محاولات إفشال المسار الانتخابي في تونس لا تزال قائمة

الأمن التونسي أوقف عشرات العناصر الإرهابية

محاولات إفشال المسار الانتخابي  في تونس لا تزال قائمة
TT

محاولات إفشال المسار الانتخابي في تونس لا تزال قائمة

محاولات إفشال المسار الانتخابي  في تونس لا تزال قائمة

رغم أن انتخابات الأحد جرت في كنف الهدوء ودون حوادث تذكر على كامل التراب التونسي، بعد اتخاذ إجراءات أمنية مشددة وغير مسبوقة وتجنيد نحو 80 ألف عنصر من قوات الأمن والجيش لتأمين مختلف مراحل العملية الانتخابية، فإن احتمالات تسجيل ردود فعل أو عمليات «انتقامية» من المجموعات التي قيل بأنها تسعى لإفشال الانتخابات، لا تزال قائمة وهو ما جعل وحدات الأمن في حالة تأهب مستمرة.. وقد أكدت مصادر أمنية أكثر من مرة أن «احتمال وقوع عمليات إرهابية لا يزال قائما» خاصة في ظل استعداد تونس للانتخابات الرئاسية التي تجري دورتها الأولى في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) وقد تتطلب على الأرجح تنظيم دورة ثانية في 26 ديسمبر (كانون الأول). وعلى هذا الأساس واصلت مصالح الأمن التونسي جهودها لتفكيك الخلايا التي قد تمثل خطرا على البلاد. وفي هذا الإطار أعلنت وزارة الداخلية التونسية في بلاغ لها مساء أول من أمس الأربعاء أن «الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب التابعة للحرس الوطني تمكنت خلال الـ48 ساعة الماضية من إيقاف 30 عنصرا إرهابيا على علاقة بمجموعة منطقة شباو الإرهابية».
كما أضاف البلاغ أن «وحدة الأبحاث في جرائم الإرهاب تمكنت أيضا من حجز 3 أسلحة كلاشنيكوف وعدد كبير من الذخيرة وأجهزة إعلامية وذلك بعد استشارة النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بتونس». وأن الأبحاث بينت أيضا أن «هذه العناصر الإرهابية كانت تخطط لاستهداف المؤسسات الحيوية وإفشال المسار الانتخابي بالبلاد». كما سجلت مساء الأربعاء مواجهات جديدة بمحافظة جندوبة (160 كلم شمال غربي العاصمة التونسية) بين قوات الأمن وعناصر مسلحة. وذكرت مصادر أمنية أن «خلية إرهابية مسلحة نزلت مساء الأربعاء من الجبال المحاذية لحي عزيز بجندوبة الشمالية وكانت تحاول الحصول على كميات من المواد الغذائية بعد أن نفدت مؤونتهم» وأضاف البيان أن «قوة مشتركة من الحرس والجيش الوطنيين نجحت في إصابة أحد عناصر المجموعة الإرهابية المكونة من 4 إرهابيين وقامت بحجز المؤونة وقطع من الأسلحة التي تركها الإرهابيون ولاذوا بالفرار نحو الجبال المحاذية للمنطقة».
على مستوى أوسع وعدا توقع حدوث عمليات إرهابية في هذه الفترة في تونس للتأثير على المسار الانتخابي يطرح كثير من الخبراء تساؤلات حول ما إذا كانت النتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات، والتي ستأتي بفريق حكومي جديد، ستؤدي إلى تغيير في مقاربة تونس في مقاومة الإرهاب. الباجي قائد السبسي زعيم حزب نداء تونس الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات الأخيرة كان أكد في حديث تلفزيوني بمناسبة اختتام حملة الانتخابات التشريعية أن «مقاومة الإرهاب لا بد أن تكون في إطار استراتيجية إقليمية ودولية تشارك فيها تونس، لأن الظاهرة لها بعد إقليمي وعالمي» كما أنها على حد قوله «تتطلب تنسيقا أفضل لتونس مع جيرانها». وكان الباجي قائد السبسي غالبا ما انتقد أداء حكومتي «الترويكا» بقيادة حركة النهضة اللتين حكمتا تونس بعد انتخابات 2011 في مقاومة الإرهاب قبل أن تتولى حكومة مستقلة برئاسة مهدي جمعة مقاليد السلطة معتبرا أن «الأوضاع تحسنت نسبيا بعد تولي هذه الحكومة المستقلة الحكم».
السؤال المطروح اليوم هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة التي سيكونها حزب نداء تونس مع حلفاء سياسيين جدد ستعتمد مقاربة مختلفة في التعامل مع ظاهرة الإرهاب. علما بأن هناك إجماعا في تونس بين مختلف القوى السياسية والمدنية والحقوقية أن التحدي الأمني ومقاومة الخطر الإرهابي تبقى على رأس الأولويات بالنسبة للحكومة الجديدة، وأن الكثير من الأحزاب دعت في برامجها الانتخابية إلى تعزيز الإمكانيات البشرية أو المادية للمؤسستين الأمنية والعسكرية، ودعم جهودها في مقاومة الإرهاب.
وقبل الانتخابات التشريعية التي جرت الأحد الماضي في تونس حصل ما يشبه الإجماع بين مختلف القوى السياسية والمدنية على أن أحد أهم أهداف التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها البلاد هو محاولة إفشال هذه الانتخابات، وهو ما أكده مهدي جمعة رئيس الحكومة في تصريحات مختلفة بقوله: إن «التجربة الديمقراطية التونسية مستهدفة من الجماعات الإرهابية». وجاءت تصريحات جمعة عشية يوم الاقتراع وبعد تفطن الأمن التونسي لمجموعة في محافظة قبلي جنوب تونس كانت تعد لعمليات إرهابية حسب تأكيدات السلطات الرسمية، والعثور على أسلحة وذخائر لديها والكشف عن ارتباطها بعناصر أخرى كانت تختبئ بمنزل بمنطقة «شباو» من محافظة منوبة (30 كلم غرب العاصمة التونسية) حيث قامت قوات الأمن بمحاصرة هذا المنزل الذي كان يتحصن به مسلحون وباقتحامه بعد أكثر من 24 ساعة من الحصار والمفاوضات مما أدى إلى مقتل أحد المسلحين و5 نساء وجرح طفل.
وتجدر الإشارة أن جانب الدفاع الوطني هو من مشمولات رئيس الجمهورية سواء وفق النظام المؤقت للسلطات الذي اعتمدته تونس خلال المرحلة الانتقالية أو في الدستور الجديد للبلاد، علما بأن قيادات الجيش التونسي شهدت في السنوات الـ3 الأخيرة تغييرات هامة لمرتين على الأقل رأت بعض الأوساط أنها «كانت مرتبطة بالنجاعة في مقاومة الإرهاب» وأساسا في التصدي للمجموعات المتحصنة بجبال على الحدود مع الجزائر وخاصة بجبل «الشعانبي» من محافظة القصرين (300 كلم جنوب غربي العاصمة تونس). كما تجدر الإشارة إلى أن عددا من القيادات الأمنية والعسكرية غالبا ما اشتكت في السابق من غياب التنسيق بين المؤسستين وهو ما تم تلافيه في الأشهر الأخيرة وأدى إلى تحقيق نتائج إيجابية في ملاحقة المجموعات المسلحة والخلايا التي توصف بالإرهابية.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».