ملف الكهرباء يصعق علاقة «أمل» بـ«التيار الحر»

تبادل الاتهامات بين الطرفين بعرقلة حل الأزمة

TT

ملف الكهرباء يصعق علاقة «أمل» بـ«التيار الحر»

انفجر الخلاف مجدداً بين «حركة أمل» التي يرأسها رئيس البرلمان اللبناني نبيه برّي، و«التيار الوطني الحر» برئاسة النائب جبران باسيل، لكن هذه المرّة من باب المقاربات المتباعدة لحلّ أزمة الكهرباء، وتبادل الاتهامات بين الطرفين بعرقلة تنفيذ خطة الكهرباء وتعميق هذه الأزمة التي تكبّد خزينة الدولة خسائر تفوق الملياري دولار أميركي سنوياً، فيما ينشط قطاع المولدات الخاصة لتغطية ساعات انقطاع التيار مقابل رسوم إضافية يتكبدها اللبنانيون.
ورغم شراكة الفريقين داخل «حكومة الإنقاذ» برئاسة حسان دياب، فإن وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني (التيار الوطني الحرّ) حمّلت زميلها وزير المال في الحكومة السابقة علي حسن خليل (أمل)، مسؤولية عرقلة استكمال الأشغال في معمل دير عمار الثاني وتأخير تشغيله، عازية السبب إلى أن خليل «رفض دفع الأموال المتوجبة لبدء التشغيل تحت عنوان مشكلة الضريبة على القيمة المضافة، رغم موافقة كل الجهات المعنية قبل وصول الملف إلى وزارة المال». واستدعى هذا الموقف ردّاً سريعاً من خليل الذي أكد أن «كل ما سيق من اتهامات مرفوض وفيه تعمية عن الحقائق»، عادّاً أن البستاني «تقول ما هو مطلوب قوله، وسيكون هناك رد مطوّل يفنّد كل ما له علاقة بالكهرباء وحقيقته».
وقرأ فريق «أمل» في كلام البستاني، اعترافاً مسبقاً بعجز «التيار الحرّ» عن معالجة أزمة الكهرباء رغم تمسّكه بحقيبة الطاقة، وعدّ عضو كتلة «التحرير والتنمية» النائب ياسين جابر أن الفريق الآخر «يمارس حالة انكار كامل، ويتنصل من مسؤولياته التي أوصلت وضع الكهرباء إلى الكارثة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «هناك فريق مسؤول عن مشكلة الكهرباء، لسبب بسيط، وهو أن هذا الفريق لا يؤمن بعمل المؤسسات ولا بتطبيق القوانين، من أجل تعميق معاناة اللبنانيين نتيجة عدم توفر الكهرباء، واستمرار العجز في الخزينة»، مشدداً على أن «إصلاح ملف الكهرباء، يبدأ بمعالجة أزمة تنامي الدين العام ووضع حدّ لعجز الخزينة، وهذا لا يتحقق إلا بتعيين مجلس إدارة لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة للقطاع».
ويحاول «التيار الوطني» عدم إضفاء الطابع السياسي على الخلاف القائم مع «أمل»، حيث عاود وزير الطاقة الأسبق عضو «تكتل لبنان القوي» النائب سيزار أبي خليل، اتهام خليل بـ«عرقلة انطلاق العمل في معمل دير عمار»، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الوزير خليل هو من تباهى على باب مجلس الوزراء بأنه عطّل استكمال العمل في معمل دير عمار لأسباب مختلفة». وقال أبي خليل: «يبدو أن أسباب التعطيل متعددة، لكنّ أهمها الحفاظ على صفقات شراء المازوت لصالح المولدات، التي تكبّد اللبنانيين 2.5 مليار دولار سنوياً». ولفت إلى أن «ثمة تعاوناً جدياً مع (حركة أمل) داخل حكومة الاختصاصيين، والرئيس بري أبدى اهتماماً كبيراً بالتعاون معنا لحلّ أزمة الكهرباء، وبالتالي فإن اتهامات نواب ووزراء (أمل) لا تقدم ولا تؤخر».
ويعاني لبنان أزمة كبرى في قطاع الكهرباء، حيث تتكبّد الخزينة خسائر تفوق الملياري دولار سنوياً، وقد بلغ عجز الكهرباء 40 في المائة من قيمة الدين العام الذي وصل عتبة الـ85 مليار دولار.
ولا يخفي جابر أن «أزمة الكهرباء هي السبب الأساسي لانهيار الوضع المالي في البلاد، وهذا يتجلّى برفض الفريق الممسك بالملف تنفيذ التعهدات التي قطعها». ولفت إلى أن هذا الفريق «لا يغش اللبنانيين فحسب، بل المجتمع الدولي»، مذكّراً بأن «الدول العشر التي اجتمعت في باريس لدعم لبنان قبل أشهر، طالبت بالإسراع في تنفيذ القوانين المرعية وتعيين مجلس إدارة جديد لمؤسسة الكهرباء والهيئة الناظمة، لكن هناك من يعارض هذا التوجه في الداخل»، عادّاً أن «تعيين الهيئة الناظمة يأخذ الكثير من صلاحيات الوزير، وهذا سيؤدي حتماً إلى وقف الصفقات»، داعياً الفريق المعني بملف الكهرباء إلى أن «يحدد مساره ويثبت جديته في تطبيق الإصلاح في القطاع، لكن هذا الفريق لا يقبل بهيئة تكشف فضائحه». وذكّر جابر بأن «فريق (التيار الوطني الحرّ)، رفض عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية قبل سنتين، لبناء معامل إنتاج جديدة بتكلفة متدنية تدفع على آجال طويلة، وهذا دليل على عدم الجدية بمعالجة الأزمة».
ويبدو أن «التيار الوطني الحرّ» يريد حصر خلافه مع نواب ووزراء «حركة أمل»، دون أن ينسحب الخلاف على قيادتي الحزبين، وأعلن أبي خليل أن هناك «اتفاقاً كاملاً مع الرئيس بري الذي التزم بشكل واضح بتطبيق خطة الكهرباء لحلّ أزمة القطاع»، محملاً نواب ووزراء «أمل» مسؤولية «التخبيص في إطلاق المواقف». وأضاف: «لا يتوقف النائب جابر عن تسويق الأكاذيب بأننا رفضنا عرضاً قدمته شركة (سيمنز) الألمانية لبناء معامل إنتاج، وأوضحنا هذا الأمر في بيان مفصّل، لكن النائب جابر لا ينفكّ عن تسويق أضاليله». ودعا إلى «مراجعة تصريح رئيس شركة (سيمنز) في الشرق الأوسط، الذي أوضح فيه أنه لم يعرض على الجانب اللبناني بناء معامل للكهرباء، بل جرى مناقشة بعض الأفكار لا أكثر ولا أقل».



حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
TT

حراك أميركي - يمني لتعزيز الشراكة واحتواء خلافات الشرعية

العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)
العليمي استقبل في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاغن (سبأ)

أظهرت سلسلة لقاءات واتصالات أجراها سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاغن، مع رئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي اليمني، اتجاهاً أميركياً نحو تثبيت الشراكة السياسية والأمنية مع الحكومة اليمنية واحتواء الخلافات داخل معسكر الشرعية، في مرحلة تتسم بتعقيد المشهد المحلي، وازدياد التحديات الإقليمية المرتبطة بالأمن والاستقرار في اليمن.

وشملت هذه التحركات لقاءً جمع السفير فاغن برئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، أعقبه لقاء آخر مع عضو المجلس الشيخ عثمان مجلي، إلى جانب اتصال مرئي مع عضو المجلس اللواء سلطان العرادة، في سياق مشاورات تناولت مسار العلاقات الثنائية، والتطورات السياسية والعسكرية، والملفات ذات الأولوية، وفي مقدمها مكافحة الإرهاب، والتعامل مع تهديدات الحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق ما رشح عن هذه اللقاءات، فقد تركزت المباحثات مع رئيس مجلس القيادة على مستوى الشراكة اليمنية - الأميركية، والدور الذي تضطلع به واشنطن في دعم الدولة اليمنية، سواء على الصعيد السياسي في المحافل الدولية، أو في ملف مكافحة الإرهاب، وردع شبكات تهريب السلاح والتمويل المرتبطة بإيران. كما برز ملف الإصلاحات الحكومية كأحد محاور النقاش، في ظل الحاجة إلى دعم دولي مستمر يخفف من الضغوط الاقتصادية والإنسانية.

