لبنان: لا رأي موحداً حول دفع الدين

بري يضغط لاعتماد حل للكهرباء يخالف رأي «الوطني الحر»

TT

لبنان: لا رأي موحداً حول دفع الدين

ما إن نالت حكومة الرئيس حسان دياب ثقة البرلمان اللبناني حتى بدأت تستعد لمواجهة استحقاقين: الأول يتعلق بتأمين سداد سندات الدين باليوروبوند بقيمة مليار و200 مليون دولار، التي تستحق في الثامن من مارس (آذار) المقبل في ضوء عدم وضوح الرؤية لدى الدولة التي ما زالت عالقة على خطة طوارئ وعدت بها الحكومة في بيانها الوزاري ويُفترض أن تكون جاهزة قبل نهاية الشهر الحالي. والثاني يتناول الالتفات إلى إعداد خطة وبأقصى سرعة، من شأنها أن تؤمن الحلول الدائمة لإنتاج الطاقة من أجل الاستغناء عن الحلول المؤقتة لإنتاجها من خلال الاعتماد على استئجار البواخر لتوليدها.
وبالنسبة للاستحقاق الأول، قالت مصادر وزارية ونيابية بارزة لـ«الشرق الأوسط»: لم تنتهِ إلى بلورة موقف موحّد الاجتماعاتُ الوزارية للجنة المكلفة بوضع تصوّر للخيار النهائي الذي ستتخذه الحكومة في خصوص سداد سندات الدين في موعدها أو تأجيل دفعها، والتي سبقها اجتماع موسع عُقد في بعبدا وشارك فيه إلى جانب رئيسي الجمهورية ميشال عون والحكومة رئيس المجلس النيابي نبيه بري والوزراء المعنيون وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس جمعية المصارف سليم صفير.
وأضافت هذه المصادر أن الحكومة لم تتخذ حتى الساعة القرار النهائي الذي يدفع باتجاه حسم موقفها بين خيارين: الأول يحبّذ سداد سندات الدين في موعده، والثاني يدعو إلى تأجيل الدفع شرط أن لا يتم من جانب الدولة اللبنانية من دون التفاهم على تأجيل سدادها مع الجهات الدائنة. ولفتت إلى أن لكلٍّ من الخيارين حسناته وسيئاته، وقالت إن القرار النهائي للحكومة يتوقف على مضامين الاستشارة الفنية التي ستقدّمها للحكومة بعثة صندوق النقد الدولي التي يتوقع وصولها قريباً إلى بيروت.
وأكدت المصادر ذاتها أن «بعثة صندوق النقد الدولي لن تقوم بمساعدة لبنان على بياض من دون أن تكون الحكومة قد أعدت لائحة بالخيارات التي ستتخذها في حال قررت سداد الدين أو طلبت تأجيل الدفع شرط أن تكون مقرونة بجدول تبيّن فيه حسنات وسيئات الخيار النهائي لقرارها». ورأت أنه «ليس في مقدور الحكومة أن تتخذ قرارها استناداً إلى ما يروّج إليه بعض أركان الدولة لجهة اعتبارهم أن الامتناع عن تسديد السندات أمر سيئ، لكن الأسوأ تسديدها في موعدها». وقالت إن «مجرد المضي في اتخاذ قرار من هذا القبيل سيؤدي إلى زعزعة الثقة الدولية بلبنان لامتناعه عن السداد من دون التفاهم مع الجهات الدائنة». ودعت هذه المصادر الحكومة إلى احتساب تداعيات أي قرار ستتخذه على المستويين السياسي والاقتصادي، قائلة: «لا يكفي القول إن لبنان ليس الدولة الوحيدة التي تمتنع عن سداد سندات الدين وإن هناك الكثير من الدول التي سبقته، مع أنها لم تتخذ قرارها من دون العودة إلى الجهات الدائنة».
وشدّدت على أن هناك ضرورة لإقناع الصندوق الدولي بالأسباب الموجبة لسداد سندات الدين كشرط لموافقة الأخير على مساعدة الحكومة، شرط أن تتكفل بجدولة تسديدها لاحقاً، خصوصاً أن الاستحقاقات الخاصة بالدفع بما فيها الاستحقاق الحالي لهذا العام تبلغ حوالى 4 مليارات و200 مليون دولار.
وقالت إن من الارتدادات السلبية المترتبة على قرار الحكومة بسدادها للدين المستحق حالياً، تكمن في وجود معارضة في الداخل انطلاقاً من احتجاج المودعين على حجب ودائعهم، إضافة إلى رد فعل القطاعين الزراعي والصناعي على خلفية تقنين السحوبات التي تؤدي حتماً إلى تراجع الإنتاجية المرجوّة منهما، وأيضاً حجب الأموال التي من دونها لا يمكن استيراد الاحتياجات الدولية. أما على صعيد قطاع الكهرباء، فعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن الرئيس بري اتخذ قراره لجهة أن لا مبرر للتأخير في التحضير الذي يقود إلى اعتماد الحلول الدائمة لتوليد الطاقة من خلال بناء معملين لهذا الغرض، الأول في الجنوب والثاني في الشمال، وبالتالي ليس هناك من جدوى لبناء معمل في منطقة سلعاتا في البترون في شمال لبنان.
وكشفت المصادر نفسها أن القرار الذي اتخذه بري سيكون على رأس جدول أعمال لقاءاته برئيسي الجمهورية والحكومة نظراً إلى أن الحكومة في بيانها الوزاري لم تحسم أمرها وإن كانت أقرب إلى الاعتماد على البواخر انحيازاً إلى خيارات رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل الحاضر الأول في حكومة «مواجهة التحديات» من خلال إسناد وزارة الطاقة إلى أحد مستشاريه. وأكدت أن بري قرر أن يحشر الجميع، لأنه من غير الجائز الاعتماد على الحلول المؤقتة في ظل ارتفاع منسوب العجز في خزينة الدولة وتحديداً من جراء قطاع الكهرباء. وقالت إن الأخير سيطغى على الجلسات النيابية وقد يؤدي إلى كهربة الأجواء بين البرلمان والحكومة في حال أن الأخيرة لم تحسم أمرها وتقرر السير بخطوات ملموسة دعماً لموقف رئيس المجلس الذي يعبّر عنه باستمرار النواب الأعضاء في كتلته النيابية.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».