فريق يمني يقود جهوداً لـ«توحيد الصف الجمهوري»

لقاءات مرتقبة تشمل نجل صالح وقيادات حزبية في مسقط وإسطنبول

أطفال يمنيون في إحدى زوايا سوق شعبية بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون في إحدى زوايا سوق شعبية بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

فريق يمني يقود جهوداً لـ«توحيد الصف الجمهوري»

أطفال يمنيون في إحدى زوايا سوق شعبية بصنعاء أمس (إ.ب.أ)
أطفال يمنيون في إحدى زوايا سوق شعبية بصنعاء أمس (إ.ب.أ)

شرع ناشطون وسياسيون يمنيون قبل أيام في تنفيذ تحركات مكثفة في أوساط القوى والأحزاب وقيادات الشرعية، أملاً في التوصل إلى وثيقة «لتوحيد كل القوى والتيارات لمواجهة المشروع الحوثي ونبذ الخلاف في صفوف القوى المؤيدة للشرعية».
وذكرت مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن ناشطين يمنيين يتصدرهم محمد المسوري، محامي الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، أجروا خلال الأيام الماضية سلسلة لقاءات في الرياض مع قيادات في الشرعية وقادة حزبيين «في سياق الجهود المبذولة لتوحيد الصف الجمهوري أمام الخطر الحوثي».
وعرض فريق الناشطين على القيادات الحزبية، بحسب المصادر «وثيقة تسعى لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين وتوحيد الخطاب الإعلامي ونبذ الخلافات، وتقوية العلاقات بين الأحزاب والعمل تحت مظلة الدولة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي».
وأكد المسوري لـ«الشرق الأوسط» أن الفريق «أعد مشروع اتفاق بين الأطراف السياسية الجمهورية من دون استثناء أحد منها، لتتوحد تحت مظلة الشرعية، وتبذل كل الجهود السياسية والعسكرية والاقتصادية لإنهاء الانقلاب واستعادة الدولة وتأجيل المواضيع الخلافية كافة بين الأطراف إلى ما بعد استعادة الدولة لتحل حينها بالآليات الممكنة والمسارات المتاحة».
وتقترح الوثيقة، وفق المسوري، تشكيل مجلس تنسيقي من كل الأحزاب والمكونات السياسية يحدد اللوائح والأطر والأنظمة الخاصة بعمله ويشكل لجاناً سياسية وعسكرية وإعلامية واقتصادية تطرح توصيات تعرض على الرئيس هادي للتوجيه بالعمل بها، تمهيداً لانطلاق عملية التحرير بعد أن باءت كل مساعي السلام مع الحوثيين بالفشل.
ولوثيقة الاتفاق، بحسب رئيس الفريق، مقدمة تتضمن الأسباب الداعية لإقامة مثل هذا المجلس التنسيقي، معتبراً أنها «داعمة للتحالف الوطني الحزبي» الذي كان أعلن عنه في سيئون في أبريل (نيسان) الماضي، والذي قال إنه «لم يشمل الجميع، بل اقتصر على البعض».
وقال المسوري: «لقاءاتنا الأولية مع نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس حزب المؤتمر مستشار الرئيس أحمد عبيد بن دغر، ومستشار الرئيس محمد العامري والدكتور عبد الرب السلامي، ومع رئيس حزب (الإصلاح) محمد اليدومي، كانت كلها إيجابية بشكل كبير».
وأوضح أن «كل القيادات التي التقيناها مستعدة للتوقيع على الوثيقة، إلا أن البعض طلب الاطلاع عليها وإبداء الملاحظات». كما كشف عن وجود اتصالات يقوم بها الفريق مع أحمد علي صالح، نجل الرئيس الراحل، للترتيب لزيارته، إضافة إلى وجود اتصالات مع قيادات حزبية وسياسية أخرى من كل المكونات في الرياض ومسقط وأبوظبي وإسطنبول ضمن مساعي الفريق لتوحيد القوى اليمنية في مواجهة الحوثيين.
ويرى المساندون لمساعي «توحيد الصف» أن هذه الخطوة برزت في الآونة الأخيرة «استجابة للتحديات الراهنة التي تهدد كيان الدولة اليمنية ونظامها الجمهوري نتيجة للتفكك والصراعات البينية داخل معسكر الشرعية». ويعتقد الناشط السياسي والحقوقي همدان العليي أن «توحيد الصف مهم جداً لكن الأمر بحاجة إلى قرار حقيقي من القيادات السياسية».
وقال العليي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوثي يستمد قوته من 3 عوامل أساسية هي فقر وجهل وخلافات اليمنيين، ولهذا يعمل على صناعة هذه العوامل». وأضاف: «نحن بحاجة فعلاً لتوحيد الصف وأي جهود تعمل من أجل ذلك إيجابية ولا يجب أن نقلل من هذه الجهود على الإطلاق بل يجب دعمها والوقوف إلى جانبها حتى لو اعتقدنا أن هذه الجهود لن تخلص إلى نتيجة، فتوحيد الصف بحاجة في المقام الأول إلى أن يعمل كل طرف على تجاهل أحقاد الماضي».
وكانت المصادر الرسمية اليمنية نسبت إلى نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر قوله إن «الأزمة التي يعيشها اليمنيون تتطلب مسؤولية وطنية عالية ووحدة جمهورية تتجاوز الخلافات وتلتف حول قيادة الشرعية بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي للحفاظ على المكتسبات الوطنية وأهداف الثورة اليمنية واستعادة الدولة وبناء اليمن الاتحادي الجديد».
ودعا الأحمر، وفق وكالة «سبأ»، كل «الجمهوريين بمختلف توجهاتهم السياسية إلى وحدة الصف والترفع عن المماحكات ونسيان خلافات وسلبيات الماضي، والاتجاه نحو الهدف الذي يجمع كل الأحرار الوطنيين والجمهوريين لإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران واستعادة الدولة اليمنية».
ولم تكن هذه الدعوات لتوحيد الصف في مواجهة الانقلاب هي الأولى من نوعها، فقد سبق أن أطلق سياسيون وناشطون دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي من أجل تشكيل تحالف بين حزبي «المؤتمر الشعبي» و«التجمع اليمني للإصلاح» بحيث يشكل نواة لتوحيد ما وصفوه بـ«الصف الجمهوري» في مواجهة الانقلاب الحوثي.
وكان القيادي في «المؤتمر» أحمد عبيد بن دغر، وهو رئيس الحكومة السابق ومستشار الرئيس اليمني الحالي، قد أبدى في بيان بثه على صفحته في «فيسبوك» تأييده لدعوات توحيد الحزبين في تحالف وطني. وقال بن دغر إن «الواجب الوطني يفرض علينا تلبية كل دعوة مخلصة من شأنها دعم جهود تعزيز وتمتين عرى التضامن الوطني لإنقاذ بلادنا من هزيمة محتملة، ودمار هائل أسبابه واضحة، وتقسيم يدبر ويخطط له بعناد في السر والعلن».
وأفضت جهود سابقة إلى إشهار تحالف وطني للأحزاب اليمنية المؤيدة للشرعية في أبريل الماضي يتصدره قياديون من حزب «المؤتمر الشعبي» الجناح الموالي للرئيس هادي وحزب «الإصلاح»، غير أن غالبية قيادات حزب «المؤتمر» الموالية للرئيس الراحل علي عبد الله صالح والمقربين أو الخاضعين للميليشيات الحوثية في صنعاء لم يكونوا ضمن التحالف.
وحينها قال مستشار الرئيس الدكتور رشاد العليمي الذي اختير بالإجماع رئيساً دورياً للتحالف الحزبي إن الأحزاب اليمنية «تعلمت الدرس ووصلت لنتيجة مفادها أن خلافاتها وانقساماتها كان لها دور رئيسي في سيطرة الميليشيات الحوثية على الدولة ومؤسساتها». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» آنذاك أن «التحالف الجديد الذي تأخر كثيراً سيعمل على استعادة الدولة وإعادة الأمن لليمن».


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.