فيروس «كورونا» يرفع من مخاطر السفر حول العالم

نصائح وقواعد تجنب العدوى

فيروس «كورونا» يرفع من مخاطر السفر حول العالم
TT

فيروس «كورونا» يرفع من مخاطر السفر حول العالم

فيروس «كورونا» يرفع من مخاطر السفر حول العالم

مع انتشار عدوى فيروس «كورونا» خارج الصين، وظهوره في عديد من الدول الأخرى، حتى على سفينة «كروز» قرب اليابان، فإن التعرف على طرق الوقاية أثناء السفر يبقى من أعلى الأولويات للسائح.
من المشاهد المألوفة حالياً مشاهدة السياح من أصل صيني يرتدون الأقنعة الطبية التي تغطي الأنف والفم، على أساس أنها توفر حماية لهم من انتقال العدوى. ولكن منظمة الصحة العالمية لا تعتقد أن هذا هو الحل الأمثل.
والنصيحة التي تقدمها المنظمة العالمية هي أن غسل اليدين المتكرر بالماء والصابون، يخلص المسافر من أثر هذا الفيروس بعد ملامسة أسطح ملوثة. وتشمل النصائح أيضاً تغطية الأنف والفم عند العطس، والتخلص من المنديل الورقي في صندوق قمامة مغلق، مع غسل اليدين بعد ذلك.
بعد ذلك، يجب على المسافر أن يتجنب الاحتكاك بالأفراد على مسافات قريبة، والحفاظ على مسافة متر واحد مع الآخرين عند التجول في الأسواق أو التسوق. وهذه المسافة ضرورية؛ خصوصاً إن كان الأشخاص الآخرون مصابين بالسعال أو العطس. ويجب أيضاً تجنب لمس العينين والفم باليدين؛ حيث يمكن نقل المرض بهذه الوسيلة، بنقل الفيروس من اليدين إلى الجسم عن طريق أسهل الطرق للعدوى.
من نصائح المنظمة أيضاً تجنب السفر إلى الصين في الوقت الحاضر، وزيارة طبيب في حالة العودة من مناطق مصابة في الصين، أو الاحتكاك بشخص عائد من هذه المناطق. وفي حالات ظهور أعراض مثل الحمى والسعال وصعوبة التنفس، تجب استشارة طبيب فوراً وعدم الانتظار حتى تشتد الأعراض. ومثل هذه الأعراض قد تكون من أسباب متعددة، وقد يكون من بينها الإصابة بفيروس «كورونا».
الاحتياطات العامة حيوية؛ خصوصاً أثناء السفر، وهي: غسل اليدين بعد لمس الحيوانات، وتجنب لمس الحيوانات المريضة، وخصوصاً الحيوانات البرية في الأسواق، مثل القطط والكلاب والطيور. كما يجب تجنب تناول الأطعمة غير المطبوخة؛ خصوصاً اللحوم والحليب ومنتجاته. ويجب تناول الأطعمة المطبوخة فقط أثناء السفر، وتجنب البصق في الشوارع ولمس الحيوانات الضالة.
ولمن يعمل في الأسواق أو المطاعم، تنصح المنظمة بغسل ملابس العمل يومياً، وتركها في موقع العمل، والحرص على عدم تعريض أفراد العائلة للعدوى عن طريق الملابس التي قد تكون ملوثة.
وفي نصيحتها للسياح والمسافرين، توجه منظمة الصحة العالمية تحذيراً بعدم السفر في حالات الإصابة بالسعال أو الحمى، مع ضرورة الاستشارة الطبية في أسرع وقت. ويجب على السياح أيضاً اتباع النصائح الخاصة بعدم الاقتراب من الأشخاص المصابين بالسعال، وغسل اليدين دورياً، وتجنب لمس العينين والفم باليدين، واستعمال المناديل الورقية لتغطية الفم والأنف عند السعال. وإذا اختار المسافر أن يرتدي قناعاً طبياً على الوجه، فيجب تغطية الفم والأنف وعدم لمس القناع بعد ارتدائه. ويجب التخلص من القناع في نهاية اليوم وغسل اليدين.
وفي حالات الشعور بالحمى أثناء السفر، فيجب إبلاغ طاقم الخدمة في الطائرات أو السفن، والاستشارة الطبية كلما كان ذلك ممكناً. وبعد العودة من مناطق مصابة تنصح الحكومات بالعزل الاختياري، وعدم الاختلاط لمدة أسبوعين، ويعني هذا عدم الذهاب إلى مقر العمل أو المدارس أو المناطق العامة.
من قواعد تجنب العدوى أيضاً: عدم لمس الأسطح الملوثة، وتلك قد تكون داخل الطائرات، مثل الطاولة أمام المقعد، ومساند اليدين، ومقابض رفوف الأمتعة العليا، ودورات المياه ومقابض أبوابها. وينطبق الأمر أيضاً على وسائل المواصلات العامة. ويمكن استخدام المناديل الطبية لمسح هذه الأسطح قبل لمسها، وتنظيف اليدين وتعقيمها قبل الخروج من وسائل المواصلات.

