حضت منظمات حقوقية عالمية اليوم (الأربعاء) الخرطوم على التعجيل في تسليم الرئيس السوداني السابق عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن تعهدت السلطات الجديدة في البلاد بتقديمه إلى العدالة بتهمة ارتكاب جرائم حرب في دارفور.
وقال مسؤولون سودانيون أمس (الثلاثاء) إن المجلس السيادي الحاكم اتفق مع بعض الفصائل المتمردة على تسليم البشير وثلاثة من مساعديه للمحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها لدورهم في النزاع في إقليم دارفور غرب البلاد، وذلك حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقالت جولي فيرهار القائمة بأعمال السكرتير العام لمنظمة العفو الدولية في بيان: «يجب على السلطات السودانية ترجمة هذه الأقوال إلى أفعال وتسليم البشير وغيره من الأفراد فوراً بموجب مذكرة الجلب الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية».
والبشير مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية بتهم القتل والإبادة التي كان ضحيتها مئات الآلاف من الأشخاص أثناء النزاع في دارفور الذي اندلع في 2003.
وقالت فيرهار إن «قرار تسليمه إلى المحكمة سيلقى الترحيب بصفته خطوة باتجاه إحقاق العدالة للضحايا وعائلاتهم».
اندلع النزاع في دارفور عندما حمل متمردون ينتمون إلى الأقليات ذات الأصول الأفريقية السلاح في وجه حكومة البشير التي اتهمت بتهميش المنطقة اقتصادياً وسياسياً.
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بسبب دوره في النزاع. ولكنه نفى هذه الاتهامات وأمكنه السفر بلا قيود متحدياً مذكرتين من الجنائية الدولية بإيقافه.
ووجهت المحكمة التهم كذلك إلى ثلاثة من مساعديه السابقين وهم أحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين وعلي كوشيد.
والبشير محتجز في السودان حيث وجهت إليه تهم الفساد.
وقال محمد حسن التعايشي عضو المجلس السيادي الانتقالي في السودان أمس في أثناء وجوده في جوبا عاصمة جنوب السودان حيث التقى وفد حكومي مع فصائل متمردة إن لدى الحكومة «قناعة في الموافقة على مثول الذين صدرت في حقهم أوامر القبض أمام المحكمة الجنائية الدولية». وأضاف أن هذا «ناتج من مبدأ أساسي مرتبط بالعدالة». وبين للصحافيين في جوبا: «اتفقنا على الدعم الكامل للمحكمة الجنائية الدولية واتفقنا على تسليم المجرمين الأربعة المطلوبين لدى المحكمة أحدهم البشير وثلاثة آخرين. المحكمة تعرفهم ونحن ندعم كلياً اتهامات المحكمة الجنائية في مواجهتهم وضرورة تسليمهم». لكنه لم يحدد متى سيتم تنفيذ القرار.
وقالت منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان غير الحكومية ومقرها في الولايات المتحدة في بيان إن «الهجمات الواسعة النطاق التي شنتها قوات الأمن السودانية على المدنيين في إطار حملة الترهيب التي قادها البشير، بما في ذلك العنف الجنسي المتفشي كسلاح من أسلحة الحرب كان لها آثار مدمرة على حياة وسبل عيش ضحاياها». وأضافت: «لقد مر وقت طويل ولم يحصل ضحاياه وعائلاتهم على العدالة».
والثلاثاء، قال التعايشي إن محادثات جوبا التي لا تزال جارية، تركز على تحقيق العدالة والمصالحة في دارفور حيث أوقع النزاع وفق الأمم المتحدة 300 ألف قتيل وتسبب بنزوح 2.5 مليون من قراهم وبلداتهم.
وكشف التعايشي أنهم اتفقوا على عدة آليات لتحقيق السلام في دارفور بما في ذلك إنشاء محكمة خاصة للتحقيق في الجرائم.
كما أكد المتحدث باسم الحكومة السودانية فيصل محمد صالح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «البشير وآخرين سيمثلون أمام المحكمة الجنائية الدولية. هذا قرار الحكومة وموقفها».
وأطاح الجيش السوداني بالبشير في انقلاب أبيض في أبريل (نيسان) 2019 بعد أشهر من الاحتجاجات على حكمه الذي فرضه بقبضة من حديد على امتداد ثلاثة عقود.
واعتُقل البشير إثر إقالته وحُكم عليه بالسجن لمدة عامين لإدانته بالفساد.
وطالب المتظاهرون وسكان دارفور والحركات المتمردة في الإقليم باستمرار بتسليم البشير المخلوع إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وخلفت سنوات النزاع في دارفور ومناطق أخرى وانفصال جنوب السودان في عام 2011 اقتصاداً منهكاً كان العامل الرئيسي في اندلاع الاحتجاجات ضد البشير في 2019.
لكن بعد عشرة أشهر من الإطاحة به، ما زالت البلاد تعاني من النقص الحاد في الخبز والوقود والعملات الأجنبية وكلها تعيق النهوض الاقتصادي.
وقالت الموظفة الحكومية محاسن أحمد وهي تنتظر مع عشرات آخرين خارج مخبز في شمال الخرطوم: «أنتظر منذ أكثر من ساعة في الطابور لشراء الخبز»، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي الوقت نفسه تصطف طوابير طويلة من السيارات أمام محطات الوقود في جميع أنحاء الخرطوم.
وقال حسن أحمد الموظف في القطاع الخاص وهو ينتظر ملء سيارته في محطة للوقود: «كل عائلة منقسمة هذه الأيام بطريقة ما. البعض يقف في طابور للحصول على الخبز، والبعض الآخر للوقود وغيرهم لغاز الطهي. معاناتنا لا حدود لها».
جمعيات حقوق الإنسان تحض بالإسراع في تسليم البشير للجنائية الدولية
جمعيات حقوق الإنسان تحض بالإسراع في تسليم البشير للجنائية الدولية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة