أبقت ألمانيا التي تعد منذ أشهر حلاً للأزمة الليبية، على تفاؤلها بإمكانية إنهاء الصراع هناك، رغم الخروقات المتكررة للهدنة، إلا أن الأمم المتحدة بدت أقل تفاؤلا. وفي الاجتماع الأول للجنة المتابعة التي انبثقت عن «مؤتمر برلين»، وانعقدت في ميونيخ على هامش «مؤتمر الأمن»، عبرت الأمم المتحدة عن «قلقها» إزاء حصول انتهاكات كثيرة لوقف إطلاق النار وحظر الأسلحة، وذلك بعد شهر من مؤتمر برلين الدولي الذي كان الهدف منه وضع عملية السلام على الطريق في هذا البلد.
وقالت ستيفاني ويليامز نائبة المبعوث الأممي إلى ليبيا إن قرار «حظر السلاح» أصبح «دعابة»، ودعت «لمحاسبة» الدول التي تخرق هذا القرار. وأضافت ويليامز خلال مؤتمر صحافي في ميونيخ بعد الاجتماع الدولي حول ليبيا، أنه «رغم بعض المؤشرات الإيجابية، يبقى الوضع مقلقا للغاية ميدانيا (...) الهدنة تبقى مهددة بالسقوط مع إحصاء انتهاكات كثيرة - أكثر من خمسين - والشعب الليبي ما زال يعاني، والوضع الاقتصادي مستمر في التدهور، وقد تفاقم بفعل الحصار المفروض على المنشآت النفطية». وشارك في اجتماع أمس، ماس ووزراء خارجية أوروبيون ومن الولايات المتحدة والإمارات ومصر والجزائر وتركيا والاتحاد الأفريقي. كما شارك في الاجتماع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف بعد أن غادر وزير الخارجية سيرغي لافروف ميونيخ ليل أمس. وألقى المسؤولون الأتراك والروس، قبل يوم الاتهامات في ميونيخ، بالمسؤولية عن خرق اتفاق وقف النار في ليبيا.
وفي مؤتمر صحافي عقده ماس وويليامز التي شاركت في الاجتماع بالنيابة عن المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة، قال وزير الخارجية الألماني إن المجتمعين دعوا الأطراف الليبية للحفاظ على الهدنة والتسريع في مفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار التي تجريها لجنة عسكرية ليبية تضم 5 ممثلين عن الجيش الوطني و5 آخرين عن حكومة الوفاق في طرابلس، وكانت اجتمعت في جنيف مطلع فبراير (شباط) الحالي. وستعقد هذه اللجنة العسكرية اجتماعات جديدة يوم غد. وناقش المجتمعون بحسب ماس «الخروقات الكثيرة لقرار حظر السلاح وصمموا على المساهمة بتطبيقه ورحبوا بالجهود الجارية للاتفاق على آلية لمراقبة حظر السلاح». وكان سلامة قد اتهم أطرافا موقعة على الاتفاق بعدم الالتزام به، في إشارة لتركيا وروسيا، وذلك في الكلمة التي ألقاها أمام مجلس الأمن قبل التصويت على مقررات برلين.
وكشف ماس خلال المؤتمر الصحافي أن الاتحاد الأوروبي سيلعب دوراً في مراقبة حظر السلاح، وتحدث عن إمكانية استخدام الأقمار الصناعية للمراقبة. وأشار إلى أن الأسلحة تصل إلى الأطراف الليبية براً وبحراً وجواً، ما يعني أنه سيتعين مراقبة كل هذه المنافذ وأيضاً التأكد من أن المراقبة تطال جميع الأطراف.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو عن أسفه «للتباين المستمر بين الخطاب الدبلوماسي والسلوك والوقائع على الأرض». وتابع: «للأسف (...) ما يجري في هذه الأثناء في ليبيا يختلف كثيرا عما كُتب في برلين».
وكان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل قد تحدث عن إمكانية تفعيل ما يعرف بعملية صوفيا البحرية لمراقبة السفن الداخلية إلى ليبيا، لكن ماس قال إن هذا الأمر قد لا يكون ضرورياً وقد يمكن الاستعاضة عنه بالمراقبة عبر الأقمار الصناعية. وعملية صوفيا هي عملية بحرية كان أطلقها الاتحاد الأوروبي عام 2015 بهدف مراقبة شبكات تهريب المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط، ومراقبة تنفيذ قرار حظر السلاح إلى ليبيا. وأوقفت بروكسل عملية صوفيا في مارس (آذار) 2019، واستعاضت عنها بعمليات مراقبة جوية. ولكن إيقافها عرض بروكسل للكثير من الانتقادات من منظمات إنسانية لأن ذلك ساهم في زيادة كبيرة بأعداد القتلى من المهاجرين غير الشرعيين وهم يعبرون عبر المتوسط، خاصة أن سفن «صوفيا» كانت تنفذ عمليات إنقاذ للمهاجرين.
ويناقش وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم تفاصيل الخطوات التي يمكن اتخاذها لمراقبة حظر السلاح، فيما يُفترض أن تستضيف جنيف بعد 10 أيام جولة محادثات سياسية ليبية ـ ليبية. وخطة سلامة للحل في ليبيا تقضي بتنفيذ 3 مسارات، أحدها عسكري يعمل على تثبيت الهدنة، والثاني اقتصادي بعقد أول اجتماعات في تونس مطلع الشهر الحالي، والأخير سياسي وهو الذي ينطلق في 26 فبراير. واتفق المجتمعون في ميونيخ على أن تعقد لجنة المتابعة الدولية للأزمة الليبية لقاءات دورية، وأن تتناقل الدول المشاركة بها رئاستها. وسترأسها إيطاليا بعد ألمانيا، على أن تستضيف روما الاجتماع المقبل، ثم الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي.
«مؤتمر ميونيخ» حول ليبيا يناقش مراقبة حظر السلاح
الأمم المتحدة تحدثت عن تسجيل أكثر من 50 انتهاكاً... ودعت إلى «محاسبات»
«مؤتمر ميونيخ» حول ليبيا يناقش مراقبة حظر السلاح
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة