«النهضة» تعلن سحب مرشحيها من الحكومة التونسية الجديدة

TT

«النهضة» تعلن سحب مرشحيها من الحكومة التونسية الجديدة

أعلنت حركة النهضة الإسلامية أمس سحب مرشحيها من الحكومة التونسية المقترحة من قبل رئيس الحكومة المكلف إلياس الفخفاخ وعدم منحها الثقة.
وجاء قرار الحزب الحائز على أكبر عدد من المقاعد في البرلمان، عقب اجتماع مجلس الشورى، الهيئة الأعلى في الحزب. ومن شأن قرار حركة النهضة أن يلقي بالمزيد من التعقيد في طريق الفخفاخ لنيل ثقة البرلمان، بعد أن فشلت الحكومة السابقة المقترحة من الحبيب الجملي في يناير (كانون الثاني) الماضي في نيل الثقة.
وعقد مجلس شورى الهيئة الأعلى في حزب حركة «النهضة» التونسية (إسلامية)، أمس، اجتماعه في العاصمة للحسم في موقفه من حكومة إلياس الفخفاخ، التي يُتوقع الإعلان عنها في وقت لاحق. في وقت تسعى فيه الأحزاب المعنية بتشكيل الحكومة إلى التوصل إلى توافق مع رئيس الحكومة المكلف خلال الساعات القادمة قبل الكشف عن القائمة النهائية لأسماء الوزراء المقترحين.
واعترضت حركة «النهضة»، الكتلة الأولى في البرلمان، على بعض الأسماء المقترحة في الحكومة، علاوة على حصتها من الحقائب الوزارية التي عرضها عليها الفخفاخ.
وقال القيادي في حركة «النهضة» عبد اللطيف المكي، عضو مجلس الشورى، للصحافيين قبل بدء الاجتماع: «نعرف أن الوقت يضغط، ومجلس الشورى سينظر في الاجتماع الذي تم بين رئيس الحكومة المكلف ووفد الحركة... وأعتقد أن جوهر قرارات مجلس الشورى منذ بدأ تكليف الفخفاخ هو الحرص على المشاركة في حكومة قوية، قادرة على الاستجابة لطموحات التونسيين».
وكان يُفترض أن يعلن الفخفاخ، الذي جرى تكليفه من الرئيس قيس سعيد منذ 20 من يناير (كانون الثاني) الماضي لتشكيل حكومة في مدة شهر حسب الدستور، عن حكومته المقترحة مساء أول من أمس. لكنه أرجأ ذلك إلى أمس (السبت)، لمزيد التشاور. وتحتاج الحكومة المقترحة إلى الأغلبية المطلقة (نسبة 50% زائد واحد) لنيل ثقة البرلمان. لكن في حال فشلها في ذلك يتعين على الرئيس حل البرلمان، وإعلان انتخابات تشريعية مبكرة.
وبات من المؤكد عدم مشاركة حزب «قلب تونس»، الحزب الثاني في البرلمان، بعدما استبعده الفخفاخ، وسيكون بالتالي تصويت حركة «النهضة» مؤثراً على مصير الحكومة المقترحة.
وطالبت حركة «النهضة» بتوسيع تمثيليتها في حكومة الفخفاخ المرتقبة، عبر منحها وزارتين إضافيتين، مراعاةً لوزنها البرلماني (54 مقعداً)، مقابل التصويت لصالح الحكومة الجديدة حال عرضها على البرلمان.
ووفق المشاورات التي انطلقت منذ يوم 20 يناير الماضي، ستحصل «النهضة» على خمس حقائب وزارية، وحزب التيار الديمقراطي على 3 وزارات، ووزارتان لحركة الشعب، ومثلهما لحركة «تحيا تونس»، وحقيبة وزارية واحدة لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، وأخرى لحزب البديل التونسي. غير أن هذا التوزيع لم يُرضِ قيادات «النهضة»، الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية التي أُجريت نهاية السنة الماضية ومكّنته من الحصول على المرتبة الأولى. كما تمسكت قيادات «النهضة» بضرورة توسيع الحزام السياسي الداعم للحكومة، عبر إشراك مختلف الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وأولها حزب «قلب تونس».
ويرى مراقبون أن الفخفاخ حاول من خلال هذا التأجيل إبعاد شبح فشل الحكومة في نيل ثقة البرلمان، كما حصل لحكومة الحبيب الجملي التي سبقتها، ويدرك أن إحجام حركة «النهضة» عن منحها أصوات نوابها في البرلمان يجعلها مهددة بالفشل. ولذلك تكتم الفخفاخ على الأسماء الحزبية أو المستقلة، التي ستتولى حقائب وزارية، ولم يعلن عنها، في انتظار الاتفاق النهائي مع الأحزاب المشكِّلة للائتلاف الحاكم.
وكان الفخفاخ قد عقد لقاءً مطولاً مساء الجمعة، مع رئيس حركة «النهضة»، وانتهى باتفاق مبدئي بين الطرفين على اعتماد خيار «حكومة وحدة وطنية» عنواناً أساسياً لتركيبة الحكومة، من أجل ضمان نجاحها خلال المرحلة المقبلة، وحتى لا تتعرض لسحب الثقة منها. وفي هذا السياق، قال سامي الطريقي، القيادي في حركة «النهضة»، إن مجلس الشورى كلّف راشد الغنوشي إثر اجتماعه الاستثنائي، بالتفاوض مع رئيس الحكومة المكلف، «وفق مقاربة تقوم على نقطتين أساسيتين: الأولى أن تكون حكومة الوحدة الوطنية الموسعة عنواناً أساسياً للفخفاخ، إن لم يكن ذلك في المرحلة الحالية فعلى الأقل في المراحل المقبلة عندما تتغير الأوضاع السياسية»، وهذا يعني أن مقترح (النهضة)، الداعي إلى توسيع حزام الحكومة، يظل مطروحاً بعد نيلها ثقة البرلمان. أما النقطة الثانية فتتعلق بتمثيلية الحركة في الحكومة لتتماشى مع حجمها في البرلمان، وهاتان النقطتان هما اللتان ستحددان موقف (النهضة) من الحكومة المرتقبة».
على صعيد متصل، أكدت عبير موسي، رئيسة الحزب الدستوري الحر، أنها رفضت دعوة الفخفاخ لإطلاعها على تركيبة الحكومة وما دار من مشاورات طوال أكثر من ثلاثة أسابيع، وأعلنت أنها غير معنية بمسار هذه الحكومة، وقالت: «لم نشارك في حواراتهم، ولم نستجب لدعواتهم، ولا تهمنا مناوراتهم، ولا حاجة لنا للاطلاع على نتيجة محاصصتهم الحزبية... الدعوة مرفوضة، وموعدنا في البرلمان لنصوت ضد حكومتهم»، على حد تعبيرها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».