الوادي الملون" بطابا (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

كذلك، تمنح طابا فرصة لا تُنسى لمحبي المغامرة، فموقعها المميز يجعلها نقطة انطلاق مثالية لرحلات استكشاف الطبيعة البرية والجبلية، إذ يمكن للسائح أن يعيش تجربة استثنائية من المغامرات الصحراوية، أو استكشاف سلسلة جبال وهضاب طابا الشرقية. وبعد أن يقضي الزائر لطابا نهاره أمام البحر والغوص، أو التمتع بجمال الطبيعة، يحل خلال الليل موعد السهرات البدوية، على الرمال وأسفل النجوم ووسط الجو الدافئ. فمع حلول المساء، تدعو طابا زوارها إلى الاستمتاع بسهرات بدوية، تزينها المشاوي والمشروبات، ويتخللها الغناء والاستعراض، ما يعرف الزائر بالتراث التقليدي للبدو المقيميين.

خليج "فيورد باي" في طابا قبلة عالمية لهواة الغوص (الهيئة المصرية لتنشيط السياحة)

محمية طابا

لا تقتصر متعة طابا على شواطئها فحسب، إذ تُعد طابا أيضاً محمية طبيعية منذ عام 1998، وبفضل مساحتها التي تغطي حوالي 2800 كيلومتر مربع، تتربع المحمية على الساحل الشمالي الشرقي لخليج العقبة، لتقدم للزائر تجربة فريدة تتجاوز مجرد الاستمتاع بالشاطئ، ما يجعل المحمية من أكثر الأماكن المفضلة لدى السياح بالمدينة.

تتميز محمية طابا بكونها محمية ذات إرث طبيعي ومنطقة لإدارة الموارد الطبيعية، وتشتهر بتكويناتها الجيولوجية الفريدة التي يعود تاريخها إلى 5000 عام، وهي ليست مجرد أرض، بل متحف طبيعي مفتوح يضم مناظر طبيعية خلابة مثل الواحات والأخدود الملون وعيون المياه المنتشرة داخلها، حيث تحتوي على كهوف وممرات جبلية، ووديان أشهرها وادي وتير والزلجة والصوانة نخيل وواحة عين خضرة، بالإضافة إلى أنواع نادرة من الحيوانات و50 نوعاً من الطيور وأكثر من 450 نبات نادر.

الإقامة في طابا

تشتهر مدينة طابا بمنتجعاتها السياحية الفاخرة، التي تمنح المقيمين فيها تجربة إقامة استثنائية، خصوصاً أن هذه المنتجعات تحتمي بالجبال الشاهقة من حولها، مما يوفر خصوصية للزائرين، مع إطلالات بانورامية خلابة وأجواء هادئة ومريحة. وتوفر هذه المنتجعات مجموعة متميزة من الخدمات، أبرزها حمامات السباحة المتنوعة، بالإضافة إلى بعضها يضم بحيرات الملح العلاجية، التي تضمن تجربة استجمام فريدة.


كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
TT

كيف يكون الفندق «بيئياً» حقاً؟

الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)
الاستدامة في الضيافة على رأس أوليات الكثير من السياح (الشرق الاوسط)

افتُتح فندق «ديسا بوتاتو هيد بالي» عام 2010، وتم تطويره في 2016 ليجسد رؤية جديدة لمؤسسه رونالد أكيلي حول الشكل الذي ينبغي أن يكون عليه الفندق. إنه ليس مشروعاً تجارياً مستداماً فحسب، بل يقوم على التجديد، ويحدث أثراً إيجابياً بشكل فعّال. أمام ذلك الفندق هدف طموح، يتمثل في أن يصبح خالياً من الفضلات والمخلفات تماماً، وقد اقترب كثيراً من تحقيق هذا الهدف. يقول أكيلي: «لم نصل إلى نقطة عدم وجود مخلفات، وصدقاً ربما لا نصل أبداً. مع ذلك لقد حققنا تقدماً كبيراً، حيث تحول 99.5 في المائة من مخلفاتنا بعيداً عن مكبّ النفايات». ويأتي هذا الرقم مع وجود أكثر من ألف نزيل يومياً في القرية.

