من قلب المخيمات... اللاجئون الفلسطينيون يرفضون «صفقة القرن»

رفضوا بنود الصفقة التي تجردهم من حق «العودة» أو استيعابهم في إسرائيل

طفلة في مخيم جباليا تشارك في مسيرة احتجاجية (الشرق الأوسط)
طفلة في مخيم جباليا تشارك في مسيرة احتجاجية (الشرق الأوسط)
TT

من قلب المخيمات... اللاجئون الفلسطينيون يرفضون «صفقة القرن»

طفلة في مخيم جباليا تشارك في مسيرة احتجاجية (الشرق الأوسط)
طفلة في مخيم جباليا تشارك في مسيرة احتجاجية (الشرق الأوسط)

على غير العادة، لم ينتظم الطابور المدرسي الصباحي، يوم الأربعاء، في المدارس الواقعة وسط مخيم جباليا للاجئين بشمال قطاع غزة؛ فحالة الغضب التي رافقت متابعة المواطنين لإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب بنود الخطة الأميركية للسلام في الشرق الأوسط التي أعلنت مساء الثلاثاء، لم تخب شرارتها حتى ساعات الصباح، وتحولت لمسيرات عفوية قادها بعض الطلبة من أبناء المخيم، حيث أشعلوا الإطارات المطاطية، ورددوا شعارات غاضبة ورافضة لما وصفوه بـ«النكبة الثانية».
الطالب معاذ أبو شرخ، وُلد في المخيم قبل 14 عاماً، ومنذ ذلك الحين يعلم جيداً أن سكنه في البيت المُغطى بالصفيح الحديدي، ما هو إلا أمر مؤقت، وهو في انتظار العودة لبلدة «المجدل» التي هُجّر منها جدّه إبان النكبة الفلسطينية في سنة 1948، مبيناً أن إعلان «صفقة القرن» وما حملته من تنكر واضح لحقوق اللاجئين المتعلقة بالعودة إلى البلاد والتعويض عن سنوات التشتت والضياع، أمر خطير جداً وتعدٍ على «كرامة الشعب الفلسطيني». يصمت الطالب قليلاً خلال حديثه، ويكمل: «هل يرضى أي طفل أميركي أن يُسلب بيته ووطنه وحقه، هكذا بكل سهولة؟»، مستدركاً «بالطبع لا»؛ فالإنسان الحر لا ينسى أرضه وماضيه أبداً. ويوضح أن إسرائيل لم تكتفِ بالجرائم والانتهاكات التي تمارسها بحق الأطفال الفلسطينيين، وتريد أن تسلب منهم أمل العودة الذي يعيشون عليه، ويتمنون تحقيقه لتُكتب لهم حياة أفضل، كتلك التي يحياها الناس في كل العالم، ويؤكد على أنهم كلاجئين، يعتبرون «الصفقة» مجرد «مهزلة» غير قابلة للتطبيق.
ومساء الثلاثاء، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال مؤتمر صحافي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تفاصيل «صفقة القرن» التي عملت إدارته على إنجازها خلال الأشهر الماضية، وتطرقت «الصفقة» لمشكلة اللاجئين، من خلال التأكيد على أنه لن يكون هناك أي حق في العودة أو استيعاب أي لاجئ في دولة إسرائيل. وسيتم السماح «باستيعاب» اللاجئين في دولة فلسطينية وبمعدل لا يطغى على دولة فلسطين ولا «يزيد من المخاطر الأمنية على دولة إسرائيل». وإذا تم توقيع اتفاق بين الجانبين فإن وضع اللاجئين الفلسطينيين‭‭‭ ‬‬‬سينتهي وسيتم تحويل مسؤوليات وكالة‭‭‭ ‬‬‬غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة إلى الحكومات المعنية». وسيتم العمل كذلك من خلال الشق الاقتصادي في الصفقة على استبدال مخيمات اللاجئين في دولة فلسطين، بتجمعات سكنية جديدة داخلها.
ويذكر اللاجئ أحمد شاهين (85 عاماً) الذي عاصر النكبة الفلسطينية عام 1948، أن إحساسه الذي رافق سماعه إعلان «صفقة القرن»، يزيد أسى وألماً عن ذلك الذي عايشه في وقت «النكبة الأولى»؛ وذلك لأنه كان في السابق صغير السن ولا يعي كثيراً تفاصيل السياسة ومعاني الكلمات، لكنه اليوم يعرف جيداً أن هذه الخطوة، هي بمثابة إجهاض كامل لأي حقوق فلسطينية، مشيراً إلى أن «الإعلان» لا يهمه كثيراً، وهو على الرغم من تقدمه في السن فإنه ما زال مقتنعاً بضرورة عودته هو وأبناؤه وأحفاده إلى قرية «نعليا» التي هاجر منها برفقة عائلته.
في مخيم خانيونس جنوب قطاع غزة، حدثت اللاجئة إيمان حمد (43 عاماً)، أطفالها الخمسة، منذ ساعات الصباح الباكر، عن حق العودة الذي يجب عليهم أن يتمسكوا به، مهما كانت الظروف، وتبيّن، أن «الأرض لا يمكن أن تضيع بقرارات تمّ صياغتها بعيداً عن أصحابها الأصليين»، لافتة إلى أن ترمب بخطوته هذه أعاد لها ذكريات وعد بلفور البريطاني، الذي كان مقدمة لضياع البلاد، حيث منح اليهود وطناً قومياً لهم في أرض فلسطين قبل نحو 100 عام، وبحسب كلامها، فهي ستشارك في كل الفعاليات التي ستخرج لمناهضة الإعلان عن «الصفقة».
وعلى طول محافظات القطاع، شارك المئات من اللاجئين في المخيمات الثمانية في مسيرات وتجمعات خرجت للتعبير عن رفض «الصفقة» وبنودها، وينوّه نصر أحمد، مسؤول اللجنة الشعبية للاجئين في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، إلى أن «الإعلان عن الصفقة، وفرض الوقائع على الأرض، هو تصرف أحادي الجانب مخالف للقانون الدولي، ومرفوض على المستويات الفلسطينية الرسمية والشعبية»، متابعاً «الشعب الفلسطيني، وقواه الثورية، ومن خلفها الأمة العربية، قادرون على إفشال كل المؤامرات والخطط التي ترمي لتصفية القضية الفلسطينية».
وجدير بالذكر، أن عدد اللاجئين الفلسطينيين ككل يتجاوز الـ6 ملايين بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الأخيرة، ووفقاً لرئيس دائرة شؤون المغتربين في منظمة التحرير نبيل شعت، فإن أكثر من نصفهم متواجدون في الخارج داخل مخيمات اللجوء في دول الجوار، وفي بلاد العالم المختلفة. وفي عام 1948 أصدرت الأمم المتحدة، قراراً ينص على أحقية اللاجئين الفلسطينيين بالعودة للأراضي التي خرجوا منها إبان النكبة، وتعويضهم عن الخسائر التي تكبدوها جراء خروجهم من بلادهم.



السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
TT

السعودية تحتفي بإبداعات الثقافة العراقية في مهرجان «بين ثقافتين»

يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)
يسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة (الشرق الأوسط)

تحتفي وزارة الثقافة السعودية بنظيرتها العراقية في النسخة الثانية من مهرجان «بين ثقافتين» خلال الفترة من 18 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في «ميقا استوديو» بالرياض، لتقدم رحلة استثنائية للزوار عبر الزمن، في محطاتٍ تاريخية بارزة ومستندة إلى أبحاث موثوقة، تشمل أعمالاً فنيّةً لعمالقة الفن المعاصر والحديث من البلدين.

ويجوب مهرجان «بين ثقافتين» في دهاليز ثقافات العالم ويُعرّف بها، ويُسلّط الضوء على أوجه التشابه والاختلاف بين الثقافة السعودية وهذه الثقافات، ويستضيف في هذه النسخة ثقافة العراق ليُعرّف بها، ويُبيّن الارتباط بينها وبين الثقافة السعودية، ويعرض أوجه التشابه بينهما في قالبٍ إبداعي.

ويُقدم المهرجانُ في نسخته الحالية رحلةً ثريّة تمزج بين التجارب الحسيّة، والبصريّة، والسمعية في أجواءٍ تدفع الزائر إلى التفاعل والاستمتاع بثقافتَي المملكة والعراق، وذلك عبر أربعة أقسامٍ رئيسية؛ تبدأ من المعرض الفني الذي يُجسّد أوجه التشابه بين الثقافتين السعودية والعراقية، ويمتد إلى مختلف القطاعات الثقافية مما يعكس تنوعاً ثقافياً أنيقاً وإبداعاً في فضاءٍ مُنسجم.

