سعدي الحلي... أغانٍ وحدت العراقيين

سعدي الحلي... أغانٍ وحدت العراقيين
TT

سعدي الحلي... أغانٍ وحدت العراقيين

سعدي الحلي... أغانٍ وحدت العراقيين

صدر أخيراً للكاتب رياض رمزي كتابه الجديد «سعدي الحلي الحنجرة النازفة»، عن دار «السطور» ببغداد، وجاء في 140 صفحة من الحجم الصغير. وضم الكتاب مقالات عدة عن المطرب العراقي المعروف ونشاطه الفني في مجال الغناء الريفي في العراق، الذي كان من أبرز مغنيه داخل حسن، وحضيري أبو عزيز، وآخرون. وأدرج المؤلف في كتابه بعضاً من الرسائل التي عثر عليها في بيت المطرب بعد وفاته، كتبها شباب من الجنسين، ومنها رسالة مؤثرة من سيدة فقدت زوجها أثناء الحرب، وتقول فيها: «أجلس وحدي بالغرفة أجيب خيط وإبرة أخيط وأسمع أغانيك وأتذكر زوجي الشاب اللي راح بالحرب». ثم، تحدث الكاتب عن شخصية سعدي الحلي الغنائية، والجماهيرية الكبيرة التي اكتسبها «فأصبح نجماً يتربع على الموقع الأول، وبلغ ربما المرتبة الثانية بعد حاكم البلاد»، كما جاء في الكتاب؛ «وذلك لأنه حقق إنجازات فنية رائعة». وحسب المؤلف، عرف الحلي، أكثر من غيره من المطربين، كيف يخفف في أغانيه من أثر الأزمات النفسية عند الشباب بأسلوب فكاهي، وخاصة في تلك الفترات العصيبة التي مر بها العراق أثناء حروبه المتعددة، وفي فترة الحصار الدولي على البلد، رغم أن مثل هذه الأغاني كانت «تكريساً غير معلن للنظام القائم عن طريق تحرر مؤقت مما هو سائد». يقول المؤلف هنا:
«الآهات لدى المطربين العظام ليست صرخات حزن تجلب، اغتماماً مزاجاً محبطاً، وجعاً في القلب، بل تجلب قسطاً وافراً من انفراج يمد يده لكل حزين ليستمع لشهقات النحيب، ويستزيد من سماعها لأن النفس تبدأ بقبول السوانح النورانية، عندما ينكسر إيقاع الرتابة».
والغناء الريفي في العراق هو، كما كتب حسقيل قوجمان في كتابه «الموسيقى الفنية المعاصرة في العراق»:
«أكثر أنواع الغناء الشعبي انتشاراً بين السكان العرب في العراق، وهو غناء ذو طابع ريفي يجري غناؤه باللهجة المحلية في كل مكان يغنى فيه، رغم الطابع الريفي لهذا الغناء فإن غناءه شائع ومنتشر في كافة المدن القريبة من الريف التي ما زال سكانها قريبي العهد لنمط الحياة الريفي ومن التي اشتهرت فيه الناصرية والعمارة والسماوة والديوانية وغيرها». وسعدي الحلي، المنحدر من مدينة الحلة، محافظة بابل، وليس من ريفها، كان معروفاً بحميميته ودماثته، وكان صديقاً حميماً للشاعر الشعبي المعروف محمد علي القصاب، الذي كتب الكثير من القصائد المغناة لصديقه سعدي، كما ترك غيابه أثره على الوسط الثقافي والشعري؛ لأن أغانيه كانت «توحد العراقيين»، كما يقول الشاعر موفق محمد، الذي رثاه في قصيدة بعنوان «سعدي الحلي... في جنائنه» التي يقول فيها: «نم يا سعدي أخذت حصتك الكاملة من العذاب والنميمة».
الكاتب رياض رمزي أعطى الحلي حقه في المجالين الغنائي والاجتماعي بعد طول تجاهل له وعذاب... ونميمة!


مقالات ذات صلة

كتب شركة ناشئة تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي (أرشيفية)

وسط اعتراض كتّاب ودور نشر… شركة ناشئة تسعى لإنتاج 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي

ينتقد كتّاب وناشرون إحدى الشركات الأميركية الناشئة التي تخطط لنشر ما يصل إلى 8 آلاف كتاب العام المقبل باستخدام الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

معرض إيطالي لعشرات اللوحات الفنية المصادرة من المافيا (صور)

امرأة تلتقط صوراً لرسوم توضيحية لـ«روميو وجولييت» لسلفادور دالي في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (أ.ف.ب)
امرأة تلتقط صوراً لرسوم توضيحية لـ«روميو وجولييت» لسلفادور دالي في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (أ.ف.ب)
TT

معرض إيطالي لعشرات اللوحات الفنية المصادرة من المافيا (صور)

امرأة تلتقط صوراً لرسوم توضيحية لـ«روميو وجولييت» لسلفادور دالي في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (أ.ف.ب)
امرأة تلتقط صوراً لرسوم توضيحية لـ«روميو وجولييت» لسلفادور دالي في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (أ.ف.ب)

ينطلق في القصر الملكي في ميلانو «بالاتزو رياله»، يوم الثلاثاء، معرض فني يضم أكثر من 80 لوحة، بينها روائع تحمل توقيع سلفادور دالي، وآندي وارهول، وكريستو، وجورجيو دي شيريكو؛ كلها مصادرة من المافيا جرى إنقاذها على يد محققين متمرسين في تعقّب «الأموال القذرة».