مشروع "سويت بوتيتو" (الشرق الاوسط)

يجب أن تمثل الفضلات والمخلفات دائرة مكتملة. عندما تسمع عبارة «فندق بيئي»، من المرجح أن يكون مصطلح البصمة البيئية هو أول ما يخطر ببالك، والتدوير هو الوقود الذي يشغل محرك فندق «بوتاتو هيد». لقد حظرنا استخدام المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد في المكان منذ 2017، ويُمنح كل شيء ضروري فرصة حياة ثانية داخل «معمل المخلفات»، حيث يُعاد إنتاج كل شيء، بدءاً بقواعد الأكواب، وصولاً إلى زجاجات المياه وقطع الأثاث، بل بُنيت بعض مباني الفندق من قوالب الطوب المهملة المستبعدة والمواد البلاستيكية.

الرياضة واليوغا من النشاطات المرغوبة في السفر (الشرق الاوسط)

ويعمل طاهٍ يكرّس جهده للوصول إلى مستوى الخلو من الفضلات تماماً في كل المطاعم لضمان الإبداع والفاعلية. ويشارك فريق العمل بانتظام في دورات تعليمية خاصة بالطهي من دون مخلفات. كذلك يُهدى كل نزيل عند وصوله مجموعة أدوات خاصة بتحقيق هذا الهدف، ويُدعى إلى المشاركة في جولة «متابعة الفضلات» لرؤية عملية التدوير على أرض الواقع.

المشروع الأكثر تأثيراً للفندق هو «مشروع المخلفات المجتمعي»، وهو مركز لتجميع المخلفات والنفايات افتُتح عام 2024 بالتعاون مع جهات تجارية محلية أخرى. ولإدراكنا أن الفصل السليم أمر ضروري، شارك فندق «بوتاتو هيد» خبرته مع الجهات الشريكة لضمان نجاح العمل. ويقول أكيلي: «أكبر إنجاز نفتخر به ليس الحدّ من المخلفات داخل الفندق، بل مشاركة ما تعلمناه خارج جدرانه». وتتم معالجة ما يصل إلى نحو 5 أطنان من المخلفات والنفايات يومياً، وقد وسّع ذلك نطاق تأثير الفندق، وأسّس لمستقبل أكثر نظافة للسكان المحليين، ووفّر وظائف جديدة في إطار هذا العمل. ويُعاد استثمار كل الأرباح، التي تدرّها عملية بيع المنتجات، التي خضعت لعملية إعادة التدوير، في المجتمع. وأوضح قائلاً: «الفكرة هي أن يستمر تحسين وتطوير النموذج بما يساعد الجزيرة، لا نحن فقط، في الاقتراب من تحقيق هدف عدم تشكل أي مخلفات».

الاستدامة مطلوبة في السفر العصري (الشرق الاوسط)

المجتمع مهم

أصبح الإخلاص لمناصرة المجتمع المحلي ضرورياً لتحقيق الاستدامة الشاملة حين يتعلق الأمر بالفنادق. كثيراً ما يتم إغفال وتجاهل الجانب الاجتماعي للاستدامة، لكن مجال الضيافة يتمحور حول الناس، ولا يمكن لفندق أن يصبح موجوداً بشكل مستدام دون أن يضع في الاعتبار كيفية تأثيره على النزلاء والعاملين والسكان المحليين. ويقول أكيلي: «المجتمع يمنح الفندق روحه، ومن دون ذلك سيصبح مجرد مبنى آخر. نحن نرى أنفسنا جزءاً من النظام البيئي، لا جزءاً منفصلاً عنه. ونتعاون مع المبادرات المحلية ونفتح أبوابنا للمشروعات المجتمعية، سواء أكانت برامج توعية بالمخلفات والنفايات أم ورش عمل ثقافية وأماكن إقامة إبداعية. ليس هدفنا هو استضافة النزلاء فحسب، بل تقديم شيء ذي معنى إلى المكان الذي يضمّنا».