في هذا السياق، جرى التطرق إلى المستجدات في المحافظات الشرقية، وما رافقها من إجراءات أحادية، والجهود الإقليمية التي تقودها السعودية، والإمارات، لاحتواء التوتر، وإعادة تطبيع الأوضاع، بما يحافظ على التوافق داخل إطار الشرعية، ويمنع انعكاس الخلافات الداخلية على وحدة القرار الأمني والعسكري.

القيادة اليمنية شددت خلال هذه المشاورات على أهمية الالتزام بالمرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة، واتفاق الرياض، بوصفها الإطار الناظم للشراكة السياسية، محذرةً من أن أي تجاوز لهذه المرجعيات قد يخلق فراغات تستغلها الجماعة الحوثية والتنظيمات الإرهابية، بما يفاقم التحديات الأمنية.

مقاربة أوسع

في اتصال مرئي أجراه السفير الأميركي ستيفن فاغن، مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة، برزت مقاربة أوسع لطبيعة المرحلة التي يمر بها اليمن، بوصفها مرحلة مركَّبة تتداخل فيها الأبعاد السياسية والعسكرية والاقتصادية.

وأكد العرادة أن مواجهة هذه التحديات تتطلب موقفاً دولياً أكثر صرامة، ودعماً عملياً يمكّن الحكومة من استعادة مؤسسات الدولة، وتجفيف مصادر تمويل الميليشيات، ومنع تقويض الجهود الأممية. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

التحذير من تداعيات التساهل الدولي مع الممارسات الحوثية شكّل نقطة تقاطع في هذه النقاشات، إذ اعتُبر هذا التساهل عاملاً مشجعاً على استمرار التصعيد، وعرقلة مساعي السلام، وخلق بيئة غير مستقرة تؤثر على الأمن اليمني والإقليمي، وعلى خطوط الملاحة الدولية.

السفير الأميركي مجتمعاً مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي (سبأ)

أما لقاء السفير الأميركي مع عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني عثمان مجلي، فقد ركّز على أبعاد التهديد الإيراني في اليمن، ودور طهران في دعم القدرات العسكرية للحوثيين، وما يمثله ذلك من خطر على الداخل اليمني، ودول الجوار، والأمن البحري في البحرين الأحمر والعربي.

كما جرى تأكيد دور تحالف دعم الشرعية في الحفاظ على السلم الاجتماعي في المناطق المحررة، ودعم مؤسسات الدولة، والبنك المركزي، لاستكمال الإصلاحات الاقتصادية.

وحسبما أورد الإعلام الرسمي اليمني، أعاد السفير الأميركي تأكيد ثوابت موقف بلاده الداعم لوحدة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، والتزام واشنطن بالشراكة في مكافحة الإرهاب، والتخفيف من المعاناة الإنسانية، وتعزيز فرص الاستقرار والتنمية.


صفقة الغاز الكبرى «لا تكفي وحدها» لعقد لقاء السيسي - نتنياهو

السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
TT

صفقة الغاز الكبرى «لا تكفي وحدها» لعقد لقاء السيسي - نتنياهو

السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)
السيسي يلتقي نتنياهو على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2017 (رويترز)

فتحت موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على أكبر صفقة غاز مع مصر، بعد أشهر من تحفظه، الباب لتسريبات إسرائيلية عن قمة بينه وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بالولايات المتحدة، وسط صمت مصري عن التعليق.

ذلك اللقاء المحتمل الذي تقف وراءه تسريبات إسرائيلية نقلتها شبكة «سي إن إن» الأميركية، الخميس، يعتقد مصدر مصري مطلع تحدث لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا يتم بهذه السهولة، ولا صفقة غاز ستعززه... ولكن بالتقدم الإسرائيلي في تنفيذ اتفاق غزة، والالتزام بحفظ أمن مصر، خاصة أن التوتر لم ينتهِ بعد، ولا يمكن أن تنهيه صفقة غاز تقف في خانة المصالح الاقتصادية».

