نتنياهو وغانتس يتوجهان للناخبين العرب على حساب «القائمة المشتركة»

TT

نتنياهو وغانتس يتوجهان للناخبين العرب على حساب «القائمة المشتركة»

في تغيير ملموس للتكتيك الانتخابي، لتشكيل حكومة المعسكر الواحد، أطلق كل من حزب الليكود، بقيادة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ورئيس حزب الجنرالات «كحول لفان»، بيني غانتس، حملة موجهة إلى الناخبين العرب (فلسطينيي 48)، تستهدف جرف الأصوات منهم على حساب «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية والإسلامية.
ويرمي كل منهما إلى رفع رصيده الانتخابي من العرب بعشرات ألوف الأصوات، على أمل أن يستطيع تشكيل حكومة أقلية من 61 مقعداً فما فوق، تقتصر على معسكره. «الليكود» يريد تشكيل حكومة لليمين المتطرف من دون حزب اليهود الروس بقيادة أفيغدور ليبرمان، و«كحول لفان» يريد إقامة «حكومة للمعسكر الصهيوني المؤمن بالدولة اليهودية الديمقراطية» مع ليبرمان، ومن دون «القائمة المشتركة».
وقد بدأ غانتس هذه الحملة، أمس الأربعاء، بنشر إعلانات انتخابية ضخمة باللغة العربية في جميع القرى والمدن العربية في إسرائيل، وفيها يتعهد بمكافحة العنف، ويتحدث عن «شراكة حقيقية يهودية عربية لبناء المستقبل»، و«مساواة كاملة في الحقوق»، وغيرها. وباشر في جولة انتخابية على عدد من البلدات العربية. وفسر هذه الحملة بأنها رد على تصريحات أيمن عودة وأحمد الطيبي، وغيرهما من قادة «القائمة المشتركة»، الذين هددوا بعدم التوصية على غانتس لتشكيل الحكومة القادمة، إذا لم يتنصل من «صفقة القرن» ولم يتراجع عن فكرة ضم غور الأردن وشمالي البحر الميت والمستوطنات، ولم يرفض بوضوح خطة نقل سكان المثلث إلى الدولة الفلسطينية.
وقال غانتس إنه سيعمل على تنفيذ الخطة الأميركية المعروفة باسم «صفقة القرن»، وإن «القائمة المشتركة» لن تكون جزءاً من حكومة مستقبلية يقوم بتشكيلها. وأضاف - في بيان نشره على صفحته الرسمية في «فيسبوك» - أنه «لا يمكن لـ(القائمة المشتركة) أن تكون جزءاً من الحكومة التي سأقوم بتشكيلها، وسأعمل على تنفيذ خطة الرئيس الأميركي (دونالد ترمب) للسلام، ولكن بالتنسيق مع جميع الأطراف في المنطقة»، واعتبر أنها «علامة فارقة في سياق الصراع العربي الإسرائيلي. لذلك أقول إن لدينا خلافات عميقة مع (القائمة المشتركة) في كل ما يتعلق بالمسائل السياسية والوطنية والأمنية لدولة إسرائيل، وليس فقط حول الصفقة. فإسرائيل - بالنسبة إلينا - هي الدولة اليهودية والديمقراطية الوحيدة في العالم، وتحتاج إلى الدفاع عن نفسها من الأعداء الخارجيين». وتابع: «لا يمكن أن تتسامح إسرائيل مع الإرهاب أو أن تتجنب إدانته. خلافاتي مع قيادات (القائمة المشتركة) حول الجوانب الوطنية والأمنية عميقة وصعبة، وغير قابلة للتلاقي».
ومع ذلك، أعرب غانتس عن رفضه نقل المثلث إلى الدولة الفلسطينية، وقال: «في الجولات التي قمت بها، سمعت أيضاً عن الترويج للخطاب الأخير حول نقل المثلث إلى السلطة الفلسطينية. أريد أن أزيل هذا الملف عن الطاولة، وأذكر أنه لن يتم إكراه أي مواطن إسرائيلي يهودي أو عربي على الانتقال إلى مناطق دولة أخرى. وفي الوقت نفسه، بصفتي رئيس الحكومة المقبل، سأستثمر الميزانيات وأعمل على تقليص الفجوات في التعليم والبنية التحتية والأمن والصحة وسوق العمل، وكل المجالات الأخرى. حتى لو كانت لدينا نزاعات وطنية، فنحن نتفق على الرغبة في المساواة والرغبة في الازدهار المدني لصالح الوسط العربي».
من جهة ثانية، أعلن حزب الليكود أنه يتوجه إلى المجتمع العربي برسالة مركزية، يفصل فيها ما بين الأقلية العربية وبين «القائمة المشتركة». وقالت مصادر في قيادته، إن «الحزب يحترم الجمهور العربي، وفي موازاة ذلك سيواصل مهاجمة (القائمة المشتركة) ونوابها».
وتتحدث حملة «الليكود» عن الإنجازات التي حققتها حكومة نتنياهو للمجتمع العربي، مثل رصد ميزانيات خاصة لسد هوة التمييز، وجمع السلاح، وإقامة مراكز شرطة لمكافحة العنف والجريمة. ويرفع «الليكود» شعاراً مركزياً جاء فيه: «نهتم بالمجتمع العربي أكثر من (القائمة المشتركة)».
وأكد خبراء أن «كحول لفان» الذي حصل على مقعد من أصوات العرب في الانتخابات الماضية، يطمح لمقعدين إضافيين الآن، بينما لا يتوقع «الليكود» أن يحصل على أصوات كثيرة من الناخبين العرب؛ لكنه يعتقد أن حملته ستقلص التصويت لـ«القائمة المشتركة»، «وهذا هو الهدف المركزي للحملة».
يذكر أن مصادر في «الليكود» كشفت أن نتنياهو عرض على حزب «عوتصماه يهوديت» (جبروت يهودي)، وهو يميني متطرف يؤمن بأنه لا مكان للعرب في أرض فلسطين التاريخية، اتفاقاً، بموجبه ستعطيه أحزاب اليمين بضع عشرات الآلاف من الأصوات التي تتيح له عبور نسبة الحسم، بشرط أن يتعهد هذا الحزب بألا يخوض الانتخابات في سبتمبر (أيلول) القادم، في حال الفشل في تشكيل حكومة، والاضطرار للتوجه إلى انتخابات رابعة. وقد رفض رئيس هذا الحزب المتطرف التعقيب على النبأ، مما زاد احتمالات صدق الرواية عن هذا العرض.
ويرى «الليكود» أن فشل هذا الحزب سيحرق حوالي 100 ألف صوت من قوى اليمين، بينما في حال دخوله الكنيست سيتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة يمين من 61 مقعداً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.