وقد وزّع مشروع «سويت بوتاتو»، الذي نفّذه الفندق، أكثر من 38 ألف وجبة على المحتاجين خلال عام 2024، وشارك العاملون في أعمال الزراعة والتوصيل التطوعي وتنظيف الشاطئ. وأوضح أكيلي قائلاً: «يحدث التغيير عندما يدرك الناس الأمور المهمة. لهذا السبب نبدأ بفريق العمل لدينا أولاً. عندما يعيشون ويتنفسون الغرض والغاية، ويشعرون باتصالهم به، يشاركونه بشكل عفوي وتلقائي مع نزلائنا ومجتمعنا». يمنح الفندق سلامة وسعادة فريق العمل به الأولوية. يقول أكيلي: «نريد ضمان تطور كل من يعمل معنا، ليس على المستوى المهني فقط، بل فيما يتعلق بجودة الحياة أيضاً، بما في ذلك الصحة والسعادة والاستقرار المالي».

المنتجات التي تستخدم في الفنادق تخضع لعنصر الاستدامة ايضا (الشرق الاوسط)

الإحساس بالمكان

يمكن أن يصبح تسليط الضوء على الموطن جزءاً قوياً ومؤثراً بوجه خاص من استراتيجية الاستدامة للفنادق، حيث يدعم الأنظمة الاقتصادية المحلية، مع تقديم مذاق فريد للثقافة والتراث إلى النزلاء. ويوضح أكيلي: «الموطن همزة وصل بين ما نفعله وبين المكان الذي نوجد فيه. منذ اللحظة التي يصل فيها النزلاء نريد أن يشعروا بروح بالي من خلال الطعام والناس والحكايات التي تجعل هذا المكان مميزاً. يتعلق الأمر بالاتصال بالوجهة، لا إعادة تكوين شيء يمكن أن يتوفر في أي مكان آخر في العالم».

إن فخر فندق «ديسا بوتاتو هيد» بهويته يتضح ويبرز منذ اللحظة التي يُقدّم فيها إلى النزيل مشروب الـ«جامو»، وهو مشروب عشبي إندونيسي تقليدي، عند تسجيل دخوله إلى الفندق، ويتجلى في كل قرار يتعلق بمشتريات الفندق. تعمل المطابخ عن كثب مع المزارعين المحليين، وتدعم التنوع البيولوجي بالمنطقة من خلال تقديم النباتات الأصيلة قدر الإمكان. ويساعد التعاون والعمل مع الحرفيين بالجزيرة في الحفاظ على المهارات التراثية. على سبيل المثال، بُنيت الأجنحة في الفندق باستخدام قوالب طوب المعبد المضغوطة يدوياً، وهي طريقة بناء تقليدية في بالي. ويقول أكيلي: «نحن لا نشتري المكونات أو المواد الأولية فقط، بل نصنع نظام تدوير يعود بالنفع على الآخر. بهذه الطريقة نكوّن حلقة إيجابية متجددة بدلاً من حلقة سلبية استبعادية».

جناح كاتامانا الذي يراعي الاستدامة (الشرق الاوسط)

يتعلق الأمر بتحقيق التقدم لا المثالية

أهم جزء من تعريف مشروع تجاري مسؤول هو التزامه بالتطوير والتحسين المستمر.

المثالية أمر لا يمكن الوصول إليه. الاستدامة هي ببساطة التقدم خطوة نحو الأمام في المرة الواحدة. ويعدّ التواصل الشفاف عنصراً أساسياً من هذا الأمر، حيث يساعد في توعية العملاء وتحفيز العاملين والحثّ على إحداث تغيير أكبر في مجال العمل. يقول أكيلي: «نحن لا نروي قصصاً للتسويق، بل نحثّهم على إلهام الآخرين ليكونوا جزءاً من هذه الحركة. تبني الشفافية والثقة، والثقة تصنع الفعل».