الأقنعة الطبية
الرأي الطبي السائد هو أن أقنعة الوجه الطبية لا تكفي للحماية من فيروس «كورونا»، والسبب هو أنها لا تحمي من الفيروسات المنقولة جواً، والتي يمكن أن تنفذ من القناع إلى الأنف أثناء التنفس، كما أنها لا تغطي العينين؛ حيث يمكن أن تنفذ الفيروسات إلى الجسم من خلال العينين. ويقول الدكتور ويليام شافنر المتخصص في الأمراض المعدية في جامعة «فاندربيلت» الأميركية، إن القناع الطبي لا يكفي للحماية؛ حيث يتطلب الأمر قناعاً من نوع آخر أكثر سماكة يسمى طبياً «إن 95»، ولكنه لا ينصح بارتداء هذا القناع في الوقت الحاضر؛ حيث لا تحتاج الظروف السائدة حالياً إليه.
كما أن القناع الطبي السميك يجعل التنفس صعباً، ويحتاج إلى تدريب خاص، يتكرر سنوياً، لتعليم المستخدم كيفية التنفس من خلال القناع، وليس من تسرب الهواء من حواف القناع. ويقول الدكتور شافنر إنه يستطيع تحمل هذا القناع لمدة نصف ساعة فقط في مناطق العزل الطبي، ويحتاج بعد ذلك إلى الخروج واستنشاق بعض الهواء الطلق لفترة، قبل العودة مرة أخرى للقناع.
وعلى الرغم من أن شراء القناع «إن 95» متاح على الإنترنت؛ فإن شافنر لا ينصح به؛ لأن الدول التي ظهرت فيها حالات الإصابة خارج الصين تعاني فقط من حالات فردية لا تبرر ارتداء هذه الأقنعة. كما أنه يعتقد أن حالات الإنفلونزا العادية سوف تقتل الآلاف هذا الشتاء، وهي إحصائياً أخطر من فيروس «كورونا» بمراحل. وهو يخشى أيضاً نفاد الأقنعة الطبية من الأسواق إذا ما زاد الطلب غير الضروري عليها، مما قد يخلق أزمة حقيقية إذا اختفت من الأسواق وقت الحاجة الحقيقية لها.
وينتشر استخدام الأقنعة الطبية في دول مثل الصين واليابان، لتجنب الجراثيم والتلوث في الأماكن العامة. ويرتدي هذه الأقنعة المصابون بالرشح أو البرد، لمنع انتشار العدوى إلى غيرهم. ولكن النصيحة الطبية في هذه الحالات هي عدم الاختلاط بالآخرين في الأماكن العامة أثناء فترة المرض.
وتوجد في المطارات العالمية حالياً احتياطات طبية للكشف عن حالات الإصابة وعزلها. وكخط دفاع أولي تقاس درجات حرارة المسافرين لفحص ذوي الحرارة المرتفعة. وفي حالات الاشتباه الطبي يتم إخطار السلطات الرسمية لكي تبدأ الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات، من عزل المرضى وحصر كل من تعامل معهم عن قرب خلال الأيام التي سبقت اكتشاف المرض.
ويعم العزل أيضاً للمسافرين العائدين من الصين خلال شهر فبراير (شباط) 2020، باستثناء هونغ كونغ وماكاو وتايوان. ويستمر العزل لمدة أسبوعين مع مراقبة ظهور أعراض الإصابة خلال تلك الفترة. وداخل المنزل الواحد يجب أن يعزل العائد من الصين نفسه في غرفة منفصلة.

نصائح السفر السياحي بعد ظهور فيروس «كورونا»
باستثناء السفر إلى الصين الذي تنصح الحكومات بعدم الإقبال عليه حالياً إلا للضرورة، فإن شركات السياحة تعامل السفر إلى وجهات أخرى كأمر طبيعي. ولا يستطيع السائح أن يلغي سفره لأي بلد آخر لأسباب الخوف من «كورونا»، وتطبق عليه شروط الإلغاء العادية وتكاليفه، سواء من شركات السياحة أو شركات التأمين على السفر.
وتعتمد الشركات على نصائح وزارات الخارجية بعدم السفر إلى دول معينة. وتعوض شركات التأمين المسافر الذي ألغيت رحلته، ما دام أنه حاول وفشل في الحصول على تعويض من شركات الطيران أو السياحة.
ولا يوجد حالياً غطاء تأميني على إلغاء السفر إلى وجهات سياحية لم تشملها نصيحة رسمية بعدم السفر إليها. وتراجع شركات السياحة برامج سفرها الآن على نحو يومي، وتوفر للسياح وجهات سفر بديلة للصين. ولكن إذا لم يقبلها المسافر يمكنه أن يطلب إلغاء الرحلة وإعادة ثمنها.
وتتبع شركة الطيران البريطانية «بريتيش إيرويز» سياسة إعادة أموال الحجز على رحلات إلى الصين وهونغ كونغ، حتى نهاية شهر فبراير (شباط) 2020. وألغت شركة «فرجن» والخطوط البريطانية كل رحلاتها إلى الصين خلال هذا الشهر أيضاً.
وفي حالات سفن «الكروز»، ترفض بعض الشركات استقبال مسافرين كانوا في الصين خلال آخر أسبوعين قبل الالتحاق بـ«الكروز»، بينما تكشف سفن على الركاب الجدد قبل قبولهم على الرحلات. وتغير بعض سفن «الكروز» من طريق رحلاتها لتجنب السواحل المصابة.
ولا تشمل نصائح وزارة الخارجية البريطانية حالياً أي مناطق خارج الصين، ولكنها تحذر من تغيير خطط شركات طيران آسيوية لرحلاتها، وتطلب من المسافرين مراجعة هذه الشركات قبل السفر.

الأقنعة ليست الحل للحد من انتشار المرض خلال السفر



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».