حدة الأزمة تشتد... وبنوك لبنان في حاجة للإنقاذ

امرأة لبنانية تشير فرحاً بعد حصولها على بعض الدولارات من أحد البنوك في بيروت (أ.ب)
امرأة لبنانية تشير فرحاً بعد حصولها على بعض الدولارات من أحد البنوك في بيروت (أ.ب)
TT

حدة الأزمة تشتد... وبنوك لبنان في حاجة للإنقاذ

امرأة لبنانية تشير فرحاً بعد حصولها على بعض الدولارات من أحد البنوك في بيروت (أ.ب)
امرأة لبنانية تشير فرحاً بعد حصولها على بعض الدولارات من أحد البنوك في بيروت (أ.ب)

لم تبلغ الأزمة أسوأ مراحلها بالنسبة للبنوك اللبنانية حتى الآن، فقد كان الأسلوب القديم في إدارة الاقتصاد، متمثلاً في جذب الأموال من خلال استثمارات اللبنانيين في المهجر، أساس قيام سادس أكبر نظام مصرفي في العالم من حيث حجم الأصول نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي؛ إذ تضخمت الودائع لتبلغ نحو 280 في المائة من الناتج الاقتصادي السنوي.
غير أنه في ضوء توقف الأموال من الخارج الآن وعجز الحكومة عن تمويل العجز في الميزانية أصبحت البنوك محط الانتقاد في وقت يعاني فيه لبنان أسوأ أزمة مالية يشهدها منذ الحرب الأهلية عام 1990.
نضبت الودائع وأصبحت البنوك في حاجة عاجلة لتدعيم قوائمها المالية، وتتراوح تقديرات المبلغ الذي يحتاج إليه القطاع لزيادة رؤوس الأموال بين 15 مليار و25 مليار دولار، كما أن أكبر هذين التقديرين قائم على افتراض التخلي عن بعض ما بحوزة البنوك من الديون السيادية.
وقال جان رياشي رئيس بنك «إف إف إيه برايفت» اللبناني: «إذا كنا نريد خدمة الاقتصاد فنحن بحاجة لقطاع مصرفي قوي»، وأضاف أن وجود نظام مصرفي ضعيف سيعني ضياع عشر سنوات على البلاد، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.
ولم تحقق مساعي البنوك لزيادة رأسمالها نجاحاً حتى الآن، فقد حاولت زيادة رأسمالها من النسق الأول بنسبة 20 في المائة بنهاية يونيو (حزيران)، أو ما يعادل نحو أربعة مليارات دولار، من خلال ضخ أموال سائلة وفق متطلبات المصرف المركزي، ووافقت بضعة بنوك على تدبير جزء من هذا المبلغ من المساهمين الحاليين.
وقال جاب ميجر المحلل لدى «أرقام كابيتال» إنه كان من المستبعد نجاح زيادة رأس المال لأن هذه الخطوة كانت ستقلل من قيمة مراكز المساهمين بأكثر من مائة في المائة إذ إن تقييمات البنوك أقل بنسبة 80 في المائة من القيمة الدفترية.
وفي ضوء خطة إنقاذ حكومية هدفها انتشال البلاد من الأزمة من المتوقع أن يوافق عليها مجلس النواب هذا الأسبوع، أصبحت البنوك مُطالبة ببيع استثماراتها في الخارج للمساعدة في تدعيم أوضاعها المالية.
ويُجري بنك «عودة» محادثات مع بنك أبوظبي الأول لبيع وحدته المصرية.
ويتمثل أحد مصادر القلق الحالية لدى البنوك في كيفية تصرف الحكومة إزاء إصدار لسندات دولية بقيمة 1.2 مليار دولار يحين موعد استحقاقه في مارس (آذار).
وبعد سنوات من تحويل جانب كبير من الودائع إلى الحكومة بدلاً من إقراض القطاع الخاص أصبح نحو 70 في المائة من أصول البنوك مربوطاً بأدوات دين على الدولة.
وفي ضوء انكشافها على الحكومة والبنك المركزي بأضعاف رأس المال المتاح فمن الممكن أن يلحق عجز محتمل عن السداد ضرراً بالغاً بالبنوك.