وقال مصدر إسرائيلي لشبكة «سي إن إن»، الخميس، إن إعلان نتنياهو بشأن صفقة الغاز «جزء من جهود تمهيدية لعقد اجتماع محتمل بين نتنياهو والسيسي».

ومن المقرر أن يسافر نتنياهو إلى الولايات المتحدة في وقت لاحق من هذا الشهر للقاء الرئيس دونالد ترمب في منتجعه بمارالاغو، في ولاية فلوريدا، وفقاً للشبكة الأميركية، التي نقلت أيضاً عن مصدر إسرائيلي ثانٍ أن إسرائيل أخّرت الموافقة الرسمية على الصفقة لعدة أشهر، قبل أن ترضخ في النهاية لضغوط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ويحاول ترمب ترتيب قمة بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في إطار سعيه لإبرام اتفاقيات سلام إقليمية وتوسيع نطاق «اتفاقيات إبراهيم».

وقال نتنياهو، مساء الأربعاء، في خطاب متلفز: «وافقت على أكبر اتفاق غاز في تاريخ إسرائيل. تبلغ قيمة الصفقة 112 مليار شيقل (34.7 مليار دولار). ومن هذا المبلغ الإجمالي، سيذهب 58 مليار شيقل (18 مليار دولار) إلى خزائن الدولة»، مضيفاً: «الاتفاق مع شركة (شيفرون) الأميركية، بالتعاون مع شركاء إسرائيليين سيقومون بتزويد مصر بالغاز».

امرأة تشير بيدها في حين تسير فتاة في مياه الأمطار بمخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين في دير البلح بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووقّعت إسرائيل ومصر اتفاقية سلام تاريخية في 1979، لكن قادة البلدين لم يلتقوا علناً منذ ما يقرب من عقد من الزمان، في حين لم تعلق الرئاسة المصرية بعد على تساؤلات من «الشرق الأوسط» بشأن تلك الأنباء.

وعن معقولية إتمام اللقاء، قال المفكر المصري عبد المنعم سعيد لـ«الشرق الأوسط» إن «المعقول بالنسبة لي ما يصدر من القاهرة فقط»، مضيفاً: «لكن هل يمكن أن يقدم ذلك الإقرار للصفقة استقراراً يؤدي لإحياء عملية السلام، أو أنه مجرد (بزنس) اقتصادي لا أكثر لن يترتب عليه أي شيء؟».

وأوضح أن «المنطقة في أزمة كبيرة، وهذا ليس في مصلحة القاهرة أو أي دولة لديها رؤية للمستقبل. ومصر وإسرائيل تجمعهما علاقات دبلوماسية ومصالح اقتصادية، والغاز جزء من تلك المصالح».

وكحال الإعلام الأميركي، ربط الإعلام العبري بكثافة بين اللقاء وتمرير صفقة الغاز، وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن «الصفقة تفتح الطريق لاحتمال لقاء بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نهاية الشهر الحالي في فلوريدا».

أما صحيفة «يديعوت أحرونوت» و«القناة 12» العبرية فتحدثتا عن أن «هذا الإعلان (صفقة الغاز) يمهد الطريق أمام قمة ثلاثية بين نتنياهو وترمب والرئيس عبد الفتاح السيسي»، لافتتين إلى أن المسؤولين المصريين قد اشترطوا موافقة نتنياهو على صفقة الغاز للمشاركة.

ولم يتحدث نتنياهو والسيسي علناً منذ بدء الحرب، و«العلاقات بين إسرائيل ومصر متوترة للغاية، وخاصة أن السيسي وافق على اتفاق الغاز في يوليو (تموز) الماضي رغم الانتقادات الداخلية والخارجية، لكن الحكومة الإسرائيلية عرقلت تنفيذه لمدة خمسة أشهر»، وفق القناة العبرية ذاتها.

