أفغانستان: نجاح اتفاق بين واشنطن و«طالبان» رهن وقف النار

أشرف غني أكد إحراز «تقدم ملموس»... و«ناتو» شدد على التزام الحركة خفض العنف

دورية للقوات الأفغانية في ولاية ننغرهار الأحد (إ.ب.أ)
دورية للقوات الأفغانية في ولاية ننغرهار الأحد (إ.ب.أ)
TT

أفغانستان: نجاح اتفاق بين واشنطن و«طالبان» رهن وقف النار

دورية للقوات الأفغانية في ولاية ننغرهار الأحد (إ.ب.أ)
دورية للقوات الأفغانية في ولاية ننغرهار الأحد (إ.ب.أ)

بدت الولايات المتحدة و«طالبان»، أمس، أقرب إلى التوصل لاتفاق حول انسحاب القوات الأميركية في أفغانستان، مع تأكيد الرئيس الأفغاني أشرف غني إحراز «تقدم ملموس» في المفاوضات لحلّ النزاع وإعلان مسؤول في «طالبان» أن خفضاً للعنف قد يتحقق في الأيام المقبلة. وتتفاوض «طالبان» مع واشنطن حول انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان مقابل ضمانات أمنية وخفض للعنف وإطلاق حوار داخلي أفغاني منذ أكثر من عام، في محاولة لإنهاء أطول حرب خارجية خاضتها الولايات المتحدة.
وأعلن غني تلقيه اتصالاً من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، مساء الثلاثاء، لإبلاغه بتطورات المفاوضات بين واشنطن و«طالبان» الجارية في الدوحة، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وذكر الرئيس الأفغاني في تغريدة: «اليوم، كان لي شرف تلقي اتصال من مايك بومبيو أبلغني فيه عن إحراز تقدم ملموس في مفاوضات السلام الجارية مع (طالبان)». وأضاف: «أبلغني وزير الخارجية بمقترح (طالبان) الهادف إلى خفض العنف بمستوى ملحوظ ودائم»، معرباً عن سعادته بـ«تطور جدير بالترحيب».
من جهته، قال مسؤول في «طالبان» من أفغانستان، للوكالة الفرنسية، إن الحركة مستعدة لتقليص هجماتها. وأوضح: «إذا تم توقيع اتفاق، ستبدأ (طالبان) بخفض العنف الجمعة»، مضيفاً أن العمل جارٍ لضبط الجماعات المنشقة عن الحركة.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، نقلاً عن مصادر أفغانية وأميركية، أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وافق الاثنين، على اتفاق مع «طالبان»، لكن وفق شروط. ورفض الرئيس ترمب في اللحظة الأخيرة توقيع اتفاق مع «طالبان» في سبتمبر (أيلول)، بعد هجوم أدى إلى مقتل جندي أميركي. وأوضحت الصحيفة أن ترمب لن يعطي موافقة نهائية على الاتفاق إلا إذا التزمت «طالبان» بخفض العنف «لمدة سبعة أيام في وقت لاحق هذا الشهر».
وقال مصدر «طالبان» في باكستان من جهته، إن الحركة وافقت على المقترح، مضيفاً أن ذلك سيكون بمثابة وقف لإطلاق النار لكن لن تُطلق عليه هذه التسمية على خلفية عدة «تعقيدات». وسيسمح وقف لإطلاق النار بحكم الأمر الواقع للأميركيين بالبدء في سحب الآلاف من قواتهم المتمركزة في أفغانستان، والتي يبلغ عددها حالياً بين 12 و13 ألفاً.
من جهته، رحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ينس ستولتنبرغ، أمس، بالتقدم نحو التوصل إلى اتفاق بين الولايات المتحدة و«طالبان» في أفغانستان، إلا أنه أكد ضرورة أن تخفض الحركة المسلحة هجماتها. وصرح ستولتنبرغ لدى وصوله إلى اجتماع وزراء دفاع دول «ناتو» الذي سيناقش مهمة الحلف للتدريب والدعم في أفغانستان اليوم: «نرحب بأي خطوة يمكن أن تؤدي إلى خفض العنف». إلا أن التقدم لا يزال هشاً، إذ وقع هجوم انتحاري دامٍ في كابل، أول من أمس (الثلاثاء)، أكد التهديد المستمر للعنف، وقال ستولتنبرغ إن على حركة «طالبان» الوفاء بوعودها. وأضاف: «على (طالبان) أن تُظهر إرادة حقيقية وقدرة على خفض العنف، لإتاحة المجال لأي تقدم نحو التوصل إلى حل سلمي دائم ومستدام في أفغانستان».
ولم يشهد النزاع الأفغاني الذي بدأ عام 2001 مع الغزو الأميركي وقفاً لإطلاق النار إلا مرة واحدة في السابق عام 2018 خلال عيد الفطر. تشارك حينها مواطنون أفغان المثلجات مع مقاتلي «طالبان» والتقطوا معهم الصور، لكن العنف استؤنف بعد ذلك.
رغم المفاوضات الجارية بين الولايات المتحدة وأفغانستان، لا تزال الحرب مستمرة، فيما بلغت المواجهات مستوى قياسياً في الربع الأخير من عام 2019، وفق تقرير لجهاز مراقبة حكومي أميركي.
ويشكّك الأفغان الذين يعيشون في مخيم للاجئين في باكستان بإمكان أن يؤدي أي اتفاق إلى سلام حقيقي. وحذر اللاجئ هزرت حسين البالغ من العمر 60 عاماً، من أن البلاد قد تغرق من جديد في حرب أهلية إذا انسحب الأميركيون منها، كما حصل مع انسحاب الاتحاد السوفياتي عام 1989. وقال للوكالة الفرنسية من المخيم الواقع على تخوم مدينة بيشاور الشمالية الغربية، إن «الناس يخشون التقاتل الداخلي والحرب من جديد».
ومطلع فبراير (شباط)، أكد الرئيس الأميركي من جديد رغبته في سحب القوات الأميركية من أفغانستان. وأعلن: «ليس دورنا أن نؤدي عمل أجهزة حفظ النظام في دول أخرى».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.