اقتحام مقر «الإصلاح» في إب.. واشتباكات بين الحوثيين والقبائل بذمار

الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية تنبه إلى خطورة الوضع

يمنيون يتظاهرون احتجاجا على اقتحام الحوثيين مقار الأحزاب والبنوك والوزارات في صنعاء أمس (رويترز)
يمنيون يتظاهرون احتجاجا على اقتحام الحوثيين مقار الأحزاب والبنوك والوزارات في صنعاء أمس (رويترز)
TT

اقتحام مقر «الإصلاح» في إب.. واشتباكات بين الحوثيين والقبائل بذمار

يمنيون يتظاهرون احتجاجا على اقتحام الحوثيين مقار الأحزاب والبنوك والوزارات في صنعاء أمس (رويترز)
يمنيون يتظاهرون احتجاجا على اقتحام الحوثيين مقار الأحزاب والبنوك والوزارات في صنعاء أمس (رويترز)

واصل الحوثيون اقتحام مقرات الأحزاب السياسية وفي مقدمتها مقرات حزب التجمع اليمني للإصلاح الإسلامي (إخوان)، فقد جرى اقتحام ونهب وتفجير مقره في مدينة إب، بوسط البلاد، وذلك بعد تفجير مقراته في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات بشمال البلاد، في وقت يواصل فيه الحوثيون مساعيهم للسيطرة على محافظة إب وأيضا محافظة ذمار بالقوة المسلحة، وتشهد المحافظات سلسلة من الاشتباكات بين مسلحي الحوثي ورجال القبائل، وقالت المصادر المحلية إن 4 من حراسة مبنى حزب الإصلاح قتلوا وجرح آخرون في هجوم استهدف مقر الحزب بوسط المدينة.
في هذه الأثناء، ما زالت العاصمة اليمنية صنعاء تحت سيطرة الحوثيين الذين يتحكمون في مصائر الأمور فيها، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن أحياء كثيرة باتت تحت سيطرتهم وسيطرة ما تسمى «اللجان الشعبية» التي باتت تفرض سيطرتها على كل أنحاء العاصمة صنعاء، في وقت تغيب فيه قوات الجيش والأمن عن حماية العاصمة، وبات المسلحون الحوثيون يسيطرون على النقاط الأمنية وسط العاصمة بصورة مطلقة. في السياق ذاته، علمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس عبد ربه منصور هادي يكثف من لقاءاته مع مستشاريه بشأن التطورات الحالية، وبالأخص ما يعتزم الحوثيون القيام به وهو إعلان مجلس إنقاذ وطني إن لم تشكل الحكومة بالطريقة التي يرغبون فيها خلال 10 أيام، ويحاول الحوثيون السيطرة على الحكومة بكل الطرق، بالتعاون مع أنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
وتشير مصادر دبلوماسية في صنعاء إلى أن الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية شددت على أن «اليمن بحاجة إلى حكومة فعالة كي يكون بإمكانها توفير الأمن والإدارة الاقتصادية المستقرة والإدارة الوطنية السليمة للمواطنين، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الاجتماعية»، وقال بيان صادر عن تلك الدول: «نؤكد أهمية وجود حكومة تتحلى بأعضاء مؤهلين وقادرين على إظهار النزاهة والكفاءة والحيادية، والالتزام بتعزيز حقوق الإنسان وسلطة القانون من أجل حماية وتعزيز المصلحة الوطنية بالشكل الأفضل، وينبغي أن تشمل الحكومة الجديدة تمثيلا للمرأة والشباب ممن تنطبق عليهم المعايير، وعلى جميع الأطراف أن تعمل بعد تشكيل الحكومة بأسلوب بناء من أجل تلبية تطلعات الشعب اليمني».
ودعت الدول العشر جماعة الحوثي (أنصار الله) إلى «وقف استحواذهم المستمر على الأنشطة العسكرية وأنشطة الدولة، ومن ذلك سيطرتهم على مناطق مختلفة، والاستيلاء على المعدات العسكرية الحكومية التي يجب عليهم أن يعيدوها للدولة».
على صعيد آخر، شهدت مدينة الحديدة (غرب اليمن)، يوم أمس مسيرة مليونية حاشدة رافضة للوجود الحوثي في تهامة. في وقت أعلن فيه «الحراك التهامي السلمي» تصعيد مسيراته الاحتجاجية الرافضة لوجود الميليشيات المسلحة.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «الحراك التهامي السلمي» بصدد إعلان برنامج تصعيدي في حال لم يخرج الحوثيون من مدينة الحديدة ومن تهامة ككل، وقال المحامي طه الحرد، رئيس الفريق القانوني في «الحراك التهامي» السلمي، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»: «إن المسيرة المليونية التي انطلقت من أمام قلعة (الكورنيش) التاريخية وطافت شوارع مدينة الحديدة هي من أجل طرد جماعة الحوثيين المسلحة وجميع الميليشيات من أرض تهامة، وإعلان رفضنا اليمليشيات المسلحة والأعمال الطائفية بين أبناء تهامة».