وأوضحت القناة أن «المصريين لا يبدون حماساً لفكرة هذا الاجتماع ما لم تتخذ إسرائيل خطوات إضافية لتنفيذ اتفاق السلام في غزة»، وهو ما أكدت عليه صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، قائلة إن صفقة الغاز التي طال انتظارها «كانت تنازلاً ضرورياً لعقد اجتماع ثلاثي بين مصر والولايات المتحدة وإسرائيل نهاية الشهر».

ولفتت الصحيفة إلى أن «السيسي طالب إسرائيل أيضاً بالانسحاب من ممرَّي فيلادلفيا (الحدود بين غزة ومصر) ونتساريم (شمال قطاع غزة)».

ورفض النائب المصري مصطفى بكري، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، الربط بين الحديث عن تمرير صفقة الغاز وأي مزاعم إسرائيلية تثار بشأن لقاء بين الرئيس السيسي ونتنياهو، مشيراً إلى أنه لا يعوّل على أي تسريبات إسرائيلية بهذا الشأن، وأنه يجب انتظار الموقف المصري الرسمي.

وأكد النائب المصري أن القاهرة موقفها الثابت هو تنفيذ مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني وعدم المساس بها ولا بأمن مصر، و«هذا لا تراجع فيه»، معتقداً أن احتمالية اللقاء بعيدة حالياً في ظل الخروقات الإسرائيلية، وعدم الالتزام باتفاق شرم الشيخ.


أي دور يلعبه مركز التنسيق المدني العسكري لغزة؟

قطاع غزة (أ.ف.ب)
قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

أي دور يلعبه مركز التنسيق المدني العسكري لغزة؟

قطاع غزة (أ.ف.ب)
قطاع غزة (أ.ف.ب)

يواجه مركز التنسيق المدني العسكري لغزة الذي أطلقته الولايات المتحدة عقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة «حماس»، صعوبة في تنفيذ المهام التي أوكلت إليه المتمثلة في مراقبة الهدنة وتعزيز إيصال المساعدات الإنسانية.

ويتمثّل هدف المركز بالتمهيد للخطوات التالية لخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام في القطاع الفلسطيني بعد الحرب المدمّرة التي استمرت عامين.

وقال دبلوماسي أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في البداية، لم يكن أحد يعلم ما هو لكن الجميع أرادوه».

وأضاف: «يشعر الناس الآن بخيبة أمل نوعاً ما، لأننا نشعر بأن شيئاً لا يتحرّك، لكن لا خيار أمامنا... إما الإبقاء عليه وإما التحدث مع الإسرائيليين بشكل غير رسمي».

من جانبه، علّق مصدر في المجال الإنساني زار المركز عدة مرّات لبحث مسألة إيجاد مراكز إيواء لمئات آلاف النازحين من جراء حرب غزة «في بعض الأحيان نعتقد أننا بلغنا الحضيض، لكننا نواصل الحفر».

تم تقديم المركز المقام في مستودع كبير في مدينة كريات غات في جنوب إسرائيل للجهات المعنية مثل المنظمات غير الحكومية والوكالات الأممية والدبلوماسيين، كجهة تبلور أفكاراً جديدة من أجل غزة ما بعد الحرب.

وأفاد الناطق باسم القيادة الوسطى الأميركية في الشرق الأوسط (سنتكوم)، الكابتن تيم هوكنز، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: بأنه «عندما افتتحناه أوضحنا أنه يركّز على أمرين: الأول تسهيل تدفق المساعدات الإنسانية واللوجيستية والأمنية إلى غزة، والثاني المساعدة في المراقبة الآنية لتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار».

وتفيد العديد من البلدان والجهات المعنية بالمجال الإنساني بأنها اندفعت إلى المشروع على أمل كسب شريك جديد يمكن التواصل معه لإيجاد الحلول، والمقصود هنا الولايات المتحدة.

«لا شيء تغيّر»

بعد شهرين على إطلاق مركز التنسيق المدني العسكري لغزة، قال العديد من العاملين في المجال الإنساني الذين تواصلت معهم «وكالة الصحافة الفرنسية» إنهم يشعرون بأن قدرة، أو رغبة، الولايات المتحدة في الضغط على إسرائيل محدودة.

