«هتلان ميديا» تسرد قصص نجاح 30 شخصية عالمية

في أول إصداراتها المطبوعة

غلاف «تجارب ملهمة»
غلاف «تجارب ملهمة»
TT

«هتلان ميديا» تسرد قصص نجاح 30 شخصية عالمية

غلاف «تجارب ملهمة»
غلاف «تجارب ملهمة»

تصدر شركة «هتلان ميديا» في باكورة إصداراتها المطبوعة كتاباً مصوراً بعنوان «تجارب مُلهمة – 30 شخصية عالمية»، الذي ستطرح أولى نسخه في معرض الشارقة الدولي للكتاب المقرر انطلاقه في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) يستمر إلى 15 نوفمبر الحالي. يستعرض الكتاب قصص نجاح ملهمة لثلاثين شخصية عالمية بهدف تسليط الضوء على نجاحات عالمية تحمل في مسيرتها قصصا وعبرا ملهمة لكل طامح في التفوق والتميز. وأوضح المؤلف في مقدمة الكتاب، وهو الإعلامي د. سليمان الهتلان، والرئيس التنفيذي لـ«هتلان ميديا»، أن المشروع جاء امتداداً لبرنامجه الإذاعي «تجارب ملهمة» الذي بثته إذاعة (MBC FM) خلال شهر رمضان الماضي.
ويروي الكتاب بشكل مختصر بعض جوانب التميز العالمي في تجربة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء، حاكم دبي، الذي قفز بدبي إلى مصاف المدن العالمية ذات البنية التحتية والحراك الاقتصادي المبهر، كما جاء من بين الشخصيات التي تناولها الكتاب كل من عبد الله الطريقي، أول وزير للبترول في المملكة العربية السعودية، ومجدي يعقوب، جراح القلب الشهير، والمفكر الراحل إدوارد سعيد. وجمع الكتاب بين شخصيات عالمية تفوقت في الصناعة والطب والتجارة والأدب والرياضة وتكنولوجيا المعلومات من أمثال الروائية العالمية جوان رولينج، وجيف بيزوس، مؤسس موقع «أمازون دوت كوم» وسويتشيرو هوندا مؤسس شركة «هوندا».
وقال المؤلف: «هناك ثلاثون قصة نجاح عالمية تتقاطع عبرها قصص الكفاح والإصرار والإبداع والتفكير خارج الصندوق المعتاد والرتيب. في هذه التجارب الملهمة ما قد يفتح بعض نوافذ الأمل لكل طامح في تحقيق التفوق والتميز على المستويين الشخصي والعملي». وركز الكتاب، الذي جاء في 150 صفحة، على عنصر الصورة حيث ترافق قصة كل شخصية في الكتاب صفحات مصورة لتشجيع القارئ الشاب على تصفح هذه التجارب العالمية بشغف واهتمام لما تملكه الصورة من قدرة تعبيرية تفوق قدرة الكلمات. وسيتاح الكتاب لاحقاً للمهتمين عبر المكتبات ومواقع بيع الكتب الإلكترونية.
وبهذا الإصدار، تدشن «هتلان ميديا» مجالاً جديداً من أعمالها وهو النشر ليضاف إلى سلسلة أنشطتها الواسعة في مجال الخدمات الإعلامية والتدريب. وصرّح د. سليمان الهتلان، المدير التنفيذي لـ«هتلان ميديا» بأن الشركة تعتزم نشر المزيد من الكتب المصورة بأعلى معايير النشر العالمية خاصة وأن السوق العربية ما زالت بحاجة لمثل هذا النوع من الإصدارات».
و«هتلان ميديا» هي مؤسسة إعلامية رائدة متخصصة في تقديم الاستشارات الإعلامية، وإدارة العلاقات العامة والحملات الإعلامية، والتدريب الإعلامي، وتطوير المحتوى، والترجمة. وتمتد تجربتها لأكثر من 20 عاماً في مجال الإعلام في دول الخليج العربي.



المرأة الجاهلية ترشد الشعراء إلى مطالع قصائدهم

المرأة الجاهلية ترشد الشعراء إلى مطالع قصائدهم
TT

المرأة الجاهلية ترشد الشعراء إلى مطالع قصائدهم

المرأة الجاهلية ترشد الشعراء إلى مطالع قصائدهم

لم يكن العرب الجاهليون هم الذين استولدوا من عندياتهم نوازع العشق والصبابة والشغف بالأنوثة، ولا كانوا السباقين إلى شعر الحب والغزل بين الأمم، بل كانت هذه النوازع وتعبيراتها في اللغة والفن، لصيقة بالبشر منذ عصر الكهوف والمجتمعات البدائية الأولى. ومع ذلك فقد كان احتفاؤهم المفرط بالمرأة وإفرادهم لها مكانة خاصة في حياتهم وشعرهم، ثمرة تضافر وثيق بين طبيعة المكان الصحراوي، بهدوئه الشاعري أو تقلباته المناخية القاسية، وبين طبيعة الحياة المعيشة والآهلة بأشكال مختلفة من القسوة والعنف وفقدان الأمان.

فحيث لا تعرف الصحراء مجالاً للاعتدال، وحيث شمس النهار الحارقة تسلط أشعتها على الكثبان وتحولها إلى مساحات مترامية من الأديم الساخن، وحيث الجفاف والجدب يثلمان الأرواح قبل الأجساد، تتحول المرأة بما تملكه من عذوبة الحضور إلى حالة مائية قادرة على سد حاجة الرجل العاشق إلى السكينة والارتواء. ولم يكن ليل الجاهلي بالمقابل أرفق به من النهار. صحيح أن البرودة الليلية المنعشة كانت تتيح له التخفف من الوطأة القاسية للقيظ، بينما كان الصمت الهائل للوجود، والسماء المضاءة على اتساعها بعدد لا يحصى من النجوم، يوفران لشاعريته الفطرية كل أسباب الانبثاق والتوهج، لكن الصحيح أيضاً أن الليل بسواده الحالك وامتداده اللانهائي، وإغضائه على أحابيل الأعداء ومكائدهم، كان يتحول إلى حصالة دائمة للأشباح والكوابيس.

