الجيش العراقي ينهي فصلا طويلا من معارك الكر والفر.. ويحرر بيجي

العبادي يعرض عفوا مشروطا عن دواعش مغرر بهم

مقاتلون في القوات المدرعة للجيش العراقي يمشطون منطقة قريبة من جرف الصخر التي تم تحريرها من تنظيم داعش قبل 3 أيام (أ.ف.ب)
مقاتلون في القوات المدرعة للجيش العراقي يمشطون منطقة قريبة من جرف الصخر التي تم تحريرها من تنظيم داعش قبل 3 أيام (أ.ف.ب)
TT

الجيش العراقي ينهي فصلا طويلا من معارك الكر والفر.. ويحرر بيجي

مقاتلون في القوات المدرعة للجيش العراقي يمشطون منطقة قريبة من جرف الصخر التي تم تحريرها من تنظيم داعش قبل 3 أيام (أ.ف.ب)
مقاتلون في القوات المدرعة للجيش العراقي يمشطون منطقة قريبة من جرف الصخر التي تم تحريرها من تنظيم داعش قبل 3 أيام (أ.ف.ب)

أنهى الجيش العراقي فصلا طويلا من الكر والفر مع تنظيم «داعش» حول قضاء بيجي الذي يضم أكبر مصفاة للنفط العراقي؛ فبعد سلسلة من المعارك والهجمات المتبادلة بين الطرفين منذ الـ12 من يونيو (حزيران) الماضي، حيث تمكن تنظيم داعش من إحكام السيطرة على محافظة صلاح الدين، تمكنت القوات العراقية من دخول قضاء بيجي (40 كلم شمال تكريت). وطبقا لمصدر في قيادة عمليات صلاح الدين فإن «قوة مشتركة من الجيش العراقي وقيادة العمليات الخاصة الثانية في جهاز مكافحة الإرهاب، ولواء الرد السريع، بإسناد من الحشد الشعبي، دخلت إلى قضاء بيجي، بعد اشتباكات عنيفة مع مسلحي (داعش)». وأضاف المصدر أن «القوات الأمنية اشتبكت مع مسلحي (داعش)، في محاور عدة في مناطق المزرعة والصينية قبل الدخول إلى قضاء بيجي»، مبينا أن «الأجهزة الأمنية نجحت في تحاشي أسلوب التنظيم المتمثل بزرع العبوات وعمليات القنص، واستطاعت التقدم نحو مركز القضاء».
وكانت القوات العراقية خاضت طوال الشهرين الماضيين معارك عنيفة مع تنظيم داعش حول مصفى بيجي، حيث تم إحباط عشرات الهجمات التي قام بها التنظيم بهدف السيطرة على هذه المصفى. ورغم أن تنظيم داعش قد تمكن فيما بعد من دخول قضاء بيجي، فإن المصفاة بقيت خارج سيطرتهم، لكنها (المصفاة) توقفت عن العمل بسبب قطع الطرق والإمدادات. وفي هذا السياق، أكد المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية والمتخصص بالشؤون الأمنية اللواء الركن عبد الكريم خلف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «النجاح الذي تحقق في بيجي وفي العديد من المناطق يعود إلى نجاح الخطة العسكرية التي وُضعت لهذا الغرض، وهي تجزئة المناطق والعمل في كل منطقة على حدة، الأمر الذي أدى إلى إرباك داعش وحرمانه من استخدام وسائل القيادة والسيطرة، وبالتالي محاصرته وقطع طرق إمداداته، يضاف إلى ذلك أن مهمة الحشد الدولي خاصة الضربات الجوية، اعتمدت خطة الإسناد القريب وليس الإسناد البعيد، التي كانت مستخدمة سابقا». وأضاف خلف أن «هناك مناطق صنفت على أنها خط أحمر بالنسبة للحشد الدولي، كان في المقدمة منها سد الموصل وسد حديثة ومطار بغداد، وقد تم توسيع هذه الخطوط الحمراء، بحيث تؤدي إلى فقدان (داعش) القدرة على التمدد والسيطرة، مثلما كان عليه الأمر سابقا».
وأكد اللواء خلف أن «إقدام (داعش) على إعدام المئات من البونمر إنما يعود في جزء منه إلى الخسائر التي بات يمنى بها، وإلى اضطراب وضعه العسكري واللوجيستي».
إلى ذلك، عرض رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عفوا مشروطا على من اعتبرهم ما زالوا يعملون مع «داعش» دون أن يكونوا مرتبطين عقائديا بالتنظيم.
وقال بيان لمكتب العبادي خلال استقباله، أول من أمس، وفدا من محافظة صلاح الدين جرى خلاله مناقشة الإنجازات العسكرية المتحققة والأوضاع الأمنية وشؤون النازحين واحتياجات المواطنين في المجالات الخدمية والتعليمية والزراعية: «نحن ماضون بتحرير صلاح الدين وجميع مناطق العراق في وقت قريب» داعيا إلى «وحدة الكلمة والتعاون والتكاتف ضد عصابات (داعش) من أجل تحقيق الانتصار النهائي بإذن الله».
وأكد رئيس الوزراء العراقي أن «الذين يقفون مع (داعش) أمامهم فرصة للعودة للصف الوطني قبل فوات الأوان». وفي هذا السياق، أعرب شيخ قبيلة الجبور في محافظة صلاح الدين الشيخ خميس آل جبارة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» عن أن «الحكومة العراقية سواء في شخص رئيس الوزراء أو رئيس البرلمان الدكتور سليم الجبوري بدأوا يتفهمون وضعنا ومعاناتنا ضد تنظيم داعش، وما قدمناه من تضحيات كبيرة بالأرواح والمعدات. الأمر الذي مكننا من الصمود رغم أن هذا الدعم جاء متأخرا، وبعد سلسلة من النداءات والاستغاثات».
وحول مجريات الأمور الآن في عموم محافظة صلاح الدين، قال آل جبارة: «نستطيع القول إن المعادلة تغيرت الآن، حيث بدأت القوات المسلحة والمتطوعون، سواء من أبناء عشائرنا، لا سيما عشيرة الجبور، التي كانت قد وقفت وحدها أول الأمر ضد (داعش) أو المتطوعين من المحافظات الوسطى والجنوبية ممن قاتلوا معنا ولا يزالون في الضلوعية، تفرض السيطرة وتمسك الأرض في العديد من المناطق، ونعتقد أنه لم تعد هناك فرصة لهذه الزمر الإرهابية للبقاء في مناطقنا، رغم أننا ما زلنا نخوض قتالا معهم».



إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
TT

إحالة مسؤولَين يمنيَين إلى المحكمة بتهمة إهدار 180 مليون دولار

الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)
الحكومة اليمنية التزمت بمحاربة الفساد واستعادة ثقة الداخل والمانحين (إعلام حكومي)

في خطوة أولى وغير مسبوقة للحكومة اليمنية، أحالت النيابة العامة مسؤولَين في مصافي عدن إلى محكمة الأموال العامة بمحافظة عدن، بتهمة الإضرار بالمصلحة العامة والتسهيل للاستيلاء على المال العام، وإهدار 180 مليون دولار.

ووفق تصريح مصدر مسؤول في النيابة العامة، فإن المتهمَين (م.ع.ع) و(ح.ي.ص) يواجهان تهم تسهيل استثمار غير ضروري لإنشاء محطة طاقة كهربائية جديدة للمصفاة، واستغلال منصبيهما لتمرير صفقة مع شركة صينية من خلال إقرار مشروع دون دراسات جدوى كافية أو احتياج فعلي، بهدف تحقيق منافع خاصة على حساب المال العام.

«مصافي عدن» تعد من أكبر المرافق الاقتصادية الرافدة للاقتصاد اليمني (إعلام حكومي)

وبيّنت النيابة أن المشروع المقترح الذي كان مخصصاً لتوسيع قدرات مصافي عدن، «لا يمثل حاجة مُلحة» للمصفاة، ويشكل عبئاً مالياً كبيراً عليها، وهو ما يعد انتهاكاً لقانون الجرائم والعقوبات رقم 13 لعام 1994. وأكدت أن الإجراءات القانونية المتخذة في هذه القضية تأتي ضمن إطار مكافحة الفساد والحد من التجاوزات المالية التي تستهدف المرافق العامة.

هذه القضية، طبقاً لما أوردته النيابة، كانت محط اهتمام واسعاً في الأوساط الحكومية والشعبية، نظراً لحساسية الموضوع وأهمية شركة «مصافي عدن» كأحد الأصول الاستراتيجية في قطاع النفط والطاقة في البلاد، إذ تُعد من أكبر المرافق الاقتصادية التي ترفد الاقتصاد الوطني.

وأكدت النيابة العامة اليمنية أنها تابعت باستفاضة القضية، وجمعت الأدلة اللازمة؛ ما أدى إلى رفع الملف إلى محكمة الأموال العامة في إطار الحرص على تطبيق العدالة ومحاسبة المتورطين.

ويتوقع أن تبدأ المحكمة جلساتها قريباً للنظر في القضية، واتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة بحق المتهمين، إذ سيكون للحكم أثر كبير على السياسات المستقبلية الخاصة بشركة «مصافي عدن»، وعلى مستوى الرقابة المالية والإدارية داخلها.

إصلاحات حكومية

أكد رئيس مجلس الوزراء اليمني، أحمد عوض بن مبارك، أن صفقة الفساد في عقد إنشاء محطة كهربائية في مصفاة عدن قيمتها 180 مليون دولار، ووصفها بأنها إهدار للمال العام خلال 9 سنوات، وأن الحكومة بدأت إصلاحات في قطاع الطاقة وحققت وفورات تصل إلى 45 في المائة.

وفي تصريحات نقلها التلفزيون الحكومي، ذكر بن مبارك أن مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية والمساءلة ليست مجرد شعار بل هي نهج مستمر منذ توليه رئاسة الحكومة. وقال إن مكافحة الفساد معركة وعي تتطلب مشاركة الشعب والنخب السياسية والثقافية والإعلامية.

