«عراب التضليل الإعلامي» ينشر معلومات يصدقها الأميركيون المحافظون

صحافى يتصفح موقع كريستوفر بلير في واشنطن (أ.ف.ب)
صحافى يتصفح موقع كريستوفر بلير في واشنطن (أ.ف.ب)
TT

«عراب التضليل الإعلامي» ينشر معلومات يصدقها الأميركيون المحافظون

صحافى يتصفح موقع كريستوفر بلير في واشنطن (أ.ف.ب)
صحافى يتصفح موقع كريستوفر بلير في واشنطن (أ.ف.ب)

يؤكد كريستوفر بلير الذي يقوم بتحرير مقالات تتضمن أنباء كاذبة تجذب الملايين من رواد الإنترنت في الولايات المتحدة، أن مواضيعه ترتدي طابع السخرية بشكل واضح، لكن جزءاً من المحافظين يعتقدون أنها صحيحة.
يدير بلير (48 عاماً) ثمانية مواقع إلكترونية وخمس صفحات على مواقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي من منزله الواقع في ولاية مين الأميركية. وهو يذكر بأن المعلومات التي يوردها في مقالاته «عبثية»، ويعطي مثالاً على ذلك مقالاً كتب فيه أن ولاية الرئيس دونالد ترمب يمكن أن تمدد ثلاث سنوات، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن العديد من الأشخاص الذين يعتقدون أن هذه المضامين ترتكز على وقائع، يقومون بمشاركتها، مساهمين بذلك في نشر أنباء كاذبة على الإنترنت.
كل هذا رغم التحذيرات الكثيرة المرافقة للمقالات. فقد كتب بلير على منشوراته «سخرية» و«نبأ كاذب» و«لا شيء على هذه الصفحة صحيح»، وتظهر هذه التنبيهات ما إن يضغط أي شخص على المقال لقراءته بدل أن يعيد نشره مباشرة، معتمداً على العنوان وحده. لكن معظم مستخدمي الإنترنت لا يقومون بذلك.

ويؤكد كريستوف بلير الذي يقول إنه «متصيد تقدمي»، ويصف نفسه بالناشط، أنه يعرف «جمهوره» المحافظ بفضل سنوات من الخبرة. وهو لا يكن له احتراماً كبيراً.
ويقول: «نبلغ هؤلاء الأشخاص بأنهم يقومون بمشاركة مواضيع ساخرة لكن هذا لا يغير شيئاً»، مشيراً إلى أن «الحقيقة لم تعد أمراً مهماً بالنسبة لهم. الأمر الوحيد الذي يعنيهم هو مواصلة تأجيج مشاعر الكراهية والخوف».
والتضليل الإعلامي مشكلة كبرى في السباق إلى البيت الأبيض في 2020. لكن كريستوفر بلير يقول إنه من الواضح أن قراءه تبنوا آراءهم وأن محتويات مقالاته «لن يكون لها أي تأثير على الاقتراع».
قال بلير إنه حاول أولاً مناقشة رواد للإنترنت على صفحات لمحافظين، لكن «الأمر غير مجد». وأضاف: «لا يقومون سوى بتوجيه الإهانات واتهامكم بأنكم تكرهون أميركا».
لذلك لجأ إلى تغيير استراتيجيته. فبدأ «بالتصيد بهدف الضحك»، أي السعي لإثارة الجدل والتدخل في نقاش جار بمساهمات لا علاقة لها به لتخريبه أو إخراجه عن مساره. وتطور عمله بعد ذلك وبات يحاول «قول الحقيقة كما هي للذين لا يستطيعون التعلم بطريقة أخرى».
وقال إن «الأشخاص الذين يعيدون نشر محتوياتنا لا يهتمون بالحقيقة. إنهم يقومون بمشاركة نحو 500 منشور يومياً معظمها مليئة بالأكاذيب التي تنطوي على كراهية»، موضحاً أنه «عندما يعيدون نشر شيء ما من إنتاجنا، يمكننا وضعهم أمام مسؤولياتهم».
وهناك مجموعة «تضم مئات المتصيدين» الذين «يراقبون الصفحات» ويبلغون الأشخاص الذين يتشاركون محتوياتها بأنها مضامين ساخرة.
وأوضح بلير أن «المنطق والعقل لا تأثير لهما على هؤلاء الناس، لكنهم يتسمون بالحساسية حيال العار». إلا أن البعض لا يرون أن هذا الأسلوب مفيد أو غير مضر.
وقال غراهام بوكي مدير مركز الأبحاث المتخصص بمسائل التضليل الإعلامي في معهد «المجلس الأطلسي» للدراسات إن «هذا النوع من المضامين يزعزع قاعدتنا من الحقائق المشتركة، وبدونها من الصعب أن نبقى مجتمعاً يلتئم ويتخذ قرارات جماعية».
قبل أن يطلق موقعه الساخر «أميركا لاست لاين أوف ديفنس» (الخط الدفاعي الأخير لأميركا) في 2016، كان كريستوفر بلير مدوناً سياسياً.
وهو يحصل اليوم على عائدات الدعايات الإعلانية المرتبطة بشبكة المواقع الإلكترونية التي يملكها وتتألف من 26 مليون صفحة تمت مشاهدتها في 2019. لكنه يرفض كشف هذا المبلغ.
وقال: «هل أكسب مالاً بفضل ذلك؟ نعم. هل أنا في طور أن أصبح غنياً وأجني 300 ألف دولار سنوياً؟ لا»، مؤكداً أنه «عمل بدوام كامل».
ومع أنه ينتج محتويات مثيرة للجدل، يؤكد بلير الملقب بـ«عراب التضليل الإعلامي» أن هناك حدوداً يرفض تخطيها. فهو لن يذهب إلى حد كتابة مقال يؤكد أن موعد انتخابات ما تغير.
وفي قسم التعريف بمواقعه الإلكترونية، وضع بلير رداً على معارضيه كتب فيه «إذا كنتم تقرأون هذه المواضيع وتتصورون أن أشخاصاً عاقلين يمكن أن يعتقدوا أنها صحيحة، فعليكم الخروج فوراً والسعي للحصول على بعض من روح الفكاهة».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».