إن الليل بالنسبة لمن يتهدده القلق الخوف، أو للممعن في التيه هرباً من بطش أعدائه، أو للمنتظر حبيباً تأخر عن موعده، لا يعود مساوياً لمساحته الزمنية وحدها، بل هو يمعن في بطئه، حتى تبلغ الثانية فيه مقدار ساعة من الزمن، وتوازي الساعة دهراً بكامله. ولعل ما نظمه امرؤ القيس في معلقته من توصيف لمعاناته مع الليل، وتعقُّبٍ دقيق لما كان ينتابه خلاله من وساوس، يشكل أحد التجليات الأمثل للشعرية الجاهلية، التي يلتقي فيها المحسوس بالمجرد، والتشكيل المشهدي بالتقصي العميق لأغوار النفس الإنسانية، كما في قوله:

وليلٍ كموج البحر أرخى سدولهُ

عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي

فقلت له لما تمطّى بصُلْبهِ

وأردف أعجازاً وناء بكلكلِ

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ

بصبحٍ وما الأصباحُ منكَ بأمثلِ

وإذا كان ليل النابغة الذبياني لا يختلف كثيراً عن ليل امرئ القيس، حيث البطء نفسه والخوف إياه، فالأمر ليس عائداً إلى تشابه الصحارى فحسب، بل إلى تشابه مماثل في ظروف الشاعرين وتجربتهما الحياتية. فإذا كان ليل امرئ القيس الثقيل انعكاساً لمقتل أبيه المأساوي، فإن مكابدات النابغة مع الليل وأشباحه السوداء كان سببها خلافه المستحكم مع النعمان بن المنذر، بعد أن غضب عليه هذا الأخير بسبب تغزله الصريح بزوجته المتجردة. ولذلك فهو يطلب من ابنته أميمة أن تعفي نفسها من تبعات ما اقترفت يداه، وأن تتركه وشأنه في مواجهة ليله البطيء، الذي يتخلى عن بطئه أحياناً لينقض على الشاعر المثقل بمخاوفه، متخذاً صورة القضاء والقدر، فيهتف النابغة بالنعمان:

وإنك كالليل الذي هو مدركي

وإن خلتُ أن المنتأى عنكَ واسعُ

وقد وجد بعض الشعراء الجاهليين، كالصعاليك والخارجين على السلطة والمحكومين بلعنة الخوف على المصير، ضالتهم المنشودة في الهجوم على الحياة واقتحامها بلا هوادة، كما فعل طرفة بن العبد، الذي رأى في الخمر والفروسية والحب الجسدي، ثالوثه الأنجع لمواجهة عالم الصحراء المأهول بالوساوس. ومع أن الشاعر المترنح على الحبال الفاصلة بين العبث الوجودي والقاع الحزين للأشياء، لم يلبث أن قضى شاباً على يد الملك عمرو بن هند، إلا أنه وجد في اختلائه بامرأة دافئة ومكتنزة اللحم، أو «ببهكنة تحت الخباء المعمَّد»، أفضل ما يقصّر به ليله الطويل، كما يشير في معلقته.

وإذا كان التعلق المفرط بالمرأة لدى الجاهليين متصلاً من بعض نواحيه بالحاجة إلى التعويض الرمزي عن شح الموارد الطبيعية ونقصان مباهج الحياة، فإن جانباً من سلوكياتهم فرضه الخلل الواضح بين الجسد وفضائه المكاني، حيث يشعر البدوي بضآلة حضوره إزاء الامتداد اللانهائي للخلاء المقفر. وهو إذ ينكمش على وحشته مكتنفاً بالخوف من المجهول، يرى نفسه من جهة أخرى ملزماً بالخروج من خيمته، بحثاً عما تضمه الصحراء في واحاتها المتباعدة من الماء والكلأ. الأمر الذي يضعه في حالة صدام حتمي مع الآخرين الذين يزاحمونه دون رحمة على المصادر الشحيحة للعيش. وقد تتحول النزاعات بين القبائل إلى دوامة من الاقتتال، لا تخمد نيرانها إلا بعد سنين طويلة من الاضطرام، كما حدث في حربي البسوس وداحس والغبراء.

وليس بالأمر العادي أن تحتكر المرأة بوجوهها المختلفة أبرز المطالع التي استهل بها الشعراء الجاهليون قصائدهم ومعلقاتهم.

فالمطالع وفق معظم النقاد هي المفاتيح النفسية والتعبيرية لقصائد الشعراء، وهي التي يتم وفق هندستها الوزنية وتركيبها اللغوي، ترسيم النصوص وتنظيم مساراتها الأسلوبية وتموجها الإيقاعي. كما لا نملك ألا نتوقف قليلاً عند مسألتين اثنتين مهمتين، تتعلق أولاهما بالتلازم بين النساء والأطلال في الكثير من النصوص التي وصلتنا، بينما تتعلق الثانية بكون المرأة التي يرد ذكرها في مطالع القصائد، هي ليست بالضرورة حبيبة الشاعر ومعشوقته، بل يمكن أن تكون زوجته أو ابنته أو أخته في بعض الأحيان.