بن مبارك أكد أن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل الفشل في أداء المهام (إعلام حكومي)

وقال إن حكومته تتعامل بجدية؛ لأن مكافحة الفساد أصبحت أولوية قصوى، بوصفها قضية رئيسية لإعادة ثقة المواطنين والمجتمع الإقليمي والدولي بالحكومة.

ووفق تصريحات رئيس الحكومة اليمنية، فإن الفساد لا يقتصر على نهب المال العام بل يشمل أيضاً الفشل في أداء المهام الإدارية، مما يؤدي إلى ضياع الفرص التي يمكن أن تحقق تماسك الدولة.

وأوضح أنه تم وضع خطة إصلاحية للمؤسسات التي شاب عملها خلل، وتم توجيه رسائل مباشرة للمؤسسات المعنية للإصلاح، ومن ثَمَّ إحالة القضايا التي تحتوي على ممارسات قد ترقى إلى مستوى الجريمة إلى النيابة العامة.

وكشف بن مبارك عن تحديد الحكومة مجموعة من المؤسسات التي يجب أن تكون داعمة لإيرادات الدولة، وفي مقدمتها قطاعات الطاقة والمشتقات النفطية؛ حيث بدأت في إصلاح هذا القطاع. وأضاف أن معركة استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي «تتوازى مع معركة مكافحة الفساد»، وشدد بالقول: «الفساد في زمن الحرب خيانة عظمى».

تعهد بمحاربة الفساد

تعهد رئيس الوزراء اليمني بأن يظل ملف مكافحة الفساد أولوية قصوى لحكومته، وأن تواصل حكومته اتخاذ خطوات مدروسة لضمان محاسبة الفاسدين، حتى وإن تعالت الأصوات المعارضة. مؤكداً أن معركة مكافحة الفساد ليست سهلة في الظروف الاستثنائية الحالية، لكنها ضرورية لضمان الحفاظ على مؤسسات الدولة وتحقيق العدالة والمساءلة.

ووصف بن مبارك الفساد في زمن الحرب بأنه «خيانة عظمى»؛ لأنه يضر بمصلحة الدولة في مواجهة ميليشيا الحوثي. واتهم بعض المؤسسات بعدم التعاون مع جهاز الرقابة والمحاسبة، ولكنه أكد أن مكافحة الفساد ستستمر رغم أي ممانعة. ونبه إلى أن المعركة ضد الفساد ليست من أجل البطولات الإعلامية، بل لضمان محاسبة الفاسدين والحفاظ على المؤسسات.

الصعوبات الاقتصادية في اليمن تفاقمت منذ مهاجمة الحوثيين مواني تصدير النفط (إعلام محلي)

وكان الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة قد سَلَّمَ رئيس الحكومة تقارير مراجعة أعمال «المنطقة الحرة عدن»، وشركة «مصافي عدن»، و«المؤسسة العامة لموانئ خليج عدن»، وشركة «النفط اليمنية» وفروعها في المحافظات، و«مؤسسة موانئ البحر العربي»، والشركة «اليمنية للاستثمارات النفطية»، و«الهيئة العامة للشؤون البحرية»، و«الهيئة العامة للمساحة الجيولوجية والثروات المعدنية»، و«الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري»، والشركة «اليمنية للغاز مأرب»، إضافة إلى تقييم الأداء الضريبي في رئاسة مصلحة الضرائب ومكاتبها، والوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين وفروعها في المحافظات.

ووجه رئيس الحكومة اليمنية الوزارات والمصالح والمؤسسات المعنية التي شملتها أعمال المراجعة والتقييم من قِبَل الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة بالرد على ما جاء في التقارير، وإحالة المخالفات والجرائم الجسيمة إلى النيابات العامة لمحاسبة مرتكبيها، مؤكداً على متابعة استكمال تقييم ومراجعة أعمال بقية المؤسسات والجهات الحكومية، وتسهيل مهمة فرق الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة للقيام بدورها الرقابي.

وألزم بن مبارك الوزارات والمؤسسات والمصالح والجهات الحكومية بالتقيد الصارم بالقوانين والإجراءات النافذة، وشدد على أن ارتكاب أي مخالفات مالية أو إدارية تحت مبرر تنفيذ التوجيهات لا يعفيهم من المسؤولية القانونية والمحاسبة، مؤكداً أن الحكومة لن تتهاون مع أي جهة تمتنع عن تقديم بياناتها المالية ونتائج أعمالها للجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، لمراجعتها والعمل بشفافية ومسؤولية، وتصحيح كل الاختلالات سواء المالية أو الإدارية.

وكانت الدول المانحة لليمن قد طالبت الحكومة باتخاذ إجراءات عملية لمحاربة الفساد وإصلاحات في قطاع الموازنة العامة، وتحسين موارد الدولة وتوحيدها، ووقف الجبايات غير القانونية، وإصلاحات في المجال الإداري، بوصف ذلك شرطاً لاستمرار تقديم دعمها للموازنة العامة للدولة في ظل الصعوبات التي تواجهها مع استمرار الحوثيين في منع تصدير النفط منذ عامين، وهو المصدر الأساسي للعملة الصعبة في البلاد.