الجيش الإسرائيلي يتحسب لـ«التهديد الإيراني» بخطة هجومية

إنشاء وحدة خاصة في رئاسة الأركان وزيادة «القدرة التدميرية»

TT

الجيش الإسرائيلي يتحسب لـ«التهديد الإيراني» بخطة هجومية

كُشف أمس أن إسرائيل أقامت وحدة خاصة في رئاسة الأركان بقيادة جنرال كبير متخصصة لمتابعة الشأن الإيراني، وذلك من ضمن الخطة الجديدة التي أعلنها رئيس أركان الجيش، الجنرال أفيف كوخافي، للسنوات الأربع المقبلة (2020 - 2024)، والتي تحمل اسم «تنوفا». وتتخذ الخطة طابعاً هجومياً وتضاعف القوة الضاربة لمواجهة ما تصفه إسرائيل بـ«التهديد الإيراني».
وستهتم هذه الوحدة الخاصة بالتنسيق ما بين مختلف الأسلحة والوحدات العسكرية، برية وبحرية وجوية، ووضع الخطط الحربية العملية وإدارة الشؤون الإيرانية في «المعركة ما بين المعارك» وفي مواجهة «خطر تدهور حربي مباشر» ومتابعة النشاط الإيراني في كل الجبهات. وسيوكل لها تشكيل فرقة عسكرية جديدة لم يُعلن عن أهدافها، لكنهم الخطة الإسرائيلية حددت أنها ستكون «ضمن العمليات الهجومية». وأكدت مصادر عسكرية أن خطة الجيش الإسرائيلي للسنوات القادمة تستند إلى «الروح الهجومية المبادرة»؛ حيث إن 30 في المائة منها مخصصة للدفاع (مثل تطوير قدرات منظومة الدفاع الصاروخية /القبة الحديدية/ ونشرها في مواقع ثابتة) و70 في المائة للعمليات الهجومية، ولذلك فإنها تحتوي على عدة مشروعات تطوير وتوسيع وتعزيز للقوة الضاربة وبينها بناء سربي طائرات مقاتلة جديدين حتى نهاية العقد الحالي وتطوير القدرات التكنولوجية للطائرات، والتزود بمنظومات دفاع جوي إضافية، وقدرات اتصال متطورة تربط بين الضباط في ميدان القتال وبين الطائرات.
ويقول كوخافي، وفقاً لمسؤولين استمعوا لشرحه أمام رئاسة الأركان، إن الخطة تسعى إلى تقليص فترة أي مواجهة عسكرية مستقبلية لأيام معدودة أو أسابيع قليلة، من خلال تعزيز الاستخبارات العسكرية وتطوير «قدرات اكتشاف العدو» لمهاجمة الأهداف الخطرة عنده بشكل دقيق، بحيث تكون خطة تحمل في طياتها «تعظيماً للقوة الضاربة وزيادة كبيرة في قدرة الجيش التدميرية».
وفي التفاصيل المتاحة للخطة الجديدة، فإن الجيش سينشئ فرقة عسكرية جديدة (الفرقة 99) التي ستضم قوات ذات قدرات نارية متقدمة، في موازاة السعي إلى إعادة تنظيم قوات الاحتياط الخاصة وضمها لهذه الفرقة، من ضمنها فرقة «كافير» التي تنشط في الضفة الغربية، ليمتد نشاطها إلى الجبهتين الشمالية والجنوبية. كما تشمل إنشاء سربي طائرات حربية حتى نهاية العقد الحالي، بالإضافة إلى سربين صادق «الكابنيت» عليهما في وقت سابق، على أن سربين على الأقل سيكونان من طائرات «إف 35» الأميركية المتطورة، بالإضافة إلى سربين للطائرات المروحية الجديدة. كما تشمل الخطة التزود بأربع سفن حربية جديدة حاملة للصواريخ لحماية منصات الغاز في البحر الأبيض المتوسط.
وأكدت مصادر عسكرية أن قادة الجيش الإسرائيلي قد أقروا هذه الخطة ولم يطرحوها بعد على المجلس الوزاري الأمني المصغر لشؤون الأمن والسياسة (الكابنيت) في الحكومة الإسرائيلية، مع العلم بأنهم يحتاجون إلى دعم الحكومة لأن الخطة تحتاج إلى زيادة في الموازنة العسكرية من 16 إلى 20 مليار دولار. وسيكون نصف هذه الزيادة من تقليصات ونجاعة الجيش نفسه والنصف الآخر من موازنة الحكومة. ولكن الجيش أطلع عليها كلاً من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، نفتالي بنيت. وعقّب نتنياهو عليها قائلاً إنه يريد إضافة مشروعات أمنية أخرى عليها، مثل تجهيز الجبهة الداخلية للحرب والكوارث الطبيعية، و«مشروعات تتعلق بإيران لم ترد في خطة كوخافي». أما بنيت فقال إن الخطة «ستتيح للجيش ضرب العدو بشكل أسرع، ومع قدرات تدميرية أقوى بكثير، وبالتالي إخضاع العدو وتحقيق النصر». وأضاف أن «الخطة تعيد قيمة النصر إلى رأس سلم الأوليات».
ولوحظ أن مصادر سياسية مقربة من وزارة المالية الإسرائيلية اعتبرت خطة كوخافي «مبنية على مبالغة معينة في تقدير حجم التهديدات القادمة من إيران وأذرعها المختلفة، بغرض دفع الحكومة للتجاوب مع مطالب الجيش المالية للأعوام المقبلة». وأضافت هذه المصادر أن تقديرات الجيش تفيد بأن قدرات حركة حماس وحزب الله تطورت فيما قدرات الجيش تراجعت، لكن الإفادات الداخلية التي يقدمها الجيش في العامين الأخيرين تظهر صورة مغايرة. وتقول إن الإفادات التي يقدمها الجيش للمستوى السياسي تظهر أن حزب الله وإيران يواجهان أوضاعاً اقتصادية صعبة أضرت بالتدريبات وبدفع الرواتب. وأضافت أن رئيس الأركان السابق، غادي أيزنكوت، صرح في نهاية ولايته بأن الجيش الإسرائيلي بات مجهزاً للحرب على كل الجبهات مع «تفوق نوعي على أعدائه».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.