كما يتضمن المهرجان قسم «المضيف»، وهو مبنى عراقي يُشيّد من القصب وتعود أصوله إلى الحضارة السومرية، ويُستخدم عادةً للضيافة، وتُعقدُ فيه الاجتماعات، إلى جانب الشخصيات الثقافية المتضمن روّاد الأدب والثقافة السعوديين والعراقيين. ويعرض مقتطفاتٍ من أعمالهم، وصوراً لمسيرتهم الأدبية، كما يضم المعرض الفني «منطقة درب زبيدة» التي تستعيد المواقع المُدرَجة ضمن قائمة اليونسكو على درب زبيدة مثل بركة بيسان، وبركة الجميمة، ومدينة فيد، ومحطة البدع، وبركة الثملية، ويُعطي المعرض الفني لمحاتٍ ثقافيةً من الموسيقى، والأزياء، والحِرف اليدوية التي تتميز بها الثقافتان السعودية والعراقية.

ويتضمن المهرجان قسم «شارع المتنبي» الذي يُجسّد القيمة الثقافية التي يُمثّلها الشاعر أبو الطيب المتنبي في العاصمة العراقية بغداد، ويعكس الأجواء الأدبية والثقافية الأصيلة عبر متاجر مليئة بالكتب؛ يعيشُ فيها الزائر تجربةً تفاعلية مباشرة مع الكُتب والبائعين، ويشارك في ورش عمل، وندواتٍ تناقش موضوعاتٍ ثقافيةً وفكرية متعلقة بتاريخ البلدين.

وتُستكمل التجربة بعزفٍ موسيقي؛ ليربط كلُّ عنصر فيها الزائرَ بتاريخٍ ثقافي عريق، وفي قسم «مقام النغم والأصالة» يستضيف مسرح المهرجان كلاً من الفنين السعودي والعراقي في صورةٍ تعكس الإبداع الفني، ويتضمن حفل الافتتاح والخِتام إلى جانب حفلةٍ مصاحبة، ليستمتع الجمهور بحفلاتٍ موسيقية كلاسيكية راقية تُناسب أجواء الحدث، وسط مشاركةٍ لأبرز الفنانين السعوديين والعراقيين.

فيما يستعرض قسم «درب الوصل» مجالاتٍ مُنوَّعةً من الثقافة السعودية والعراقية تثري تجربة الزائر، وتُعرّفه بمقوّمات الثقافتين من خلال منطقة الطفل المتّسمة بطابعٍ حيوي وإبداعي بألوان تُناسب الفئة المستهدفة، إذ يستمتع فيها الأطفال بألعاب تراثية تعكس الثقافتين، وتتنوع الأنشطة بين الفنون، والحِرف اليدوية، ورواية القصص بطريقةٍ تفاعلية مما يُعزز التعلّم والمرح.

بينما تقدم منطقة المطاعم تجربةً فريدة تجمع بين النكهات السعودية والعراقية؛ لتعكس الموروث الثقافي والمذاق الأصيل للبلدين، ويستمتع فيها الزائر بتذوق أطباقٍ تراثية تُمثّل جزءاً من هوية وثقافة كل دولة، والمقاهي التي توفر تشكيلةً واسعة من المشروبات الساخنة والباردة، بما فيها القهوة السعودية المميزة بنكهة الهيل، والشاي العراقي بنكهته التقليدية مما يُجسّد روحَ الضيافة العربية الأصيلة.

ويسعى مهرجان «بين ثقافتين» إلى إثراء المعرفة الثقافية عبر تجاربَ فنيّةٍ مبتكرة تستعرض الحضارة السعودية والعراقية، وتُبرز التراث والفنون المشتركة بين البلدين، كما يهدف إلى تعزيز العلاقات بين الشعبين السعودي والعراقي، وتقوية أواصر العلاقات الثقافية بينهما، والتركيز على ترجمة الأبعاد الثقافية المتنوعة لكل دولة بما يُسهم في تعزيز الفهم المتبادل، وإبراز التراث المشترك بأساليب مبتكرة، ويعكس المهرجان حرص وزارة الثقافة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهداف الاستراتيجية الوطنية للثقافة، تحت مظلة «رؤية المملكة 2030».