أنقرة ترسل وفدها إلى موسكو غداً لمواصلة المباحثات حول إدلب

تعزيزات عسكرية تركية إلى شمال غربي سوريا

TT

أنقرة ترسل وفدها إلى موسكو غداً لمواصلة المباحثات حول إدلب

يتوجه وفد دبلوماسي وعسكري تركي إلى موسكو غدا (الاثنين) لإجراء جولة جديدة من المباحثات حول التطورات في إدلب، في وقت أكدت فيه تركيا أنها نفذت التزاماتها بموجب مذكرة سوتشي الموقعة مع روسيا وهددت باستخدام القوة لصد تقدم قوات الحكومة السورية.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن وفدا تركيا سيتوجه الاثنين إلى روسيا للتباحث حول الأوضاع في محافظة إدلب السورية، مضيفا: «سيتوجّه وفدنا إلى موسكو، وقبله كان الوفد الروسي في أنقرة... وتركيا ستواصل مباحثاتها للتوصل إلى حل».
وأكد جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي عقده مع نظيره الألماني هايكو ماس عقب مباحثاتهما على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن أمس (السبت)، أهمية بذل جهود مشتركة من أجل تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، قائلا إن النظام السوري يفضل الحل العسكري على الحل السياسي، وإنه صعد من وتيرة اعتداءاته في الآونة الأخيرة في إدلب، وإن تركيا تبذل مع روسيا جهودا لوقف اعتداءات النظام.
وأشار جاويش أوغلو إلى أنه بحث الأوضاع في إدلب مع نظيره الألماني، معربا عن رغبة تركيا في رؤية دعم أوضح من جانب ألمانيا والدول الأوروبية، إلى جانب الدعم الذي تقدمه بريطانيا والولايات المتحدة، حيال تثبيت وقف إطلاق النار في إدلب.
وحذر من مأساة إنسانية أكبر في حال عدم التدخل لوقف الاشتباكات في إدلب.
وتابع جاويش أوغلو: «نود أن ننجز وقف إطلاق النار بالطرق الدبلوماسية، خلال محادثاتنا مع روسيا، وإلا فإننا سنتخذ الإجراءات اللازمة كما أعلن عنها الرئيس رجب طيب إردوغان، لأن النظام لا يستهدف المدنيين الأبرياء فحسب؛ بل يستهدف نقاط مراقبتنا العسكرية في إدلب، ومن غير الممكن أن نتسامح مع هذا». من جانبه، حث وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، روسيا على استخدام نفوذها على نظام الأسد لوقف الهجمات في إدلب.
كانت تركيا وروسيا أعلنتا وقفا لإطلاق النار في إدلب في 12 يناير (كانون الثاني) الماضي إلا أنه لم يصمد لأيام في ظل مواصلة الجيش تقدمه في إدلب بدعم من روسيا التي أعلنت أن تركيا لم تلتزم بما يتعين عليها القيام به بموجب تفاهم سوتشي الذي توصل إليه الجانبان في 17 سبتمبر (أيلول) 2018 بشأن إقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح للفصل بين قوات النظام والمعارضة.
وتقول موسكو إن أنقرة لم تقم بما عليها بشأن فصل الجماعات المتشددة عن الفصائل المعتدلة في إدلب وإخراج المتشددين من المنطقة مع أسلحتهم الثقيلة، أو فتح الطريقين الدوليين «إم 4 وإم 5».
وبدوره، قال نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي إن بلاده أوفت بمسؤولياتها في منطقة إدلب وفقا للاتفاقات التي أبرمتها مع كل من روسيا وإيران سواء في أستانة أو في سوتشي.
وشدد أوكطاي على أن تركيا عازمة على وقف تقدم القوات الحكومية السورية في إدلب، وستستخدم القوة العسكرية لطردها إذا لم تنسحب بنهاية شهر فبراير (شباط) الحالي إلى حدود تفاهم سوتشي 2018 أي خلف نقاط المراقبة التركية، مشيرا إلى أن أنقرة نقلت موقفها بشأن إدلب إلى روسيا خلال المحادثات بين الجانبين.
كان إردوغان هدد بتنفيذ عملية عسكرية في إدلب إذا لم يسحب النظام قوات الجيش السوري إلى خلف نقاط المراقبة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب، مشيرا إلى أن تركيا ستهاجم بقواتها البرية والجوية.
وأجرى وفد روسي مؤلف من مسؤولين دبلوماسيين وعسكريين واستخباراتيين جولتين من المباحثات في أنقرة الأسبوع الماضي، فشل خلالها في الاتفاق مع الجانب التركي على إقرار تهدئة في إدلب.
وقال أوكطاي، في مقابلة تلفزيونية، أمس، إن أنقرة نقلت موقفها لروسيا بكل وضوح بشأن إدلب خلال المباحثات وإنها أوفت بالتزاماتها في إدلب وفقاً للاتفاقات المبرمة مع روسيا وإيران.
وفي غضون ذلك، واصل الجيش التركي إرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى نقاط المراقبة في إدلب.
ودخلت الليلة قبل الماضية، قافلة تعزيزات مكونة من 60 عربة عسكرية بينها ناقلات جنود مدرعة تضم قوات من الكوماندوز ومركبات عسكرية مشوشة للإشارات جرى نشرها أمس في نقاط المراقبة.
كما أرسل الجيش التركي تعزيزات جديدة إلى وحداته المنتشرة على الحدود السورية في جنوب البلاد تضم حافلات على متنها عناصر من قوات الكوماندوز، وعربات مدرعة، وسيارات إسعاف مدرعة ستتجه إلى داخل إدلب أيضا.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم