«الصحة المصرية» ونقابة الأطباء... صدام مهني بخلفية سياسية

الوزيرة تقدمت ببلاغ اتهمت فيه مجلسها بـ«ترويج الأكاذيب»

TT

«الصحة المصرية» ونقابة الأطباء... صدام مهني بخلفية سياسية

دخلت وزارة الصحة المصرية في نزاع جديد مع نقابة الأطباء، رغم فشل الأخيرة في عقد جمعية عمومية طارئة، كانت مخصصة لمناقشة حادث وفاة 3 طبيبات بالمنيا، أثار الرأي العام، منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، وحمّلت النقابة وزارة الصحة وقيادتها المسؤولية عنه.
وبين الجهتين تاريخ واسع من الصدام، على مدار السنوات الماضية، اتخذ في كثير من الأحيان صبغة سياسية. وتقدمت وزارة الصحة ببلاغ للنائب العام، مساء أول من أمس، ضد نقابة الأطباء، متهمة إياها بارتكاب «مخالفات من شأنها تكدير الأمن العام باختلاق الأكاذيب»، وهو البلاغ الذي وصفته النقابة بـ«الكيدي».
وذكرت الوزارة في بلاغها، الذي نشرته وسائل إعلام حكومية، أنها رصدت مجموعة مخالفات ارتكبتها نقابة الأطباء، من شأنها تكدير الأمن العام باختلاق الأكاذيب وافتعال الأزمات، وإثارة الأطباء، والتسبب في إهدار المال العام. كما اتهمت النقابة بـ«تعمد إفشال جهود الوزارة في الارتقاء بالمستوى التعليمي والمهني للأطباء، من خلال إثارتهم ومحاولة منعهم من التسجيل في برنامج الزمالة المصرية».
ووفقاً للوزارة، فإن النقابة حرضت الأطباء على عدم الاستجابة لمناشدتها بالتقدم لتلقي التدريب على كيفية التعامل مع أي حالات محتملة للإصابة بفيروس «كورونا» والتأثير على بعض المتدربين، ما تسبب في تراجع البعض عن الموافقة على الالتحاق بالحجر الصحي المخصص للعائدين من دولة الصين، واعتبرته «إهداراً للمال العام وضياع مخصصات التدريب هباء».
وضمن الاتهامات كذلك «تعمد تأجيج الرأي العام، وتوجيه التهم لمسؤولي الوزارة بالتسبب في وفاة 3 طبيبات وإصابة 14 طبيبة»، في الحادث الذي وقع بطريق الكريمات خلال توجههم للتدريب في إحدى الأكاديميات، إلى جانب اتهام مسؤولي الوزارة بالتعسف الإداري ضد أي طبيبة.
في المقابل، وصفت نقابة الأطباء البلاغ ضدها بـ«الكيدي»، رداً على إحالة النقابة 5 من القيادات الإدارية بوزارة الصحة ومديرية المنيا للتحقيق، على خلفية حادث طبيبات المنيا.
وقال الدكتور محمد عبد الحميد، أمين صندوق نقابة الأطباء، إن النقابة لم يصلها حتى الآن أي إخطار رسمي بخصوص هذا البلاغ، لافتا في تصريحات إعلامية إلى أن «البلاغ بصيغته المنشورة لا يتضمن تهماً حقيقية للنقابة»، خاصة أن «الوزارة جهة تنفيذية والنقابة مجتمع مدني».
كانت حالة الغضب تصاعدت في مصر ضد وزارة الصحة، عقب حادث طبيبات المنيا، وسط مطالب بضرورة معاقبة المتسببين في الحادث من مسؤولي مديرية الطب بالمنيا، ووزارة الصحة، بسبب إجبار الأطباء على السفر من المنيا إلى القاهرة لحضور دورة تدريبية.
وسبق أن تقدمت نقابة الأطباء في المنيا ببلاغ للنائب العام المصري، للتحقيق مع كل المتسببين في هذه «المأساة»، وتكليف المستشار القانوني للنقابة باتخاذ الإجراءات اللازمة كافة. وخاطبت النقابة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومصطفى مدبولي رئيس الوزراء، مشيرة إلى ما اعتبرته «تعسفاً إدارياً من المسؤولين في وزارة الصحة كان سبباً في وقوع الحادث».
ويأتي الخلاف في إطار صدامات متعاقبة بين الجهتين، من بينها رفض النقابة في يونيو (حزيران) الماضي، مخططاً لوزارة الصحة بزيادة أعداد المقبولين بكليات الطب، لسد العجز في أعداد الأطباء في المستشفيات التابعة للدولة. وكذلك مطالب بتحسين ظروف العمل، وإصلاح المنظومة الصحية مالياً وإدارياً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.