وأضاف الحرد: «نريد من خلال مسيراتنا الاحتجاجية، إلى جانب رفضنا للوجود الحوثي، نريد من الدولة أن تفرض هيبتها في الحديدة بغض النظر عن خلافنا مع بعض الأشخاص في مؤسسات الدولة الدين يمثلون تلك المؤسسات من (الأمن والسلطة المحلية وجميع المؤسسات الحكومية)، لكي تكون مؤسسات الدولة موجودة وتمثل دورها بقوة، ونحن أيضا ضد إنهاء دور مؤسسات الدولة باعتبار أن أبناء تهامة مجتمع مدني يؤمن بدور المؤسسات ويرفض وجود الميليشيات المسلحة».
وكشف رئيس الفريق القانوني في «الحراك التهامي السلمي» لـ«الشرق الأوسط» عن برنامج زمني تصعيدي سيقوم به الحراك، وأن هذا البرنامج سيكون من ضمنه «إعلان برنامج سياسي للحراك التهامي السلمي، وسيكون هناك عقد مؤتمرات صحافية، بالإضافة إلى وجود أكثر من 15 مظهرا احتجاجيا سيتم إعلانها غير المسيرات والوقفات الاحتجاجية، وإنها ستكون قوية جدا»، مؤكدا رفضهم ما ورد في مؤتمر الحوثيين الذي عُقد يوم (الجمعة) والذي شارك فيه زعماء من القبائل اليمنية وحلفاء للرئيس السابق علي عبد الله صالح بدعوة من زعيم «أنصار الله» (الحوثيين) عبد الملك الحوثي.
وطالب المحامي طه الحرد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بتنفيذ توجيهاته بـ«إخلاء الحديدة وجميع المحافظات اليمنية من الميليشيات المسلحة وكذا التزام المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني بتنفيذ مخرجات الحوار فيما يخص تهامة، مع تأكيد رفض الحوار ككل لأننا لسنا طرفا فيه، ولكن التزامات المتحاورين لتهامة يجب أن تنفذ، خاصة المتعلقة بالهوية التهامية، وكذلك تمكين أبناء تهامة من حقهم في التمثيل الوظيفي في مستوياته كافة، وتشكيل الصناديق الخاصة بالتعويضات لأسر شهداء وجرحى القضية التهامية و(الحراك التهامي) السلمي».
وحول استمرار جماعة الحوثيين المسلحة في سيطرتها على مدينة الحديدة وعلى قلعة «الكورنيش» والممارسات التي يقومون بها، قال العميد خالد خليل، مؤسس «الحراك التهامي السلمي»، في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يقوم به الحوثيون هو نفس أسلوب حكم عهد الإمامة على تهامة الذين دخلوا بقوة السلاح، مما يزيد من معاناة أبناء تهامة إلى جانب المعاناة التي يلقونها من التهميش الذي مورس عليهم منذ مائة عام. ونحن أبناء تهامة و(الحراك التهامي) السلمي نطالب الميليشيات الحوثية المسلحة بالخروج السريع من أرض تهامة والخروج من قلعة (الكورنيش) التاريخية، وإن تهامة مستمرة في تصعيدها ضد وجود الحوثيين حتى خروجها من أراضي تهامة، والمرافق الحكومية التي تسيطر عليها، وفرض هيبة الدولة في تهامة».
وأضاف مؤسس «الحراك التهامي» السلمي: «إن أبناء تهامة لن يسكتوا عن هذا الاحتلال، بقوة السلاح، ولن يسكتوا أيضا عن الاستفزازات المسلحة، ونحن نحاول إيصال أصواتنا من خلال تصعيد المسيرات الاحتجاجية الرافضة للوجود الحوثي إلى الرأي العام المحلي والدولي لأن جماعة الحوثيين تريد السيطرة على الحديدة وعلى تهامة ككل بقوة السلاح، وذلك نظرا إلى أهميتها الاستراتيجي وموقع الحديدة على البحر الأحمر ومينائها، ثاني أكبر ميناء رئيسي في الجمهورية اليمنية، وكذا باب المندب»، مؤكدا أن «انتشار الحوثيين في الحديدة واحتلالهم قلعة الكورنيش يثير غضب قبائل وأبناء تهامة، وهو ما نخشى أن يخرج من أيدينا في (الحراك التهامي السلمي)، ويأخذ القبائل التهامية حقوقهم بأيديهم ويطردون الحوثيين ولو بالقوة».
وكان «الحراك التهامي السلمي» أعلن تصعيد احتجاجاته السلمية لطرد ميليشيات الحوثيين المسلحة من تهامة التي بدأت يوم (الخميس) الماضي بخروج مسيرة نسائية احتجاجية رافضة لوجود جماعة الحوثيين المسلحة في تهامة، في وقت ما زال الحوثيين يسعون فيه لبسط سيطرتهم على الحديدة ومناطق تهامة ككل بعد سيطرتهم على قلعة «الكورنيش» التاريخية.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.