تركيا تعلن «التعبئة» لإبعاد النظام إلى خلف نقاط المراقبة

TT

تركيا تعلن «التعبئة» لإبعاد النظام إلى خلف نقاط المراقبة

أكدت تركيا عزمها على إخراج القوات الحكومية السورية إلى خارج حدود نقاط المراقبة بموجب اتفاق سوتشي مع روسيا حول إدلب بحلول نهاية فبراير (شباط) الحالي، وأنها ستعبئ قواتها البرية والجوية لهذا الغرض، في الوقت الذي كثفت فيه اتصالاتها مع واشنطن بخصوص الوضع في المحافظة الواقعة في شمال غربي سوريا.
وقالت الرئاسة التركية، إن أنقرة عازمة على إخراج النظام السوري إلى خارج حدود نقاط المراقبة التركية في إدلب بموجب اتفاق سوتشي حول المنطقة العازلة منزوعة السلاح الموقّع مع روسيا في 17 سبتمبر (أيلول) 2018.
وذكر رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون، عبر «تويتر»، أن «نظام الأسد يستهدف المدنيين ويرتكب انتهاكات في المنطقة»، مستنكراً صمت من سماهم «المتشدقين بحقوق الإنسان وأمن المدنيين» حيال ما يحدث في إدلب. وتابع ألطون، أن «التصريحات التي تعبر عن حالة القلق جراء ما يحدث في إدلب لم تعد كافية، وأن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه (المجازر) التي ترتكب ضد سكان إدلب»، مضيفاً أن «المنطقة تتعرض لعملية تفريغ من سكانها من أجل سهولة السيطرة عليها وتجميع اللاجئين على الحدود التركية لن نسمح بتدفق مئات الآلاف من المدنيين إلى حدودنا».
وقال ألطون، إن «تركيا تعاملت بصبر، ملتزمة بالاتفاقيات التي توصلت إليها مع الجهات الضامنة، في الوقت الذي يجري فيه تجاهل اتفاقية منطقة خفض التصعيد واستهداف الجنود الأتراك من قبل النظام... تركيا عاقدة العزم بنهاية فبراير الحالي على إخراج النظام السوري بموجب اتفاق سوتشي، إلى خارج حدود نقاط المراقبة في إدلب، ومن أجل تحقيق ذلك، سنقوم بتعبئة قواتنا العسكرية الجوية والبرية».
كان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن أول من أمس، أن القوات التركية ستستهدف النظام وداعميه داخل حدود «سوتشي» وخارجها إذا أصيب أي جندي تركي في إدلب.
وفي الوقت الذي لا يزال فيه التوتر يتواصل بين أنقرة وموسكو حول إدلب، تكثف تركيا من اتصالاتها مع الولايات المتحدة، وأجرى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا جيمس جيفري، أول من أمس، مباحثات مع نائب وزير الخارجية التركي لشؤون الشرق الأوسط سادات أونال ونائب وزير الدفاع التركي، يونس أمره كارا عثمان أوغلو، بحضور السفير الأميركي لدى تركيا ديفيد مايكل ساترفيلد.
وقالت وزارة الدفاع التركية، إن اجتماع جيفري وكارا عثمان أوغلو تم خلاله تبادل المعلومات حول قضايا الأمن الإقليمي، وخاصة الوضع في إدلب وشدد المسؤول التركي على ضرورة إنهاء المأساة الإنسانية في إدلب، مطالباً جميع الدول بـ«اتخاذ خطوات ملموسة أكثر، وإلا فإن العالم عليه الاستعداد لاستقبال موجة جديدة من الهجرة تتجاوز حدود تركيا». وأكد ضرورة وقف الولايات المتحدة دعمها وحدات حماية الشعب الكردية، وبخاصة الدعم بالأسلحة والذخيرة.
وأكد جيفري عقب المباحثات، أن واشنطن تدعم تركيا حليفتها في حلف شمال الأطلسي (ناتو) ضد هجمات النظام المدعومة من روسيا في إدلب وتقدم التعازي في الجنود الأتراك الذين قتلوا في إدلب. وقال جيفري، في مقابلة تلفزيونية في أنقرة بثت أمس: «الولايات المتحدة تنظر في سبل تقديم الدعم لتركيا في إدلب في إطار حلف (الناتو)، والأولوية هنا تعود لتزويد العسكريين الأتراك بمعلومات استخباراتية ومعدات عسكرية».
وأكد أن الحديث لا يدور حتى الآن عن دعم أنقرة عن طريق إرسال جنود أميركيين إلى منطقة النزاع. واستبعد احتمال اندلاع نزاع واسع النطاق في الساحة السورية بمشاركة الولايات المتحدة وتركيا وروسيا وإسرائيل، معتبراً أن هؤلاء «اللاعبين الكبار» يتوخون أقصى درجات الحذر في تحركاتهم.
ولفت جيفري إلى أن واشنطن وأنقرة تتفقان في كثير من النقاط حول إدلب، مؤكداً «حق تركيا في حماية أمنها وحدودها».
وأجرى رئيس الأركان التركي الجنرال يشار جولار، مساء أول من أمس، مباحثات هاتفية مع نظيره الأميركي الجنرال مارك ميلي، شملت قضايا ذات اهتمام مشترك، في مقدمتها التطورات في إدلب.
وسبق ذلك لقاء لوزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، أول من أمس، مع نظيره الأميركي مارك إسبر، على هامش مشاركتهما في اجتماع وزراء دفاع «الناتو» في بروكسل، وعبّر عن ارتياحه لتصريحات المسؤولين الأميركيين فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في إدلب، وأكد أهمية تقديم كل من الولايات المتحدة وحلف «الناتو» مساهمات ملموسة أكثر فيما يتعلق بالتطورات الأخيرة في إدلب.
ويواصل الجيش التركي تعزيز نقاط المراقبة التابعة له، في منطقة خفض التصعيد بمحافظة إدلب بعناصر من قوات المهام الخاصة (كوماندوز).
وتوجه رتل من التعزيزات العسكرية، يضم عناصر من القوات الخاصة من مختلف الوحدات التابعة للجيش التركي في عموم البلاد، توجهت إلى الحدود مع سوريا.
وأرسل الجيش التركي راجمات صواريخ متعددة تمركزت على الحدود السورية.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».