تحسن مبشّر لمؤشرات اقتصادية تونسية وسط أوضاع صعبة

TT

تحسن مبشّر لمؤشرات اقتصادية تونسية وسط أوضاع صعبة

أورد المعهد التونسي للإحصاء أن المؤشرات الاقتصادية الكبرى في تونس قد شهدت تحسناً مع بداية السنة الحالية مستفيدةً من الانتعاشة النسبية التي سجلها الاقتصاد التونسي مع نهاية السنة الماضية.
وأشار المعهد الحكومي إلى تحسن الاحتياطي المحلي من النقد الأجنبي الذي ارتفع من مستوى 84 يوم توريد سنة 2018، إلى نحو 114 يوم توريد في الوقت الحالي. كما عرفت نسبة الدين الخارجي خلال السنة الماضية تراجعاً إلى 66% من الناتج الإجمالي المحلي، ومن المنتظر أن تتحسن سنة 2020 إلى ما لا يزيد على 63.4%.
وفي السياق ذاته، سجل العجز التجاري الإجمالي تراجعاً بنسبة 19%، أما معدل التضخم فقد تم التحكم فيه ليقدّر خلال الشهر الماضي بنحو 5.8%، وهذه النسبة تم تحقيقها للمرة الأولى منذ سنوات، وكانت النسبة في حدود 6.1% مع نهاية السنة الماضية.
وسجلت الصادرات التونسية تحسناً بنسبة 7% بين سنتي 2018 و2019، وخلال نفس الفترة الزمنية تحسنت نسبة تغطية الصادرات للواردات ومرت من 68.3% إلى 69.3%.
وأكد مروان العباسي محافظ البنك المركزي التونسي، أن هذا التحسن كان نتيجة للسياسة المالية التي اعتمدها البنك خلال السنة الماضية، وأشار إلى أن النتائج الإيجابية التي سجّلها موسم الحبوب والأرقام القياسية التي عرفها القطاع السياحي كانت من بين أهم الأسباب المؤدية إلى استقرار العملة المحلية (الدينار التونسي)، وإلى التحكم في نسبة التضخم وتراجعها لأول مرة منذ سنة 2016.
ومن النتائج المباشرة لتحسن هذه المؤشرات الاقتصادية، أن وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني قد حسّنت من تصنيف تونس، لتصعد بها من مستوى «ب2» مع آفاق سلبية، إلى «ب2» مع آفاق مستقرة، وأكدت أن النظرة المستقرة هي «انعكاس للاستقرار في ميزان المدفوعات والديون»، مشيرةً إلى أن «السياسة النقدية المتشددة التي اتّبعها البنك المركزي تُبقي على استقرار العملة والسياسة المالية».
وتوقعت «موديز» حفاظ الاقتصاد التونسي على الاستقرار في الحساب الجاري واحتياطي العملات الأجنبية بعد فترة من الضغوط الكبيرة على ميزان المدفوعات وانخفاض الاحتياطي من العملة الأجنبية إلى مستويات منخفضة جداً. كما توقعت أن تواصل العملة المحلية استقرارها، مثمّنةً ما قام به البنك المركزي التونسي من سياسات نقدية أدت إلى استقرار سعر الصرف، الأمر الذي قلص من عبء الدين وأدى إلى انخفاضه إلى 72.5% من الناتج المحلي الإجمالي، بعد أن كان في حدود 77%.
لكن الوكالة بيّنت في ذات الوقت أن انتهاء الاتفاق الممدد بين صندوق النقد الدولي والحكومة التونسية في شهر يونيو (حزيران) المقبل، مع إمكانية تمديد المفاوضات وتجديد البرنامج والتي من الممكن أن تؤدي إلى تأخير صرف الأقساط المتبقية، تهدد في المقابل إمكانية الوصول إلى الأسواق المالية بتكاليف مقبولة، علاوة على تواصل حالة عدم اليقين السياسي والتوترات الاجتماعية مع تواصل توقعات نمو ضعيفة لا يمكنها أن تحسن ظروف سوق العمل في تونس.
في غضون ذلك، أعلن المعهد التونسي للإحصاء عن تراجع النمو الاقتصادي في تونس إلى نسبة 1% سنة 2019 مقابل نمو بنسبة 2.7% خلال سنة 2018. وكانت الحكومة التونسية قد توقعت في بداية السنة الماضية أن يبلغ النمو الاقتصادي حدود 3.1%، وهي نسبة غير قابلة للتحقيق من خلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد خصوصاً على مستوى شح الموارد الذاتية وتذبذب مستوى صادرات مادة «الفوسفات» الاستراتيجية، علاوة على تواصل اختلال الميزان التجاري.



غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
TT

غانا على مفترق طرق اقتصادي... انتخابات حاسمة تحدد مصير الديون والنمو

المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)
المرشح الرئاسي عن الحزب الوطني الجديد الحاكم محامودو باوميا يلقي كلمة خلال حفل إطلاق حملته في أكرا (رويترز)

سيذهب الغانيون إلى صناديق الاقتراع في السابع من ديسمبر (كانون الأول) لاختيار رئيس جديد وبرلمان، في انتخابات تراقبها الأوساط الاستثمارية من كثب لتحديد كيفية توجيه الفائز للاقتصاد الذي يخرج من مرحلة تعثر في سداد الديون.

المتنافسون الرئيسيون لاستبدال الرئيس نانا أكوفو - أدو، البالغ من العمر 80 عاماً، الذي يتنحى بعد ولايتين على رأس دولة تنتج الذهب والكاكاو، هما الرئيس السابق جون دراماني ماهاما ونائب الرئيس الحالي محامودو باوميا. كما أن هناك 11 مرشحاً آخرين يتنافسون على المنصب، وفق «رويترز».

