«الأوقاف» المصرية: لم نُلزم أئمة المساجد بتسجيل خطبة «الجمعة الموحدة»

أكدت أن هناك آليات رقابية لتقييم ثقافة الدعاة الدينية

TT

«الأوقاف» المصرية: لم نُلزم أئمة المساجد بتسجيل خطبة «الجمعة الموحدة»

أكدت وزارة الأوقاف، المسؤولة عن المساجد في مصر، أنها «لم تُلزم أئمة المساجد بتسجيل خطبة (الجمعة الموحدة)»، لافتة إلى أنها «لم تصدر أي توجيهات أو مقترحات بهذا الشأن». وتداولت بعض المواقع الإلكترونية، وصفحات التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية «أنباء بشأن إلزام (الأوقاف) للأئمة بتسجيل فيديو لخطبة الجمعة للتأكد من حضورهم وأدائهم». وقالت «الأوقاف» أمس، إن «لديها العديد من الآليات الرقابية، منها، إجراء تفتيش إداري دوري على جميع المساجد، وتفتيش دعوي على الأئمة، لتقييم ثقافتهم ومعلوماتهم الدينية والفقهية، دون اللجوء إلى تسجيل الخطبة، وذلك بهدف اتخاذ الإجراءات اللازمة حيال أي تقصير أو مخالفة أثناء إلقاء الخطبة».
وفي أغسطس (آب) 2018، دفعت وزارة الأوقاف ببعض مفتشيها ممن يحملون «الضبطية القضائية» لإحكام سيطرتها على المساجد، وعدم استغلالها سياسيا من قبل عناصر تابعة لتنظيم «الإخوان» في القاهرة ومحافظات مصر، ولمواجهة ترويج أي إشاعات أو فتن. وفي أبريل (نيسان) عام 2017 اشترطت «الأوقاف» على أئمة وخطباء المساجد عدم الانتماء لأي تنظيم أو جماعة، للبقاء في مناصبهم واعتلاء المنابر.
وقبل يومين طالبت «الأوقاف» جميع الأئمة الالتزام بنص خطبة «الجمعة الموحدة» أو بجوهرها على أقل تقدير، مع الالتزام بضابط الوقت ما بين 15 إلى 20 دقيقة كحد أقصى. وذكرت الوزارة في بيان لها، أنها «واثقة في سعة أفق الأئمة العلمي والفكري، وفهمهم المستنير للدين، وتفهمهم لما تقتضيه طبيعة المرحلة من ضبط للخطاب الدعوي». وهددت الوزارة حينها بـ«استبعاد أي خطيب لا يلتزم بموضوع الخطبة الموحدة».
ويولي الرئيس عبد الفتاح السيسي لقضية «تجديد الخطاب» أهمية كبرى، وكثيراً ما تتضمن خطاباته الرسمية ومداخلاته في المناسبات العامة دعوة إلى علماء الدين للتجديد. وقال السيسي خلال مؤتمر «الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي» نهاية الشهر الماضي، إن «أي تقاعس عن تجديد الخطاب الديني من شأنه ترك الساحة لأدعياء العلم وأشباه العلماء، ليخطفوا عقول الشباب، ويزينوا لهم استباحة القتل والنهب والاعتداء على الأموال والأعراض، ويدلسوا عليهم أحكام الشريعة السمحة». وكان السيسي قد دعا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 إلى ضرورة بدء تنفيذ «إجراءات ملموسة» في إطار المساعي لـ«إصلاح الخطاب الديني»، وذلك في مواجهة ما وصفه بـ«الآراء الجامحة والرؤى المتطرفة».
وسبق أن وضعت الدولة المصرية، إجراءات مشددة على المساجد منذ سقوط حكم تنظيم «الإخوان» عام 2013، وقصرت الخطب والدروس على الأزهريين، ووحدت موضوع خطبة الجمعة، ومنعت أي جهة غير «الأوقاف» من جمع أموال التبرعات، بهدف التصدي لدعاة التشدد والتطرف.
وتؤكد الأوقاف أنها «تسيطر على نحو أكثر من 198 ألف مسجد في مختلف أنحاء البلاد»؛ لكن هذا الرقم بعيد عن الزوايا التي تُقدر بالمئات، وهي تابعة لجماعات تصف الحكومة المصرية بعضها بأنها تنظيمات إرهابية. ويلوح مراقبون إلى «وجود دعاة (متشددين) ما زالوا يعتلون بعض منابر الزوايا، ويروجون لخطابات تحرض على الكراهية».
وعممت وزارة الأوقاف، أمس، خطبة الجمعة في عموم البلاد بـ18 لغة أجنبية مع ترجمتها إلى لغة الإشارة. وقالت «الأوقاف» إن «ذلك في إطار الواجب التوعوي والدعوي، وبيان يسر الدين الإسلامي وسماحته، ولترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعاً من خلال حوار الحضارات لا تصادمها، فضلاً عن مُحاصرة الفكر المتطرف». وقال مصدر في الأوقاف لـ«الشرق الأوسط»، إن «خطبة (الجمعة الموحدة) باللغات الأجنبية تهدف إلى دحض افتراءات جماعات الإرهاب، وتفند المفاهيم التي تطلقها هذه الجماعات عن الإسلام، ليتعرف عليها الجميع بسهولة ويسر، مما يساعد على نشر ثقافة التعايش بين الجميع، ويقضي على أفكار جماعات العنف المتشددة التي تطلقها على مدار الساعة عبر بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي».
وكان حديث خطبة الجمعة، أمس، حول «عناية القرآن الكريم بالقيم الأخلاقية». وقال الدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، خلال خطبة الجمعة في محافظة الدقهلية بدلتا مصر، إن «بعض الجماعات حاولت قطع بعض نصوص القرآن الكريم عن سياقها، وتحريف الكلمة عن مواضيعها»، مشيراً إلى أن «القرآن تحدث في كل شيء جميل، ومنها الجانب الأخلاقي، وتحدث القرآن عن الصبر، والصفح، والهجر، واللبس الجميل، لأن القرآن نزل ليتدبر ويعمل به»، مضيفاً أن «الدين الحقيقي، هو فن صناعة الحياة، وليس صناعة الموت».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».