الإخلاص للرحلة هي أهم ما في الأمر، ولا يقتصر ذلك على المنتجعات الفاخرة أو الوجهات الفريدة. إن أي فندق مستعد دائماً لمواصلة التعلم واتخاذ خطوات ملموسة قابلة للقياس نحو مستقبل أكثر استدامة هو فندق بيئي. ويضيف أكيلي: «سوف نواصل تطوير كل جزء مما نفعله، بدءاً بالمشتريات، ووصولاً إلى تصميم المنتج والعمليات اليومية حتى نظل متجددين ومشاركين في التجديد قدر الإمكان. وسوف نواصل مشاركة ما نتعلمه، وندعو الآخرين إلى الانضمام إلينا في إحداث تغير من أجل التجديد. نحن نختار التقدم لا المثالية. لا يهم الحجم، لكن الأمر المهم حقاً هو بدء إحداث تغييرات».


سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
TT

سافوي في فلورنسا وعلامة «باينيدر» يحتفلان بمتعة الكتابة وتعليم الخط

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)
تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

تعاون فندق «سافوي»، في فلورنسا، مع علامة القرطاسية التاريخية «باينيدر» للاحتفال بموسم الأعياد القادمة عبر فعالية «Wrapped in Time» أو «مغلف بالزمن»، وتدعو هذه الشراكة الضيوف إلى تبنّي روح السفر البطيء وإعادة اكتشاف الوقت كهدية ثمينة، وتشجيع لحظات التوقّف والتأمل وإعادة التواصل في عالم اليوم السريع الإيقاع.

تعاون ما بين سافوي وبايندر لاكتشاف متعة الكتابة (الشرق الأوسط)

استلهم الفندق ديكورات موسم الأعياد من فن الخط، حيث تبرز في الردهة شجرة لافتة مزيّنة بظروف مختومة بالشمع مع لمسات ذهبية وفضية وحمراء، إلى جانب الأختام الأيقونية لـ«باينيدر». يجسّد هذا العرض التزام علامة القرطاسية الفلورنسية بالحرفية والاهتمام بالتفاصيل.

وتعكس الشجرة أيضاً الرؤية المشتركة بين العلامتين الفلورنسيتين، ليس فقط من خلال تصميمها، بل أيضاً عبر تجربة «A Wish for Florence»؛ حيث يكتب الضيوف أمنياتهم ورسائلهم للمدينة على ورق كتابة من «باينيدر». ثم تُوضع الرسائل في صندوق عيد ميلاد خاص ليتم حفظها وإرسالها لاحقاً إلى عمدة فلورنسا.

رسائل مكتوبة بخط اليد (الشرق الأوسط)

ويدعو فندق سافوي ضيوف الأجنحة إلى عيش سحر عيد الميلاد من خلال تجارب باينيدر الخاصة والقرطاسية الفاخرة، بما في ذلك ورش الخط المخصّصة، وأقلام الحبر الفاخرة، وورق الكتابة المميز. في هذه اللحظات الحميمة، حيث يتوقف الزمن، يصنع الضيوف ذكريات مكتوبة بخط اليد ويعيدون اكتشاف متعة الكتابة.

تعاون ما بين أهم شركة قرطاسية وسافوي في فلورنسا فترة الأعياد (الشرق الأوسط)

كما تشمل فعالية «Wrapped in Time» جانباً خيرياً من خلال التعاون مع مستشفى جيميلي للأطفال في روما، حيث اجتمعت فرق باينيدر وفندق سافوي لكتابة رسائل مليئة بالأماني الطيبة للأطفال، تحمل رسائل أمل وخيال ودهشة. ومن خلال هذه اللفتة، يعيدون إحياء السحر الحقيقي لعيد الميلاد، الذي ينبض حين نمنح وقتنا واهتمامنا ورعايتنا للآخرين.