وأورد مهندس في المجال الإنساني: «في البداية، أبلغَنا الأميركيون بأنهم بدأوا يكتشفون أن إسرائيل تحظر دخول مجموعة واسعة من السلع إلى غزة - القائمة الشهيرة للسلع ذات الاستخدام المزدوج - وبدوا في حالة صدمة واعتقدنا أننا سنتجاوز أخيراً هذه العقبة».

وتدارك: «لكن الحقيقة هي أن شيئاً لم يتغيّر على الإطلاق».

يتحدث من يزورون المركز عن مستودع كبير يجتمع فيه العديد من العسكريين الأميركيين والإسرائيليين خصوصاً، مع آخرين يعملون في المجال الإنساني ودبلوماسيين ومستشارين.

والطابق الأول مخصص للموظفين الإسرائيليين فيما الثالث للجنود الأميركيين. ويمنع زيارة أي من الطابقين.

أما الطابق الثاني حيث تم مد عشب اصطناعي، فهو منطقة استقبال مفتوحة حيث يجتمع دبلوماسيون وعاملون في وكالات الأمم المتحدة.

وقال دبلوماسي: «إنه أشبه بمساحة عمل مشتركة لكن الأفراد فيها يرتدون زياً موحداً». وشاهد آخرون زاروا المركز لوحاً كتب عليه سؤال مفاده «ما هي حماس؟».

وقال مصدر يعمل في المجال الإنساني: «تدور نقاشات بشأن كل شيء، من توزيع المياه والغذاء وصولاً إلى الأمن».

لكن دبلوماسياً لفت إلى أن «هذا ليس المكان حيث تُتّخذ القرارات»، مشيراً إلى قنوات نقاش موازية، بينها فريق يشرف عليه آرييه لايتستون، أحد مساعدي المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف في تل أبيب.

«فقدنا البوصلة الأخلاقية»

انتقد عدد من الدبلوماسيين والمصادر الإنسانية غياب الأصوات الفلسطينية وحقيقة أنه تمّت استشارتهم بسبب خبرتهم لكن ليس لاستطلاع رأيهم بشأن الطريقة المثلى للمضي قدماً.

وتكمن مشكلة أخرى في بروز أفكار يرفضها المجتمع الدولي إلى حد كبير، لا سيما إنشاء «مجتمعات آمنة بديلة» في غزة.

وتقوم الفكرة على جمع أهالي غزة الذين «تم التدقيق بشأنهم» وغير المرتبطين بـ«حماس» داخل مجتمعات مبنية من الصفر في «المنطقة الخضراء» في غزة، حيث ستتوافر خدمات أساسية تحت السيطرة العسكرية الإسرائيلية.

وقال دبلوماسي: «فقدنا البوصلة الأخلاقية للقانون».

وأضاف: «هناك تشنّج واضح جداً بين فكرة أن يُسمح للمرء بفعل أي شيء تقريباً (هذا الإبداع مطلوب) وطبيعة القانون الدولي الإنساني نفسه، وهو في ماهيته ثابت وغير قابل للتغيير».

أما الانتقادات الأكثر تكراراً فهي أن التساؤلات السياسية على غرار من يتعين عليه حكم غزة ومن يجب أن يتولى مسؤولية الأمن مستبعدة من النقاش، فيما تتجه النقاشات نحو تساؤلات عملية محورها السؤال «كيف».

وقال دبلوماسي: «يفكّرون في المكان الذي يتعيّن فيه إنشاء محطات معالجة مياه النفايات. لا يفكرون في هوية الشخص الذي سيتعيّن عليه تشغيل محطات معالجة مياه النفايات أو من يدفع للأشخاص الذين يشغلونها».

وفي نهاية المطاف، نددت عدة مصادر إنسانية ودبلوماسية بما عدّته إضاعة لوقتها من قبل مركز التنسيق المدني العسكري لغزة من أجل تحقيق نتائج لا تذكر.

وأقر الكابتن هوكنز بوجود بعض «التوترات والتحديات» من دون تقديم تفاصيل، لكنه لفت إلى نجاحات تحققت مثل فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات إلى غزة.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحقق تقدّماً... مع الإدراك تماماً أن ثمة مزيداً من العمل يتعيّن القيام به».