«حزب الله» يوجه الجماعات المسلحة العراقية منذ مقتل سليماني

أعضاء من جماعة «حزب الله» اللبنانية (أرشيف - رويترز)
أعضاء من جماعة «حزب الله» اللبنانية (أرشيف - رويترز)
TT

«حزب الله» يوجه الجماعات المسلحة العراقية منذ مقتل سليماني

أعضاء من جماعة «حزب الله» اللبنانية (أرشيف - رويترز)
أعضاء من جماعة «حزب الله» اللبنانية (أرشيف - رويترز)

بعد فترة وجيزة من مقتل القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في هجوم أميركي بطائرة مسيرة في العراق، عقدت جماعة «حزب الله» اللبنانية المدعومة من إيران اجتماعات عاجلة مع قادة فصائل عراقية مسلحة، وذلك لتوحيد صفوفها في مواجهة فراغ كبير خلّفه مقتل مرشدهم القوي، وذلك حسبما قال مصدران على دراية بهذه الاجتماعات لوكالة «رويترز» للأنباء.
وقال المصدران إن الاجتماعات استهدفت تنسيق الجهود السياسية للفصائل المسلحة العراقية التي غالباً ما تسودها انقسامات، والتي لم تفقد في هجوم 3 يناير (كانون الثاني) بمطار بغداد سليماني فقط، وإنما أيضاً القائد العسكري العراقي الذي يقوم بدور توحيد تلك الجماعات أبو مهدي المهندس.
وعلى الرغم من عدم تقديم المصدرين تفاصيل إضافية، أكد مصدران إضافيان في تحالف إقليمي موالٍ لإيران أن «حزب الله» الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية تدخل للمساعدة في ملء الفراغ الذي تركه سليماني فيما يتعلق بتوجيه الجماعات المسلحة.
وتحدثت كل المصادر في هذا التقرير شريطة عدم الكشف عنها لأنها تتناول أنشطة سياسية حساسة نادراً ما تم تناولها في العلن. ولم يرد مسؤولون في حكومتي العراق وإيران على طلبات للتعليق. ولم يرد أيضاً على طلب مماثل متحدث باسم الجماعات المسلحة العراقية، وفق ما ذكرته «رويترز».
وسلطت الاجتماعات الضوء على الطريقة التي تحاول بها إيران والجماعات المتحالفة معها تعزيز سيطرتها في الشرق الأوسط، خاصة في أعقاب الهجوم الأميركي المدمر الذي أودى بحياة القائد العسكري الإيراني المُهاب.
وتعد الفصائل المسلحة المدعومة من طهران مهمة لجهود إيران للحفاظ على سيطرتها على العراق الذي ما زالت الولايات المتحدة تحتفظ فيه بنحو 5000 عسكري.
وشهد العراق حرباً أهلية استمرت سنوات منذ أن أطاحت القوات الأميركية بصدام حسين في 2003 كما واجهت الحكومة في الآونة الأخيرة والجماعات المسلحة في العراق احتجاجات متصاعدة ضد نفوذ إيران في البلاد. وكانت إيران قد ساعدت في إنشاء بعض الجماعات العراقية المسلحة.
وقال أحد المصدرين العراقيين إن سليماني أوغل في الأزمة العراقية في الشهور التي سبقت اغتياله، وعقد اجتماعات مع الجماعات المسلحة العراقية في بغداد، في الوقت الذي سعت فيه طهران للدفاع عن حلفائها ومصالحها في صراعها على النفوذ مع الولايات المتحدة.
ويمثل تدخل جماعة «حزب الله» اللبنانية توسيعاً لدورها في المنطقة. وتمثل هذه الجماعة الشيعية التي أسسها «الحرس الثوري» الإيراني عام 1982 محور الاستراتيجية الإيرانية في المنطقة منذ سنوات، وساعدت سليماني في تدريب الجماعات المسلحة في كل من العراق وسوريا.
وقال مسؤول إقليمي موالٍ لإيران إن توجيه «حزب الله» للجماعات المسلحة في العراق سيستمر إلى أن تتولى القيادة الجديدة في «فيلق القدس» الذي كان يقوده سليماني في «الحرس الثوري» الإيراني التعامل مع الأزمة السياسية في العراق.
وقال المصدران العراقيان إن الاجتماعات بين جماعة «حزب الله» وقادة الجماعات المسلحة العراقية بدأت في يناير بعد أيام فقط من اغتيال سليماني. ولم يتسنَ لـ«رويترز» التأكد من عدد الاجتماعات أو مكان انعقادها. وقال مصدر إنها عقدت في بيروت، وقال المصدر الآخر إنها عقدت إما في لبنان وإما في إيران.
وقال المصدران إن الشيخ محمد الكوثراني، ممثل «حزب الله» في العراق، والذي عمل عن قرب مع سليماني لسنوات في توجيه الجماعات المسلحة العراقية، استضاف الاجتماعات وحل محل سليماني.
وأضاف المصدران أن الكوثراني وبّخ الجماعات المسلحة، مثلما فعل سليماني في أحد اجتماعاته الأخيرة معها لتقاعسها عن التوصل لخطة موحدة لاحتواء الاحتجاجات الشعبية ضد حكومة بغداد والقوات شبه العسكرية التي تهيمن عليها.
وقتلت الجماعات المسلحة مئات المحتجين، لكنها لم تتمكن من احتواء الاحتجاجات.
وقال المصدران العراقيان إن الكوثراني حث أيضاً على تشكيل جبهة موحدة في اختيار رئيس وزراء جديد للعراق.
وبعد ذلك، تمت تسمية وزير الاتصالات العراقي السابق محمد توفيق علاوي رئيساً للوزراء، في تطور رحبت به إيران ووافقت عليه الأحزاب المرتبطة بالجماعات المسلحة التي تساندها طهران، لكن المحتجين رفضوا تقلده المنصب.
ووفقاً للمصدرين العراقيين وزعيم شيعي عراقي رفيع المستوى، فإنه يُنظر في الوقت الحالي إلى الكوثراني على أنه الشخصية الأنسب لتوجيه الفصائل المسلحة العراقية إلى أن يتم اختيار خليفة إيراني دائم، رغم أنه لا يحظى بأي حال بما كان يتمتع به سليماني من النفوذ أو بريق الشخصية.
وقال الزعيم الشيعي: «الكوثراني له صلات مع الفصائل المسلحة»، مشيراً إلى أنه وُلد في النجف، ويعيش في العراق منذ عقود، ويتحدث باللهجة العراقية. وأضاف: «كان سليماني يثق به واعتاد الاعتماد عليه والاتصال به لمساعدته في الأزمات وفي الاجتماعات في بغداد».
وقال أحد المصادر العراقية المقربة من الفصائل إن الكوثراني التقى أيضاً برجل الدين الشيعي العراقي مقتدى الصدر، وهو شخصية قوية، لكن لا يمكن التنبؤ بأفعالها، لإقناعه بدعم رئيس الوزراء العراقي الجديد. وكانت «رويترز» قد أوردت أن الصدر منح دعمه لعلاوي.
وقالت مصادر عراقية قريبة من الفصائل المسلحة لـ«رويترز» إن الكوثراني سيواجه تحديات خطيرة، ربما لا يمكن التغلب عليها، حتى يصل إلى مكانة القائدين اللذين قُتلا في الهجوم بالطائرة المسيرة.
وقال مصدر عراقي: «يرى لكثير من قادة الفصائل أنفسهم أكبر كثيراً وأهم من أن يأخذوا الأوامر... في الوقت الحالي وبسبب ضغوط من إيران فإنهم يتعاونون معه، لكني أشك في أن هذا سيستمر، ويعرف الإيرانيون ذلك».
وقال أحد المصادر الموالية لإيران، وهو قائد عسكري، إن تدخل «حزب الله» سيكون للتوجيه السياسي، لكنه لن يصل إلى حد توفير القوة البشرية والعتاد للرد على مقتل سليماني. وأضاف القائد: «الفصائل العراقية هي التي سترد على الاغتيال في العراق، وقد جهزت لذلك بانتظار ساعة الصفر... وهي ليست بحاجة لتدخل (حزب الله) لأنها تمتلك القوة الفائضة بالعدد والكم والخبرات القتالية والقوة النارية».
وقال مسؤول أميركي كبير في المنطقة، وزعيم سياسي عراقي، إنه من الصعب السيطرة على هذه الجماعات، بينما يُنظر إلى «حزب الله» على أنه أكثر انضباطاً.
ونما دور «حزب الله» بشكل كبير خلال السنوات الماضية. وقاتلت الجماعة دعماً لرئيس النظام بشار الأسد في سوريا، وقدمت الدعم السياسي للحوثيين اليمنيين المتحالفين مع إيران.
وقال المسؤول الأميركي إنه من المرجح أن تعتمد إيران جزئياً على نفوذ نصر الله، قائد «حزب الله»، وهو شخصية تحظى باحترام عميق بين حلفاء إيران في المنطقة. ويُنظر إلى نصر الله على أنه يشرف على جهود الكوثراني، وفقاً لقائد عراقي شيعي بارز.
وأضاف المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم نشر اسمه لكونه غير مخول له الحديث علناً: «أعتقد أنه من الناحية الآيديولوجية والدينية، يُعتبر شخصية جذابة لكثير من الفصائل المسلحة الشيعية العراقية».
وفي كلمتين مطولتين بثهما التلفزيون، أشاد نصر الله بسليماني، وتعهد بالانتقام من قاتليه. كما أعلن نصر الله أن إخراج القوات الأميركية من المنطقة نهائياً سيكون هدفاً لـ«حزب الله» وحلفائه.
والقوات الأميركية موجودة في العراق منذ عام 2014 ضمن تحالف يقاتل تنظيم «داعش».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.