«المرصد»: مقتل تسعة مدنيين بغارات روسية شمال غربي سوريا

وفدان من تركيا وروسيا يجتمعان مجدداً اليوم لبحث الأوضاع في محافظة إدلب

سوريون يفرون من عمليات القصف المستمرة (أ.ف.ب)
سوريون يفرون من عمليات القصف المستمرة (أ.ف.ب)
TT

«المرصد»: مقتل تسعة مدنيين بغارات روسية شمال غربي سوريا

سوريون يفرون من عمليات القصف المستمرة (أ.ف.ب)
سوريون يفرون من عمليات القصف المستمرة (أ.ف.ب)

قتل تسعة مدنيين على الأقل، بغارات روسية استهدفت قرية في شمال غربي سوريا، حسبما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، اليوم (الاثنين)، في وقت تواصل فيه قوات النظام عملياتها العسكرية بالمنطقة.
وتأتي الغارات غداة مقتل 20 مدنياً بقصف جوي شنته طائرات روسية وسورية، مستهدفة مناطق تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) وفصائل معارضة أخرى في محافظتي إدلب وحلب المحاذيتين.
وأفاد «المرصد السوري» بأن «طائرات حربية روسية استهدفت بعد منتصف ليل الأحد – الاثنين، قرية أبين سمعان المكتظة بالنازحين في ريف حلب الغربي» المحاذي لمحافظة إدلب في شمال غربي البلاد، ما أسفر عن مقتل «تسعة مدنيين بينهم ستة أطفال، وإصابة 20 آخرين بجروح».
وشوهد في القرية عناصر من الدفاع المدني، يبحثون وسط الظلام عن ضحايا تحت أنقاض مبنى مدمر. وعمدت مجموعة منهم إلى إخراج رجل كان الدم يسيل من رأسه، بينما جرى أحد المتطوعين باتجاه سيارة الإسعاف حاملاً طفلة في حضنه، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي ديسمبر (كانون الأول)، بدأت قوات النظام بدعم روسي هجوماً واسعاً في مناطق في إدلب وجوارها، تسيطر عليها «هيئة تحرير الشام» وفصائل معارضة أخرى أقل نفوذاً.
وأسفر الهجوم حتى الآن عن مقتل أكثر من 350 مدنياً. كما دفع - بحسب الأمم المتحدة - 586 ألف شخص إلى النزوح من مناطق التصعيد في إدلب وحلب، باتجاه مناطق أكثر أمناً، قرب الحدود مع تركيا، وفقاً لـ«المرصد».
وتركز الهجوم على ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، ثم على ريف حلب الغربي والجنوبي الغربي المجاور؛ حيث يمر الطريق الدولي «إم 5» الذي يصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق، ويعبر مدناً رئيسية عدة من حماة وحمص، وصولاً إلى الحدود الجنوبية مع الأردن.
واستعادت قوات النظام الأسبوع الماضي كامل الجزء من الطريق الذي يمر من محافظة إدلب، وتركز منذ ذلك الحين عملياتها على ريف حلب الجنوبي الغربي، وبات كيلومتران فقط يفصلانها عن السيطرة على الطريق بالكامل.
ومحافظة إدلب وأجزاء محاذية لها من محافظات حلب واللاذقية وحماة مشمولة باتفاق روسي تركي، يعود إلى عام 2018، نص على إقامة منطقة منزوعة السلاح تفصل بين مواقع سيطرة قوات النظام والفصائل، وعلى فتح طريقين دوليين، بينهما طريق حلب دمشق.
إلا أن الاتفاق لم يُنفذ؛ لأن أي انسحابات لمقاتلي «هيئة تحرير الشام» لم تحصل، بينما استأنفت دمشق هجماتها على مراحل.
على صعيد آخر، عقدت في العاصمة التركية أنقرة، اليوم، جولة جديدة من المحادثات بين وفدين يمثلان تركيا وروسيا، وذلك لبحث آخر المستجدات في محافظة إدلب السورية.
وسيرأس الوفد التركي مساعد وزير الخارجية سادات أونال، بينما يحضر الوفد الروسي الاجتماع برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي السفير سيرجي فيرشينين، والمبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف. كما من المنتظر أن يحضر اجتماع اليوم من الجانب التركي مسؤولون من وزارتي الخارجية والدفاع وجهاز الاستخبارات ورئاسة الأركان، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
وكان الوفدان التركي والروسي قد اجتمعا في أنقرة أول من أمس (السبت). وركزت المحادثات على الخطوات التي يمكن اتخاذها لضمان الهدوء على الأرض ودفع العملية السياسية.
وأمهلت تركيا النظام السوري حتى نهاية فبراير (شباط) للانسحاب خلف نقاط المراقبة التي تقيمها بإدلب، وهددت بأن الجيش التركي سيضطر بعد انقضاء المهلة لإجبار قوات النظام على ذلك.
وكان ما لا يقل عن ثمانية من عناصر الجيش التركي قتلوا في قصف سوري في إدلب، في وقت سابق من الشهر الجاري.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.