انقلابيو اليمن ينغصون يوم الحب بحملات تتعقب «اللون الأحمر»

صورة تداولها ناشطون بوسائل التواصل الاجتماعي لعنصر أمني حوثي اعتقل يمنياً وضع شرائط حمراء على سيارته بمناسبة «يوم الحب»
صورة تداولها ناشطون بوسائل التواصل الاجتماعي لعنصر أمني حوثي اعتقل يمنياً وضع شرائط حمراء على سيارته بمناسبة «يوم الحب»
TT

انقلابيو اليمن ينغصون يوم الحب بحملات تتعقب «اللون الأحمر»

صورة تداولها ناشطون بوسائل التواصل الاجتماعي لعنصر أمني حوثي اعتقل يمنياً وضع شرائط حمراء على سيارته بمناسبة «يوم الحب»
صورة تداولها ناشطون بوسائل التواصل الاجتماعي لعنصر أمني حوثي اعتقل يمنياً وضع شرائط حمراء على سيارته بمناسبة «يوم الحب»

مثل كل عام، حرصت الميليشيات الحوثية على أن تكثف من حملاتها القمعية في صنعاء لملاحقة كل شيء أحمر، من ملابس وورود ومظاهر، في سياق سعيها للتضييق على المحتفلين بمناسبة يوم الحب، وهو ما أسفر عن اعتقال العشرات من الشبان والفتيات، وفق مصادر محلية.
وذكرت المصادر أن عناصر حوثية مسلحة شنت حملات اعتداء ومطاردة وترويع واعتقال، طالت العشرات في صنعاء، ومدن يمنية أخرى بتهمة الاحتفاء بعيد الحب وتبادل الورود وارتداء الملابس باللون الأحمر.
وبدأ المسلحون الحوثيون شن حملتهم يومي الخميس والجمعة الماضيين في الشوارع والحدائق والمحلات والأماكن العامة والمراكز التجارية والمتنزهات والفنادق، بحثاً عن شبان إما يستعدون للاحتفال أو يحتفلون بهذه المناسبة.
وقال شهود لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحي الجماعة اقتحموا ظهر الجمعة، ساحات حديقتي الثورة والسبعين بصنعاء، وقاموا باختطاف العشرات من الشباب على متن عربات أمنية إلى أماكن مجهولة، كما سيروا في الوقت ذاته دوريات في شوارع العاصمة للقبض على أي شخص يرتدي ملابس أو يحمل مقتنيات باللون الأحمر.
وقدرت المصادر أن الجماعة زجت خلال يوم واحد ومن داخل حديقتين، بأكثر من 30 شاباً وشابة في سجون أقسام الشرطة القريبة من الحديقتين بتهمة الاحتفال عيد الحب، في وقت أقدم الأمن النسائي الحوثي (الزينبيات) على ضرب فتاتين ضرباً مبرحاً في حديقة السبعين بصنعاء، أولاهما كانت تحمل حقيبة نسائية حمراء والأخرى في يدها باقة ورد باللون نفسه.
وتمكن بعض الشبان - بحسب الشهود - من الفرار من قبضة الميليشيات التي هاجمتهم بشكل مباغت خلال تجولهم في حديقة الثورة، شمال العاصمة صنعاء، وقامت بتمزيق ملابس عدد منهم والاعتداء عليهم واعتقال البعض الآخر.
وأوضح أحد الشبان لـ«الشرق الأوسط» أنه استغل انشغال الميليشيات المسلحة بملاحقة أصدقائه، ولاذ بالفرار هارباً بعدما تعرض في بداية الأمر مع بعض من أصدقائه للاعتداء وتقطيع الملابس.
إلى ذلك أكدت المصادر أن حملات الجماعة الحوثية نجمت عن اعتقال 15 شاباً في شوارع «حدة والزبيري والتحرير وحي الـصبحي» بتهمة الاحتفال بالمناسبة ذاتها.
ولفت الشهود أيضاً إلى إغلاق الجماعة الحوثية عدداً من المحال التجارية لبيع الهدايا والورود الطبيعية المنتشرة في بعض شوارع صنعاء، مع تشديد الإجراءات الأمنية لمنع الاحتفال بهذه المناسبة.
وبحسب الشهود، فإن تلك الاستهدافات الحوثية جاءت بعد حملة تحريضية من خطباء المساجد الموالين للميليشيات الحوثية والذين اتهموا المحتفلين بعيد الحب بالعمل في إطار «الحرب الناعمة» التي تقودها أميركا وإسرائيل، على حد زعمهم.
وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً لمسلحين حوثيين في أحد شوارع صنعاء، وهم يحتجزون سائق سيارة أجرة يحمل بالونات وقطعاً قماشية حمراء بتهمة الاحتفال بعيد الحب.
وقوبلت تصرفات الحوثيين واستهدافهم بشكل متواصل لليمنيين، باستهجان كبير من قبل ناشطين من مختلف الأعمار والشرائح، حيث أكدوا في تعليقاتهم أن الجماعة لا تختلف كثيراً في جرائمها وانتهاكاتها للحريات الخاصة عما تقوم به الحركات الإرهابية المختلفة.
وذكر شهود أن مسلحي الجماعة اعتدوا الجمعة في صنعاء على الشاب نور الدين العزعزي، وهو نجل مدير المركز اليمني للحقوق المدنية بسبب ارتدائه قميصاً أحمر، وقاموا بضربه وتمزيق قميصه وكسر ساعته ومن ثم إيداعه السجن.
وتأتي هذه الجملة من التعسفات والانتهاكات المتكررة للميليشيات كردة فعل طبيعية لمحاضرات سابقة لزعيمها عبد الملك الحوثي، التي شدد فيها على اتباع ما وصفه بـ«الهوية الإيمانية»، في إشارة إلى معتقداته المتطرفة وضرورة الالتزام بالمظهر والهيئة التي يبدو عليها.
وكانت الميليشيات الحوثية أغلقت منتصف الأسبوع الماضي عدداً من الكافيهات والاستراحات والمقاهي في العاصمة صنعاء تحت ذريعة منع الاختلاط، ولقطع الطريق أمام من يستعدون للاحتفال بعيد الحب.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.