السلطة تعتزم إنذار الشركات العاملة في المستوطنات قبل مقاضاتها

مستوطنة معال أدوميم اليهودية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة معال أدوميم اليهودية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

السلطة تعتزم إنذار الشركات العاملة في المستوطنات قبل مقاضاتها

مستوطنة معال أدوميم اليهودية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مستوطنة معال أدوميم اليهودية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

تعتزم السلطة الفلسطينية توجيه إنذار رسمي للشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، قبل التوجه إلى مساءلتها قضائيّاً، في أول رد فلسطيني عملي، بعد نشر الأمم المتحدة قائمة تضم 112 شركة عاملة في المستوطنات بالضفة الغربية.
وقال أمين سر «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير»، صائب عريقات، إنه سيتمّ تسليم رسائل رسمية للدول التي تنتمي لها الشركات العاملة في المستوطنات، يوم الاثنين المقبل، لمطالبتها بإغلاق مقارها وفروعها.
وأضاف أنه «في حال عدم استجابة هذه الشركات لمطالبنا، فإنه سيتم ملاحقتها قضائياً في المحاكم الدولية للمطالبة بتعويضات على خلفية استغلالها للموارد والأرض الفلسطينية». وأصدرت «المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة»، أول من أمس (الأربعاء)، قائمة بالشركات والكيانات التجارية التي تقوم بأنشطة محددة تتعلق بالمستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في خطوة لاقت ترحيباً فلسطينياً شديداً وغضباً إسرائيلياً كبيراً.
وضمت القائمة ست شركات أميركية، هي: «موتورلا»، و«جنرال ميلز»، و«ترب ادفايزر»، و«بوكينغ هولدينغ»، و«أكسبديا جروب»، و«إير بي إن بي»، وأربع شركات هولندية: «تاهال غروب إنترناشونال»، و«بوكينغ. كوم»، و«التيس يوروب»، و«كارادان»، وثلاث شركات بريطانية: «غرين كوتي»، و«أبو دو»، و«جي سي بي»، إضافة لشركتين فرنسيتين وشركة تايلاندية.
وقال صائب عريقات، أمين سر «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية»، إنه سيتم مخاطبة بريطانيا وهولندا ولوكسمبورغ وتايلاند وفرنسا، لإغلاق فروع شركاتها في المستوطنات، فيما ستتمّ مخاطبة الشركات الأميركية مباشرة لعدم وجود اتصال مع الإدارة الأميركية.
وكان يُفترض بحسب مسؤولين فلسطينيين، أن تشمل القائمة أكثر من 300 شركة، لكن البقية تعهّدوا بوقف نشاطاتهم في المستوطنات. وقال مندوب فلسطين في «مجلس حقوق الإنسان»، إبراهيم خريشة، إن المجلس اختصر عدد الشركات في القائمة إلى 112 شركة، من أصل 307، لأن بعض الشركات تعهّدت لمكتب المفوض السامي بعدم تجديد عقودها للعمل داخل المستوطنات. وحذّر خريشة أي شركة تتعاون مع تلك التي تعمل في المستوطنات بأنها سيتم تصنيفها أيضاً ضمن الشركات المخالفة للقانون، مشيراً إلى أن فلسطين ستعمل لاحقاً على متابعة جميع الشركات المخالفة بشكل مدروس من قبل مجموعة من الخبراء والفنيين المختصين.
وبدأت السلطة فعلاً استشارات قانونية من أجل محاكمة الشركات التي لا تلتزم. وقال وزير العدل محمد شلالدة إن وزارته بالتعاون مع الخارجية، تعمل على «التحضير لإعداد تصوُّر من أجل ملاحقة ومساءلة الشركات العاملة في المستوطنات والعاملين فيها من مختلف الجنسيات، باعتبارهم مرتكبي جرائم بحق أبناء شعبنا». كما طالب شلالدة في حديث لإذاعة «صوت فلسطين» الرسمية، أمس، الأمم المتحدة بالمسارعة في وضع اتفاقية دولية تحرّم مشاركة الشركات من جميع دول العالم، في دعم ومساعدة الاستيطان بجميع أشكاله.
واعتبر أن قائمة الشركات العاملة في المستوطنات بمثابة وثيقة مهمة جدّاً، وتتمتع بقيمة قانونية تسهِم في تسهيل مهمة الملاحقة لجنسيات الشركات لدى القضاء الوطني، وخطوة نحو حماية وتعزيز التمتع الفعال لأبناء شعبنا بحقوقهم الإنسانية.
وعلى الأرض، أطلقت حركة «فتح» حملة بعنوان: «نعرف ولن نسكت بعد اليوم»، للضغط على الشركات العاملة بالمستوطنات.
وأوضح رئيس لجنة العلاقات الدولية لـ«حركة الشبيبة» التابعة لـ«فتح»، رائد الدبعي، أن «(شبيبة فتح) ستتواصل مع مختلف المنظمات الشبابية في جميع دول العالم، ومع جميع شركائها، وأصدقاء شعبنا، من أجل تعميم حملتها (نعرف ولن نسكت بعد اليوم)».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.