وأوضحت المسؤولة المحلية في المنطقة ماريا روزاريا لاغانا، أن «الأعمال التي كان من المفترض أن تظل مدفونة في دوائر الجريمة المنظمة أُعيدت أخيراً إلى المجتمع لتلعب دوراً رمزياً في مقاومة الجريمة».

منذ سبتمبر (أيلول)، تدير لاغانا الوكالة الوطنية لإدارة الممتلكات المصادرة من عصابات الجريمة المنظمة التي توفّر منصة تتيح للمشترين توجيه أنظارهم إلى الممتلكات المصادرة، بما يشمل سيارات «فيراري» أو دراجات نارية من طراز «هارلي ديفيدسون».

وبينما تُباع هذه السلع بمزادات علنية وباتت في متناول الجميع، يُخصص جزء منها؛ مثل: الشقق، والمنازل، والأراضي الزراعية، مجاناً لمنظمات عامة وأخرى غير حكومية.

أما بالنسبة للأعمال المعروضة في ميلانو، «فهذه سلع كان من الممكن بيعها، لكن تم اختيار الاحتفاظ بها في المتاحف، لأن لها قيمة مهمة»، حسبما أوضحت لاغانا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

«ولادة جديدة»

وقالت لاغانا: «إنها ولادة جديدة لهذه الأعمال، ويبدو الأمر كما لو كنا نُخرجها من الأرض، مثل علماء الآثار، لعرضها في أماكن يمكن للجميع رؤيتها فيها».

يحتوي المعرض الذي يحمل عنوان «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» على أكثر من عشرين عملاً تمت مصادرتها في عام 2016 من زعيم في مافيا «ندرانغيتا» النافذة في كالابريا.

امرأة تقف بجوار لوحتَي «بيازا دي إيطاليا» لجورجيو دي كيريكو و«كابانو سولا ريفا» لكارلو كارا في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (رويترز)

في الغرفة الصغيرة المخصصة للأعمال التي صادرتها محكمة ريجيو كالابريا، مطبوعة حجرية بالحبر الهندي لـ«روميو وجولييت»، بتوقيع الرسام السريالي الإسباني سلفادور دالي (1904 - 1989)، بجانب لوحة «ساحة إيطاليا» الزيتية اللافتة المرسومة على قماش بتوقيع المعلم الإيطالي جيورجيو دي شيريكو (1888 - 1978).

كما أن جدران الموقع مغطاة بقصاصات من صحف تشهد على هذه المضبوطات المذهلة، في حين مقاطع فيديو من الشرطة المالية في ريجيو كالابريا تُعرض بشكل متواصل عند مدخل المعرض.

ويأتي نحو ستين لوحة أخرى من عملية مصادرة أمرت بها محكمة روما في عام 2013 بصفتها جزءاً من عملية احتيال ضخمة مرتبطة بشبكة دولية لغسل الأموال.

ومن بين هذه الأعمال شاشة حريرية لنجم الفن الشعبي الأميركي آندي وارهول (1928 - 1987) بعنوان: «فنون الصيف في الحدائق»، وطباعة حجرية لـ«فينوس مغلفة» بتوقيع الفنان كريستو (1935 - 2020) لفيلا بورغيزي في روما.

امرأة تسير أمام تمثال «قرص به كرة» لأرنالدو بومودورو في معرض «سالفارتي... من المصادرات إلى المجموعات العامة» وهو معرض للأعمال الفنية المعاصرة القادمة من عمليات المصادرة التي نفّذتها السلطات العامة ضد الجريمة المنظمة في ميلانو (رويترز)

وقالت لاغانا: «إبداع وجمال (الفن المتحرر) من الأيدي الإجرامية يتم تقديمه للرؤية الجماعية لتعزيز الثقافة، مع تحفيز الوعي بالطبيعة الخبيثة لآفة المافيا».

وتستخدم المافيا الأعمال الفنية المسروقة بوصفها عملة في تهريب المخدرات والأسلحة. ومن بين أبرز السرقات كانت لوحة «الميلاد مع القديسَيْن فرنسيس ولورانس»، وهي لوحة رسمها كارافاجيو، وسُرقت من كنيسة سان لورينزو في باليرمو عام 1969 وبقيت موضع عمليات بحث مذاك.

ويستمر المعرض الذي يمكن دخوله مجاناً حتى 26 يناير (كانون الثاني) في قصر «رياله» في ميلانو، قبل أن ينتقل إلى قصر الثقافة في ريجيو كالابريا، في الفترة من 8 فبراير (شباط) إلى 27 أبريل (نيسان).