انتخابات في إيران بعد أيام: هل يفوز المحافظون ويشددون الضغط على روحاني؟

توزيع مناشير انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
توزيع مناشير انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
TT

انتخابات في إيران بعد أيام: هل يفوز المحافظون ويشددون الضغط على روحاني؟

توزيع مناشير انتخابية في طهران (إ.ب.أ)
توزيع مناشير انتخابية في طهران (إ.ب.أ)

سيدلي الناخبون الإيرانيون بأصواتهم في 21 فبراير (شباط) الجاري في انتخابات تشريعية بالغة الأهمية يتوقع ان تشهد عودة المحافظين وتزايد الضغوط على الرئيس حسن روحاني.
ويأتي الاقتراع فيما تعاني إيران صعوبة في مواجهة عقوبات أميركية تخنق اقتصادها. كما أن طهران كانت في الأشهر الاخيرة قريبة جدا من مواجهة عسكرية مع واشنطن. وشهدت أيضاً تظاهرات احتجاج على الحكومة، خصوصاً بسبب رفع مفاجئ لسعر البنزين.
وتقدم لهذه الانتخابات 7296 مرشحاً للفوز بـ290 مقعداً في مجلس الشورى، وذلك بعد أن شطب مجلس صيانة الدستور المكلف المصادقة على الترشيحات ويهيمن عليه عتاة المحافظين، أسماء 7148 مرشحاً آخرين.
وفي نهاية يناير (كانون الثاني) حذر روحاني المحافظ المعتدل، من أخطار على «الديمقراطية»، وذلك بعد امتناع المجلس عن المصادقة على آلاف المرشحين الذين ينتمي معظمهم الى معسكر الائتلاف الحاكم المكوّن من معتدلين وإصلاحيين.
وقال الصحافي فرهد قربانبور، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية، إن عملية شطب المرشحين هذه لا سابق لها، مشيرا الى خيبة أمل بين الناخبين. ولفت إلى أن «الفارق الأساسي مع الانتخابات السابقة يتمثل في أن المواطنين اعتقدوا في السابق ان تصويتهم سيتيح تنفيذ إصلاحات... هذا الامل تبدد لدى غالبية الإيرانيين». وأضاف أن «البرلمان الحالي فيه أغلبية من الإصلاحيين، ويرى الناس أنهم لم ينجزوا شيئا يذكر. وبالتالي خلص الشعب إلى أن تصويته ليس له أي تأثير».
وبحسب محللين فان الناخبين الذين أيدوا روحاني قد لا يصوتون في 21 فبراير.
وقال مصطفى حميدي (37 عاماً)، وهو بائع بمتجر في طهران، انه لن يدلي بصوته بسبب خيبة أمله من «عدم وفاء السياسيين بالوعود»، وبسبب تدهور الوضع الاقتصادي، مضيفاً: «تصويتنا لا قيمة له».
وقال مرتضى جابري الذي يملك محل قطع غيار في حي مولوي الفقير جنوب العاصمة: «بعد كل مرة نصوّت فيها، لا تتحسن الأمور، بل تزداد سوءاً».
وكان روحاني الذي انتخب في 2013 ثم في 2017 قد وعد بمزيد من الحريات الاجتماعية والفردية وأكد ان الإيرانيين سيستفيدون من ثمار التقارب مع الغرب. وهو كان، من الجانب الإيراني، وراء الاتفاق الدولي حول برنامج بلاده النووي الذي وقع في 2015 وسمح للبلد النفطي بالخروج من عزلته مع تخفيف العقوبات الدولية، مقابل ضمانات غايتها أثبات أن برنامج إيران النووي لا ينطوي على أي أهداف عسكرية.
لكن هذا الاتفاق بات مهددا بالانهيار منذ الانسحاب الأميركي الأحادي منه في 2018 وفرض واشنطن مجدداً عقوبات على طهران أدخلت اقتصادها في ركود.
من جهة أخرى شهدت إيران في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 موجة احتجاجات اثر رفع أسعار البنزين. وبحسب منظمة العفو الدولية خلّف قمع الاحتجاجات ما لا يقل عن 304 قتلى.
وفي يناير (كانون الثاني) اغتالت واشنطن في هجوم بطائرة مسيرة في بغداد الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي شارك في تشييعه ملايين الإيرانيين في تعبير عن الوحدة الوطنية. لكن هذه الوحدة تصدعت لاحقاً. فبعد ثلاثة أيام من النفي، اقرت القوات المسلحة الإيرانية بأنها أسقطت خطأً طائرة تابعة للخطوط الاوكرانية (176 قتيلا) بعيد اقلاعها من طهران، ما أثار استنكار الإيرانيين.
وفي غياب منافسين حقيقيين، يمكن ان يفوز ائتلاف كبير من المحافظين في الانتخابات التشريعية التي انطلقت حملتها الخميس في أجواء من التكتم.
ومجلس الشورى هو أهم جهاز تشريعي في إيران، فهو الذي يصوغ القوانين ويصادق على المعاهدات الدولية وعلى الميزانية. وعلى الرغم من ان البرلمان تزايد تهميشه في عملية اتخاذ القرارات، فإن هيمنة المحافظين المتشددين عليه يمكن أن تعقد مهمة روحاني، بحسب المحلل ايلي جرانماية.
من جهته يرى المحلل انري روما ان فرص استمرار الائتلاف الحكومي بقيادة روحاني، ستكون قليلة. وقال إن انبثاق «برلمان محافظ جدا سيسبب متاعب لروحاني في العام الأخير من ولايته وستكون هناك مساءلات لوزرائه، ومن شأنه أيضاً إضعاف قدرة الحكومة على التعامل مع الضغوط ذات الصلة بالعقوبات».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».