وقالت مصادر في وقت سابق لـ«رويترز» إن الحكومة تميل لسداد حائزي السندات الأجانب واستبدال دين جديد بما في حوزة البنوك المحلية.
وتملك البنوك المحلية أكثر من نصف هذا الدين.
وقال جاب ميجر المحلل لدى «أرقام كابيتال» إن أي إنقاذ للبنوك يتوقف في النهاية على حجم الدين الحكومي الذي يتعين إعادة هيكلته، مضيفاً أنه لا يستبعد عملية إنقاذ يتعين فيها على الدائنين وحائزي الودائع بالعملة المحلية والعملات الأجنبية قبول بعض الخسائر. وأضاف: «قد ينتهي بنا الحال إلى تأميم كامل لقطاع كبير من النظام المصرفي اللبناني».
وقبل تفجر الأزمة كانت حصص المساهمين في البنوك، التي تعتبر منذ فترة طويلة أساس القوة المالية، تبلغ نحو 25 مليار دولار وتمتعت تلك البنوك بمستويات ملاءة مالية (أي القدرة على سداد الالتزامات عند استحقاقها) تزيد بقدر مريح على المعايير الدولية.
غير أن مصرفيين قالا إن مراكزها المالية تآكلت مع اشتداد حدة الأزمة وفقدت البنوك عشرة مليارات دولار من الودائع بين أغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول). وانخفض المتاح للبنوك من النقد الأجنبي لدى البنوك المراسلة ليقل عن مستواه في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) والذي بلغ ثمانية مليارات دولار.
وفي مسعى للحفاظ على السيولة فرضت البنوك قيوداً على السحب النقدي والتحويلات للخارج، وهو ما تسبب في اعتداءات غاضبة على أجهزة الصرف الآلي التابعة لها وفروعها، بل إن زبوناً غاضباً استخدم رافعة تابعة لشركته وشاحنتين في سد مدخلها.
وإحدى الخطوات التي قد تساعد في تخفيف بعض الضغوط على البنوك هي إلغاء جزء من الودائع؛ وذلك رغم أن المصرف المركزي استبعد اتخاذ أي خطوة من هذا النوع.
ومع طول أمد الأزمة اللبنانية أصبحت البنوك تواجه النبذ على نحو متزايد في النظام المالي العالمي.
وقال رئيس سابق لوحدة الخزانة بواحد من أكبر بنوك لبنان «نحن قرب الصفر من حيث الدولارات لدى بنوك المراسلة (شبكة البنوك الأجنبية التي يستخدمها البنك المحلي لتقديم خدمات تحويل الأموال) في الخارج وهو ما تحتاج إليه لتغطية سحوبات العملاء بالدولار في لبنان وللسماح بالسداد العاجل للتحويلات للخارج».
وهو يقدر أن السيولة الدولارية لدى البنوك في الخارج انخفضت من نحو خمسة في المائة من مركزها المالي الإجمالي في أكتوبر (تشرين الأول) إلى ثلاثة في المائة.
وقال مصرفي دولي إن مؤسسته تخفض مستوى علاقات المراسلة المصرفية الحالية مع البنوك اللبنانية ولا تزيد انكشافها على لبنان لحين تحقيق تقدم ملموس في معالجة الأزمة.
وقال جان رياشي رئيس بنك «إف إف إيه برايفت» اللبناني مشيراً إلى تخفيض وكالات التصنيف الائتماني تصنيفها لعدة بنوك «البنوك عندها مشاكل في فتح خطابات اعتماد وعليها أن تقدم ضماناً نقدياً لتحقيق ذلك بسبب تخفيض التصنيفات الائتمانية».
ويشهد لبنان حراكاً شعبياً بدأ في 17 أكتوبر ضد الطبقة السياسية الحاكمة التي يتهمها بالفساد، ولا يزال مستمراً حتى اليوم.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».