ما الذي يركز عليه المستثمرون؟

وصلت غانا إلى نهاية عملية إعادة هيكلة الديون الطويلة والمعقدة؛ حيث أعادت الحكومة هيكلة 13 مليار دولار من السندات الدولية بوصف ذلك جزءاً من خطة أوسع لخفض الديون بنحو 4.7 مليار دولار وتوفير نحو 4.4 مليار دولار من تخفيف السيولة خلال برنامج صندوق النقد الدولي الحالي الذي يستمر حتى عام 2026.

ومع بقاء الخطوة الأخيرة المتمثلة في التوصل إلى اتفاق مع الدائنين التجاريين غير الأوروبيين، فإن المستثمرين يقومون بالفعل بتقييم فترة ما بعد الانتخابات لمعرفة ما إذا كان الفائز سوف يستمر في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة لضمان استدامة الديون. وتعهد ماهاما (65 عاماً)، الذي يتصدر العديد من استطلاعات الرأي، بمحاولة إعادة التفاوض على شروط اتفاق صندوق النقد الدولي لتأمين المزيد من التمويل. ووعد أيضاً بتعديل القانون لوضع سقف للدين العام يتراوح بين 60 و70 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمنع الاقتراض المفرط.

ومع ذلك، فإن فترة رئاسته السابقة (2012 - 2017) شهدت زيادة ملحوظة في الاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل الطرق، ما أوقعه في انتقادات بسبب نقص الكهرباء وارتفاع التضخم.

من جانبه، يتبنى بوميا (61 عاماً) شعاراً يتمثل في تحديث الاقتصاد من خلال الرقمنة، وخفض الضرائب، وتعزيز الانضباط المالي بهدف رفع النمو السنوي إلى متوسط ​​6 في المائة. وتعهد أيضاً بتحديد الإنفاق العام بنسبة 105 في المائة من عائدات الضرائب في العام السابق، وتقديم خطة ضريبية ثابتة، ونقل 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي من الإنفاق العام إلى القطاع الخاص لتوفير البنية الأساسية العامة.

هل يمكن للفائز إعادة التفاوض على برنامج صندوق النقد الدولي؟

من الشائع أن يلجأ القادة الجدد إلى صندوق النقد الدولي لمراجعة البرامج القائمة، كما حدث مؤخراً في سريلانكا. ويقول صندوق النقد الدولي، الذي يعد مقرض الملاذ الأخير لغانا في إعادة هيكلة ديونها بموجب الإطار المشترك لمجموعة العشرين، إن تركيزه الأساسي هو دعم الحكومة في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي مع تمكين استدامة الدين والنمو الشامل. وقد وافق الصندوق حتى الآن على الأداء الاقتصادي لغانا في إطار برنامج قروضه الحالي البالغة قيمته 3 مليارات دولار.

ويؤكد الصندوق أنه يمكن تعديل برنامج غانا الحالي؛ حيث يتم تطوير برامج الإصلاح المدعومة من الصندوق بالتعاون مع الحكومات وتتم مراجعتها بشكل دوري. ومع ذلك، يجب أن تؤخذ أي مناقشات في الاعتبار مع ضرورة الحفاظ على قدرة البلاد على تحقيق الأهداف الاقتصادية المنشودة.

ما القضايا الاقتصادية الأخرى التي تؤثر في الانتخابات؟

سيتعين على الفائز في الانتخابات أن يعالج عدداً من القضايا الملحة، بما في ذلك أزمة تكاليف المعيشة، والبطالة المتفشية، وارتفاع الأسعار، وانقطاع التيار الكهربائي المتكرر. ويخطط حزب ماهاما (المؤتمر الوطني الديمقراطي) لزيادة الإنفاق الحكومي في القطاعات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، فضلاً عن تعزيز البنية الأساسية لدعم النمو وخلق فرص العمل، إذا فاز في الانتخابات.

أما حزب باوميا (الحزب الوطني الجديد) فيرغب في تحسين استقرار الاقتصاد من خلال خفض التضخم وجذب الاستثمارات الخاصة. وستواجه أي من الحكومات المقبلة خيارات محدودة في ظل العبء الثقيل للديون، وفقاً لتقرير «أكسفورد إيكونوميكس». وأظهرت تحليلات أن وعود ماهاما خلال الحملة الانتخابية بتحسين الظروف الاقتصادية للأفراد والأسر قد تجد نفسها في اختبار حقيقي نتيجة الحاجة إلى موازنة هذه الوعود مع مطالب صندوق النقد الدولي بالتحلي بضبط الإنفاق المالي.

السلع الأساسية على المحك

سيتعين على الحكومة الجديدة التعامل مع عملية الترخيص لمشاريع النفط والغاز الجديدة؛ حيث انخفض الإنتاج، الذي بدأ في عام 2010، في السنوات الخمس التي سبقت عام 2024. ويخطط ماهاما لمنح السكان المحليين المزيد من الملكية في مشاريع النفط والتعدين المستقبلية إذا فاز.

ويحتاج قطاع الكاكاو أيضاً إلى اهتمام عاجل. وانخفض الإنتاج في ثاني أكبر منتج للكاكاو في العالم إلى أدنى مستوى له منذ 20 عاماً، بسبب تدني أجور المزارعين، وأمراض النبات، وتهريب الحبوب، والتعدين غير القانوني الذي يدمر المزارع. وسوف تكون سوق الكاكاو العالمية مهتمة بشدة بمعرفة ما إذا كان الرئيس الجديد سينفذ مقترحات صندوق النقد الدولي لإجراء إصلاحات شاملة في القطاع، وما إذا كان نموذج التسويق الجديد الذي حل محل قروض الكاكاو المجمعة التي سادت لأكثر من ثلاثة عقود سوف يستمر.